لأنه إستنزاف يشبه النار التي تأكل الحطب ولا تشبع حتى لا تبقي للأخضر أي أثر.
هنا تكمن أسرار المعركة الحقيقية مع العدو المترامي الأطراف داخليا وخارجيا ويصل بهيمنته إلى أعالي البحار وما خلف المحيطات، بقواهم العظمى وقدراتهم المالية الضخمة.
حيث يواجه محور المقاومة من طهران الى غزة حربا سداسية الأوجه اقتصادية ومالية وسياسية وامنية وعسكرية واعلامية.
حزب الله اللبناني كفريق أساسي في هذا المحور مستهدف أولا وبشكل رئيسي بنسبة 50٪ بـ 50٪ مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تعتبر رأس حربة هذا الفريق المقاوم.
الحزب صبر على تسكير الطرقات والقتل العمد والتصدي لمقاوميه وسرقة سلاحهم وتجويع بيئته وسرقة اموالها حالهم حال اللبنانيين الآخرين الذين لا حول لهم ولا قوة، والضغط عليهم مستمر تارة بالكهرباء وتارة بالدواء وتارة بالغذاء، وكل ذلك لكي أن ينفجر حزب الله ويصرف فائض قوته في الداخل وبذلك يكونوا قد نجحوا بإلهائه بحرب اهلية داخلية ورسم صورة له بأنه حزب ايران المسيطر بقوة السلاح مما يعني أنه فقد شرعيته وهيبته ولم يعد صالحا للإستعمال بوجه اسرائيل، أو تنفجر البيئة الداخلية بوجهه ويضطر للإستسلام.
افتراضان احلاهما مر، كافح الحزب من أجل منع حصولهما بقوة وصبر وبصيرة وبحكمة وقالها السيد حسن نصرالله في آخر خطاب له، بأنه عندما يشاهد الفيديوهات التي تم نشرها عن اعتراض المقاومين ومجزرة خلدة كان يغضب وكان يحزن ولكنه من موقعه كمسؤول كان يجب أن يكون حليما، كما هو معهود به من موقع مسؤوليته، لأن غضبه اذا ترجمه بقدرته التي يملكها على الأرض يتحول الى كارثة ودمار لا يمكن لأي فريق لبناني تحمل نتائجه.
ولكنه رغم عظمة الأمور يبقى العقل والهدوء أسياد عقول طاولته ومن حولها من أجل إفشال ما تخطط له أميركا وربيبتها اسرائيل وتحويل الصبر الى فائض قوة زائدة تتراكم حتى اذا آن اوان صرفها في المكان والزمان المحددين على الخارطة ضد العدو الصهيوني حينها يكون تصرف المقاومة صحيح ونتائجه زلزال سيهدم الكيان ويكسر رأس امريكا في المنطقة.
يريدون ضربنا ببعضنا وإلهائنا داخليا لكي تتحول الأنظار عن الإعتداءات الصهيونية المتكررة وتنكسر قواعد الإشتباك وتتغير المعادلات التي ارستها المقاومة خلال عشرين عام لصالح معادلات جديدة يرسمها العدو ويكرس نتائجها لصالحه، بينما نحن نكون قد انغمسنا في حرب اهلية داخلية قد تقضي على الجميع الرابح الوحيد فيها العدو الصهيوني.
هذه هي الحكمة من صبر حزب الله، أيضا لا أحد يراهن أن هذا الصبر سيطول اذا ما اقترب الخطر الذي حدده الحزب أكثر من بيئته المحبين الحاضنين وأصبحت المعيشة مسألة حياة أو موت.
فيا أيها الأعداء لا تراهنوا على صبرنا كثيرا ولا تتخذوا من هدوئنا مركبا تشقون به عباب أنفسنا وصبرنا. فلن ينفعكم بعد ذلك اعتذار ولن تقيكم دار إذا ما دارت رحى الحرب واشتعلت النار.
إسماعيل النجار