وتحدث خبراء أثريون عن أكثر من 5 نظريات شائعة بين علماء المصريات حتى الآن تحاول تفسير صنع هذا المركب، الذي توجد منه نسخ فرعونية عديدة.
وأوضحت وزارة السياحة والآثار المصرية أن المركب سيكون جاهزا للعرض النهائي مع استكمال أعمال بناء مبنى متحف مراكب خوفو الذي يوفر نظام عرض متحفي مزود بأحدث تكنولوجيا أجهزة الرصد والقياس الحديثة لحماية هذا الأثر الفريد.
وتم نقل المركب، وهو أقدم وأكبر أثر عضوي من نوعه في العالم، خلال عملية استغرقت 48 ساعة من مكان عرضه القديم في منطقة أهرامات الجزيرة حتى المتحف الكبير؛ لحفظه في مكان وظروف أفضل للأثر الخشبي الذي يعود تاريخه لنحو 4600 سنة.
ويعتبر الأثريون أن المركب الذي ينتمي لعصر الملك خوفو (2551- 2528 ق.م) ثاني أكبر اكتشاف في العالم؛ نظرا لما يمثله من أهمية تاريخية ولتفرده في التصميم والحجم.
وتعود قصة اكتشافه إلى سنة 1954، بعد أن عثر عليه الصحفي المصري كمال الملاخ أثناء عملية إزالة الردم جنوب هرم خوفو؛ تسهيلا لمسارات زيارة للهرم الأكبر، لتكشف عملية التنظيف عن حفرتين بهما مركبين فوقهما كتل من الحجر الجيري.
5 نظريات
ومنذ سنوات طويلة شاعت بشكل واسع 3 نظريات حول الهدف من تصنيع مراكب خوفو، يضيف لها الآن علماء المصريات نظريتين أخريين لتصبح 5 على الأقل.
الأولى ترتبط باستخدامها لنقل جثمان الملك للدفن في البر الغربي من نهر النيل؛ حيث الجهة المفضلة للدفن قديما؛ لذا أطلق عليها المراكب الجنائزية.
والثانية ترتبط بعقيدة أن الملك بعد رحيله وصعوده للسماء، يستخدم المراكب في التنقل في العالم الآخر، والثالثة تقول إنها تمثيل لمراكب الشمس الخاصة بالإله رع (الإله الأعظم لمصر وقتها) في السماء، وهي النظرية التي يتبناها حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية.
ويرى عبد البصير أن المراكب لدى المصري القديم لها دلالات طقسية ورمزية، ولم ترتبط في تلك الفترة بالطقوس الجنائزية.
ويوضح أن المراكب صنعت بهدف نقل خوفو في النهار مع الإله رع في رحلة مدتها 12 ساعة؛ لذا سميت باسم مراكب الشمس، وخصصت مركب أخرى لاصطحاب الملك رع في رحة ليلية لـ 12 ساعة أخرى.
ويرجح الخبير الأثري أن رواية استخدام خوفو للمركب في الحياة اليومية غير سليم؛ نظرا لأن المركب ليست بها أي أثار للمياه، إضافة إلى أن حجم المجاديف كبيرة للغاية؛ مما يجعلها غير صالحة للسير في مياه النيل.
ويلفت إلى تفرد مراكب خوفو في التصميم، حيث يتكون مركب خوفو الأول من حوالي 1224 قطعة خشبية من خشب الأرز اللبناني (كانت مصر تستورده من لبنان في القديم) بطريقة العاشق والمعشوق دون استخدام مسامير أو قطع معدنية لتثبيت القطع.
ويبلغ طول المركب 43.4 م وعرضه 5.9 م وعمقه 1.78 م وارتفاعه 7م في نهاية المركب و 6م في المقدمة، إضافة إلى وجود 10 مجاديف كبيرة ومقصورتين رئيسيتين الأولى للملك والثانية لربان المركب.
زيارة الأماكن المقدسة
يطرح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، أحمد بدران، نظريات أخرى حول مراكب خوفو، منها زيارة الملك للأماكن المقدسة للمعبود أوزوريس ومدينة بوتو في الوجه البحري شمال مصر، وانتقال الملك إلى الجبانة لمتابعة أعمال بناء المجموعة الهرمية، أو بهدف نقل جثمان الملك لإتمام عملية الدفن.
ويوضح بدران أن مراكب خوفو أثر مقدس؛ مما يفسر دفنها بجوار الهرم الأكبر، ويستبعد الربط بينها وبين مراكب الشمس الخاصة برع، لافتا إلى أن إطلاق اسم مراكب الشمس عليها "خطأ" جاء نتيجة امتلاك رع (إله الشمس) لمركبتين يجوب بهما في السماء، واحدة في الصباح والأخرى في المساء.
نماذج أخرى
وطوال فترة الأسر الفرعونية صُنعت مراكب للملوك، وتشير جدران المعابد والمقابر إلى نقوش ورسومات المراكب لما قبل عصور الأسرات وخلال الدولتين القديمة والوسطى.
وفي هذا يقول بدران: "للملك خوفو 5 مراكب تم اكتشاف مركبتين ما بين معبد الوادي والمعبد الجنائزي بمنطقة آثار الهرم بالجيزة وتظل هناك 3 مراكب مفقودة في الناحية الشرقية للهرم، كما صنع خوفو مركب أخرى في منطقة لشت جنوب دهشور بالجيزة".
كما يشير عبد البصير إلى تنوع صناعة المراكب عند المصريين القدماء، ومنها المراكب المصورة في مقابر عصور ما قبل الأسرات، ومراكب الأسرة المبكرة، وأخرى في أبيدوس بسوهاج، ومركب الملك سنوسرت في دهشور، بعضها مخصص للملوك وأخرى لكبار موظفي الدولة.
ويعود الفضل في إعادة ظهور مركب خوفو الأولى على ما كانت عليه عند صنعها في التاريخ القديم إلى أصابع وخبرة المرمم المصري الراحل أحمد يوسف الذي ظل يرمم فيها مدة 15 سنة، لتجميع 1224 قطعة خشبية مفككة، بعد أن درس مناظر المراكب المصورة داخل المقابر القديمة، وبعد الانتهاء من الترميم تم افتتاح المتحف الأول الخاص بالمركب في منطقة الهرم في مارس 1982.