يحاول ترامب قطف ثمار الفقاعات السياسية التي يفتعلها دائماً، من خلال ايهام الشعب الامريكي انه يفي بوعوده الانتخابية. هذه السياسة يتبعها ترامب اليوم من خلال سحب القوات الأميركية من سورية، مدعياً أنها استطاعت هزيمة داعش وانتهت مهمتها، ليوهم الأميركيين بذلك أنه حقق الانتصار العسكري على "داعش"، وبذلك يحقق طموحهم عبر اعادة الجنود الى بلادهم، وانتهاء الهدف الذي من اجله خرجوا وهو انهاء تنظيم "داعش"، وهذا ما يخالف الواقع والحقيقة لان دخول الولايات المتحدة الى سوريا كان هدفه اسقاط الدولة السورية لا انهاء داعش.
وفضلاً عن ذلك، يحاول ترامب المعروف بعقد الصفقات المثمرة، ان يعقد صفقة مع اللاعبين الاقليميين خاصة تركيا، بهدف ابقائه كلاعب في المنطقة بعد ان فشل بكل ما كان يصبو اليه. وفي هذا السياق يقول رئيس مركز الدراسات القانونية والسياسية والادارية في الجامعة اللبنانية الدكتور احمد ملي ان الولايات المتحدة الاميركية دخلت الى سوريا بتحالف غربي - عربي هدفه الوحيد اسقاط الدولة السورية وتغيير تموضعها، لكن بعد مرور اكثر من سبع سنوات من المعارك باءت كل محاولات واشنطن بالفشل بالرغم من استعانتها ودعمها لمعظم التنظيمات المسلحة الموجودة على الاراضي السورية، وفي مقدمتها "داعش".
ويضيف الدكتور ملي في حديث لموقع العهد الاخباري قائلاً ان استمرار الوجود العسكري الامريكي على الاراضي السورية لم يعد يجدي، لذلك قرر الرئيس الامريكي الانسحاب واستثمار هذا الانسحاب، وخاصة مع تركيا التي تربطها حدود طويلة مع الدولة السورية والشريكة له في حلف شمال الأطلسي.
ويوضح ملي أن الامريكي استغل الاكراد وخاصة "قوات سوريا الديمقراطية" لفترات طويلة لتحقيق اهدافه لكنها فشلت، لذلك ذهب الان الى استثمار هذا الانسحاب مع الاتراك لابقائه داخل اللعبة، كون الاتراك شركاء استراتيجيين في حلف الناتو.
ويلفت ملي الى ان الاتراك في فترة من الفترات أصبحوا على مسافة بعيدة من الولايات المتحدة، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي حصلت في البلاد مما جعلها تقترب اكثر من روسيا وايران وتكوين محور خاص نتج عنه العديد من التفاهمات اهمها تفاهم استانا المعني الرئيس في الحل في سوريا.
هذا، ويرجح ملي ان يكون ترامب قد نسّق مع الاتراك بموضوع الانسحاب، واتفق معهم على العديد من القضايا التي تبقيه كلاعب في المنطقة.
ويختم رئيس مركز الدراسات القانونية والسياسية والادارية في الجامعة اللبنانية قائلاً لـ "العهد" إن الخروج الامريكي من سوريا هو إقرار فعلي بفشل مشروعه وفشل مؤامرته على سوريا امام صمود الدولة السورية، لكنه يؤكد تفويضاً للدولة التركية في تحقيق مصالحه.
من ناحية اخرى، يرى استاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور علي شكر أن الاعلان الاميركي عن الانسحاب من سوريا يأتي في ظل التطورات التي تحصل في المنطقة والقرارات الدولية المتخذة وفي مقدمتها قرار وقف الحرب في اليمن.
ويضع شكر هذه التطورات في اطار تسوية روسية - اميركية من أجل ترتيب ملفات المنطقة، بالمشاركة مع اللاعبين الاساسيين تركيا وايران، مع الحفاظ على مصالح كل منهم، بالإضافة الى اعادة ترتيب العلاقات مع تركيا.
ويلفت شكر في حديثه لموقع العهد الاخباري إلى ان الهم الاساسي للولايات المتحدة هو المحافظة على مصالحها الاساسية وهي حماية انابيب النفط، وحماية الكيان الصهيوني.
بلال عساف - العهد