نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بدعاء (علقمة او صفوان)، وهو الدعاء الذي يتلى بعد زيارة الامامين علي والحسين عليهم السلام، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع يقول (يا امير المؤمنين ويا ابا عبد الله اتيتكما زائراً ومتوسلاً الى الله ربي وربكما ومتوجهاً اليه بكما ومستشفعاً بكما الى الله تعالى في حاجتي هذه فاشفعا لي فان لكما عند الله المقام المحمود والجاه الوجيه والمنزل الرفيع والوسيلة، اني انقلب عنكما منتظراً لتنجز الحاجة وقضائها ونجاحها من الله بشفاعتكما لي الى الله في ذلك فلا اخيب ولا يكون منقلبي منقلباً خائباً خاسراً بل يكون منقلبي راجحاً مفلحاً منجحاً مستجاباً بقضاء جميع حوائجي).
هذا النص اخترناه بطوله نظراً لما ينطوي عليه من نكات متنوعة ولعل الابرز منها هو ثنائية هذا النص اي اننا نتحدث عن الدعاء في لقاءاتنا والدعاء هو التوجه الى الله تعالى كما هو واضح بينما نجد ان النص الذي نتحدث عنه هو مخاطبة للامامين عليهم السلام ولكنه في الآن ذاته تقديم او مقدمة للتوجه الى الله تعالى، حيث يتميز هذا التوجه بنكات ابرزها بالاضافة الى ما ذكرناه قبل قليل ما نلاحظه من ظاهرة الوسيلة والواسطة في الدعاء، مما يعني اتحاد الموضوعين في الظاهرة.
وبغض النظر عن ذلك يعنينا ان نحدثك عن موضوعات المقطع ومنها ظاهرة الوسيلة او الوساطة حيث تقول العبارة بوضوح متوسلاً الى الله ربي وربكما ومتوجهاً اليه بكما ومستشفعاًَ بكما الى الله في حاجتي هذه، فاشفعا لي.
اذن الظاهرة هي استمرار للدعاء كل ما في الامر هو تقديم الواسطة او الوسيلة وهل ثمة وسيلة الى الله تعالى اقرب من المعصومين عليهم السلام؟
في مقطع الدعاء الذي حدثناك عن نصوصه نلاحظ جملة نكات منها هذه العبارة فان لكما عند الله المقام المحمود والجاه الوجيه والمنزل الرفيع.
اذن نحن الآن امام ظواهر ثلاث هي المقام والجاه والمنزلة والسؤال هو الا يبدو للملاحظ بان المقام والجاه والمنزلة بمعنى واحد؟ طبيعياً ليس الامر كذلك.
والملاحظة الاخرى هي ان النص قال بان لدى الامامين عليهما السلام الجاه الوجيه، عند الله تعالى والسؤال الا يعني ان الجاه وصفة الوجيه هما بمعنى واحد ايضاً؟ ان الامر ليس كذلك. اذن كيف نعالج الموضوعين المتقدمين؟ هذا ما نبدأ بتوضيحه الآن.
صحيح ان المقام والجاه والمنزلة بمعنى واحد في الخط المشترك لدلالتهم التي تعني الموقع الذي يحتله الامامان عند الله تعالى، الا ان هذا الموقع يتفاوت في دلالاته الثانوية غير المشتركة فما هي نقاط التفاوت.
اولاً المقام هو اللبث في مكان ما، وهو يختلف عن المنزلة التي تمتد جذورها الى المنزل الذي يعني المكان الذي ينزل اليه المسافر ثم هناك الجاه الذي يعني دلالة الموقع الذي يكون بمثابة الوجه منه البدن.
اذن المقام والمنزلة والجاه يختلف كل واحد منهما عن الآخر، والسؤال الآن بعد ملاحظتنا للفوارق الدقيقة من جانب آخر والنقاط المشتركة من جانب آخر هو ماذا نستلهم عن العبارات الثلاث المتقدمة.
من البين ان حركة الانسان في ممارسة الطاعة والتعامل مع الله تعالى والجزاء المترتب عليها يظلان مرتبطين باحدهما مع الاخر، ألم يقل الله تعالى بان جزاء الاحسان هو الاحسان، ان نمط الاحسان في درجته يظل متناسباً مع الجزاء المترتب عليه من حيث درجة الجزاء وهذا من الوضوح بمكان.
لكن بما ان التوضيح لهذا الجانب يتطلب مزيداً من الاشارة لذلك نؤجل الحديث عنه الى لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
اما الآن فحسبنا ان نتوسل بدورنا مع قارئ الدعاء والجاعل الامامين عليهم السلام هما الوسيلة الى الله تعالى الى زيارتهما وسائر المعصومين عليهم السلام، وان يشفعوا جميعاً لنا في جميع حاجاتنا والاهم من ذلك هو ان نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.