نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ(دعاء علقمة او صفوان) حيث يقرأ بعد زيارتي الامامين علي والحسين عليهما السلام، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونقدم جديداً هو التوسل القائل (فاسألك يا الله يا الله يا الله بحق محمد وآل محمد ان تصلي على محمد وآل محمد، وان تكشف عني غمي وهمي وكربي)، ثم يقول (كما كشفت عن نبيك همه وغمه وكربه، وكفيته هول عدوه، فاكشف عني كما كشفت عنه، وفرج عني كما فرجت عنه، واكفني كما كفيته، واصرف عني هول ما اخاف هوله، ومؤونة ما اخاف مؤونته، وهم ما اخاف همه، بلا مؤونة على نفسي من ذلك، واصرفني بقضاء حوائجي وكفاية ما اهمني من امر اخرتي ودنياي).
لقد استشهدنا بهذا المقطع الطويل من دعاء علقمة او صفوان، لانه القسم الاول من الدعاء الذي يتضمن عرضاً لحاجات قارئ الدعاء ثم ينتقل الى الحديث عن الامامين علي والحسين عليهم السلام، حيث نحدثك عن ذلك لاحقاً ان شاء الله تعالى.
اذن لنحدثك عن المقطع الطويل الذي عرضناه الآن قبل ان نحدثك عن هذا المقطع نتوقع منك سؤالاً هو ان هذا المقطع من الدعاء يكرر توسلات سبق ان عرضها الدعاء مفصلاً في مقاطع سابقة فلماذا يكررها الآن؟
الجواب هو: ان هذا التكرار وارد في سياق جديد من هذا الدعاء فمثلاً حينما يتوسل الدعاء بالله تعالى بان يكشف عن القارئ للدعاء همه وغمه وكربه، فلأن التوسل حالياً هو في سياق جديد هو بما ان الله تعالى كشف عن نبيه(ص) غمه وهمه وكربه كذلك نتوسل بالله تعالى بان يكشف عنا الهم والغم والكرب.
اذن ثمة سياق جديد بل اكثر من سياق ورد فيه هذا التوسل فاولاً لقد ورد اسم النبي(ص) في هذا المقطع مع انه خاص بزيارة الامام علي والحسين عليهم السلام وثانياً انه ربط بين الكشف عن شدائد النبي(ص) وبين الكشف عن شدائد قارئ الدعاء من هنا فان الجديد من هذا التوسل يتضمن موضوعين احدهما يتصل بمحمد(ص) والآخر بالصلة بين محمد(ص) وقارئ الدعاء فما هي النكات الواردة في هذا السياق؟
ان النكتة الاولى متمثلة في ورود النبي(ص) على ساحة الدعاء صحيح ان الدعاء متوسل كما سنرى بالامامين علي والحسين عليهم السلام الا ان ورود النبي(ص) في سياق التوسل يعني ان النبي(ص) هو الشخصية الرئيسة في الموقف، ويعني ثانياً ان كلاً من الامامين المتوسل بهما هما امتداد للنبي(ص) أي ان النبي(ص) مرتبط بوصيه(ع) ومرتبط بشخصية الحسين(ع) من حيث كونه أي الحسين(ع) من النبي(ص) والنبي(ص) منه(ع)، الم يقل النبي(ص) انه من حسين وحسين منه؟ اذن ثمة ارتباطات لها دلالتها بين النبي(ص) وبين الوصي علي(ع) وبين الحسين(ع).
وهذه هي النكتة الاولى ثم ماذا بعد؟
المقارنة او الارتباط او عدم الفصل بين ما كشفه الله تعالى من شدائد النبي(ص) وشدائد قارئ الدعاء له دلالاته التي ينبغي ملاحظتها الدعاء يقول كما كشفت عن النبي(ص) اكشف عنا، هذا يعني ان النبي(ص) وهو رسول الله تعالى مادام هو الشخصية المصطفاة من الله تعالى، حينئذ فان الكشف عن شدائده يظل من القضايا المفروغ منها أي ان الله تعالى قد كشف بالفعل عن شدائد النبي(ص) خلال ادائه للرسالة الاسلامية وما دام الامر مفروغاً منه فان الكشف عن شدائد قارئ الدعاء سوف يأخذ مفروغية ايضاً أي ان الله تعالى سوف يكشف عن قارئ الدعاء شدائده المتمثلة في الغم والهم والكرب، وكذلك في سائر شدائده المتمثلة في كفايته تعالى هول عدو النبي(ص) ومطلق كفايته تعالى للنبي(ص) حيث ختم الدعاء ذلك بالاشارة الى شدائد اخرى مثل هول ما يخاف القارئ هوله ومؤونة ما يخاف مؤونته وصرفه بقضاء حوائجه واخيراً كفايته تعالى لعبده كل ما يتصل بأمور اخرته ودنياه.
اذن اتضح لنا جانب من النكات المرتبطة بالنبي(ص) وبقارئ الدعاء وما يترتب على ذلك من الثقة وحسن الظن، واليقين برحمة الله تعالى، من حيث قضاؤه تعالى لحاجات قارئ الدعاء بالنحو الذي لاحظناه.
ختاماً نسأله تعالى ان يفرج عنا شدائد الاخرة والدنيا وان يوفقنا الى ممارسة مهمتنا العبادية التي خلقنا الله تعالى من اجلها وان نتصاعد بذلك الى النحو المطلوب.