لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ (دعاء علقمة او صفوان) وهو وظف لقراءته بعد زيارة الامامين علي والحسين عليهما السلام، وقد حدثناك في لقاءات سابقة عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا الى مقطع متوسل بالله تعالى في انجاز حاجاتنا على هذا النحو (فبك استشفع وبك استنجح وبمحمد وآل محمد اتوجه اليك واتوسل واتشفع)، ثم يقول (فاسألك يا الله يا الله يا الله، بحق محمد وآل محمد ان تصلي على محمد وآل محمد وان تكشف عني غمي).
ان هذا القسم من الدعاء أي عبارة فاسألك يا الله يا الله يا الله ومن ثم التوسل بحق محمد وآل محمد في الصلاة عليهم ثم في السؤال عن حاجات قارئ الدعاء ...
نقول ان هذا القسم من الدعاء ينطوي على نكات متنوعة يتعين على قارئ الدعاء ان يلم بها اذن لنتحدث عن الجانب المذكور.
الملاحظة الاولى هي انك تواجه عبارة يا الله ثلاث مرات متتالية بهذا الشكل (يا الله يا الله يا الله) ترى ماذا نستلهم من ذلك؟
من البين ان التكرار هو اسلوب بلاغي ينطوي على مهمة فنية ودلالية هي لفت النظر الى اهمية خاصة للموضوع يختلف في درجتها عن الاهميات الاخرى انك مثلاً تلاحظ بان الادعية غالباً تبدأ بعبارة يا الله مرة واحدة، ولكنك بالنسبة الى الدعاء الذي نتحدث عنه نجده يختلف عن غالبية الادعية بكونه يكرر عبارة يا الله ثلاث مرات وهذا التكرار لا يقف عند هذه الفقرة من الدعاء المتوسل بالله تعالى وبمحمد وآل محمد عليهم السلام، بل ان الدعاء نفسه قد استهل بالعبارات المتكررة أي ان الدعاء يبدأ بهذا النحو (يا الله يا الله يا الله، يا مجيب دعوة المضطرين)، ثم يرد هذا التكرار بعبارة يا الله في المقطع الذي حدثناك عنه الان أي العبارة القائلة (فاسألك يا الله يا الله يا الله بحق محمد وآل محمد ان تصلي على محمد وآل محمد، وان تكشف عني غمي).
اذن نحن الان امام تكرارين احدهما تكرار عبارة يا الله ثلاث مرات ثم تكرارها في الاستهلال من الدعاء وفي وسطه كما لاحظنا .. والسؤال المهم هو ما هي دلالات ذلك؟
لا نطيل في توضيح هذه الظاهرة بقدر ما نعتزم الاشارة الى اهمية هذا الدعاء وصلته باهمية الزيارة التي يتعقبها هذا الدعاء، فالزيارة هي للامام علي(ع) وللامام الحسين(ع) مع ملاحظة ان كلاً منهما يتميز بخصوصية ينفردان بهما:
فاولاً: انهما قد استشهدا من خلال الضرب بالسيف وذلك من قبل اعتى الاعداء الخوارج والامويين.
ثانياً: وهذا هو الاشد اهمية ان الامام علياً(ع) هو الوصي للنبي(ص).
وثالثاً: ان الائمة عليهم السلام هم من ذرية الحسين(ع) وذلك جميعاً يعني ان الامامة او الخلافة بعد الرسول(ص) تحتل اهميتها العظيمة وهو امر ينبغي ان نتأمل طويلاً فيه للنكات المشار اليها.
والان لندع هذا الجانب المتصل باهمية الامامين علي والحسين عليها السلام، وانعكاس ذلك على الدعاء المقروء بعد زيارتهما وتميزه بتكرار عبارة يا الله بالنحو الذي اشرنا حيث ان الاداة المتكررة تعني التوكيد على اهمية الامامين عليهما السلام او الامامة اساساً.
نقول بعد ادراكنا للاهمية المذكورة نتجه الى التوسل الخاص بحاجات قارئ الدعاء حيث تقول العبارة ان تكشف عني غمي، وهي عبارة تتحدث عن الهم والغم والكرب، حيث لاحظنا ان هذا التأكيد على المفردات المذكورة يتكرر ايضاً وهذا يعني انها تتويج لما سبق من التوسلات بالله تعالى بان يكشف هذه الشدائد بذاتها عن القارئ للدعاء، وهو امر يفسر لنا الصلة بين درجة هذه الشدائد وبين درجة الاهمية لتكرار ذلك أي التكرار فعبارة يا الله وللتوسل بمحمد وآل محمد عليهم السلام، ثم بخصوص علي والحسين عليهما السلام كما سنلاحظ المقاطع الاتية عن الدعاء المذكور.
اذن امكننا ان نستكشف جانباً من الاسرار او النكات الكامنة وراء التكرار لعبارات تتصل بالله تعالى وبمحمد وآل محمد عليهم السلام، وبعلي والحسين عليهم السلام، ثم صلة ذلك بحاجات قارئ الدعاء والمهم هو ان نكرر توسلاتنا بالله تعالى دوماً وان نسأله بان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.