نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بدعاء (علقمة او صفوان) حيث وظف لقراءته بعد زيارة عاشوراء وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك عن الجديد من ذلك، والجديد هو هذه العبارات حيث اقسم الدعاء بالمعصومين الخمسة أي النبي(ص) والامام المرتضى وفاطمة والحسنين عليهم السلام، اقسم على الله تعالى بهم عليهم السلام بما يلي: (أسألك ان تصلي على محمد وآل محمد، وان تكشف غمي وهمي وكربي).
هنا قبل ان نحدثك عن هذه الاعراض الثلاثة الهم الغم الكرب، نلفت نظرك الى حقيقة مرتبطة بالادعية وانماطها واساليبها وآداب قراءتها وترتيب ذلك لقد سبق ان حدثناك عن هذه المسائل جميعاً الا اننا نذكرك بما يرتبط بمقامنا الحالي، الا وهو السؤال من الله تعالى بحق اهل الكساء الخمسة عليهم السلام بان يصلي تعالى على النبي(ص) وآله عليهم السلام وان يكشف هم قارئ الدعاء وغمه وكربه والسؤال هو: ما علاقة هذا السؤال من الله تعالى برفع الهم والغم والكرب، مع ان الدعاء في مقام الزيارة للامامين عليهم السلام؟
للاجابة عن السؤال المتقدم نلفت نظر قارئ الدعاء الى ان الادعية بعضها يتناول موضوعاً خاصاً لا يتجاوزه الى سواه كما لو كان الدعاء في ميدان تمجيد الله تعالى، او في ميدان الابانة عن منزلة النبي(ص) وعترته عليهم السلام، ولكن بعضها الاخر يتناول موضوعات متنوعة بحيث يجمع بين الدعاء الموضوعي الذي يتناول الثناء على الله تعالى او المعصومين عليهم السلام او الدعاء الموضوعي الذي يتناول ظواهر اجتماعية والبعض الثالث من الادعية يختص بموضوع محدد ولكنه عند الاستهلال او عند الختام يتناول موضوعات اخرى وهكذا.
ولعل الحاجات الفردية لقارئ الادعية تحتل مكاناً كبيراً من الادعية سواءاً كانت حاجات دنيوية او اخروية.
والدعاء الذي نتحدث عنه يتناول مختلف موضوعات الحياة الذاتية والموضوعية منها او الفردية والاجتماعية، من هنا فان التوسل بالله تعالى بان يرفع عن قارئ الدعاء شدائد حياته يظل من الامور البديهية في الادعية من هنا سنتناول هذا الجانب عبر فقرة التوسل بالله تعالى بان يرفع هم قارئ الدعاء، وغمه وكربه، فماذا نستخلص من ذلك؟
ان السؤال المطروح اولاً هل هناك فارق بين الهم والغم والكرب؟ طبيعياً ثمة فوارق بينها صحيح انها تتشابه في دلالاتها التي تفصح عن الشدائد النفسية ولكن في الآن ذاته فان شدائد الحياة تتفاوت في نمطها ودرجتها وبما ان الادعية الشرعية هي كلام بليغ وتتسم بالكمال الفني لذلك نتوقع ان تكون المفردات التي يستخدمها الدعاء متميزة بالدقة وليست كلمات مترادفة.
اذن لنوضح الفارق اولاً بين الهم والغم، تشير المصادر اللغوية الى ان الهم اقل شدة من الغم فمثلاً الفقر او الدين يعد هماً ولكن الفجيعة بعزيز يعتبر اشد ولذلك ينسحب عليه معنى الغم.
واما الكرب فيتصل كنمط ثالث من الشدة أي الشدة الاكبر حجماً وهذا كالشدائد التي اشار القرآن الكريم اليها عندما تحدث عن شدائد الانبياء الذين واجهوا شدائد المجتمعات المنحرفة أي الشدائد المرتبطة بالمجتمعات او حتى الشدائد المرتبطة بالافراد ولكن في حجمها الكيبر جداً وهذا من نحو الشدائد التي كابدها ايوب(ع).
اذن لاحظنا الفوارق بين شدة الهم والغم والكرب، حيث تدرج الدعاء في ترتيبها بحسب درجة الشدة فبدأ بالشدة الاقل ثم الاكبر منها ثم الاكبر كما لاحظنا ذلك في مفردات الهم والغم والكرب.
ختاماً نسأله تعالى في هذا المقام ايضاً ان يصلي على محمد وآله، وان يكشف عنا همومنا وغمومنا وكروبنا جميعاً كما نسأله تعالى ان يوفقنا لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.