لا زالنا نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ (علقمة او صفوان) ونعني به الدعاء الذي يقرأ بعد زيارة عاشوراء المشهورة، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك الان عن فقرة هي امتداد لمقطع يقسم على الله تعالى بحق النبي(ص) وعلي وفاطمة والحسنين عليهما السلام بان يرفع الله تعالى عن قارئ الدعاء شدائده المتنوعة.
وفي هذا السياق ترد عبارات تقسم على الله تعالى بحق المعصومين المذكورين عليهم السلام، بهذا المقطع من التوسلات (فاني بهم اتوجه اليك في مقامي هذا وبهم اتوسل) الى ان يقول (وبالشأن الذي لهم عندك وبالقدر الذي لهم عندك، وبالذي فضلتهم على العالمين).
ان هذه التوسلات بالنبي(ص) وبعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، تحمل دلالات مهمة دون ادنى شك كما ان نمط التوسل بهم له دلالته التي سنحدثك عنها الان.
ان هؤلاء المعصومين الخمسة عليهم السلام هم الذين نزلت نصوص قرآنية بحقهم، فضلاً عن الاحاديث حيث تنزلت آية المباهلة بهم، وحيث طهرهم الله تطهيراً وحينئذ فان التوسل بهم يحمل دلالته الكبيرة بيد ان المطلوب الان هو ملاحظة نمط التوسل بمواقعهم المهمة التي اكدها الشرع واجراها على السنة المنشئين لهذا الدعاء حيث وردت التوسلات بهم وفق صيغ متنوعة منها وبالشأن الذي لهم عندك، أي شأن هؤلاء المعصومين عليهم السلام عند الله تعالى، وبالقدر الذي لهم عندك، وبالذي فضلتهم على العالمين.
ان هذه الفقرات المتحدثة عن منزلة هؤلاء المعصومين تكشف عن الخطورة التي خلعها الله تعالى على منزلتهم لديه تعالى:
فاولاً: اشار النص الى احد مصاديق منزلتهم وهو الشأن الذي لهم عند الله تعالى.
والاخر: القدر الذي لهم عند الله تعالى.
والسؤال الان هو ماذا نستلهم من هاتين العبارتين او السمتين اللتين تنصان على الشأن والقدر لدى الله تعالى بالنسبة الى المعصومين عليهم السلام؟
قد يخيل الى قائ الدعاء بان العبارة التي تتوسل بالله تعالى من حيث الشأن والقدر لدى الله تعالى بالنسبة الى المعصومين عليهم السلام، قد يخيل لقارئ الدعاء بان الشأن والقدر هما بمعنى واحد اي منزلة المعصومين عليهم السلام لدى الله تعالى، ولكن الحق هو غير ذلك، كيف هذا؟
ان الشأن هو غير القدر أي ان احدهما غير الاخر وذلك بان نلفت نظرك بان الشأن هو ما عظم من الامور والاحوال واما القدر فهو الطاقة والغنى والوقار وهذا يعني ان الدعاء المذكور يستهدف لفت نظرنا الى ما عظم من منزلة هؤلاء عليهم السلام ثم ما واكب ذلك من مفردات اخرى مثل القوة التي يتميزون بها، والطاقة التي لديهم، والغنى العبادي الذي يسمهم والوقار الذي يطبع شخوصهم اولئك جميعاً تعني ان مصاديق منزلتهم عند الله تعالى لا تقف عند حد محدود بل تتنوع سمات شخوصهم ولذلك اردف الدعاء هاتين السمتين من المنزلة وهما الشأن والقدر اردفهما بعبارة تقول وبالذي فضلتهم على العالمين، أي ان هذه العبارة تصبح بمثابة اشارة الى ان من يمتلك المنزلة ذات الشأن والقدر عند الله تعالى انما يفسر لنا تفضيل هؤلاء المعصومين عليهم السلام على الآخرين كما هو واضح.
بعد ذلك نتجه الى عبارات اخرى متمثلة اولاً في ظاهرة انفرادية خص الله تعالى هؤلاء المعصومين عليهم السلام بها، الا وهي منحهم الاسم الاعظم حيث تقول العبارة وبأسمك الذي جعلته عندهم، ان هذه العبارة تحمل من الدلالات والنكات ما يجعل قارئ الدعاء منبهراً حقاً بمنزلة المعصومين عليهم السلام، حيث ان جعل الاسم الاعظم لديهم هو تفسير واضح لما تقدم من العبارات المستبشرة الى منزلتهم وتفضيلهم على الاخرين، أي ان عظم منزلتهم يفسر لنا تخصصهم بالاسم الاعظم، وهل ثمة خطورة اشد من الخطورة التي يمتلكها هؤلاء المعصومين؟
انها خطورة لا حدود لتحديد مداها حيث ان منحهم الاسم الاعظم لله تعالى يعني منحهم اهم واخطر واعظم قدسية من الله تعالى يعرفونها ويعونها ويقدرونها بصفة ان عظمة الله تعالى لا يستوعبها مستوعب الا بقدر ما يمنحه تعالى للشخصية من توفيق الى ذلك.
اخيراً نسأله تعالى ان يوفقنا الى التمسك بكتابه وبالنبي(ص) وبعترته الطاهرة، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.