هذه صور يسيرة من مواقف الصمود التي سجلها الامام علي عليه السلام بين يدي قائده رسول الله صلى الله عليه وآله في أدق الساعات وأكثرها حرجاً.
ومن نافلة القول أن نعيد إلى الاذهان أن علياً عليه السلام قد اشترك في حروب رسول الله جميعاً غير تبوك وذلك بأمر من الرسول صلى الله عليه وآله بنفسه، وكان له في جميعها القدح المعلى، هذا عدا الغزوات التي قادها بنفسه عليه السلام .
والباحث المنصف حين يتناول حياة الامام علي عليه السلام بالدراسة وفي شطرها الجهادي بالذات يقف مذهولاً أمام بطولته الفريدة وتضحياته المعطاءة، لكن البطولة بما هي بطولة ليست هي الميزة في جهاد علي عليه السلام وإن كان ميدانها الواسع وشمولها يبقى سمة من سماته عليه السلام ولكن الاهم فيها إنما هو الاخلاص لله تعالى والتضحية في سبيله.
فإيمان علي عليه السلام بالله تعالى يبقى هو الحافز والمحرك الوحيد لتلك البطولات العظيمة التي سجلها تاريخ الاسلام في أنصع صفحاته بشكل لم يسجل مثلها لسواه.
وحسبك في ذلك أن كثيراً من المواقف العسكرية ـ كما رأينا ـ يتعرض فيها عليه القوم فضلاً عن عامتهم للوهن بل والهزيمة النكراء، غير أن التاريخ لم يسجل لعلي عليه السلام إلاّ الثبات والفداء والتضحية في كل موقف، صمد الناس فيه أم انهزموا، الامر الذي لا يفسر إلاّ ما يتمتع به علي عليه السلام من صدق اليقين وعمق الاستعانة والتوكل على الله والعبودية له واللاّمبالاة بما سواه كبر ذلك أم صغر، إضافة إلى ما يتمتع به علي عليه السلام من علو الهمة وقوة العزيمة ورباطة الجأش وسمو النفس.