وقال الراشد، في حوار خاص مع وكالة انباء فارس، عن تقييمه لمنهج الامام الخميني ـ رضي الله عنه ـ في انقاذ العالم الاسلامي: لقد كانت معظم بلادنا الإسلامية تعيش أوضاعاً أقل ما يقال فيها أنها مأساوية ومزرية حيث كانت الشعوب الإسلامية تعيش تحت واقع الهيمنة والسيطرة والنفوذ للقوى الإستكبارية وأدواتها في معظم البلدان خاصة بعد تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ وسيطرة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في العام ١٩٤٥م.
أدت نتائج الحرب العالمية الثانية إلى قيام واقع جديد في العالم أتسم باستسلام معظم البلدان سيما الإسلامية منها للواقع الجديد الذي أفرزته نتائج الحرب العالمية الثانية.
وعاشت شعوب العالم الإسلامي عصور مظلمة من الظلم والاضطهاد وكانت من أحلك التخلف والانحطاط والتأخر في شتى الميادين بعد إن كانت الأمة تتمتع بالريادة والمنعة في شتى ميادين الحياة والعلم والمعرفة.
وسادت روح الهزيمة وأصبح الإستسلام البائس للقوى المهيمنة أمراً واقعاً. وسادت في الأمة روح الهزيمة وسيطرت في النفوس حالات الإحباط واليأس من القدرة على التغيير والإحساس المر بالعجز والإعاقة الشاملة والقناعة المطلقة بعدم القدرة على التغيير أو الدفاع عن الكرامة والمقدّسات.
واضاف: ساعد في ذلك عاملان، أولهما الجهد الكبير الذي بذلته قوى الهيمنة والإحتلال على نشر وتعميق ثقافة الهزيمة وترسيخ حالة العجز في وعي الأمة والقناعة بعدم القدرة على مواجهة قوى السيطرة والإحتلال وتصويرها بعبعاً لا يمكن مقاومته فضلاً عن إمكانية قهرها والانتصار عليها.
وثانيهما شيوع الأفكار الإنهزامية في الأمة وانتشار ثقافة الواقعية بمعنى الإستسلام لقوى الهيمنة على أساس القناعة بعدم القدرة على مجابهة قوى الاستغلال والسيطرة على مقاليد الحكم والسلطة في معظم بلادنا الإسلامية. وهكذا دخلت معظم بلادنا الإسلامية في عصر حالك أتسم بكل عوامل التخلف وأسباب الانحطاط وكان ثقافة الهزيمة والإستسلام للأمر الواقع مهيمنة في فكر ووجدان أبناء الأمة.
وجاء الإمام الخميني العظيم ”رضوان الله تعالى عليه“ ليتولى مهمته الكبرى في تحقيق حلم الأنبياء والأولياء في تحطيم ثقافة الاستسلام على قاعدة التفوق الموهوم لقوى السيطرة والهيمنة. وأسس لفكر وثقافة الكرامة ورسخ مفاهيم الإيمان والتوكل على الله تعالى واحيا قيم الجهاد والشهادة من أجل الدفاع عن الكرامة والمقدّسات والأوطان وأعطاها بعداً متحركاً في ثقافة الأمة.
وأنطلق الإمام ”رضوان الله تعالى عليه“ ليضخ في الأمة فكر وثقافة المسؤولية الأخلاقية والشرعية في مواجهة قوى الإحتلال والسيطرة والهيمنة وأعاد ثقة الأمة بنفسها وبقدرات أبنائها على أنها قادرة على الدفاع عن بلدانها ومقدّساتها، بعد أن كادت أن تطويها سنوات طويلة من السبات والجمود والتخلف.
وفي مواجهة ثقافة الهزيمة التي أشتغلت قوى الهيمنة على غرسها في عقل الأمة جاء الإمام الراحل العظيم ليقول وبصوت عال نعم نحن قادرون على التغيير وإننا لسنا مجموعة من العجزة أو القصر لكي نحني هاماتنا لمن يريدون إحتلال بلداننا والسيطرة علينا وعلى مقدرات الأمور في بلداننا.
وأرتكز الإمام ”عليه الرحمة والرضوان“ على مبدأ الوظيفة والتكليف الشرعي في المجابهة ناسفاً بذلك كل قواعد الثقافة التبريرية التي تنتهي بالإستسلام للأمر الواقع والتي كانت بكل أسف سائدة لتغطي الخنوع لقوى الهيمنة والتخاذل الذي ساعدها في بسط هيمنتها بكل يسر وسهولة ودون أية مقاومة حقيقية تذكر.
وردا على سؤال حول التغييرات المهمة التي حدثت في المنطقه بعد انتصار الثوره الاسلامية بقياده الامام الخميني (رض) قال: هناك ثلاثة متغيرات إستراتيجية حدثت بعد الانتصار الكبير للثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني ”رضوان الله تعالى عليه“:المتغير الأول، قدّم تجربة ميدانية عملية في النظرية السياسية في الإسلام، وهي محط دراسة واهتمام الباحثين والدارسين في شتى أرجاء المعمورة.
لقد استطاع الإمام الخميني الراحل بهذا الإنجاز التاريخي العظيم إن يحول التجربة من عناوينها وموضوعاتها النظرية في متون الكتب إلى تجربة متحركة متفاعلة وأستطاعت أن تظل متألقة رغم حجم المؤامرات التي استهدفتها وما تزال حتي اللحظة لكنها اليوم تعتبر من التجارب الإنسانية المهمة التي تحتل مساحة مهمة من العناية والاهتمام للباحثين والمهتمين بقضايا النظم السياسية والحكم وإدارة الدولة وقيادة المجتمع.
واضاف الراشد: المتغير الثاني: إستعادة الثقة بالذات بعد إن تم تحطيمها خلال سنوات طويلة من التأثير والعمل على صياغة فكر وثقافة الهزيمة والإستسلام للأمر الواقع. فلقد أعطى إنتصار الثورة الإسلامية زخماً ضخماً وهائلاً استعادت فيه الأمة ثقتها بالذات وبقدرتها على تحقيق الانتصارات المدّوية على قوى الهيمنة والاحتلال.
وتابع: المتغير الثالث: ترسيخ ثقافة ومنهج الجهاد والمقاومة المشروعة لمجابهة العدوان بكافة صوره وأشكاله، فهاهي دائرة المقاومة تتسع يوماً إثر آخر محققة الإنتصارات الكبيرة على قوى الهيمنة والاحتلال في آكثر من بقعة من بقاع بلادنا الإسلامية واصبحت ثقافة المقاومة مشروعاً ضخماً في حياة الأمة وهو من المنجزات الكبرى للانتصار العظيم الذي حققه الإمام الراحل ”رضوان الله تعالى عليه“، وهو اليوم يشكل التحدي الأكبر أمام قوى الهيمنة والسيطرة في عالمنا الإسلامي. وهي الأرضية التي ستنطلق منها كل مشاريع التحرر من الاستغلال والاستعمار.