وعزا السيد عمار الحكيم، في كلمته مؤتمر المجمع العالمي للصحوة الإسلامية بمناسبة يوم القدس العالمي:، ذلك لأسباب عدة:
اولاً: إتكاء هذا الكيان على سلاحه غير المنضبط وسلوكه العسكري المتجبر في مواجهة الشعب الفلسطيني المظلوم والمستضعف وشبه الأعزل، وأي فطرة بشرية سليمة تدرك بأن الضعفاء والمهزوزين هم فقط من يستعرضون عضلاتهم بوجه الأطفال والنساء والشيوخ والعزل، وها هم يرتكبون في كل يوم جريمة نكراء جديدة ضد أبناء فلسطين الصامدة وآخرها الهجمات التي تعرض لها المصلون المسالمون في المسجد الأقصى الشريف أثناء أدائهم عبادة الصلاة والقيام لله تعالى.
ثانياً: إن الكيان الصهيوني قائم على الغطاءات والدعم الدولي أكثر من كونه قائماً بذاته وشعبه ومقوماته الذاتية، ولولا هذا الدعم المتواصل والإرادات الدولية لما كان لهذا الكيان شأن يذكر ولا وجود يستمر، بخلاف أصالة الشعب الفلسطيني المسلم، المدعوم بالحقوق والتاريخ والجغرافيا والأرض، فضلاً عن الاعتراف والدعم الإسلامي والعربي الواسع بوجود وحقوق هذا الشعب الأصيل.
ثالثاً: الكيان الصهيوني جالب للقلق والإنقسام والفرقة في سلوكه وسياساته ومساراته، والتجارب البشرية تبرهن أن هذا النوع من الكيانات بسلوكياته يطعن نفسه بنفسه ويمهد الطريق لانهياره ذاتياً. عشرات السنوات من الجرائم والمظالم والانتهاكات الداخلية والمؤامرات والمغامرات والتدخلات الإقليمية لم تجلب لهذا الكيان الا مزيدا من الأعداء والأحقاد والكراهية.
فالدول الطبيعية الأصيلة بخلاف الكيانات المصطنعة تراكم الثقة وتجسر الأواصر مع غيرها من الحكومات والشعوب، لكن الكيان الصهيوني متى ما فُتح له بابٌ، حتى أثبت أنه غير جدير بالثقة ولا مستحق لعلاقة حقيقية، فإنه محطة للتآمر والمحاولات القائمة على التحايل والتلاعب وبث الفرقة بين الجيران والمنطقة.
رابعاً: الكيان الصهيوني وبعد مرور عشرات السنين لايزال يعاني من عقدة الجماعة المأزومة الخائفة، المعزولة والمترقبة لمصيرها ومآلاتها والتي لم تتمكن من التصالح مع نفسها للتجذر في الأرض، رغم مئات المستوطنات ورغم اغتصابها للأراضي والسلطات والقرارات، بالعنجهية وفرض القوة.
ما يزال الكيان الصهيوني جسداً غريباً من نوعه بين دول العالم المستقرة والراكزة والأصيلة، كونه عبارة عن كيان مشوه ومصطنع ما يزال يعيش مرحلة التيه والحيرة والضياع على مستوى أفراده وتجمعاته غير المنسجمة.
ان قضية فلسطين يجب أن تبقى قضية الأمة الأولى المحورية والأساسية وذلك لعدة اعتبارات:
أولاً: إنها قضية عادلة وحقة، ولا يمكن تجاهلها أو التنازل عنها، فالضمائر الحية والأمم الأصيلة لا تتنازل عن كرامتها ولا تتجاهل قضاياها.
ثانياً: فلسطين ليست قضية اسلامية حسب بل هي قضية إنسانية وعالمية، فما جرى على فلسطين وشعبها إن لم يعالج معالجات حقيقية ويوضع الحد الصارم له فسيبقى الخاصرة الهشة التي تضعف كل الشعارات الإنسانية وقيمها السامية في المطالبة بالحرية وحقوق الإنسان والسلم العالمي، فالضمائر التي تتجاهل فلسطين ومصائبها، من شأنها أن تتجاهل ايضاً كل القيم الأخرى، من هنا، فالدفاع عن فلسطين ليس دفاعاً عنها حسب بل هو ايضاً دفاعٌ عن الإنسانية وقيمها ومبادئها.
ثالثاً: إن الأمة الإسلامية يجب أن تُبقي قضية فلسطين محوراً لترابطها ووحدتها وتكاتفها، فأي خلاف واختلاف في مثل هذه القضية الوجودية من شأنه ان يضعف المسلمين ويسلط العدو على رقابهم، وهو خطر محدق يجب تلافيه بوحدة الكلمة والرؤية، ووحدة الأهداف والمصير وتحمل المسؤولية وحل الخلافات الجانبية.