الأوّل: الغسل، قال العلماء (رحمهم الله): الأفضل أن يغتسل عند غروب الشّمس، ليكون على غسل لصلاة العشاء.
الثاني: الصَّلاة ركعتين يقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد التّوحيد سبع مرّات، ويقول بعد الفراغ سبعين مرة: “أستغفر الله وأتوب إليه”. وفي الحديث النبويّ: “من فعل ذلك، لا يقوم من مقامه حتى يغفر الله له ولأبويه”.
الثّالث: الدّعاء والتوسّل بالقرآن، وهو أن تأخذ المصحف، وتنشره بين يديك، وتقول: “اللّهمّ إني أسألُك بكتابِك المنزل وما فيه، وفيه اسمُك الأكبر وأسماؤك الحسنى وما يُخاف ويُرجى، أن تجعلني من عتقائك من النّار”، وتدعو بما بدا لك. ثم ضع المصحف على رأسك، وقل: “اللّهمَّ بحقّ هذا القرآن، وبحقّ مَنْ أرسلتهُ به، وبحقِّ كلّ مؤمنٍ مدَحْتَهُ فيه، وبحقِّكَ عليهم، فلا أحدَ أعرفُ بحقِّكَ منك”.
“بك يا الله” عشر مرات، “بمحمد(ص)” عشراً، “بعليّ(ع)” عشراً، “بفاطمة(ع)” عشراً، “بالحسن(ع)” عشراً، “بالحسين(ع)” عشراً، “بعليّ بن الحسين(ع)” عشراً، بمحمد بن علي(ع) عشراً، “بجعفر بن محمد(ع)” عشراً، “بموسى بن جعفر(ع)” عشراً، “بعليّ بن موسى(ع)” عشراً، “بمحمّد بن عليّ(ع)” عشراً، “بعليّ بن محمد(ع)” عشراً، “بالحسن بن عليّ(ع)” عشراً، “بالحجّة(ع)” عشراً، وتسأل حاجتك.
الرابع: زيارة الحسين(ع).
الخامس: الصّلاة مائة ركعة، فإنها ذات فضلٍ كثير.
السادس: يقرأ هذا الدّعاء: “اللّهمّ إني أمسيتُ لك عبداً داخِراً، لا أملِكُ لنفسي نفعاً ولا ضرّاً، ولا أصرِفُ عنها سوءاً، أشهدُ بذلك على نفسي، وأعترفُ لك بضعْفِ قوّتي، وقلّة حيلتي، فصلِّ على محمّدٍ وآل محمّد، وأنجِز لي ما وعدْتَني وجميع المؤمنين والمؤمنات من المغفرة في هذه اللّيلة، وأتْمِم عليَّ ما آتيتني، فإني عبدُك المسكينُ المستكين الضّعيف الفقير المهين. اللّهم لا تجعلني ناسياً لذِكْرِك فيما أوليتني، ولا لإحسانِكَ [ولا غافلاً لإحسانك] فيما أعطيتني، ولا آيساً من إجابتكَ وإنْ أبطأت عنّي [في سرّاء كنتُ أو ضرّاء] أو ضرّاء أو شدّةٍ أو رخاء أو عافيةٍ أو بلاء أو بؤسٍ أو نعماء، إنّك سميع الدّعاء”.
وقد روى الكفعمي هذا الدّعاء عن الإمام زين العابدين(ع)، وكان يدعو به في هذه اللّيالي قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً. وقال العلامة المجلسي وغيره من العلماء: إنَّ أفضل الأعمال في هذه اللّيالي، هو الاستغفار والدعاء لمطالب الدنيا والآخرة، وللنفس وللوالدين والأقارب وللإخوان المؤمنين، الأحياء منهم والأموات، والذّكر، والصَّلاة على محمَّد وآل محمّد ما تيسّر، وإحياؤها بمذاكرة العلوم الشرعيّة والقرآنيّة.
السابع: بعض الأدعية الواردة، مثل دعاء الجوشن، ودعاء مكارم الأخلاق، ودعاء التوبة.
الأعمال الخاصّة بكلّ ليلة:
الليلة التاسعة عشرة:
الأوّل: أن يقول مائة مرّة: “أستغفر الله وأتوبُ إليه”.
الثاني: دعاء: “يا ذا الذي كان قبل كلّ شيء، ثم خلَقَ كلّ شيء، ثم يبقى ويفنى كلّ شيء، يا ذا الذي ليس كمثله شيء، ويا ذا الّذي ليس في السماوات العُلى، ولا في الأرضين السّفلى، ولا فوقهُنّ، ولا تحتهُنّ، ولا بينهُنّ إلهٌ يُعبدُ غيره، لك الحمدُ حمداً لا يقوى على إحصائه إلا أنت، فصلِّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ، صلاةً لا يقوى على إحصائها إلا أنت”.
الثالث: يقول: اللّهمّ اجعل فيما تقضي وتقدِّر من الأمر المحتومِ، وفيما تفرُقُ من الأمر الحكيم في ليلة القدر، ومن القضاء الذي لا يُردّ ولا يُبدّل، أن تكتُبني من حجّاج بيتِك الحرام، المبرور حجُّهُم، المشكور سعيُهُم، المغفورِ ذنوبُهُم، المكفَّر عنهم سيّئاتهم، واجعل فيما تقضي وتقدِّر، أن تطيلَ عمري، وتوسِّعَ عليَّ في رزقي، وتفعل بي كذا وكذا. ويسأل حاجته عوض هذه الكلمة.
اللّيلة الواحدة والعشرون:
وفضلها أعظم من اللّيلة التاسعة عشرة، وينبغي أن تُؤدّى فيها الأعمال العامّة لليالي القدر، من الغسل والإحياء والزيارة والصّلاة ذات التوحيد سبع مرّات، ودعاء الجوشن الكبير وغير ذلك، وقد أكّدت الأحاديث استحباب الغسل والإحياء، والجدّ في العبادة في هذه اللّيلة، وأن تقول:
“أعوذُ بجلال وجهِكَ الكريم، أن ينقضي عنّي شهرُ رمضان، أو يطلُعَ الفجْرُ من ليلتي هذه، ولكَ قبلي ذنْبٌ ـ أو تبِعَةٌ ـ تُعذِّبُني عليه”.
وروى الكفعمي في هامش كتاب “البلد الأمين”، أنّ الصادق(ع) كان يقول في كلّ ليلة من العشر الأواخر بعد الفرائض والنوافل: “اللّهُمَّ أدِّ عنّا حقَّ ما مضى من شهر رمضان، واغفِر لنا تقصيرَنا فيه، وتسلَّمْهُ منّا مقبولاً، ولا تؤاخِذنا بإسرافنا على أنفسنا، واجعلنا من المرحومين، ولا تجعلنا من المحرومين”.
وقال: مَن قاله، غفر الله له ما صدر عنه فيما سلف من هذا الشّهر، وعصمه من المعاصي فيما بقي منه. ومنها ما رواه السيّد ابن طاووس في الإقبال، عن ابن أبي عمير عن مرازم قال: كان الصّادق(ع) يقول في كلّ ليلة من العشر الأواخر: “اللّهُمَّ إنّكَ قلتَ في كتابِكَ المنزَل: {شهرُ رمضان الّذي أُنزِل فيه القرآن هدًى للناس وبيّناتٍ من الهدى والفرقان}، فعظَّمتَ حرمةَ شهر رمضان بما أنزلْتَ فيه من القرآن، وخصصتَهُ بليلة القدر، وجعلتها خيراً من ألف شهر. اللّهُمّ وهذه أيام شهر رمضان قد انقضت، ولياليه قد تصرَّمَت، وقد صِرْتُ يا إلهي منْهُ إلى ما أنتَ أعْلمُ به منِّي، وأحْصى لعدَدهِ من الخلْقِ أجمعين، فأسألُكَ بما سألَكَ به ملائِكتُك المقرَّبون، وأنبياؤك المرْسلون، وعبادُكَ الصّالحونَ، أن تصلِّيَ على محمّدٍ وآل محمَّدٍ، وأن تفُكَّ رقبتي من النار، وتُدخلني الجنّة برحمتك، وأن تتفضَّل عليَّ بعفوِك وكرمِكَ، وتتقبَّل تقرُّبي، وتستجيبَ دعائي، وتمُنَّ عليَّ بالأمْنِ يومَ الخوفِ من كلِّ هوْلٍ أعْدَدْتَهُ ليومِ القيامة. إلهي وأعوذُ بوجْهِكَ الكريم، وبجلالِكَ العظيم، أن ينقضِيَ أيّام شهْر رمضانَ ولياليهِ، ولكَ قِبَلي تبِعَةٌ أو ذنْبٌ تؤاخذُني به، أو خطيئةٌ تريد أن تقتصَّها منّي لم تغْفِرها لي. سيِّدي سيِّدي سيِّدي، أسألك يا لا إله إلا أنتَ، إذ لا إله إلا أنت، إنْ كُنتَ رضيتَ عنّي في هذا الشّهر، فازْدَد عنِّي رضًى، وإنْ لم تكُن رضيتَ عنِّي، فمنَ الآن فارضَ عنّي يا أرحمَ الراحمين. يا الله يا أحَدُ يا صمَدُ، يا مَنْ لم يلِدْ ولم يُولَد ولم يكُن لهُ كفواً أحد”.
وأكثِر من قول: “يا مليِّنَ الحديدِ لداودَ عليه السّلام، يا كاشِفَ الضُّرِّ والكُرَب العظام عن أيّوبَ عليه السلام، أَيْ مفرِّجَ همِّ يعقوب عليه السّلام، أَيْ منفِّسَ غمِّ يوسف عليه السّلام، صلِّ على محمدٍ وآل محمد كما أنتَ أهلُهُ أن تصلِّيَ عليهم أجمعين، وافْعَل بي ما أنتَ أهله، ولا تفعَل بي ما أنا أهلُهُ.
ومنها: ما رواه في الكافي مسنداً، وفي المقنعة والمصباح مرسلاً، تقول في اللّيلة الحادية والعشرين:
“يا مُولِجَ اللّيلِ في النّهار، ومولِجَ النّهارِ في اللّيل، ومخرِجَ الحيِّ من الميِّت، ومُخرِجَ الميِّت من الحيّ، يا رازِقَ من يشاءُ بغير حساب، يا الله يا رحمانُ، يا الله يا رحيم، يا الله يا الله، لك الأسماءُ الحسنى، والأمثالُ العليا، والكبرياءُ والآلاء، أسألُكَ أن تصلِّيَ على محمَّدٍ وآلِ محمد، وأن تجعلَ اسمي في هذه اللّيلة في السُّعداء، وروحي مع الشّهداء، وإحساني في عليِّينَ، وإساءتي مغفورة، وأن تهَبَ لي يقيناً تُباشِرُ به قلبي، وإيماناً يُذْهِبُ الشّكّ عنّي، وتُرضيَني بما قسَمْتَ لي، وآتِنا في الدّنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار الحريق، وارزُقني فيها ذِكرَكَ وشكرَكَ والرّغبةَ إليك، والإنابة والتّوفيقَ لِما وفَّقْتَ له محمّداً وآل محمّدٍ عليهِ وعليهِم السلام”.
روى الكفعمي عن السيد ابن باقي، أنه تقول في اللّيلة الحادية والعشرين:
“اللّهُمَّ صلِّ عل محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ، واقسِم لي حلْماً يسُدُّ عني بابَ الجهْلِ، وهُدىً تمُنُّ به علَيَّ من كلِّ ضلالةٍ، وغِنىً تسُدُّ به عنّي باب كلّ فقرٍ، وقوّةً ترُدُّ بها عنّي كلّ ضعفٍ، وعِزّاً تُكْرِمُني به عن كلّ ذلٍّ، ورِفعَةً ترْفعُني بها عن كلّ ضعَةٍ، وأمْناً ترُدُّ به عنِّي كلّ خوفٍ، وعافيةً تسْتُرُني بها عن كلِّ بلاءٍ، وعِلْماً تفتَحُ لي به كلّ يقينٍ، ويقيناً تُذْهِبُ به عنِّي كلّ شكٍّ، ودُعاءً تبْسُطُ لي به الإجابَةَ في هذه اللّيلة وفي هذه الساعة، الساعةَ الساعةَ الساعةَ، يا كريم، وخوفاً تُيسِّرُ لي به كلَّ رحمةٍ، وعصمةً تحولُ بها بيني وبين الذّنوبِ، حتى أُفْلِحَ عند المعصومين عندَكَ، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين”.
اللّيلة الثّالِثَة والعشرون:
هي أفضل من اللّيلتين السابقتين، ويُستفاد من أحاديث كثيرة، أنها هي ليلة القدر، وهي ليلة الجهني، وسمِّيت بذلك، لأنّ هذا الرجل دخل المدينة، وطلب من رسول الله(ص) أن يدلّه على ليلة يحييها، ويطلب فيها القدر، فدلَّهُ على ليلة الثّالث والعشرين من شهر رمضان، وفيها يُقدَّر كلُّ أمرٍ حكيم. ولهذه اللّيلة عدّة أعمال خاصّة، سوى الأعمال العامة التي تشارك فيها اللّيلتين الماضيتين:
الأول: قراءة سورتَي العنكبوت والرّوم، وقد قال الصّادق(ع): “إنّ من قرأ هاتين السورتين في هذه اللّيلة، كان من أهل الجنّة”.
الثاني: قراءة سورتي حم والدّخان.
الثالث: قراءة سورة القدر ألف مرّة.
الرابع: الغسل.
الخامس: يقول: “اللّهُمَّ امْدُد لي في عمري، وأوسِعْ لي في رزْقي، وأصِحَّ لي جسْمي، وبلِّغني أمَلي، وإنْ كُنْتُ منَ الأشقياء، فامحني من الأشقياء، واكتُبني من السعداء، فإنَّكَ قلتَ في كتابِكَ المنزَل على نبيِّكَ المرسَلِ صلَواتُكَ عليه وآله: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}”.
السادس: يقول: “اللّهُمَّ اجْعَل فيما تقْضي وفيما تقدِّر من الأمْرِ المحتومِ، وفيما تفْرُقُ من الأمر الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الذي لا يُرَدُّ ولا يُبدَّل، أن تكتُبَني من حجَّاج بيتِك الحرام في عامي هذا، المبْرورِ حجُّهُم، المشكورِ سعيُهم، المغفورِ ذنوبُهُم، المُكفَّرِ عنهُم سيِّئاتهُم، واجْعَل فيما تقْضي وتقدِّرُ أن تُطيل عمري، وتُوسِّعَ لي في رزْقي”.
السابع: يدعو بهذا الدّعاء المرويّ في الإقبال:
“يا باطِنًا في ظُهُورِهِ، ويا ظاهِراً في بطونِه، ويا باطِناً ليس يَخْفى، ويا ظاهِراً ليس يُرى، يا موصوفاً لا يبْلُغُ بكيْنونتِهِ موصوفٌ ولا حدٌّ محدودٌ، ويا غائِباً غيرَ مفقودٍ، ويا شاهداً غير مشهودٍ، يُطْلَبُ فيُصابُ، ولم يخْلُ منه السّماواتُ والأرض وما بينهُما طرْفَةَ عينٍ، لا يُدرَكُ بكَيْفٍ، ولا يُؤيَّنُ بأيْنٍ ولا بِحَيْثٍ، أنتَ نورُ النورِ وربُّ الأرباب، أحَطْتَ بجميع الأمور، سبحانَ مَن ليسَ كمِثْلِهِ شيءٌ وهو السّميعُ البصير، سبحانَ مَن هوَ هكذا ولا هكذا غيرُهُ”. ثم تدعو بما تشاء.
الثامن: قراءة ما أوردناه من أدعية، مثل دعاء الجوشن، ودعاء مكارم الأخلاق، ودعاء التوبة ودعاء أبي حمزة الثمالي.
التاسع: وقد ورد صلاة مائة ركعة في هذه اللّيلة، في كلّ ركعتين تتشهَّد وتُسلِّم كصلاة الصّبح، ويجوز الاقتصار فيها على فاتحة الكتاب، ويجوز أن تصلّيَ من جلوس. ويقول الفقهاء إنّ الصّلاة من جلوس لها نصف أجر الصّلاة من القيام، فإذا أراد تمام الأجر ضاعف العمل.
دعاء اللّيلة الثالثة والعشرين:
“يا ربَّ ليلة القدْرِ وجاعِلَها خيراً من ألفِ شهرٍ، وربَّ اللّيل والنهار والجبالِ والبحار والظُّلَم والأنوار والأرض والسّماء، يا بارئُ يا مصوِّرُ يا حنّانُ يا منّانُ، يا الله يا رحمَنُ، يا الله يا قيُّومُ، يا الله يا بديعُ، يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء الحُسنى، والأمثالُ العليا، والكبرياءُ، والآلاءُ، أسألُكَ أن تصلِّيَ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ، وأن تجعلَ اسْمي في هذه اللّيلة في السّعداء، وروحي مع الشّهداء، وإحساني في علِّيّين، وإساءَتي مغفورة، وأن تهَبَ لي يقيناً تُباشِرُ به قلْبي، وإيماناً يُذهِبُ الشكّ عنّي، وتُرضيَني بما قسَمْتَ لي، وآتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذاب النار الحريق، وارْزُقني فيها ذكرَكَ وشُكركَ والرَّغبةَ إليك، والإنابةَ والتّوبَةَ والتوفيق لما وفَّقْتَ له محمّداً وآل محمّدٍ عليهِم السلام.
اللّهُمَّ كُنْ لوليِّكَ الحُجَّةِ بن الحَسَن، صلوَاتُكَ عليهِ وعلى آبائِه، في هذه السّاعة وفي كلّ ساعة، وليّاً وحافظاً، وقائداً وناصراً، ودليلاً وعيناً، حتى تُسكِنَهُ أرضَكَ طوعاً، وتمتِّعهُ فيها طويلاً”.