اسمه ونسبه (1)
علي بن أبي طالب بن عبد المطّلب(عليهم السلام).
كنيته
أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو الريحانتين، أبو تراب..
من ألقابه
أمير المؤمنين، إمام المتّقين، قائد الغُرّ المُحجّلين، يعسوب الدين، الأنزع البطين، سيّد الأوصياء، أسد الله الغالب، المرتضى، حيدر.
أُمّه
فاطمة بنت أسد بن هاشم.
ولادته
ولد في الثالث عشر من رجب، قبل البعثة النبوية بعشر سنين، وبعد عام الفيل بثلاثين سنة في جوف الكعبة بمكّة المكرّمة.
كيفية ولادته
قال الإمام الصادق(ع): «كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَيَزِيدُ بْنُ قَعْنَبٍ جَالِسَيْنِ مَا بَيْنَ فَرِيقِ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى فَرِيقِ عَبْدِ الْعُزَّى بِإِزَاءِ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ، إِذْ أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ أُمِّ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ(ع)، وَكَانَتْ حَامِلَةً بِأَمِيرِ المُؤْمِنِينَ(ع) لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَكَانَ يَوْمَ التَّمَامِ.
قَالَ: فَوَقَفَتْ بِإِزَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَقَدْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ، فَرَمَتْ بِطَرْفِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ، وَقَالَتْ: أَيْ رَبِّ، إِنِّي مُؤْمِنَةٌ بِكَ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِكَ الرَّسُولُ، وَبِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِكَ، وَبِكُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلْتَهُ، وَإِنِّي مُصَدِّقَةٌ بِكَلَامٍ جَدِّي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَإِنَّهُ بَنَى بَيْتَكَ الْعَتِيقَ، فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذَا الْبَيْتِ وَمَنْ بَنَاهُ، وَبِهَذَا المَوْلُودِ الَّذِي فِي أَحْشَائِي الَّذِي يُكَلِّمُنِي وَيُؤْنِسُنِي بِحَدِيثِهِ، وَأَنَا مُوقِنَةٌ أَنَّهُ إِحْدَى آيَاتِكَ وَدَلَائِلِكَ لمَّا يَسَّرْتَ عَلَيَّ وِلَادَتِي.
قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَيَزِيدُ بْنُ قَعْنَبٍ: لمَّا تَكَلَّمَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ وَدَعَتْ بِهَذَا الدُّعَاءِ، رَأَيْنَا الْبَيْتَ قَدِ انْفَتَحَ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَخَلَتْ فَاطِمَةُ فِيهِ، وَغَابَتْ عَنْ أَبْصَارِنَا، ثُمَّ عَادَتِ الْفَتْحَةُ وَالْتَزَقَتْ بِإِذْنِ اللهِ، فَرُمْنَا أَنْ نَفْتَحَ الْبَابَ لِيَصِلَ إِلَيْهَا بَعْضُ نِسَائِنَا، فَلَمْ يَنْفَتِحِ الْبَابُ، فَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللهِ، وَبَقِيَتْ فَاطِمَةُ فِي الْبَيْتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. قَالَ: وَأَهْلُ مَكَّةَ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، وَتَتَحَدَّثُ المُخَدَّرَاتُ فِي خُدُورِهِنَّ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ انْفَتَحَ الْبَيْتُ مِنَ المَوْضِعِ الَّذِي كَانَتْ دَخَلَتْ فِيهِ، فَخَرَجَتْ فَاطِمَةُ وَعَلِيٌّ(ع) عَلَى يَدَيْهَا.
ثُمَّ قَالَتْ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنَّ اللهَ اخْتَارَنِي مِنْ خَلْقِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى المُخْتَارَاتِ مِمَّنْ مَضَى قَبْلِي، وَقَدِ اخْتَارَ اللهُ آسِيَةَ بِنْتَ مُزَاحِمٍ فَإِنَّهَا عَبَدَتِ اللهَ سِرّاً فِي مَوْضِعٍ لَا يُحَبُّ أَنْ يُعْبَدَ اللهُ فِيهِ إِلَّا اضْطِرَاراً، وَمَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ حَيْثُ اخْتَارَهَا اللهُ، وَيَسَّرَ عَلَيْهَا وِلَادَةَ عِيسَى، فَهَزَّتِ الْجِذْعَ الْيَابِسَ مِنَ النَّخْلَةِ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ حَتَّى تُسَاقِطَ عَلَيْهَا رُطَباً جَنِيّاً، وَإِنَّ اللهَ اخْتَارَنِي وَفَضَّلَنِي عَلَيْهِمَا، وَعَلَى كُلِّ مَنْ مَضَى قَبْلِي مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، لِأَنِّي وَلَدْتُ فِي بَيْتِهِ الْعَتِيقِ، وَبَقِيتُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ آكُلُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَأَوْرَاقِهَا، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَخْرُجَ وَوَلَدِي عَلَى يَدَيَّ هَتَفَ بِي هَاتِفٌ وَقَالَ:
يَا فَاطِمَةُ، سَمِّيهِ عَلِيّاً، فَأَنَا الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَإِنِّي خَلَقْتُهُ مِنْ قُدْرَتِي، وَعِزِّ جَلَالِي، وَقِسْطِ عَدْلِي، وَاشْتَقَقْتُ اسْمَهُ مِنْ اسْمِي، وَأَدَّبْتُهُ بِأَدَبِي، وَفَوَّضْتُ إِلَيْهِ أَمْرِي، وَوَقَّفْتُهُ عَلَى غَامِضِ عِلْمِي، وَوُلِدَ فِي بَيْتِي، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يُؤَذِّنُ فَوْقَ بَيْتِي، وَيَكْسِرُ الْأَصْنَامَ وَيَرْمِيهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَيُعَظِّمُنِي وَيُمَجِّدُنِي وَيُهَلِّلُنِي، وَهُوَ الْإِمَامُ بَعْدَ حَبِيبِي وَنَبِيِّي وَخِيَرَتِي مِنْ خَلْقِي مُحَمَّدٍ رَسُولِي، وَوَصِيُّهُ، فَطُوبَى لِمَنْ أَحَبَّهُ وَنَصَرَهُ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ عَصَاهُ وَخَذَلَهُ وَجَحَدَ حَقَّهُ»(2).
من زوجاته
السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) بنت رسول الله(ص)، فاطمة بنت حزام بن خالد العامرية الكلابية المعروفة بأُمّ البنين، أسماء بنت عُميس بن النعمان الخثعمية، خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية، أُمامة بنت أبي العاص بن الربيع، أُمّ حبيب بنت ربيعة بن بُجير التغلبية.
من أولاده
الإمام الحسن، الإمام الحسين، زينب الكبرى، زينب الصغرى (أُمّ كلثوم)، المحسن السقط، العباس، جعفر، عبد الله، عثمان، عمرالأطرف، محمّد الحنفية.
عمره وإمامته وحكومته
عمره 63 عاماً، وإمامته 30 عاماً، وحكومته أكثر من 4 سنوات.
حكّام عصره في سِنِي إمامته
أبو بكر، عمر بن الخطّاب، عثمان بن عفّان.
حروبه
اشترك(ع) في حروب رسول الله(ص) جميعها، عدا غزوة تبوك، حيث أمره(ص) بالبقاء في المدينة المنوّرة؛ وذلك لإدارة شؤونها.
أمّا الحروب التي قادها بنفسه في زمن خلافته(ع) فهي: الجمل، صفّين، النهروان.
ما قيل في حقّه
1ـ قال محمّد ابن إدريس ـ إمام الشافعية ـ: «عجبت لرجل كتم أعداؤه فضائله حسداً، وكتمها محبّوه خوفاً، وخرج ما بين ذين ما طبق الخافقين»(3).
2ـ قال أحمد بن حنبل ـ إمام الحنابلة ـ: «ما جاء لأحدٍ من أصحاب رسول الله(ص) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب(ع)»(4).
3ـ روى محمّد بن عمر الواقدي: «إنّ عليّاً(ع) كان من معجزات النبي(ص)، كالعصا لموسى(ع)، وإحياء الموتى لعيسى(ع)»(5).
4ـ قال الدكتور طه حسين: «كان الفرق بين علي(ع) ومعاوية عظيماً في السيرة والسياسة، فقد كان علي مؤمناً بالخلافة، ويرى أنّ من الحقّ عليه أن يُقيم العدل بأوسع معانيه بين الناس، أمّا معاوية فإنّه لا يجد في ذلك بأساً ولا جناحاً، فكان الطامعون يجدون عنده ما يريدون، وكان الزاهدون يجدون عند علي ما يُحبّون»(6).
5ـ قال خليل بن أحمد الفراهيدي صاحب علم العروض: «احتياج الكلّ إليه واستغناؤه عن الكلّ، دليل على أنّه إمام الكلّ»(7).
6ـ قال الدكتور السعادة: «قد أجمع المؤرّخون وكتب السير على أنّ علي بن أبي طالب(ع) كان ممتازاً بمميّزات كبرى لم تجتمع لغيره، هو أُمّة في رجل»(8).
7ـ قال ابن أبي الحديد المعتزلي: «اُنظر إلى الفصاحة كيف تُعطي هذا الرجل قيادها، وتملّكه زمامها، فسبحان الله مَن منح هذا الرجل هذه المزايا النفيسة والخصائص الشريفة، أن يكون غلام من أبناء عرب مكّة لم يُخالط الحكماء، وخرج أعرف بالحكمة من أفلاطون وأرسطو، ولم يُعاشر أرباب الحكم الخلقية، وخرج أعرف بهذا الباب من سقراط، ولم يرب بين الشجعان، لأنّ أهل مكّة كانوا ذوي تجارة، وخرج أشجع من كلّ بشرٍ مشى على الأرض»(9).
8ـ قال الفخر الرازي: «ومَن اتّخذ عليّاً إماماً لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه»(10).
9ـ قال جبران خليل جبران: «إنّ علي بن أبي طالب(ع) كلام الله الناطق، وقلب الله الواعي، نسبته إلى مَن عداه من الأصحاب شبه المعقول إلى المحسوس، وذاته من شدّة الاقتراب ممسوس في ذات الله»(11).
استشهاده
استُشهد في الحادي والعشرين من شهر رمضان 40ﻫ بمدينة الكوفة، ودُفن بمنطقة الغري في النجف الأشرف.
كيفية استشهاده
ضربه الملعون عبد الرحمن بن ملجم المرادي بالسيف على رأسه(ع)، وهو في صلاته النافلة بمحراب مسجد الكوفة.
رثاؤه
ممّن رثاه الشاعر أبو الأسود الدؤلي(رحمه الله) بقوله:
«أَلا يا عَينُ وَيحكِ فَاسْعِدينَا ** أَلا فَابكي أميرَ المؤمنينا
رُزِئنا خيرَ مَن رَكِبَ المَطايا ** وفارسَها ومَن رَكِبَ السَّفينا
ومَن لبسَ النَّعالَ ومَن حَذاها ** ومَن قَرأ المثاني والمئينا
فكلُّ مَناقبِ الخَيراتِ فيهِ ** وحُبُّ رسولِ ربِّ العَالمينا
وكنَّا قَبْلَ مقتلِهِ بخيرٍ ** نرى مَولَى رَسولِ اللهِ فينا»(12).
ورثاه السيّد محمّد جمال الهاشمي الكلبايكاني(رحمه الله) بقوله:
«رُزءٌ لَهُ الإسلامُ ضَجَّ وحَادِثٌ ** مِن وقعِهِ قَلبُ الهُدَى يَتَصدَّعُ
اللهُ أكبرُ أيُّ جُرمٍ ذِكرُهُ ** يُدمي القُلوبَ فَتَسْتَهِلُّ الأدمُعُ
يَا ليلةَ القَدرِ اذهبي مَفجُوعةً ** فَلقدْ قَضى فيكِ الإمامُ الأنزعُ»(13).
فضل زيارته (14)
من الروايات الواردة في فضل زيارة الإمام علي(ع):
1ـ روي عن الإمام الصادق(ع) عن آبائه عن رسول الله(ص) أنّه قال: «مَنْ زَارَ عَلِيّاً بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَهُ الجَنَّة».
2ـ قال الإمام الصادق(ع): «إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لَتُفَتَّحُ عِنْدَ دُعَاءِ الزَّائِرِ لِأَمِيرِ المُؤْمِنِينَ(ع)، فَلَا تَكُنْ عَنِ الْخَيْرِ نَوَّاما».
3ـ قال الإمام الصادق(ع): «مَنْ تَرَكَ زِيَارَةَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ(ع) لَمْ يَنْظُرِ اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَلَا تَزُورُونَ مَنْ تَزُورُهُ المَلَائِكَةُ وَ النَّبِيُّونَ(عليهم السلام)، إِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ(ع) أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ الْأَئِمَّةِ، وَلَهُ مِثْلُ ثَوَابِ أَعْمَالِهِمْ، وَعَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فُضِّلُوا».
ــــــــــــــــــــــــــ
اُنظر: إعلام الورى بأعلام الهدى 1/ 303.
2ـ الأمالي للطوسي: 706 ح1511.
3ـ الروضة لابن شاذان: 19.
4ـ المستدرك على الصحيحين 3/ 107.
5ـ فهرست ابن النديم: 111.
6ـ علي وبنوه: 59.
7ـ عبقرية الإمام للدكتور مهدي محبوبة: 138.
8ـ مقدّمة الإمام علي للدكتور السعادة.
9ـ شرح نهج البلاغة 16/ 146.
10ـ تفسير الفخر الرازي 1/ 207.
11ـ حاشية الشفاء: 566، باب الخليفة والإمام.
12ـ أعيان الشيعة 7/ 403.
13ـ مستدركات أعيان الشيعة 2/ 291.
14ـ المقنعة: 462، الباب 6.