قرابتها بالمعصوم
زوجة رسول الله (ص)، وأُمّ السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، وجدّة الإمامينِ الحسن والحسين(عليهما السلام) لأُمّهم.
اسمها ونسبها
أُمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد الأسدية.
أُمّها
فاطمة بنت زائدة بن الأصم العامرية.
ولادتها
ولدت حوالي عام 68 قبل الهجرة ـ أي قبل ولادة النبي (ص) بخمسة عشر عاماً ـ بمكّة المكرّمة.
زواجها
تزوّجت(رضوان الله عليها) من رسول الله(ص) في العاشر من ربيع الأوّل، وكانت في عمر الأربعين، وكان عمره(ص) خمسة وعشرين عاماً، ولم يتزوّج غيرها في حياتها حتّى تُوفّيت(رضوان الله عليها).
من أولادها
اختلفت الأقوال في عدد أولادها من رسول الله(ص)، ولكن من المسلّم أنّ القاسم والسيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) منها، والقاسم قد تُوفّي في حياة النبي(ص)، وبه يُكنّى(ص).
ولادتها فاطمة الزهراء(عليها السلام)
ولدت(رضوان الله عليها) ابنتها فاطمة الزهراء(عليها السلام) في العشرين من جمادى الثانية في السنة الخامسة للبعثة النبوية المباركة بمكّة المكرّمة.
إسلامها
كانت(رضوان الله عليها) أوّل امرأة آمنت بالدين الإسلامي، فقد ورد عن ابن شهاب أنّه قال: «بلغنا أنّ خديجة بنت خويلد زوج النبي (ص) كانت أوّل مَن آمن بالله ورسوله»(1).
من صفاتها
كانت(رضوان الله عليها) امرأة حازمة لبيبة شريفة، ومن أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً، وقد آزرت زوجها رسول الله(ص) أيّام المحنة، فخفّف الله تعالى عنه بها.
وكان(ص) لا يسمع شيئاً يكرهه من مشركي مكّة من الردّ والتكذيب إلّا خفّفته عنه وهوّنته، وبقيت هكذا تُسانده حتّى آخر لحظة من حياتها.
مكانتها وفضلها
لها(رضوان الله عليها) مكانة ومنزلة عالية عند الله تعالى، أتى جبرئيل(ع) إلى النبي(ص) فقال: «يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَب»(2).
وقال رسول الله(ص): «خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَابْنَةُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ»(3).
وقال(ص): «كملَ من الرجالِ كثيرٌ، ولم يكمل من النساءِ إلّا مريمُ، وآسيةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ»(4).
إنفاقها
قد أنفقت(رضوان الله عليها) أموالها في أيّام تعرّض المسلمين للاضطهاد والحصار الاقتصادي الذي فرضه مشركو مكّة، فقال النبي(ص) حول إنفاقها: «مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مِثْلَ مَا نَفَعَنِي مَالُ خَدِيجَة»(5)، وكان(ص) يفكّ من مالها الغارم والأسير، ويُعطي الضعيف، ومَن لا والد له ولا ولد، والعيال والثقل.
حبّ النبي(ص) لها
كان(ص) يُحبّها حبّاً كثيراً، ويكفينا شاهداً على ذلك قول عائشة: «مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ(ص) مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا قَطُّ، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ(ص) يُكثر ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يَقْطَعُهَا أعضاءً، ثمّ يَبْعَثُهَا في صدائقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنْه لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا إِلَّا خَدِيجَةَ! فَيَقُولُ: إِنَّهَا كَانَتْ، وكَانَتْ، وكان لِي مِنْهَا الأولاد»(6).
وقالت عائشة أيضاً: «كان رسول الله(ص) إذا ذكر خديجة لم يكن يسأم من الثناء عليها والاستغفار لها، فذكرها ذات يوم واحتملتني الغيرة إلى أن قلت: قد عوّضك الله من كبيرة السن.
قالت: فرأيت رسول الله(ص) غضب غضباً سقط في جلدي، فقلت في نفسي: اللّهم إنّك إن أذهبت عنّي غضب رسول الله(ص) لم أذكرها بسوء ما بقيت، فلمّا رأى رسول الله(ص) الذي قد لقيت، قال: كيف قلتِ؟ واللهِ لقد آمنت بي إذ كفرَ بي الناسُ، وصدّقتني إذ كذّبني الناسُ، ورُزقت منّي الولد إذ حرمتيه منّي»(7).
وفي رواية قالت: «أغضبتُه يوماً فقال:(ص): إنّي رُزِقتُ حُبّها»(8).
وصيّتها للنبي(ص)
لمّا اشتدّ مرضها(رضوان الله عليها) قالت: «يا رسول الله، اسمع وصاياي:
أوّلاً: إنّي قاصرة في حقّك فاعفني يا رسول الله. قال(ص): حاشا وكلّا، ما رأيت منكِ تقصيراً، فقد بلغتِ بجهدِكِ، وتعبتِ في داري غاية التعب، ولقد بذلتِ أموالِكِ، وصرفتِ في سبيلِ اللهِ مالَكِ.
ثانياً: أُوصيك بهذه ـ وأشارت إلى فاطمة ـ فإنّها يتيمة غريبة من بعدي، فلا يُؤذينها أحد من نساء قريش، ولا يلطمنّ خدّها، ولا يصيحنّ في وجهها، ولا يرينّها مكروهاً.
ثالثاً: إنّي خائفة من القبر، أُريد منك رداءك الذي تلبسه حين نزول الوحي تُكفّنني فيه. فقام النبي(ص) وسلّم الرداء إليها، فسرّت به سروراً عظيماً، فلمّا تُوفّيت خديجة أخذ رسول الله(ص) في تجهيزها وغسّلها وحنّطها، فلمّا أراد أن يُكفّنها هبط الأمين جبرئيل وقال: يا رسول الله، إنّ الله يُقرئك السلام ويخصّك بالتحية والإكرام، ويقول لك: يا محمّد، إنّ كفن خديجة من عندنا، فإنّها بذلت مالها في سبيلنا.
فجاء جبرئيل بكفن وقال: يا رسول الله، هذا كفن خديجة، وهو من أكفان الجنّة أهداه الله إليها. فكفّنها رسول الله(ص) بردائه الشريف أوّلاً، وبما جاء به جبرئيل ثانياً، فكان لها كفنان: كفن من الله، وكفن من رسوله»(9).
وفاتها
تُوفّيت(رضوان الله عليها) في العاشر من شهر رمضان 10 للبعثة النبوية الشريفة بشعب أبي طالب في مكّة المكرّمة، ودُفنت بمقبرة الحجون.
رثاؤها
ممّن رثاها الإمام علي(ع) بقوله:
«أَعَيْنَيَّ جُودَا بَارَكَ اللهُ فِيكُمَا ** عَلَى هَالِكَيْنِ لَا تَرَى لَهُمَا مِثْلا
عَلَى سَيِّدِ الْبَطْحَاءِ وَابْنِ رَئِيسِهَا ** وَسَيِّدَةِ النِّسْوَانِ أَوَّلِ مَنْ صَلَّى
مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَهُ خِيمَهَا ** مُبَارَكَةٌ وَاللَهُ سَاقَ لَهَا الْفَضْلَا
مُصَابُهُمَا أَدْجَى إِلَى الْجَوِّ وَالْهَوَا ** فَبِتُّ أُقَاسِي مِنْهُمُ الْهَمَّ وَالثُّكْلَا
لَقَدْ نَصَرَا فِي اللهِ دِينَ مُحَمَّدٍ ** عَلَى مَنْ يُعَافِي الدِّينَ قَدْ رَعَيَا إِلّا»(10).
ـــــــــــــــــــــ
1ـ المصنّف لابن أبي شيبة 8/ 328 ح28.
2ـ صحيح مسلم 7/ 133.
3ـ الاستيعاب 4/ 1821 رقم3311.
4ـ تفسير جامع البيان 3/ 358.
5ـ الأمالي للطوسي: 468.
6ـ صحيح البخاري 4/ 231.
7ـ المعجم الكبير 23/ 13.
8ـ صحيح ابن حبّان 15/ 467.
9ـ شجرة طوبى 2/ 234، المجلس السابع.
10ـ بحار الأنوار 35/ 143.