وانظر يا أمير المؤمنين (ما يوافقك و) (۳٤) ما يوافق معدتك، ويقوى عليه بدنك ويستمرئه من الطعام والشراب (۳٥)، فقدره لنفسك، واجعله غذاك.
واعلم يا أمير المؤمنين ان كل واحدة من هذه الطبائع تحب ما يشاكلها، فاتخذ ما يشاكل جسدك. ومن اخذ الطعام زيادة (الا بان) (۳٦) لم يفده، ومن اخذ بقدر لا زيادة عليه ولا نقص، غذاه ونفعه. وكذلك (الماء فسبيلك) (۳۷)، ان تأخذ من الطعام من كل صنف منه في ابانه (۳۸)، وارفع يدك من الطعام وبك اليه بعض القرم (۳۹)، فانه اصح لبدنك واذكى لعقلك، واخف على نفسك ان شاء الله.
ثم كل يا أمير المؤمنين البارد في الصيف، والحار في الشتاء، والمعتدل في الفصلين، على قدر قوتك وشهوتك وابدأ في أول طعامك باخف الاغذية الذي تغذى بها بدنك، بقدر عادتك وبحسب وطنك (٤۰)، ونشاطك، وزمانك.
والذي يجب ان يكون اكلك في كل يوم عندما يمضى من النهار ثمان ساعات (اكلة واحدة) (٤۱)، او ثلاث اكلات في يومين (٤۲). تتغذى باكراً في اول يوم ثم تتعشى، فاذا كان في اليوم الثاني عند (مضى) (٤۳) ثمان ساعات من النهار اكلت اكلة واحدة، ولم تحتج الى العشاء (٤٤).
وليكن ذلك بقدر، لا يزيد ولا ينقص. وتكف عن الطعام وانت مشتهى له (٤٥). وليكن شرابك على اثر طعامك من هذا الشراب الصافي المعتق مما يحل شربه (٤٦).
واللبن. وينفع فيه دخول الحمام أول النهار، ويكره فيه الرياضة قبل الغذاء.
حزيران ثلاثون يوماً (٤۷). يذهب فيه سلطان البلغم والدم، ويقبل زمان المرة الصفراوية ونهي فيه عن التعب، وأكل اللحم دسماً، والاكثار منه، وشم المسك (٤۸) والعنبر (٤۹) وفيه ينفع أكل البقول الباردة، كالهندباء (٥۰)، وبقلة الحمقاء (٥۱)، وأكل الخضر. كالخيار، والقثاء والشيرخشت (٥۲) والفاكهة الرطبة واستعمال المحمضات. ومن اللحوم: لحم المعز الثني. والجذع (٥۳). ومن الطيور: الدجاج، والطيهوج، والدراج، والالبان، والسمك الطري.
تموز: واحد وثلاثون يوماً. فيه شدة الحرارة، وتغور المياه ويستعمل فيه شرب المياه الباردة على الريق. ويؤكل فيه الاشياء الباردة الرطبة. ويكسر فيه مزاج الشراب. وتؤكل فيه الاغذية اللطيفة السريعة الهضم، كما ذكر في حزيران. ويستعمل فيه من النّور (٥٤) والرياحين الباردة الرطبة الطيبة الرائحة.
آب: واحد وثلاثون يوماً، فيه تشتد السموم، ويهيج الزكام بالليل، وتهب الشمال، ويصلح المزاج بالتبريد والترطيب، وينفع فيه شرب اللبن الرائب، ويجتنب فيه الجماع، والمسهل. ويقل من الرياضة، ويشم الرياحين الباردة.
أيلول: ثلاثون يوماً، فيه يطيب الهواء، ويقوى سلطان المرة السوداء، ويصلح شراب المسهل، وينفع فيه أكل الحلاوات، واصناف اللحوم المعتدلة كالجداء (٥٥) والحولي (٥٦) من الضان، ويجتنب فيه لحم البقر، والاكثار من الشواء، ودخول الحمام، ويستعمل فيه الطيب المعتدل المزاج، ويجتنب فيه أكل البطيخ والقثاء.
تشرين الاول: واحد وثلاثون يوماً، فيه تهب الرياح المختلفة، ويتنفس فيه ريح الصبا، ويجتنب فيه الفصد، وشرب الدواء، ويحمد فيه الجماع، وينفع فيه (أكل اللحم السمين، والرمان المز (٥۷)، والفاكهة بعد الطعام، ويستعل فيه) (٥۸) أكل اللحوم بالتوابل، ويقلل فيه شرب الماء، ويحمد فيه الرياضة.
تشرين الثاني: ثلاثون يوماً، فيه يقطع المطر الموسمي (٥۹)، وينهي فيه عن شرب الماء بالليل، ويقلل فيه من دخول الحمام، والجماع، ويشرب بكرة كل يوم جرعة ماء حار، ويجتنب فيه أكل البقول الحارة كالكرفس، والنعناع والجرجير (٦۰).
كانون الاول: واحد وثلاثون يوماً، تقوى فيه العواصف، ويشتد البرد، وينفع فيه كل ما ذكرناه في تشرين الاخر. ويحذر فيه من أكل الطعام البارد، ويتقى فيه الحجامة والفصد، ويستعمل فيه الاغذية الحارة بالقوة والفعل.
كانون الاخر: واحد وثلاثون يوماً، يقوى فيه غلبة البلغم، وينبغي ان يتجرع فيه الماء الحار على الريق، ويحمد فيه الجماع، وينفع الاحشاء فيه أكل البقول الحارة كالكرفس، والجرجير، والكراث.
*******
(۳٤) الزيادة من (ب وج ود).
(۳٥) الزيادة من (ج).
(۳٦) ليس في (ب وج ود). والمراد منه: انك اذا أخذت من الطعام زيادة على حاجتك فستظهر اضراره فيما بعد.
(۳۷) في الاصل (ما سبيله). والصواب ما أثبتناه كما في (ب وج ود).
(۳۸) ابانه: بكسر الهمزة وتشديد الباء: أي حينه. وفي (ب وج ود) أيامه وهما بمعنا واحد.
(۳۹) القرم: شدة شهوة اللحم، ثم اتسع حتى استعمل في الشوق الى كل شيء. انظر القاموس ٤|۱٦٤.
(٤۰) في (ب وج ود) طاقتك.
(٤۱) الزيادة من (ب وج ود).
(٤۲) في الاصل يوم. وصوابه ما اثبتناه كما في (ب وج ود).
(٤۳) الزيادة من (ب وج ود).
(٤٤) في (ب وج ود) وكذا أمر جدي محمد(ص) علياً عليه السلام في كل يوم وجبة وفي غده وجبتين.
(٤٥) عن الاصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام للحسن: الا أعلمك أربع خصال تستغني بها عن الطب ؟ قال: بلى. قال: لا تجلس على الطعام الا وانت جائع ولا تقم عن الطعام الا وانت تشتهيه وجود المضغ واذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء فاذا استعملت هذا استغنيت عن الطب. الخصال ۱|۱۰۹.
(٤٦) في (ب وج ود) يليه النص التالي: «والذي انا واصفه فيما بعد. ونذكر الان ما ينبغي ذكره من تدبير فصول السنة وشهورها الرومية الواقعة فيها من كل فصل على حده وما يستعمل من الاطعمة والاشربة وما يجتنب منه وكيفية حفظ الصحة من أقاويل العلماء القدماء. ونعود الى قول الأئمة(ع) في صفة شراب يحل شربه ويستعمل بعد الطعام.
ذكر فصول السنة:
أما فصل الربيع فانه روح الازمان، وأوله آذار. وعدد أيامه واحد وثلاثون يوماً وفيه يطيب الليل والنهار، وتلين الارض، ويذهب سلطان البلغم، ويهيج الدم، ويستعمل فيه من الغذاء اللطيف، واللحوم، والبيض النيمبرشت (۱-٤٦)، ويشرب الشراب بعد تعديله بالماء، ويتقي فيه أكل البصل، والثوم، والحامض. ويحمد فيه شراب المسهل، ويستعمل فيه الفصد والحجامة.
نيسان: ثلاثون يوماً. فيه يطول النهار، ويقوى مزاج الفصل، ويتحرك الدم، وتهب فيه الرياح الشرقية، ويستعمل فيه من المآكل المشوية، وما يعمل بالخل، ولحوم الصيد، ويصلح الجماع، والتمريخ بالدهن في الحمام، ولا (۲-٤٦) يشرب الماء على الريق، ويشم الرياحين، والطيب.
آيار: واحد وثلاثون يوماً. (تصفو فيه الرياح وهو آخر فصل الربيع، وقد نهي فيه عن أكل الملوحات، واللحوم الغليظة كالرؤوس، ولحم البقر).
*******
(۱-٤٦) لفظة فارسية يقصد منها البيض الذي لم ينضج نضجاً كاملاً.
(۲-٤٦) ليس في (ج).
*******
(٤۷) ما بين القوسين ليس في (ج).
(٤۸) المسك: قال الشيخ الرئيس في القانون ۱|۳٦۰: سرة دابة كالضبي أو هو بعينه، له نابان أبيضان معقفان الى الانسى كقرنين.
(٤۹) العنبر: قال الشيخ الرئيس: « فيما يظن: نبع عين في البحر، والذي يقال أنه زبد البحر، أو روث دابة بعيد. أنظر المصدر السابق ۳۹۸.
(٥۰) الهندباء: هو صنفان برى وبستانى، فالبري أعرض ورقاً من البستاني، وأجود للمعدة منه، والبستاني منه صنفان أحدهما قريب الشبه من الخس عريض الورق والاخر أدق ورقاً منه، وفي طعمه مرارة. أنظر الجامع لمفردات الادوية والاغذية ٤|۱۹۸.
(٥۱) قال ابن البيطار في المصدر السابق ص۱۰۲: وهي البقلة المباركة والبقلة اللينة والعرفج والعرفجين أيضاً وهي الرجلة. وفيه عن جالينوس: هذه البقلة باردة مائية المزاج وفيها قبض يسير. وقال الانطاكي في تذكرته ۱|۸: وسميت حمقاء لخروجها في الطرق بنفسها وهي نبات طرى في غلظ الاصابع فتطول دون ذراع وتمتد على الارض وتزهر جملة الى البياض وتخلف بزراً صغيراً وتدرك في الربيع والصيف وهي باردة رطبة.
(٥۲) قال ابن البيطار في المصدر السابق ص۷٥: شير خشك. هو طل يقع من السماء ببلاد العجم على شجر الخلاف بهراة وهو حلو الى الاعتدال. وفيه عن التميمي هو أفضل أصناف المن وأكثرها نفعاً لمحرورى الامزجة.
(٥۳) الجذع: هو الذي أكمل السنة الاولى ودخل في الثانية. وفي نسخة (د) الجداء والجداء: جمع جدي الذكر من أولاد المعز في السنة الاولى. أنظر حياة الحيوان ۱|۱۸٥.
(٥٤) النور: الزهر، أو الابيض منه. أنظر القاموس ۲|۱٤۹.
(٥٥) الجداء: سبق تعريفه.
(٥٦) الحولى: ما أتى عليه حول من ذي حافر وغيره أنظر القاموس ۳|۳۷٤.
(٥۷) المز: بالضم بين الحامض والحلو. القاموس ۲|۱۹۹.
(٥۸) ما بين القوسين ليس في (د).
(٥۹) الوسمي: المطر النازل في أول الفصل.
(٦۰) الجرجير: بقلة يكثر زرعها في ثغر الاسكندرية، ويسمونها بقلة عائشة، وهي برى وبستاني. أنظر الجامع لمفردات الادوية والاغذية ۱|۱٦۰.