المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد وبه نستعين.
انا مقدم ندوة الطارف والتليد رائد دباب مسروراً بالحضور معكم في الوقوف على ما يتقبل بالحكاية الشعبية التي استعرضناها في ثلاث حلقات وما سنقف عليه اليوم كان خياركم الكريم اذ اختارته هواتفكم الينا الا وهو الاسطورة، هل هي حكاية شعبية او هي اصل للحكاية الشعبية، هذا ما سيجيب عنه سير ندوتكم المبتهجة بكم دائماً الشاكرة لكم كل لفتة كريمة تلتفتون اليها.
ونتقدم الان الى الموضوع الذي اصطفاه ذوقكم الرفيع الا وهو الاسطورة وقد سرني ان يستجيب لي الاخ العزيز السيد بشير الجزائري كديدني الذي اشكره له فيسر معي في هذا الدرب المجهول الضارب في اغوار القدم اعني النظر في الاسطورة وافتح قولي هذا.
نعم لكل شعب اسطورة وما اكثر الاساطير في القدم حتى ضربت جذورها في المجتمع وحتى كانت لها علاقة اجتماعية اكثر ماهي الى الخيال الذي يضرب في اعماقها ما عدا البعض الذي كان خياله لم يسعفه لأنه اراد ان يتجه الى التاريخ فالاساطير هي كالحكاية الشعبية باقية خالدة ما دامت الشعوب باقية واذا ما كان لليونان رجل اسمه هوميروس وايضاً للشرق رجالها واذا ما كانت الالياذة هي التي خلدت اليونان فأعلموا ان فيكتور هوغو خلد كنيسة نوتردام، الشرق ايضاً له ما له من الاساطير التي ضربت في جذور اعماقها التاريخية، تابعونا ايها الاخوة والاخوات لنرى ما اهيمة الاسطورة وهل هي جزء من الحكاية الشعبية ام ان الحكاية الشعبية هي جزء منها وكيف تطورت والى اين تسير؟ نبدأها خطوة خطوة مع الاستاذ الجزائري.
ان نبدأ الحوار مع الاستاذ بشير الجزائري ولكن دعوني مرة اخرى اقول ان الحكاية الشعبية اذا ما كانت بين الشعوب هي قصة نتداولها في كل البيوت وفي كل المنازل تذكرنا بالجدة والجد فهي بالضبط الى جانب الاسطورة ولكن الاسطورة لها حديث خاص لتشعباتها ولحب الناس في ان يذهبوا الى ابطالها وان يتمرسوا في الخيال حتى يصلوا الى ما يصلوا اليه ويخلدوا ما يخلدوا اليه ليشحذوا الهمم ليوصلوا الشعوب التي ماتت الى الحياة خطوة بخطوة، استاذي العزيز الزميل بشير الجزائري والان هو الى جانبي وهو طبعاً اعتقد انه متعب هذه المرة ابعد الله عنه التعب، اهلاً بك سلام عليكم.
الجزائري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: اذن خذ انفاسك سيد بشير الجزائري لو كان المخرج جاهزاً لنذهب الى لحظات ونعود.
الجزائري: طابت انفاسك وانفاسه واكرمك الله انت ايها الطبب.
المحاور: في البداية اردت ان الاستاذ بشير الجزائري يسترح قليلاً لنبدأ الحوار ونعود الى لطافته في القول ولكن في بداية البرنامج حل علينا ضيف عزيز ايضاً الذي سبب لنا في الحقيقة هذا الانفصال القليل، نرحب بالاخ العزيز حسين التاروتي من السعودية اهلاً بك اخ حسين.
حسين: اهلاً وسهلاً والسلام عليكم جميعاً عسى ان اكون انا سبباً للاتصال بينك وبين الاخ ان شاء الله، سيدي الكريم الاستاذ بشير برأيك هل تشهد الاسطورة رواجاً في هذا القرن المعاصر هذا اولاً ثانياً ما هي علاقة المثقف والمثقف الدينيين في بالاسطورة وبثقافة الشعراء وشكراً لكم ونعظم لكم الاجر ايضاً بمناسبة وفاة الامام الباقر (عليه السلام) وتحية لمخرج وكل طاقم هذا العمل.
المحاور: ولك الاجر اخ حسين اهلاً وسهلاً، طبعاً مستمعينا الكرام انا قلت كان بودي ان ابدأ بالدراسة التي ما بين الحكاية الشعبية وبين الاسطورة لكي ننتقل بصورة انسيابية الى الموضوع، الاخ حسين هو باغتنا بهذا السؤال في بداية البرنامج ونحن فرحون جداً، استاذ بشير رواج الاسطورة في القرن الحاضر وايضاً ما بين المثقف والمثقف كما ذكر الاخ؟
الجزائري: اكرمك الله، اذا كانت الاسطورة، طبعاً هذا بعد بسم الله الرحمن الرحيم والحمد له وبه نستعين من صميم هذا القلب المسكين الذي انضبه وانصبه هذا الذي يسأله متلطفاً ومحسناً اليه وساتراً عليه، الحقيقة وان كانت الاسطورة ضاربة في القدم السحيق ايما ضرب لأنها بعيدة بعد هذا الانسان في هذا الكوكب فهي اليوم اشد منها في ذلك الزمن الاول، اولئك كانوا على يشر ما عندهم من النظر في الاشياء في كل ما حولهم، كانوا يحملون اساطير هذه الاساطير ربما على مايقول كثير من الانتربولوجيين يعني علماء الاساطير انها كانت تمثيلاً ليقين كان قد مازج قلوبهم في تلك الازمنة السحيقة اما اليوم وقد كثرت الوسائل المختلفة كثرة عجيبة جداً وصارت تهدد الانسان في عقر بيته في الصباح والمساء في طول الليل وطول النهار فأن هذه الاشطورة قد عادت الى الهيمنة عليه وانسته اشياء كثيرة كان المفروض به بتقدمه العلمي والثقافي والمعرفي المتلون والمتنوع ان يكون قد بعد عن مثل هذه الاسطورة البعد عن الله سبحانه وتعالى ولكنه مع الاسف كان قد وقع في شباك اولئك الذين نصبوها له وهم ايضاً اذكياء في غاية الذكاء يعني اولئك الذين بعدوا عن الله سبحانه وتعالى كانوا في غاية القدرة على ان يختدعوا الناس ويجروهم الى حبالهم والى بئارهم، اسأل الله النجاة والسلامة للجميع من وهم الاسطورة، الاسطورة التي كانت في القبل في الماضي السحيق وفي هذا اللاحق اللحيق اجارنا الله سبحانه وتعالى سوءها وشرها.
المحاور: نعم.
الجزائري: بقي شيء، انا يطيب لي ان اراك وقد ارتحت قليلاً وانا مسترسل في هذا الحديث ربما على حسابك وعلى حساب الطيبين ولكن ماذا افعل وابو علي لايرد له خاطر وهو الكريم النبيل دائماً الاخ الحاج حسين التاروتي، ما علاقة المثقف والمثقف الديني او المتدين او الدين بهذه الاسطورة؟ ما نأسف عليه اشد الاسف وربما نخالف الاخ ابا علي ربما لاادري الله العالم بالقلوب، اقول ان كثيراً من المثقفين والمثقفين الدينيين ربما نالهم شيء من وهج او من لهب الاسطورة لأن كثيراً منهم تسلم اشياء من الاباء والاجداد لم ينظر فيها، لم يحللها، لم يتوقف على دقائقها بعد معرفة حقائقها، اذا عرف تلك الحقائق لم يبحث عن الدقائق التي كونت تلك الحقائق التي يجب على كل منا ان يكون فاعلاً هذا حتى يكون رجلاً بصيراً والله سبحانه وتعالى انما يستقبل منا اولي البصيرة ولا يستقبل اولي البصر، البصر قد يكون لمن عقل ولمن لم يعقل اما البصيرة فهي سهم العقلاء زادها الله عليك وعلينا وشملنا ولو اليسير منها.
المحاور: ان شاء الله، استاذ بشير الجزائري لماذا يعني من بداية البرنامج ونذهب الى البحث حول الرؤى رغم ان البرنامج هو يرسم لنا الخطى يعني استاذ بشير الجزائري لماذا نحن عادة ننظر الى الاسطورة يعني رؤيتنا الى الاسطورة هي رؤية بأستطاعتي ان اسميها اكادمية جافة سيدي الكريم، انا في اعتقادي ان الاسطورة لازالت كالطفل الذي هو في داخلنا حتى نموت ونشيب ونطعن في السن.
الجزائري: ولهذا اسميك انت اسطورة.
المحاور: ويرفعوننا، وانت اسطورة ايضاً، ويرفعوننا على اكتافهم ولا اله الا الله ولازال الطفل في داخلنا هو يتخيل، لماذا لا نرى الاسطورة كما تراه الطفلة ان ابوها اسطورة، تتخيل عن ابوها انه شجاع بأمكانه ان يحضر كل شيء؟ انا لا حظت ذلك من العوائل التي لا تملك قوت يومها وكأن الطفلة هي تتصور ان ابوها قد جلب لها مال الدنيا حتى لو كانت قرص رغيف وما بين ذلك الذي يملك الملايين من الاموال ايضاً طفله يتصور ان مايأتي به هذا كل ماهو موجود في الكون فيتصور ابوه شجاعاً، يتصور ابوه لا ينهزم، يتصور ابوه بطلاً انا اعتقد ان الاسطورة سيدي الكريم هي في ذات الانسان لأن الطفل كما قلنا في الحلقة الماضية.
الجزائري: انت جميل جداً ان ما قلت لك آنفاً انك اول اسطورة عندي لهذا السبب لأنك نقلتنا من وادي الى وادي آخر بنظرة الطفل او بنظرة الصغير للكبير.
المحاور: والله لو نظرنا للدنيا نظرة الصغير لهذه الدنيا لما كانت هناك حروب، لما كان هناك قتل.
الجزائري: انا لا اريد ان اذهب في كل واد ولا انت تستطيع لأننا مهماً جريناً ولا اقول مهما ركضنا لأن ليس تحتنا من خيل ولا ابل حتى نركضها اي ان نحرك عضلات سوقنا على بطونها حتى تندفع.
المحاور: حفظ الله عضلاتك سيدي.
الجزائري: وعضلاتك الكريمة، على كل حال سيدي اقول يجب ان نسير في وادي واحد حتى نستطيع ان نصل الى بعض ما نرمي اليه ونقصده، الاسطورة التي تتحدث انت بها الان هي اسطورة العلم الحديث ومن حق الانسان ان ينظر الى كل ما بلغه من لطف الله سبحانه وتعالى
«وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا» اذن الله سبحانه وتعالى فتح لنا هذه الافاق حتى نستكشف عظمته، حتى نصل الى شيء من آياته المباركة التي هي تنوير لنا وتحرير لعقولنا ولأراداتنا ايضاً، هذه الاسطورة كانت سحيقة كما قلت لك، كانت تعبيراً عن واقع ديني، اعلم وقد مضيت كثيراً في البعد، الذي تتحدث به هو شيء اخر يعني ليس اسطورياً انما هو من واقع حياتنا اليومية يعني انا اتأثر بأبي وانت تتأثر بأبيك واخي يتأثر بأخيه الاكبر.
المحاور: لم اقصد هذا استاذ بشير الجزائري فأنت اعلم مني على كل حال ونحن زملاء وانت اخي العزيز لكن قصدي ليس هذا سيدي الكريم، الاساطير هناك اليوم من يجعل من دكتاتور اسطورة، انت تذكر ان بعض الشعوب هي كانت تصور، في العراق البعض كان يصور ان عبد الكريم قاسم هو اسطورة ولازال في القمر والمكسيكيون هم يرون في زاباتا لمدة طويلة ان زاباتا لازال خالداً وجعلوا منه اسطورة، الاسطورة متشعبة ولكن برأيي انا اعتقادي هذا اننا يجب ان نقول ان الاسطورة موجودة دائماً مازال البشر موجود ولأن لايمكن قطع الخيال عن الانسان ولكن تدوينها لم يحصل، تدوينها اصبح شفوياً ما عدا اولئك المخرجين الذين يبحثون عن المال وعن الشهرة فيخرجون اسطورة، لو تسمح استاذ بشير لدينا ضيف لااريد ان يبقى خلف المكرفون وانا اعتذر منك، لدينا ضيف من البحرين واعتذر من الاخ امير الامير من البحرين، اخ امير سلام عليكم اهلاً بك.
امير: عليكم السلام ورحمة الله، سيدي الحديث بينكم شيق.
الجزائري: شوقنا اليك اكبر.
امير: بداية تحية لك عزيزي مقدم البرنامج والى ابو محمد الاستاذ بشير.
الجزائري: اكرمك الله سيد.
امير: انتم الاثنان اتصوركما اسطورتان في هذه الاذاعة.
الجزائري: لطف بالغ نحن دونه.
امير: بحيث انكم تتمتعوا بمواهب كثيرة ان كان في اللغة ام في الاجابات ام في الشعر ولابد لي ان اشكركم قبل ان اقدم مشاركتي في هذا البرنامج اشكركم على هذا البرنامج وعلى كثير من البرامج الاخرى من اذاعة طهران، خصوصاً حينما يسأل عن الشعر.
المحاور: لاشكر على واجب سيدي.
امير: هناك سؤال اضعه بين ايديكم قبل ان اذهب تحملوني لحظات، الاساطير عندنا نحن في العالم العربي كثيرة، نحن اثنان وعشرون دولة عربية هناك يحكمها اثنا وعشرون اسطورة ولا يستطيع احد ان يتقدم عليه في كل شيء حتى عندما تجدهم في مقابلاتهم مع الوزراء او المسؤولين او حتى الدكاترة حملة الشهادات تسمع هذه العبارة وقد تقدم لهم بالنصيحة او بمعنى ما وجههم الوجهة الصحيحة بينما هو لا يستطيع هو ان يفك الخط هذا الرئيسي، نرجع الى موضوعكم، استاذ بشير ما هو الواصل بين الاسطورة والحكاية الشعبية وانني انتبه الى ملاحظة اتمنى ان تعلق عليها استاذ بشير، هناك قصص او اسطورات تجدها مشتركة بين الشعوب وهناك حكايات شعبية ايضاً مشتركة بين الشعوب حتى تكاد تقول انها من منبع واحد او لها اصل واحد وان اختلفت لتنقلها من بلد الى بلد فما هو الرابط بين الاسطورة والحكاية الشعبية وما هو الرابط في الاسطورة بين الشعوب جميعاً هل لأن بعض الشعوب تستعير هذه القصص والاساطير وتحورها حسب حاجتها؟ شكراً للاستاذ بشير مقدراً على الاجابة.
المحاور: شكراً للاخ امير الامير انا معك استاذ بشير.
الجزائري: اكرمك الله اولاً الاخ امير لأنه يحبك كان قد ضم صوته الى صوتك.
المحاور: الحمد لله رب العالمين واظهر الحق.
الجزائري: وقال بمعنى الاسطورة الذي كنت تتحدث به وتباغتني في انك لا تقصد الا هذا، الذي قلته انا سابقاً في شأن الاسطورة قلت حقيقة الاسطورة التي كانت في الماضي السحيق وانت تتفضل بأساطير جديدة، من حقك ان تبتدع لأنك انت نهر جاري لك ان تسمى النيل او ان تسمى الفرات والفرات ان شاء الله جار وان حجبوه وان قطعوه سيبقى ساقياً تلك القلوب الطيبة الكريمة التي تؤمن باليقين وبالحق ولاتؤمن بالاسطورة او الاساطير، هذه الاسطورة التي تفضلت انت والاخ الكريم امير الذي احبه ابو علي كل المحبة ويعجبني واشتهي ان اقول انني لمغرم بأبي علي امير الامير.
المحاور: يعني انا لا اعلق لدي تحفظات تفضل.
الجزائري: هذا لا يعنني انما يعنني ان اقول ما كنت مشتهياً.
المحاور: اخ امير هذا عادة ما يقوله لنا الاستاذ بشير الجزائري.
الجزائري: هذه الاساطير التي تقولان بها اساطير مجازية ليست بأساطير كما هو مألوف عند الاكادميين كما سميتهم في بدأ حديثك الكريم واظهرت انها تنبع من مجامع علمية ومن مؤسسات ذات وزن ثقيل تنظر الى الاشياء بحكمة وببصيرة تزنها لمعرفة ثقلها، تتأمل جوهرها حتى تقول انها تستحق ان يقال فيها شيء او لايقال، قبل ان تقول هذه الاسطورة قديماً تختلف عن الاسطورة التي ذكرتماها، اساطير الحاكمين الذين بعدوا او الذين مضى الناس في تعظيمهم وتفخيمهم وهم دون اي التعظيم والتفخيم حتى اذا صح هذا التعبير واجزتني انت والاخ امير هذا انما هو من ضعف الناس ووفي كل الازمنة هناك ضعف وقوة، اهل الحق موجودون في الزمن البعيد جداً عنا المظلم الغابي وغير الغابي واهل الباطل ايضاً مثلما كان الابوان، مثلما كان الرجلان آدم وهابيل او مثلما كان هابيل وقابيل اخوه هذا وهذا، هذا موجود وهذا موجود، هذا ابن نبي وهو على حق وهذا ابن نبي وهو على باطل كل منهما ينظر نظراً، التفخيم والتعظيم لايغير من الحقائق شيئاً يعني لايجعل اولئك الذين هم لاوزن لهم اولي وزن ثقيل، اتمنى ان يكون كلامي لك وللاخ الكريم قد بلغ شيئاً.
المحاور: طبعاً اعتقد ان انا والاخ امير لنا اراء خاصة وكما قلت ايضاً ان بحورها شاسعة ولايمكن الان الغطس او الذهاب الى اعماقها لنبقى مع ما قاله استاذي الاخ بشير الجزائري، الاخ امير يقول هناك قصص واساطير، قصص شعبية واساطير اراها مشتركة وكأنها هي من منبع واحد وايضاً هو يبحث عن العلاقة ما بين الاسطورة والحكاية الشعبية واعتقد هذا هو السؤال الاول الذي كان بودي ان اسألك، اذن دعنا نذهب الى المخرج وايضاً نعتذر من الاخوة الافاضل الذين يتحملون الى هذه اللحظة، نذهب الى المخرج ونعود سيدي الكريم.
الجزائري: اكرمك الله اكرمك الله.
المحاور: اذن دعوني اقول للاسف الوقت يتراكض معنا نحن والاستاذ جزائري دائماً فنصل الى النهاية ولن نقل شيئاً، استاذ بشير اعود مرة اخرى واسأل بدلاً عن الاخ امير، ما هي الاوجه المشتركة بين الحكاية الشعبية والاسطورة وعندما تطرح كأنما الاساطير والحكايات الشعبية كلها من منبع واحد في بعض الاحيان.
الجزائري: هذا هو الحق الذي تفضلت به وقد فاتني ان اقوله في البدأ، سيدي الكريم الحكاية الشعبية لايمكن ان تدرس ولا يمكن ان تعرض ولايمكن ان تتأمل بعيداً عن منبعها الاسطورة، ناس كثيرون يقولون ان استقرار الاسطورة عمق دلالاتها، وضوح وظائفها، الاسطورة لم تنقل عبثاً انما هناك غايات وهناك مرامي بعيدة لأولئك الذين كانوا قد قالوا بها في البدأ وسارت من عقل الى عقل ومن قلب الى قلب حتى بلغت هذا الزمان الذي نحن فيه وقبيل قليل في بدأ المسير قلنا لحبيبنا ابي علي التاروتي قلنا له ان الناس في هذا الزمن اصبحوا اكثر تعلقاً بالاساطير وانت ايضاً كنت تؤكد والاخ امير ايضاً كان يؤكد ان الناس كانوا قد اقبلوا على الاساطير ايما اقبال سواء كانت تلك الاساطير حاكمين او علماء او اولي مال عريض او اولي جاه وسيع وهكذا على كل حال اذن الاسطورة لها مرامي ولها وسائل هي اذن تريد ان تعلمنا شيئاً، الاسطورة تريد ان تعلم هذا الانسان الذي تروى له اذا كان قبل مئة عام او اذا كان قبل الف عام او اذا كان بعد الف عام انما تريد ان تعلمه خلقاً، ان تجتذبه الى دين، ان تقوم سيرته، تريد ان تبصره الحياة التي يعيشها، ما حولك ليس كله مثل ما تشتهي فاكهة طيبة انما فيها فاكهة مرة، فاكهة حلوة وفيها اسد وفيها ذئب وفيها انسان وملك.
المحاور: سيدي الكريم انا اقول رأيي وبودي ان اسمع رأيك كخبير وليس كزميل او صديق.
الجزائري: انا لا احب الا ان اكون اخاً صغيراً لك.
المحاور: يعني كيف يصبح اخي الصغير وهو طاعن في السن وهو عبر المئة والعشرين.
الجزائري: ان كنت حاسدي على هذا اتاك الله وزيادة.
المحاور: طبعاً تعرف انني امزح وفي الحقيقة ليس بودي ان اقول رأيي فيك فأنت عزيز علي، معنا من العراق سيدي الكريم، كان بودي ان اقول هذه الجملة، انا اقول كلما ضعف الانسان وشاءت الاقدار ان تسحق هذا الانسان تحت وطئة سنابك الخيل وبأختلافها اذا كانت دبابات اوقصف كلها سنابك خيل، المغول في كل وقت.
الجزائري: احسنت.
المحاور: انا اعتقد ان عودة الانسان الى الاسطورة هي عودة اجبارية، الحياة تقول له عد الى ذاتك لكي تحيا الحياة فتسحقك، يبدو ان معي من العراق اخت عزيزة سحر من العراق، اخت سحر سلام عليكم اهلاً بك.
سحر: سلام عليكم ورحمة الله، دكتور بشير الجزائري سلام عليكم.
الجزائري: عليكم السلام ورحمة الله.
سحر: سؤال اذا ممكن، هل تسمعني؟
المحاور: نعم نعم تفضلي.
سحر: السؤال بما تتميز الاسطورة بما يشبهها من اشكال الحكاية الشعبية، وصلت الفكرة؟ سمعتني.
المحاور: نعم نعم شكراً جزيلاً اخت سحر ونحييك، استاذ بشير نعود مرة اخرى.
الجزائري: مولاي الكريم، الحكايات الاخرى حكايات مصطنعة يمكن ان يصطنعها انا وانت حتى وان كانت موروثة، تتذكر في الحلقات الماضية التي عرضنا فيها للحكاية الشعبية قلنا ان الحكاية الشعبية يمكن ان تزيد او تنقص، يحذف منها الراوي ويضيف اليها، يلونها بألوان يحبها هو ويحذف منها الواناً يبغضها هو ايضاً فأنما الاسطورة فباقية هي هي في كل الازمنة وفي كل الامكنة لاتتغير، الاسطورة واحدة ثابتة، هذا الثبات هو القاسم بينها وبين انواع الحكاية الشعبية اذن هي باقية وهي ذات هدف، هدفها اوضح من الحكاية الشعبية، هدف الحكاية الشعبية قد يكون صغيراً صغر ذلك الراوي اما هذه فلا تمثل راوياً احداً وانما تمثل راوياً جمعاً.
المحاور: يعني هل يمكن ان نقول ان الاسطورة هي لغة تراث قوم؟
الجزائري: احسنت.
المحاور: والحكاية الشعبية هي مباحة للجميع وكل يتحدث بخياله لكن لالعب في الاطر الكلية، استاذ جزائري انا في قراءتي بعض الشيء يعني بشكل سطحي قراءتي لملحمة او كما يسمى اسطورة، كان بودي ان اسألك عن الملحمة والاسطورة، ملحمة الالياذة وبالمقابل قراءتي وسماعي لما كتبه الشاعر الايراني الكبير الفردوسي في ملحمته الشاهنامة سيدي الكريم هناك نقاط خاصة مشتركة بين الاثنين مثلاً اشيل او اخيل او اكيليوس الذي هو في اسطورة الالياذة هذا النصف الهة في الاسطورة سيدي الكريم، هناك حديث داخل الالياذة ان امه تمسكه من آخر قدميه وهي الان يطلق عليها عصب الاشيل في العلم الحديث، في علم الطب وتدخله الماء المقدس ليصبح خالداً لا يموت فيبقى مكان اصابعها على رجليه لم يمسه الماء ولذلك عندما يقتل في الاسطورة لايقتل الا حينما يصيب السهم ذلك المكان الذي لم يمسه الماء وفي اسطورة الشاهنامة للشاعر الايراني الفردوسي تعدت العشرات الالاف من الابيات اعتقد الى اثني وعشرين الف بيت.
الجزائري: وهي تزيد كل يوم.
المحاور: وتزيد كل يوم كما تقول، هناك ايضاً طفل داخل هذه الاسطورة الايرانية ان امه تدخله الماء لكي يبقى خالداً ولكن ما ان يغمض عينيه فلا يمس الماء عينيه فلايقتل الا بعد ما يصاب في العينين.
الجزائري: سيدي الكريم شيء جميل جداً بما ان الانسان عقله واحد اينما كان، عقله واحد، احساسه واحد، الحب والبغض موجودان، الشجاعة والجبن متلازمان يعني في كل شعوب الارض، لم يختلف من الانسان الا زمانه ومكانه و هو هو يعني اهل هذا الزمان الذي نعيش فيه لايختلفون عن الف عام سلفت او الف عام ستأتي من ناحية التبصر ومن ناحية الاحساس والالتفات لكل الاشياء فعلى هذا الاساس من الممكن ان تكون الصور او المعارف واحدة بين هذه الشعوب جميعاً.
المحاور: نعم يعني استاذ بشير لن يتبقى لدينا سوى دقيقة.
الجزائري: انت تشتمنا بوقتك هذا.
المحاور: للاسف الشديد انا لااشتم ولكن مخرج البرنامج يبتسم والان لااعلم انه يضحك علينا او يضحك لنا لااعلم على كل حال.
الجزائري: ان شاء الله يضحك لنا.
المحاور: سيدي الكريم الا ترى ان الاساطير في كل العالم، الاسطورة في اليونان والاسطورة في الشرق حتى تضرب في اعماق بابل وتذهب الى اسطورة غلغامش، الا ترى ان كلها تقول عليك ان تبحث عن الخلود؟
الجزائري: من الممكن، من الممكن القول هكذا لأن الناس جميعاً فعلاً حينما يرون انهم عاجزون عن ان يبلغوا هذا الخلود في المعنى لجأوا اليه في المادة لذلك كثرت اصنامهم واوثانهم كما يسميها الدين وكثرت تماثيلهم كما يسميها الفن.
المحاور: وهل عيب ان يبحث الانسان عن الخلود سيدي الكريم، الجنة هي ايضاً الا تتحدث عن خلود الانسان؟
الجزائري: ولكن تحدثت به بمعنى.
المحاور: استاذ بشير الجزائري هي رؤية الله سبحانه وتعالى هل تشبه رؤية البشر؟ الله سبحانه وتعالى يقول لك انت خالد في الجنة اذن اعمل لآخرتك وكأنك تموت غداً والاسطورة تقول ذلك ايضاً.
الجزائري: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا.
المحاور: سيدي الكريم لماذا انت تترك الرؤية الانسانية التي هي وجب عليها ان تتقبل رؤية الله سبحانه وتعالى وتذهب في طريقه الى الجهاد.
الجزائري: لااتركها وانما اصححها، ما تركتها.
المحاور: يعني هل تريد ان تصحح غلغامش استاذ بشير، اربعة الاف سنة.
الجزائري: لا اردت ان اقول ان الرجل لو اتيح له ان يكون بصيراً في تلك اللحظة لكان قد اتجه الى المعنى.
المحاور: مجرد سعي لكي يذهب الى الخلود الا يكفي ذلك انه كان في داخله.
الجزائري: رجلان وقفا على خشبة المسرح احدهما ادى الدور كاملاً جميلاً حسناً والاخر اجاده ولكن اخفق في جوانب منه، متساويان؟
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا.
الجزائري: الوسع احياناً يجر الى الفناء.
المحاور: استاذ بشير لا اكراه في الدين لماذا نتوقع ان الناس كلهم يجب ان يكونوا انبياء.
الجزائري: تحصرني في ثوان اخيرة؟
المحاور: لم يبق لدي سوى عشر ثوان والاخبار جاءت وانا اقبل رأسك استاذ بشير.
الجزائري: اكرمك الله.
المحاور: الى اللقاء.
*******