له الحمد وبه نستعين سلام عليكم ايها الاعزاء شركائنا في الطارف والتليد واهلاً بكم في اثر القرآن الكريم في النقد الادبي.
وبعد الترحيب بكم نعطر انفاسنا بذكر القرآن الكريم ونعتز بأثره في الثقافة الاسلامية عامة والبلاغة والنقد الادبي خاصة وقد سطع هذا التأثير الاسر منذ نزل القرآن الكريم في مكة المكرمة فما سمعه عربي الا اخذ بما سمع منه وكلما نزل شيء منه ازداد تأثر الناس به وتنامى تأثيره فيهم وتأثرهم به بأتساع الدولة الاسلامية ودخول شعوب وقبائل في دينها وحبها اولاء المسلمين الجدد ان يدركوا حقائق القرآن ويفقهوا دقائقه ويردوا على الملحدين اباطيلهم واثمرت هذه الامور علوماً شتى تصد الاساءة للقرآن الكريم كان منها البلاغة والنقد.
كان ما مر مقدمة لحديث الطارف والتليد في اثر القرآن الكريم في النقد الادبي وطبعاً تاريخ الدرس القرآني يحدثنا ان بدايته كانت لرد افتراءات المكذبين ثم تطورت فصارت ذوباناً في البحث عن فرائد الجمال ونفائس الكمال في التعبير البديع واقبلوا على تأمل ما امتاز به اسلوب التنزيل العزيز من خصائص جعلته فوق كل كلام واجتذبت اليه مجامع القلوب والتقى الجميع في ظلال الاعتراف المشرق بأعجازه الفريد الذي لا يدانيه ولا يوازيه شيء من بليغ الكلام في جماله او جلاله او كماله وصفوة القول ان البحث النقدي قد بلغ مبلغاً حسناً في القرن الرابع الهجري بأرتقاء الذوق العربي والفكر العربي الذي امتزج في الوان الثقافات العابرة الى ديار المسلمين بالترجمة الى العربية الجميلة التي استوعبت المذاهب والافكار المختلفة وندع اليوم ما تعلق من العلوم المستمدة من القرآن بالكلمة والجملة والشعر ونقف بباب التأثير القرآني في الاسلوب والنثر وها نحن نحييكم ونحيي استاذنا وعزيزنا وضيفنا وزميلنا الاستاذ الجزائري وندخل دار البيان مستأنسين بالسلام على ما فيها من عطاء اسلافنا الكرام في خدمة القرآن المجيد والنقد المستضيئ به، اهلاً بالاستاذ العزيز الجزائري.
الجزائري: وبك اكثر وحياك الله واكرمك وشكراً لهذه المقدمة التي نحن دونها ولا نردها وهي كرامة من حبيب.
المحاور: اسأل السيد العزيز المبجل ضيفي الكريم الجزائري في نطاق الطارف والتليد والحديث في اثر القرآن الكريم في النقد الادبي، يعني السيد الجزائري دعني ابدأ اولاً واسأل من اول الناس تأثراً بالقرآن الكريم في زمن تفتح علومه المختلفة الكثيرة؟
الجزائري: انت!
المحاور: اشكرك الشكر الجزيل.
الجزائري: اكرمك الله، سيدي العزيز نشكر لك كل الشكر في كل كلمة تقولها بحق اخيك هذا الذي لا يرى في نفسه واحدة من هذه المكارم التي تمن بها عليه.
المحاور: تواضعك قتلنا سيد الجزائري.
الجزائري: لا والله اعتز بهذا الادب النبيل الذي يجعل للجلسة معنى، للهيئة وللمرة معنى ومعنى ومعنى اول الناس اقبالاً على القرآن الكريم في ذلك العصر الذي تفضلت بالسؤال عن اهله المقبلين اي العصر العباسي الذي يسمى في لغة ناس ذهبية وما هو بذهبي في جانب آخر.
المحاور: حيث وضعت قواعد البلاغة في الحقيقة في العصر العباسي.
الجزائري: احسنت، حينما كان الادب قد اخذ مأخذه في نفوس الناس من خاصتهم وعامتهم وانت تعلم كان الخليفة ومن عنده من امير ووزير ذا ادب رفيع جداً ولايمكن للخليفة ان يكون من اولئك الذي قد بلغوا نصف الثقافة او ثلثيها انما كان الخليفة اثقف الناس في زمانه، يسعى ان يكون اثقف الناس.
المحاور: طبعاً هذا عدا عصر الانحطاط.
الجزائري: حتى في تلك المراحل كان الخليفة يعتز بل يجبر ويرغم على ان يكون هو الاول في كل منطق، في كل حديث يتحدث به ادبياً كان او فلسفياً او دينياً او اجتماعياً، هذا اذن الواقع العام للناس، اكثر الناس اقبالاً على هذا من يسعون الى رضى مثل هذا الخليفة وهذا الوزير وهذا الامير اي كتاب الدواوين (سلام الله عليهم).
المحاور: استاذي الكريم لا تقل لي اني افلت من الموضوع فله علاقة، انت تحدثت عن العصر العباسي، سيدي الكريم القرآن لاتتداول او تقرأ آياته كنصوص بشرية وهذا لاغبار عليه بل ينظر الانسان في مصادره او نظام اشاراته او حق المعاني كشيء استثنائي ومتعالي وجزء من ترتيب الهي شامل لكل الكون، القرآن حظي في الاسلام بعناية طقوسية واهتمام ادبي وفلسفي ولغوي، سيدي الكريم ما مدى تأثير القرآن في بناء وصقل اللغة والبلاغة لدى العرب والمسلمين هل بتأثير الطقوس ام بتأثير الكلمة التي يقول سبحانه وتعالى:
«إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى»؟
الجزائري: هو آخر ما ختمت به وهو بدأ ما يبدأ به الانسان
«إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى» الواقع ان القرآن الكريم ليس له نظير اطلاقاً في كل جنبة من جوانبه مهما كانت تلك الجنبة ذوقية، فكرية، فلسفية كما قلت انت وما كانت الفلسفة عند العرب ولكن كان عندهم الفكر الصفي، هؤلاء الناس كانوا ينظرون الى كتاب الله العزيز الحكيم على انه آية بهرتهم في كل شأن من شؤونهم، كانوا يعجبون بكلماته، يعجبون بمعانيه، يعجبون بتراكيبه، يعجبون بما يشع فيه من معاني تتألق في الافاق وفي انفسهم تحملهم على ان يخرجوا من واقعهم الذي هم فيه الى واقع آخر من الظلمات الى النور وان استعصت نفوسهم عليهم ان تخرج بهم.
المحاور: يعني هذا سيسحبني الى سؤال واعود مرة اخرى رغم انني في الموضوع، يسحبني الى سؤال هو اين كان اللغويون والنحاة من هذا التأثير من التنزيل العزيز بودي ان اكمل السؤال ولكن لدي ضيف عزيز ولا يمكن ان ادعه يقرع الباب ويقرع ولا ان اودي الامانة، الاخ محمود جواد من البحرين، اخ محمود سلام عليكم اهلاً بك.
جواد: سلام عليكم.
المحاور: يا مرحبا.
جواد: سلام عليكم وعلى الاستاذ بشير الجزائري.
الجزائري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جواد: سؤالي للاخ بشير من هم اللغويون والنحاة الذين اقبلوا على القرآن واستناروا بأسلوبه الفريد في كمال البيان؟
المحاور: نعم شكراً شكراً خير الكلام ما قل ودل وقلت، انا بودي ان لا تفلت من سؤالي ولكم ضيفي العزيز اكرم من ان اسألك انا، طيب سيدي الكريم من هم اللغويون؟
الجزائري: انت قد ذهبت بالثواب كله اذ آثرت اخاك عليك وانا ايضاً ربما انال شيئاً من الثواب لأني لم استطع ان ارد تحية الاخ ابي شكر محمود من البحرين الذي احبه ومشتاق اليه منذ عهد عهيد ولكن امضي الى جوابه عن هذا السؤال، اولئك كانوا عدة يسيرة جداً، هؤلاء الذين برزوا اللغويون الذين كانوا قد اقبلوا على القرآن الكريم واستناروا بأسلوبه الفريد كما قال وفي كمال بيانه وفي روعته التي لا يوازيها ولا يدانيها اي اثر كان الانسان لا من نبي ولامن ولي ولا من احد، اعتقد انهم قلة ربما يقول لي اولئك الذي ارخوا للادب العربي انهم لكثرة كاثرة كل الذين كانوا في ذلك العهد قد اقبلوا على القرآن وقرأوه ولكن الاسماء التي بقيت في ذاكرتي وذاكرة غيري من الناس ممن يقرأون وممن لا يقرأون هم قلة، منهم على سبيل الذكر ابن قتيبة الذي كتب تأويل مشكل القرآن الكريم وكتب ادب الكاتب وعلم الناس كيف يكتبون واذ علمهم كيف يكتبون وهذا يجوز لهم وهذا لايجوز وهذا حلال وهذا حرام انه كان متفقهاً في لغته وما كان تفقهه الا من معرفته القرآن الكريم هذا واحد.
المحاور: وحفظه قواعد القرآن.
الجزائري: بلا ريب بلا ريب، ومن بعده وكان هو قد مضى من هذه الدنيا سنة 276، اخوه المبرد، المبرد منا رجل عظيم جداً كان له كتاب الكامل الذي ما زالت العرب في كل بقاع الارض تقول من مصادر معرفة اللغة العربية الجميلة الكامل، من قرأ الكامل كان هو الكامل، هذا الرجل كان قد عرف القرآن الكريم وتأثر به واثر في الناس به، طيب كذلك ابن دريد وربما يمر اسمه طيباً على الاخ ابي شكر محمود الذي اتصل بنا من البحرين بأن محمد بن الحسن بن دريد في اصله كان عمانياً فهو جار هذا البحراني وقد ولد ونشأ في البصرة وانت تدري ان البصرة كانت عاصمة الثقافة ولما تزل ولكنها كانت ايضاً معهودة ايضاً بالسلطان يعني انها كانت فائزة برعاية السلاطين في كل عهودها، سيدي حتى لانطيل كذلك عندك المرزباني صاحب الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء هؤلاء هم الذين تأثروا بالقرآن الكريم ولم اذكر ناساً آخرين لأن اولئك كانوا قد تأثروا بالقرآن الكريم ولكن جهودهم قد مضت ها هنا وها هنا في وديان مختلفة فلم نمر بهم، اتمنى ان اكون قد اجبت.
المحاور: سيدي الكريم قد لااخرج عن الموضوع اذا ما انت قلت وتحدثت عن البصرة وان احد اقربائي المتبصرين رحمة الله عليه في علم الاثار قال لي شيئاً عن جنوب العراق، قال هل تعلم ان بيوت القصب في الاهوار هي اقدم بيوت سومرية على الارض وهو يقول ان لدينا اثباتات ودلائل تاريخية.
الجزائري: اذا مررنا بالاثار فكيف بالتاصرية التي هي قلب تلك الحضارة السومرية.
المحاور: حتماً حتماً، سيدي الكريم لا تهرب بكلماتك المنمقة ودعنا نعود الى الموضوع فنحن جئنا لكي نتحدث عن الموضوع، على كل حال نذهب مرة اخرى الى فاصل ولكن قبل ذلك اذن ما قبل جوابك للاخ العزيز محمود، آمن المسلمون ان القرآن ليس من صنع البشر وانما هو وحي يوحى وكان لهذا الايمان تأثيراً على المسلمين يأخذ بحذافيره من لغة، بلاغة، عمق فلسفي، اعتقادي كي يصقلوا به لغتهم ويبنوا على النقد والتحليل لما يقال من ناحية المعنى والصورة وايضاً جمال البيان، سيدي الكريم اعود مرة اخرى للسؤال الذي سألتك به، أين كان اللغويون والنجاة من هذا التأثر بالتنزيل العزيز.
على كل حال انا استبقتكم وتأكدت من كلامي اذن يريق دمنا هذا هو الاصح بتأييد من الاستاذ الجزائري اذن ليس دمٌنا بل دمنا الا ان تكون بعده اداة، على كل حال دعوني اذهب الى احد الاخوة، الاخ رحيم حسيني من طهران واهلاً بالحسينية جميعاً في هذا البرنامج، اخ رحيم سلام عليكم يا اهلاً وسهلاً.
الحسيني: سلام عليكم تحية لك ولضيفك السيد الجزائري.
المحاور: يا هلا يا هلا.
الحسيني: لدي ابيات من الشعر وقد نسيت شاعرها لعل ضيفك يعرف اسم الشاعر.
الجزائري: لا والله لست منهم ولا اصيب.
الحسيني:
لغة القرآن هذه لاتلمني في هواها
لست وحدي افتديها كلنا اليوم فداها
نزلت في كل نفس وتمشت في دماها
من قائل هذه الابيات رجاءاً؟
والله في خاطري انه يعقوب صروف وهو صحيفي ولا اقول صحفي، وهو صحيفي لبناني عاش حياته في مصر ومات فيها وقد كان معززاً مكرماً في تلك الارض التي ما زالت تكرم اهل الادب واهل الثقافة.
المحاور: انت تفسر الكلام كثيراً سيدي الكريم، كان بودي ان اسألك ما معنى كلمة التفسير؟ هل هو من سفر ام هو من فسر على كل حال يسبقنا الوقت، معي ايضاً ضيف عزيز من السعودية واهلاً بأهل السعودية، مرحباً بالاخ فاضل المغسل.
المغسل: سلام عليكم ايها الاخوة الاحبة وابارك لكم شعبان ورمضان واقول لكم كل عام وانتم بخير ان شاء الله.
المحاور: ابشر مبروك اليك ايضاً ولأهل السعودية جميعاً.
المغسل: واخص بالذكر المقدم العزيز والاستاذ الجزائري، سلام عليكم.
الجزائري: عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته وخصك الله بكل سعادة وكرامة.
المغسل: يا الله يا الله، بودي ايها الاحبة ان اسأل سؤال ولكن بودي ان اذكر هذه القصة الطريفة جداً قبل السؤال اخوتي الاعزاء هل تسمحوا لي ان شاء الله؟
المحاور: تفضل ان شاء الله نحن معك.
المغسل: ورد انه يوجد احد الزنادقة الذين عاشوا زمن الامام الصادق (عليه السلام) وهو ابو شاكر الديحاني، سأل احد اصحاب الامام الصادق (عليه السلام) اظنه ابو جعفر المكنى بمؤمن الطاق، قال له هل يرد على الشخص لحكيم مثل التكرار فكأنما يشير بذلك الى سورة الكافرون فأعياه هذا الجواب فذهب الى المدينة ولم يرد على ابو شاكر الزيقاني فرآى الامام الصادق (عليه السلام) وسأله هذا السؤال فأجابه الامام كان سبب نزولها وتكرارها ان قريش قالت لرسول الله تعبد آلهتنا سنة ونعبد الهك سنة وتعبد آلهتنا سنة ونعبد الهك سنة اجابهم بمثل ما قالوا وذهب بهذا الجواب الى ابو شاكر الديقاني فلقيه وقال له ما قاله الامام فقال ابو شاكر الديقاني هذا ما حمله الابل من الحجاز يعني الجواب ليس مني وانما جواب اهل القرآن وهم محمد وآل محمد، هذه احببت ان تكون تثري البرنامج، سؤالي الاخوة الاعزة مقدم البرنامج والسيد الجزائري، لماذا كان المتكلمون من انشط الناس اقبالاً على القرآن الكريم وادق في توطيد قواعد الادب التي مازالت غير ظاهرة للكثير من الناس مع مراعاتهم في ارض، شاكراً ومقدراً واقول لكم كل عام وانتم بخير.
المحاور: نشكرك الشكر الجزيل سيدي الكريم والحقيقة ليس هذا هو مجاملة كان بودي ان اقبل جبينك على ما تفضلت به قبل السؤال، دعني اذهب ونستسقي الامر من الاستاذ الجزائري وهو اليوم بين يدينا ولا نعلم ماذا نفعل به، تفضل استاذ جزائري.
الجزائري: يفعل الامير بالفقير ما يشاء.
المحاور: هذه ايضاً مؤامرة تفضل.
الجزائري: اكرمك الله، يا سيدي العزيز هؤلاء المتكلمون انما كانوا انشط الناس، انشط العلماء اقبالاً على التنزيل العزيز، على القرآن العظيم وادقهم ايضاً في توقيت قواعد النقد الادبي التي قال الاخ الاستاذ فاضل المغسل ما زالت غير ظاهرة لكثير منا مع براعة هؤلاء مع عرضا عرضاً جيداً حسناً جميلاً، سبب ذلك عنايتهم بتعليل الاعجاز القرآني وبتفسيره بلاغياَ، اولئك رأوا القرآن الكريم مغاراً عليه، معتداً عليه وارادوا ان يذبوا عنه ومن حقهم ان يذودوا عن كتابهم، عن نور اعينهم وقلوبهم فلماذا لايفكرون بألف وسيلة ووسيلة.
المحاور: يعني ذادت العرب عن اصنامها فكيف لا يذودون عن كتاب الله.
الجزائري: وهو الجمال والكمال والجلال وكل شيء في هذا الوجود اذن هذا هو السبب الاول، الثاني اعتدالهم في النظر يعني المتكلمون كانوا يفكرون ويسعون ان يكونوا منطقيين غاية المنطق يعني ان لا يفرطوا ولا يفرطوا لذلك هم كانوا قد التفتوا الى ان لا يكونوا جامدين مثل اخوانهم وعصرييهم اللغويين ولا يكونوا منطلقين انطلاق المجددين الذين نسوا انفسهم وساروا في كل واد مظلم، اقبلوا على معارف الاجانب وانتفعوا بالجيد منها والتفتوا الى رائق ما ورثوا من ثقافة العرب وادبها فأخذوا به وساروا ذلك السير الحسن لذلك كانوا اشد الناس اقبالاً على القرأن الكريم عرضاً لقواعد الادب كما استقوها من هذا النور.
المحاور: استاذ جزائري انت تحدثت عن الاجانب وطبعاً كان بودي ان اذهب الى المنفلوطي واذهب الى الطهطاوي ولكن نأتي الى النثر وتأثرهم بالخارج ولكن سيدي الكريم اذكر نذهب الى الخارج قليلاً لكي نستريح، عمانوئيل كانت في العالم الفيزيائي يقول لا يمكن تطبيقها على الحقائق المتعالية، يقول نحن حين نستعمل لغة غير مرتبطة مباشرة بالتجارب الحسية نكون قد تعاملنا مع افكار تخمينية ولا يمكن اعتبارها معرفة عقلية يعني كان بودي ان اسأل هل يعني ذلك ان اللغة المتداولة بيننا وظيفتها بالكامل لو صح التعبير حين نستعملها للتعبير عن تجاربنا وتصوراتنا الحسية والاجتماعية كأن نتكلم عن الله وعن تجربة الاتصال به وحالة الاختبار الذاتي له، كان بودي ان استسقي رأيك بهذا ولكن مرة اخرى ضيف عزيز اتصل بنا واعتقد هذه المرة ضيفنا الكريم من لبنان العزيزة، ابو صادق معنا من لبنان، سلام عليكم اهلاً بك.
ابو صادق: حفظكم الله ورعاكم وافادنا منكم ومن جميع المؤمنين، استاذ بشير اغبط هذه الاذاعة على وجودك بين كوادرها، يشع الفرح في نفوسنا عندما نستمع اليك، الى هذا الصوت الحنون.
المحاور: سيدي الكريم يعني انت اعطيت الملكية الكاملة لقتلي.
ابو صادق: عندي سؤال وارجوا ان يتسع صدر الاستاذ بشير له.
الجزائري: بين يديك يا سيدي.
ابو صادق: تسلم، ما مدى استفادة المنظوم من الشعر والمنثور، ما مدى استفادته من ازدهار الفلسفة في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري يعني كلنا يعلم انتشار الفلسفة والنظم والنثر فما مدى استفادة المنظوم والمنثور من الفلسفة؟
المحاور: شكراً ابو صادق، تفضل استاذ جزائري.
الجزائري: الاخ الذي ذكرتنا بالارض التي احبها والتي كان لها فضل علينا ايام زمان من النبطية التحتة الى الشرقية والميرية والى كل تلك النقاط حتى الطيبة، سيدي الكريم اعتقد ان النظم كان قد استفاد فائدتين انه انقسم قسمين فجماعة اخذت بالفلسفة والكلام والمنطق وراحت تنظم على وقف ذلك، على وفق هذه الثقافة التي وردت على الحضارة العربية وطليعتها وسيدها ابو تمام ومن قول في ابي تمام سوى انه حكيم الشعراء والجهة الثانية هي جهة المحافظين الذين اخذوا بالاصيل والجميل من كلام العرب وبقوا عليه ولم يتغيروا، لم يتبدلوا وكان منهم الطائي الاخر، ذاك طائي وهذا طائي ولذلك يقولون الطائيان اذن اذا سمعت هذه الكلمة اي قال الطائيان او اجتمع الطائيان عرفت انهم اباة ما وانهم ابو تمام والبحتري، البحتري هو من الذين حافظوا وابو تمام من الذين تقدموا واخذوا بالفلسفة والكلام والمنطق وكان يسمى حكيم الشعراء وهذا يسمى شاعر الادباء والشعراء.
المحاور: بودي ان اعقب عليك ولكن هذه المرة لا اعقب وادعه الى ما بعد ان استقبل ضيفي العزيز الاخ محمد سالم من سلطنة عمان العزيزة والتي تحدث عنها الاستاذ الجزائري في بداية هذا البرنامج، اخ محمد حياك الله.
محمد: كنتم قبل اسابيع عزمتم على مأدبة واليوم انا اعزمكم على مأدبة في عمان.
المحاور: بسم الله اذا حصلت لنا على تأشيرة نعم تفضل.
الجزائري: مأدبتك عامرة ان شاء الله.
محمد: تشرفونا ان شاء الله، سؤالي هل يعد البلاغي الكبير عبد القاهر الجرجاني ناقداً ادبياً وليس له من اثر في النقد مثلما له في البلاغة والنحو، روائع ما زالت تأخذ بألباب القارئين كأنها كتبت اليوم بيد جماعة لابيد واحد لكل منا؟ هل سؤالي واضح؟
المحاور: واضح جداً شكراً لك اذن سؤالك عن عبد القاهر الجرجاني وهو ليس له من اثر في النقد مثلما له في البلاغة والنحو وروائع انت تحدثت، كتب وكأن جماعة كتبوا وليس شخص واحد مثل عبد القاهر الجرجاني رغم انني اعتقد ان عبد القاهر هو الجماعة، يقول السموئل تعيرنا ان قليل عديدنا فقلت ان الكرام قليل وعبد القاهر لا يستثنى من هذا، تفضل سيدي الكريم.
الجزائري: لقد اجبت يا سيدي، سأل الاخ سؤالاً واضحاً وضوح ادبه وكرمه وقد اجبته ايضاً جواباً كاملاً وجزيت الف خير، حقيقة من نظر في كتابي عبد القاهر الجرجاني البلاغيين وجد انه الناقد الحقيقي، صحيح ان كتابيه كانا بلاغيين لكن في حقيقتهما كانا كتابين نقديين غاية النقد اذ انه عرف حقائق النص الادبي ولم يكن كسائر البلاغيين الذين كانوا معنيين بالحرف والكلمة والجملة، اذا زاد زودهم او زيدهم كانوا قد بلغوا جملتين وثلاثاُ واربع اما عبد القاهر فقد كان ينظر في النص بأكمله، يأخذ نصاً ويحلل ذلك النص او يفسره كما يقولون، كان يدللك على الجمال والكمال والجلال الذي فيه بل يجعله يتشعشع بين عينيك ويأخذ بيديك اليه، يجذبك جذباً وانت سبحان الله ازاء كتاب صغير بين يديك ربما كانت طبعته جيدة او غير جيدة لكن لأن المعنى جميل لأن البحث اصيل لأن عبد القاهر كان قد جمع ثقافة المتقدين عليه كلهم واعطاها في صورى كتابين صغيرين هم اسرار البلاغة ودلائل الاعجاز.
المحاور: يعني استاذي الكريم علقنا في التليد وتركنا الطارف وبقي الطارف يتيماً لا احد يشير اليه، أليس كذلك والوقت تداركنا ايضاً.
الجزائري: ان شاء الله سنجعل له مروراً.
المحاور: اذن هذا عهد من الاستاذ الجزائري لنا اننا سوف نتطرق في البرنامج القادم حول النقد الجمالي امس واليوم، هذا هو محور حديثنا الاسبوع القادم ان شاء الله.
*******