المحاورة: نحمده وبه نستعين ونصلي ونسلم على حبيبه الصادق الامين محمد وآله الطيبين هداة العالمين.
اهلاً ومرحباً بكم في رحاب منتداكم الطارف والتليد المعتز بحضوركم متحدثين اليه ومستمعين ولاسيما فيما يعنينا في الصميم وهو اثر القرآن الكريم في النقد الادبي.
ايها الكرام كما تعلمون لقد مر الطارف والتليد بألوان النقد الادبي ومذاهبه وانواعه عند العرب والغرب وانتهى بنا الى اثر القرآن في تطور النقد الادبي وها نحن في هذا اللقاء سنتناول هذا الموضوع الطريف وكذلك يطيب لنا ان نلج ساحته الواسعة الزاهية بموضوع القرآن الكريم واشذاءه وانداءه وكل جميل نستمتع به بصحبة الاستاذ بشير الجزائري ان شاء الله وان شاء الله نحن نسير بأداء الكلمات وهذه المقدمة على سير الاستاذ الجزائري ونرجو ان نوفق الى رضى الباري سبحانه وتعالى ونيل رضاكم.
المحاورة: اهلاً ومرحباً بكم ودعونا نستثمر اللقاء مع الاستاذ الجزائري في السؤال الاول انه ما الذي نقل النقد الادبي في العربية من الجوهر الى المظهر؟
الجزائري: شكراً جزيلاً لك، النقد العربي قائم اصلاً على الجملة والعبارة، على البيت لا على القصيدة اذا كانت قصيدة وهذا ما جعل القادة العرب يؤمنون ايماناً قاطعاً بأن كل معنى انما هو محصور في العبارة التي يريد فيها فالبيت اذا تعلق معناه بالبيت اللاحق له كان مرفوضاً عندهم غير محبوب ولا مألوف، يحبون ان تتكور المعاني في العبارات والابيات الخاصة بها حتى تسهل قضية حفظها على ذلك الذي يود حفظها، على كل حال اذن هم يؤمنون بالجزئية لا بالكلية بينما النقد الحديث بل النقد العربي عندما تطور كان قد اخذ بالايمان المطلق بالقصيدة تامة كاملة او بالمقطع النثري بكل ما فيه من مقاصد، هذه الروح حينما واجهت الحضارة التي تعقدت في العصر العباسي بعبور الثقافات المختلفة من شرق وغرب يعني من اليونان ومن الهند ومن الفرس كانت هذه الثقافات قد عبرت بمعانيها ايضاً ربما كان اليونانيون اكثر الشعوب تأثيراً بالعرب في مقاصدهم البلاغية والنقدية لأنهم اولوا هذين الفنين العريقين اي البلاغة والنقد بينما الفرس لم يكن لهم مثل هذا، كان لهم آثار شبه ادبية لكنها لاترقى الى هذه المعاني التي نحن بصددها، الهنود ايضاً كان لهم ثقافة نقدية وبلاغية في تراثهم الديني عبرت الى العرب في عز سيطرتهم على العالم فأثرت تأثيراً بليغاً في نفوسهم وجعلت هؤلاء يفكرون كثيراً في الكلمة اكثر من تفكيرهم في الجملة وفي الجملة اكثر من تفكيرهم في المقطع النقدي او الشعري فجعلتهم عندئذ ينتقلون من ذلك المعنى العميق والواسع جداً الى ان يكونوا محصورين بمظهره لا بجوهره.
المحاورة: نعم اذن اذا ما تقدم استاذ جزائري والذي نفهمه ان هناك عدة سبل كان في نقل النقد الادبي من الجوهر الى المظهر؟
الجزائري: نعم هو بطبيعة الحال كل انسان له ذوقه وله عقله فلابد ان يختلف النقد والبلاغة من واحد الى آخر.
المحاورة: اذن ما زلنا معكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران ومع الطارف والتليد ومع اثر القرآن في تطور النقد الادبي ومع الاستاذ بشير الجزائري وبعد ان عرفنا على ما الذي نقل النقد الادبي في العربية من الجوهر الى المظهر، نأتي الى سؤال ثاني في لقاءنا نطرحه عليك استاذ جزائري يعني متى انقسم النقد على الشعر والنثر؟
الجزائري: في حقيقة الامر انقسم النقد في القرن الثالث الهجري، في اواخر القرن الثالث الهجري واوائل القرن الرابع الهجري ومضى على هذه الحال منقسماً بين النقد النثري والنقد الشعري وكان لكل طرف من هذين الطرفين انصاره ومؤيدوه، في الشعر كان هناك قدامة بن جعفر وهو رجل فيلسوف ومنطقي بارع ومطلع على الثقافة اليونانية وقد تأثر بها تأثراً كبيراً وجاءت نقداته البارعة اللطيفة في الشعر متأثرة بالثقافة التي كانت قد عبرت اليه من ارسطو، كتاب ارسطو الذي ترجم الى العربية، ترجم من السريانية الى العربية في رواية من الروايات وفي رواية انه ترجم ترجمة عربية مباشرة وكان قد استفاد منها هذا الرجل قابله شيعي عظيم جداً كان مجهولاً الى سنة 1932 هذا الرجل شيعي فذ في كل ثقافته اسمه اسحق بن ابراهيم بن سليمان بن وهب قابله بكتاب كان معروفاً عند الناس بنقد النثر ولم يكن هو نقد النثر يعني كان له اسم آخر هو البرهان في وجوه البيان عما في القرآن، هذا الرجل كان قد كتب في النقد النثري وكان من انصار اولئك الذين انتصروا للشعر هو المرزوقي بينما ظل ذلك النقد النثري من غير جماعة ينتصرون اليه لأنه في نظرهم لايحتاج الى من يقوم بتأييده وتسديده وترشيده لأنه بطبيعة الحال كلام العامة وكلام الخاصة يشترك فيه من هو ذو كفاية ومن هو غير ذي كفاية وهذه طبعاً ثلمة من الثلمات لأن الحقيقة القرآن الكريم كان نثراً وكان غاية الرفعة في هذا النثر والحديث الشريف كان ايضاً نثراً وهو ايضاً اقصى ما جاء على لسان البشر وبعده كلام الائمة سلام الله عليهم كما هو معروف لدينا.
المحاورة: نعم استاذ جزائري لو تسمح لنا ولعله سؤال يتبار الى اذهان ونحن جدد في برنامجك هذا يعني هل كان النقد على الشعر الموجود في تلك الفترة وعلى النثر الموجود ام ان النقد يكون بأبيات شعرية او نثرية؟
الجزائري: هو في الحقيقة حينما يتكلمون لا يريدون ان يقصدوا شاعراً معيناً في زمنهم او قبل زمنهم او من يأتي بعدهم انما يريدون ان يكون ذلك قاعدة واساساً وضابطاً لكل ما بين ايديهم من شعر ونثر يعني كيف نقوم هذا الشعر فنقول هذا جيد او هذا غير جيد وهذا رفيع وهذا غير رفيع، انهم باحثون عن قواعد ثابتة راسخة شامخة يودون ان تكون لزمانهم وما يأتي بعده.
المحاورة: اهلاً ومرحباً بكم، نعم تعرفتم على جسور تواصلكم مع هذا البرنامج والحديث الدائر عن اثر القرآن الكريم في تطور النقد الادبي، نأتي الى نقطة او سؤال آخر استاذ جزائري، بما اختلف الباقلاني ابوبكر محمد بن الطيب عن البلاغيين في النظر الى القرآن الكريم؟
الجزائري: البلاغيون كانوا يحصرون قولهم سلام الله عليهم في الجملة والكلمة وفي مقطع يسير جداً او في مدلول شعري بينما الباقلاني جاء فنظر الى النص الذي بين يديه كاملاً اذا كان منظوماً او منثوراً، اذا كان فيه هزء او قلة ادب او سمو او معرفة للنفس لأن معرفة النفس هي في الحقيقة من اهم ما يفرض رب العالمين على عبده ومن اهم ما يفرض الانسان على نفسه حتى يكون سمياً ويكون جديراً بالمهمة المسندة اليه في ساعة عمل جاد، هذا الرجل كان جاداً في نظرته الى القرآن الكريم اخذه على انه كتاب كريم منزل من السماء وكل معانيه متصل بعضها ببعض وكل دقائقه موصولة بحقائق لا تنفرد واحدة من واحدة وعلى ذلك الناظر فيه ان يتعلم ان النور لا يمكن ان يستضاء به الا عند اولئك الذين يفتحون عيونهم ساعة يجب عليهم ان يفتحوا عيونهم.
المحاورة: استاذ جزائري لو تسمح لنا معنا احدى العزيزات حنان من العراق، سلام عليكم.
حنان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، احب ان اهنئكم بميلاد صاحب العصر والزمان الامام الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف
المحاورة: حنان صوتك ضعيف لو ترفعي صوتك قليلاً.
حنان: احب ان اقدم تحياتي وسلامي الى المعلم الاستاذ القدوة والاب الفاضل بشير الجزائري ضيف البرنامج وانا اتشرف بالحديث معه واحب ان اطرح على حضرته هذا السؤال.
المحاورة: نعم تفضلي.
حنان: من وضع النكت اعجاز القرآن وما هو هذا الاثر؟
المحاورة: نعم شكراً على هذا السؤال الذي سيوجه الى الاستاذ الجزائري وان شاء الله تحصلين على الاجابة كاملة.
الجزائري: لو تسمحي اسمع السؤال كاملاً.
المحاورة: كان السؤال من وضع النكت في اعجاز القرآن وما هو هذا الاثر؟
الجزائري: اكرمك الله واضع النكت هو رجل معتزلي اسمه علي بن عيسى الرماني كان قد توفي سنة 386 وهو بارع التصنيف في التفسير واللغة وكل شيء كان في زمانه كان من ابرز علماء الكلام وكان من ابرز الذين فسروا كتاب سيبويه في النحو وبقي اثره مقدماً حتى على شرح ابي علي الفارسي الذي هو عمدة النحويين في زمانه بل كان يسمى سيبويه زمانه لأنه كان اوثق نحوي واكبر من نظر في كتاب سيبويه لكن كتاب علي بن عيسى الرماني في شرح كتاب سيبويه كان ارقى منه من حيث السهولة ومن حيث التبيين ومن حيث العمق والسعة، هذا الرجل هو قد وضع كتاب النكت في اعجاز القرآن الكريم جواباً عن سؤال سأله احدهم عن نكت في القرآن الكريم ولذلك سماه هذه التسمية النكت في اعجاز القرآن.
المحاورة: نعم ان شاء الله حنان عثرت على الاجابة وكل الاحبة في كل مكان وحديثنا حول اثر القرآن في تطور النقد الادبي، استاذ جزائري وصلنا الى هذا السؤال يعني انه ما تأثير ابن قتيبة في ابي هلال العسكري صاحب كتاب الصناعتين؟
الجزائري: الواقع ابو هلال العسكري كان قد اعتمد اعتماداً كبيراً جداً على ابن قتيبة في كتابه تأويل مشكل الحديث وقد نقل هذه المعاني التي استقاها من كتاب التأويل صريحة ونسبها الى صاحبها وفي مواقع كثيرة جداً جداً كان قد نقلها بمعناها ولم ينقلها بلفظها ولم ينسبها ايضاً الى صاحبها وهذا هو طبع كثير من المؤلفين في كل زمان ومكان حتى في زماننا هذا فكثير من الناس يسطون على حقوق الاخرين ولا ينسبونها اليهم ظناً منهم انهم كبروا بذلك بينما هم قد صغروا انفسهم وحقروها ولو التفتوا لهذا المعنى لما فعلوا ما فعل هذا الرجل وسواه من الذين يأخذون حق غيرهم دون نسبة اليهم.
المحاورة: هناك اتصال هاتفي لو تسمح لنا استاذ جزائري قبل ان اطرح عليك سؤالي.
الجزائري: حيى الله المتصل الكريم.
المحاورة: نعم السلام عليكم ورحمة الله الاخ عبد النبي علي من البحرين.
علي: سلام عليكم وتحياتي لك وللاستاذ الكبير بشير الجزائري حفظه الله.
عندي سؤال، المعاني هو البيان وكذلك لدي سؤال متى ظهر اسحق بن ابراهيم ولماذا نسب كتابه الى عقربة بن جعفر ولكم جزيل الشكر ومباركين بهذه الايام المباركة.
المحاورة: شكراً على هذا الاتصال الهاتفي، الاخ الكريم عبد النبي علي من البحرين ان شاء الله تكون هناك اجابة وافية لكن على ما نعلم ان كتاب قدامة بن جعفر كان؟ يعني على نتيجة ما نلاحظه على مائدة الاستاذ الجزائري!
الجزائري: اكرمك الله انت دائمة وكريمة، الحقيقة الكتاب نسب لقدامة بن جعفر لسبب ميسور من غير مد لسان بالباطل.
المحاورة: جواب السؤال الاول استاذ جزائري؟
الجزائري: لا الان اود ان اجيب على السؤال الذي ركزت السؤال عنه انت.
المحاورة: طيب كما تحب.
الجزائري: الرجل كان له كتاب اسمه نقد الشعر ونقد الشعر كان قد اثر في الناس في زمانه وبعد زمانه فحين جاء الذين نظروا في التاريخ، تاريخ الادب او تاريخ الثقافة العربية مطلقاً تصوراً ان هذا الكتاب الذي يتناول نقد النثر انما هو لذلك الرجل البارع المنطقي والفيلسوف قدامة بن جعفر، على كل حال لهذا السبب نسب كتاب نقد النثر اليه وحتى هذه التسمية التي هي نقد النثر ليست تسمية صحيحة فالاسم الحقيقي هو البرهان عن وجوه البيان في القرآن وكان قد نظر في النحو وفي اللغة وفي البلاغة مثلما نظر في النقد فكان الكتاب مستوعباً لكل فنون اللغة العربية بأجمعها.
المحاورة: هذا عنوان جميل في الحقيقة استاذ جزائري.
الجزائري: البرهان عن وجوه البيان في القرآن وربما كان اذا سمحت لي، ربما كان الكتاب الوحيد الذي حمل هذا الاسم مشيراً الى القرآن الكريم بمعناه الحقيقي يعني بما فيه من بيان واذا بقي لنا ان نجيب على السؤال الاول.
المحاورة: نعم نجيب على السؤال الاول لعبد النبي علي لكي يعثر على الاجابة التي تكون بخصوص ما هي نظرية المعاني، نظرية البيان ولمن هما؟
الجزائري: نعم نظرية البيان ونظرية المعاني نظريتان جاء بهما البلاغي الشهير جداً عبد القاهر الجرجاني رحمه الله وهو اعظم بلاغي كان في زمانه ولم تكن النظريتان نظريتين وانكما استقاهما من الذين سبقوه من كل البلاغيين الذين مروا حتى من علي بن عيسى الرماني، من ابي بكر الباقلاني، من الجاحظ ومن كل هؤلاء الذين كانوا في البلاغة، قد استقى تلك المعاني منهم ولكنه حررها تحريراً جميلاً ووضعها وضعاً دقيقاً بحيث نسبت اليه وصار مفروضاً على كل الذين عرفوه بالنقد والادب ان ينسبوها اليه وهو بذلك جدير وليته ايضاً تلافى ذلك الوصف الذي كنا قد مررنا به وقلنا ما نأسف عليه ان يكون مؤلفون كثيرون في الدنيا في كل زمان ومكان يسطون على حقوق الاخرين وينسبونها الى انفسهم او يسكتون عليها وهذا ظلم كبير جداً والظلم اعظم من الكفر، على كل حال اذن هاتان النظريتان نظرية المعاني ونظرية البيان هما نظريتا عبد القاهر الجرجاني بالسبة بتحريرهما ونظرية المعاني كانت قد ذكرها في كتابه دلائل الاعجاز ونظرية البيان وردت في اسرار البلاغة.
المحاورة: طيب ان شاء عبد النبي علي عثرت على الاجابة نتواصل معكم الاحبة ومع الاجابات الادبية التي تكون للاستاذ الجزائري على اسئلة مستمعينا الكرام، ايضاً معنا الان من تونس المستمع الكريم رشيد تفضل سلام عليكم.
رشيد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته احييك واحيي الاستاذ بشير الجزائري وكافة المستمعين.
المحاورة: تفضل.
الجزائري: يبدو انه غاب عنا؟
رشيد: القرآن الكريم هو حق لتطور المعاني والدلالات وقد استقرأ الباحثون هذا التطور وجعلوه يتركز على نقاط رئيسية هي دلالة ونقل الدلالة انا اعطي مثالاً واحداً من خلال لفظ صريح في القرآن الكريم، الله عزوجل يقول:
«فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ» اصلح التسريح اطلق العنان للمواشي وهو امر محسوس مدرك واما يستعار للدلالة على طلق المرأة فيه علاقة مشابهة بين الامرين، اود ان احصل على الاجابة على السؤال الاتي في اي شيء استفاد الاشاعرة من المعتزلة في فهم القرآن الكريم؟ وشكراً لكم والسلام عليكم.
المحاورة: تحية لك طيبة وشكراً على اتصالك الهاتفي وعلى هذا السؤال ان شاء الله تجيب عليه اجابة وافية استاذ جزائري، يعني عن اي شيء استفاد الاشاعرة من المعتزلة في فهم القرآن الكريم؟
الجزائري: رحم الله والديك ووالدي الاخ الكريم رشيد الذي احبه واكرمه كل الاكرام، الحقيقة المعتزلة كانوا سباقين في النظر الى القرآن الكريم نظراً دقيقاً ونظراً حكيماً ربما عثروا عثرات في فهمهم وفي نظرهم وسبحان الله من من الناس من لا يعثر، من من الناس من لا يخطئ، كل الناس يعثرون ويخطئون ونحن نسأل الله سبحانه وتعالى ان لا يكون خطأنا عن عمد وان لا نتقصد ذلك الخطأ او تلك العثرة ولا سيما في كتاب الله العزيز ولا سيما في الشريعة المقدسة التي هي نور للناس وينبغي لنا ان يكون مدنا بهذا النور للناس سخياً وصفياً وزكياً على كل حال ما استفادوه منهم هو ان هؤلاء كانوا اي المعتزلة كانوا قد نظروا الى اسلوب القرآن الكريم الى انه معنى محكم مترابط وثيق الدلالة، دلالته غير منفصل اولها عن آخرها او عن وسطها، كل ما فيه هو نهر جاري وعذب زلال بينما اولئك كانوا قد نظروا في الحقيقة في المعاني الجزئية فساعدة التفتوا الى هذه المقاصد التي تبينت لهم في البدأ عند الجاحظ اخذوها ولم يذكروها ايضاً له وهذه ايضاً من الاعاجيب، اعاجيب الزمان كثيرة: ما عشت اراك الدهر عجباً، اعتقد اني اجبت الاخ رشيداً وانا متمني له كل خير.
المحاورة: شكراً لمستمعينا الاحبة الذين تواصلوا معنا وان كان يعني الحديث ادبياً وخاصة مع الاستاذ الجزائري بحتاً واتمنى ان اكون وصلنا في سطحي معك استاذ الجزائري في اللغة واداءها.
الجزائري: انا شاكر لك هذا اللطف واتمنى ان اكون قد قدمت للمستمعين بين يديك شيئاً.
المحاورة: حياك الله نحن دائماً نخشى كل المذيعين في ان نكون معك استاذ الجزائري لكي لا يكون هناك لنا خطأ في اللغة العربية.
الجزائري: والله ما تلقانا السقط على من نحب.
المحاورة: حياك الله، طيب نأتي الى هذا السؤال وقبل ان يدركنا الوقت انه ما اثر القرآن الكريم نفسه في نقد ابي هلال العسكري رحمه الله؟
الجزائري: رحم الله ابا هلال كان اكثر البلاغيين والنقديين اقبالاً على القرآن الكريم وفهمه فهماً صحيحاً واكثر من استشهاده بالقرآن الكريم ففي كتابه الصناعتين اي النثر والشعر كان قد نقل كثيراً من الايات مستشهداً بها حتى انه في باب الايجاز الذي هو ايجاز الحذف وكان قد اعتنى به عناية فائقة جداً ولم يلتفت الى ايجاز القصر في القرآن الكريم وهذان معنيان بلاغيان ليس بين يدينا وقت لتفصيلهما، كان قد ذكر اربعاً وعشرين آية يستشهد بها على ايجاز الحذف وهذا نادر بين البلاغيين كلهم ممن سبقوه وممن لحقوه فأبو هلال اذن كان رجلاً قرآنياً مثلما كان اديباً وكان بليغاً وكان شاعراً وكان متعدد الخير ومتعدد الثراء.
المحاورة: طيب نملك من الوقت دقائق في ان نوجه اليك هذا السؤال استاذ جزائري، انه لم انكفأ البحث البلاغي والنقدي القرآني في النقد الادبي ايضاً بعد الزمخشري رحمه الله؟
الجزائري: هي نعم الله سبحانه وتعالى تنشأ بدءاً فتنضر وتورق وتثمر ثم بعد ذلك لابد لها ان تنطوي شيئاً فشيئاً فتذبل ثم تجمد وقد تموت وتندثر وتندثر نهائياً، العقل المسلم كان قد بلغ اوجه في زمن عبد القاهر الجرجاني وزمن الزمخشري رحمهما الله اما بعدهما فكان قد جف ولذلك اخذ البلاغيون الذين جاءوا بعدهم او النقاد يأتون الى الشروح فيكتبون شروحاً على كتابي الجرجاني اسرار البلاغة ودلائل الاعجاز او يأتون الى تفحص كتاب الكشاف، كشاف الزمخشري في القرآن الكريم وهذا يدل على انه لم تكن هناك ملكة بلاغية او نقدية فاعلة تأتي بجديد فأنكفأت تكتب شرحاً وبعد كتابة الشرح يأتون فيكتبون تلخيصاً لذلك الشرح ثم تلخيصاً لذلك التلخيص وهكذا حتى جفت البلاغة وجف النقد واصبح العرب بلا نقد ولا بلاغة جديدين ولك الشكر.
المحاورة: نعم انا قلت ان لدينا حديث لأنا وددنا ان نتعرف على لقاءنا في الاسبوع القادم وحوارنا حول ماذا سيدور ومعد البرنامج الاستاذ الجزائري قال انه سيزال الحديث حول اثر القرآن الكريم في تطور النقد الادبي.
الجزائري: اللطف لصاحبه، اللطف لك ليس لي هو اثر القرآن الكريم في تطور النقد الادبي.
المحاورة: اذن نتيجة نستخلص بها خلال دقيقة نمنحها لك انا والاستاذ كاظم استاذ جزائري يعني من كل ماتقدم من الاسئلة كيف تجد اثر القرآن في تطور النقد الادبي؟
الجزائري: والله انا الان يحضرني كلمة كنت قد قلتها في الطارف والتليد الماضي في شأن الامام زين العابدين (عليه السلام)، قلت انه كان خير ناقد في زمانه، كان قد نقد الحياة بأجمعها من اولها الى اخرها ودل الناس على حقائق هذا الدين كلها ودقائقه ولكن لم يكن له من كتاب في ذلك، لم يكن له كتاب نقدي، لم يكن له كتاب بلاغي وانما كان له كتاب في الدعاء هذا الذي نسميه الصحيفة السجادية فمن التفت الى النقد عرف الاشياء كلها، من التفت الى النقد الصحيح علم نفسه القول الصحيح والسمع الصحيح وانتم سالمون غانمون.
المحاورة: شكراً جزيلاً استاذ الجزائري سررنا ان كنا معكم الذين تواصلوا في لقاء اليوم في الطارف والتليد حول اثر القرآن الكريم في تطور النقد الادبي، ان شاء الله مشاركات فعالة اخرى نلتقيها منكم ايها الكرام في كل مكان وهذا اللقاء مع استاذنا الجزائري، تحية لك طيبة استاذ.
الجزائري: حياك الله وشكرنا الجزيل لك.
*******