نحمد وعليه نتوكل وبه نستعين سلام عليكم واهلاً بكم في رحاب الطارف والتليد وهي مضاءة لكم بالبيان الساطع عن كتابة السيرة الادبية.
وها انا مها شاكر اعتز بتقديم هذا البيان الساطع لكم يساعدني في هذا التنوير زملائي الكرام البارعين في تكليف اداءهم مشكورين كل الشكر وهم مهندس الصوت الياس حسين ابادي مسؤول الوصل الهاتفي احمد الموسوي المخرج كاظم الصادق وكمال سرورنا ان نكون معاً حتى السابعة بتوقيت الجمهورية الاسلامية في ايران.
اما هاتف المشاركة المفتوح لكم هو 22013768 والهاتف الآخر 22013848 ويسعدني الان ان اسير بكم في اضواء ما نحن بصدده من فن السيرة عامة والسيرة الادبية خاصة وهذا موضوع في غاية الطرافة وجدير بمحاورات على قدره من الاتسام بالروعة والحيوية واول ما نصبوا اليه في كاتب السيرة هو ان يكون مصور حقيقة تصويراً لايزيدها ولاينقصها ولايضفي عليها غير لونها الطبيعي.
وقد ظهرت كتب تشبه بطاقات معدة للتأليف من غير ان تسري فيها حياة تجتذب الناظر اليها ومع ذلك قيل عنها انها سيرة ادبية وفوق ذلك سعى جماعة بين النقاد الى ابعاد فن السيرة من النقد الادبي بدعوى وجوب الفصل بين العمل الادبي ومبدعه وقد ادى هذا الفصل الى تجريد الادب من روحه الانساني وعرضه عرض التحف والاعمال اليدوية في حين انه لايمكن عزله عن المتكلم والسامع ولايخفى على صاحب الفطنة الثاقبة ان فن النقد هو غصن من شجرة كبيرة هي دراسة الادب كله لاتفسير النص وحده.
اعتقد ان ماتقدم من كلامي قد وضعنا ازاء منضدة النقاش في السيرة الادبية وآن لنا ان نرحب بالسيد الجزائري، اهلاً بك استاذ.
الجزائري: شكراً لكم الشكر الجزيل ولمن يستمع الينا الان واملنا ان نقدم معاً وانت في غاية الراحة والسرور ان شاء الله، نعم انتم وهم يعني هؤلاء المستمعون الذين نحبهم ونكرمهم ونتمنى ان نكون بينهم بكلمتنا الطيبة وبوجودنا الذي نتمنى ان يروق لحضراتهم فيما يقدم من عطاء وايضاً نشكر لهم سؤالهم الملهم البناء دائماً واضافاتهم المضيئة وهذا الصف الذي نتمنى ان يبقى متوهجاً ان شاء الله بما يضفيه من خير ونماء للمصلحة العامة وللمعرفة العامة التي يجب ان تكون هي الحاكمة في هذا الوجود.
المحاورة: نحن يا استاذ نشكرك ايضاً بحضورك معنا دائماً.
المحاورة: نرحب بالاستاذ الجزائري مرة اخرى ونبدأ بهذا السؤال، استاذ ما هو مفهوم السيرة الادبية القديم؟
الجزائري: يا سيدتي شيء جميل جداً ان نمر بفن طريف في غاية الطرافة يسمع الناس به ولايعرفونه ويتصورون ان كل من كتب ترجمة لنفسه او ترجمة لغيره كان قد كتب سيرة ادبية او احياناً سيرة فنية كما يسمونها والمدلول واحد والدلالة واحدة يعني السيرة الادبية هي السيرة الفنية، مفهومه القديم هو تجميع الاخبار والوثائق والشهادات وسلسلتها سلسلة زمنية تمكن اولئك الذين ينظرون اليها او الذين يكتبونها تمكنهم من تصوير جانب من الحياة اليومية للكاتب الذي يريدون تصوير سيرته يعني الاديب الذي يريدون تصوير سيرته او الشاعر الذي يريدون تصوير سيرته الادبية فيشغلون بما لايمت الى ابداعه بصلة اطلاقاً او يمت اليه بصلة ولكن صلة باردة خامدة لا تنفع في تجلية ذلك الابداع وذلك الاثر الجميل الذي تركه لنا وصرنا نستمتع به ونذكره له ونحفظه عليه والحق هو ان سيرة المبدع او المفكر يجب ان تتناول حياته الابداعية والفكرية.
المحاورة: بما يقترب النقد الادبي من السيرة الادبية؟
الجزائري: بشيء يسير جداً، النقد هو نفسه وعينه في احد مظاهره ترجمة لحياة ذلك المبدع المتناولة وهذه الفكرة هي اساس كتابة السيرة الادبية في العصر الحديث لا السيرة التي كنت اتحدث بها قبيل طرفة عين.
المحاورة: اشكر محاوري الكريم ومستمعي الاعزاء واعود اليهم سريعاً.
المحاورة: نعود اليكم اعزاءنا المستمعين مرة اخرى من اذاعة طهران وارحب بالاستاذ الجزائري وحديثنا مازال حول السيرة الادبية، استاذ بشير لماذا ترى النقد الادبي في احد مظاهره على ما قلت قبل الفاصل ترجمة لحياة المبدع؟
الجزائري: مرة اخرى ادعو لك بكرامة الله سبحانه وتعالى ولكل الاخوة الذين يستمعون الينا الان واني احلم اني الان قريب منهم، اقول جواباً عن سؤالك المتقدم الكريم جداً لأن كاتب السيرة الحديث لايستطيع عند كتابتها ان يتحاشى النظر في الحياة الباطنة لمن يكتب سيرته يعني هو لابد ان ينظر في اعماق ذلك الذي يريد ان يكتب سيرته كتابة فنية ادبية وهي حياته عند ابداعه امراً ما يعني ساعة ينظم قصيدة من القصائد او ساعة يكتب رواية من الروايات او مسرحية من المسرحيات هي هذه التي تعني كاتب السيرة عليه ان ينظر فيها دقيقاً لأنها تدله على نقاط كثيرة من نفس ذلك الذي يكتب سيرته وهي تظهر متنكرة في النص الادبي اذا كان منظوماً او منثوراً، اذا كان ممثلاً او مقروءاً، متشحة بالمفاهيم والتقاليد والاساليب الادبية التي تشيع بين الناس في عصر كاتب السيرة هذا ومن العلماء من نبذوا هذا الامر بدعوى انه اسلوب نفسي يعني هم لايريدون ان ينظروا في حياة ذلك الذي نكتب سيرته يقولون انتم تحللونه نفسياً ونحن لسنا مستعدين ان ننظر في خفايا تلك النفس ومعرفة بلاياها انما نحن مطالبون ان ننظر في شيء اخر سوى هذا الذي تميلون اليه، ولا شك ان قسماً من التحليل النفسي الادبي مبعثه الهوى فلا قيمة له بتضليله غالباً، يقول هؤلاء العلماء الذين يأبون درس خفايا النفس ولكن والله اذا نظرنا نظرة موضوعية منصفة وجدنا هذا لايمنع التأمل النفسي الذي يستند الى حقائق جمعت بعناية نافذة وبصيرة في التمييز بين الاشياء وبين الاشخاص او الا نستطيع اذا استمعنا لمبدع يترجم مشاعره في اشعاره او رواياته ان نعرف جانباً من سريرته يعني ألا يدل القول الجميل على واقع ذلك الانسان، الا يدل القول الذي لانقول عنه جميل على تلك النفسية، وقد قال القصاص الامريكي هنري جيمس وهذا رجل عجيب جداً، انا اتمنى ان يتاح لي الكلام اكثر من هذا لأشير، هنري جيمس هذا كنت قد اشرت يوماً من الايام قال عنه الناقدون اذا اردت ان تقرأ كتاباً في علم النفس فأقرأ رواية من روايات هنري جيمس واذا اردت ان تقرأ قصة من القصص الرائعة فأقرأ كتاباً في علم النفس لأخيه الاكبر ويليام جيمس يعني هذان الرجلان العجيبان ويليام جيمس الاكبر وهنري الاصغر، ويليام عالم نفساني ومؤسس علم النفس في الولايات المتحدة واخوه قصاص عظيم ومسرحي عظيم جداً كل منهما يكتب بأسلوب يخالف واقعه، الاديب يكتب علم نفس وعالم النفس يكتب بأسلوب ادبي رفيع حتى لايكاد المرء يعرف من منهما الذي كان قد بلغ، على كل حال هذا الرجل كان قد قال كلمة حاسمة في هذا الموضوع، نقولها الان، قال قل لي طبيعة الفنان اخبرك عما يحس، قل لي طبيعة الفنان، هل هو حاد المزاج، هل هو بارد الطبع، اخبرك بما يحس وايضاً يمكن لكاتب السيرة الادبية اليوم وهو الذي ينقد الاثر الفني ويحلله تحليلاً جميلاً يمكن له ان يصوغ كلمة هنري جيمس التي استمعت اليها الان بهذه الكلمة، اخبرني بما يحس الفنان اخبرك بطبيعته، اتمنى ان اكون قد اخبرت بطبيعة الفنان بما يحس.
المحاورة: طبعاً وشكراً لك استاذ بشير.
المحاورة: معنا اتصل من تونس الاخ رشيد، الاخ رشيد تفضل اهلاً بك.
رشيد: مرحباً بك احييك كما احيي الاستاذ بشير.
الجزائري: حياك الله.
المحاورة: حياك الله تفضل.
رشيد: شكراً لكم على اختيار هذا الموضوع، الان هو كما ذكر الاستاذ بشير هناك اجناس ادبية كثيرة تقترب من السيرة الذاتية يعني مثل المذكرات واليوميات والرواية، السيرة الذاتية بشكل رواية اثارت تحولاً كثيراً عند ظهورها لأول مرة بما فيها من احداث وهي رواية يتذكرها جيداً الاستاذ بشيرالجزائري، هي رواية الخبز الحافي للاديب المغربي محمد شكري، استاذ بشير هل يجب ان تكون السيرة الذاتية صادقة وصريحة الى درجة ان تصدم القارئ؟ ام يجب توخي الانتقائية فيها؟ وسؤالي الثاني من الاستاذ بشير الجزائري هل تعتبر سيرة طه حسين الايام هي اول سيرة ذاتية متكاملة في الادب الحديث؟ وشكراً لكم والسلام عليكم.
المحاورة: شكراً لك رشيد من تونس، نعم استاذ بشير، السؤال الاول هل يجب ان تكون السيرة الذاتية صادقة وصريحة؟
الجزائري: اكرمك الله واكرم السيد رشيد الباقي ابد الزمان رشيداً لنا ودالاً على خير، حقيقة السيرة الذاتية مهما كانت تبقى بعيدة شيئاً ما عن السيرة الادبية الفنية مهما كان صاحبها من البراعة والوفاء بما يرسمه بنفسه من تقديم صورة حقيقية لأن طبع الانسان يحجبه عن قول الحقائق كلها على نفسه، دائماً الانسان يقول لنفسه لمصلحته كسجل الحساب الذي فيه صفحة له وصفحة عليه، طبيعة هذا الانسان، كل انسان في كل زمان ومكان ان يتحدث بما له ولايتحدث بما عليه يعني يخفي كثيراً مما عليه واذا تحدث به اظهره بالنحو الذي يرتضيه هو حتى لايشوه تلك الحقيقة التي يريد اخفاءها اذن مهما كانت هذه البراعة والمهارة في تقديم السيرة الذاتية تبقى غير مستوفية للحقائق التي تقدمها السيرة الادبية الفنية التي يكتبها كاتب عن كاتب اخر يعني اذا كتب زيد سيرة عبيد كتبها بدقة، كتبها بدقة وامانة اما اذا كتب زيد سيرة نفسه فأنه لايقدمها كاملة وافية كما نتمنى واتمنى ان يكون جوابي هذا قد ارضى اخي وسيدي رشيداً التونسي الحبيب ابن تونس الخضراء.
المحاورة: معنا اتصال اخر من السعودية جمال التاروتي، تفضل جمال.
التاروتي: سلام عليكم ورحمة الله.
المحاورة: وعليك السلام اهلاً بك تفضل.
التاروتي: اسعد الله مساءكم، يسعدني ان اشارك معكم وسؤالي هو ماالفرق بين المؤرخ وكاتب السيرة الادبية؟
المحاورة: نعم شكراً لك جمال التاروتي من السعودية، نعم استاذ يسأل عن الفرق بين المؤرخ وكاتب السيرة الادبية؟
الجزائري: احسنت، انت علوت علي واستميح عذراً ان اصرخ هاتفاً اني معتداً علي، استقبلت السيد جمال التاروتي الذي احبه واشكر له ايضاً مشاركته واحييه تحية طيبة، لم تدعي لي الكلام على بقية سؤال الاخ رشيد فقد كان يسأل ما اذا كانت الايام، رواية الايام لعميد الادب العربي الدكتور طه حسين هي اول رواية او اول سيرة ذاتية في الادب العربي، كذلك هي، اقول هذا وهي ليست كما يصح لهذا المتكلم لا للحقيقة المطلقة كما يصح لي انا ان اقول ليست السيرة الذاتية الكاملة او السيرة الفنية التي كنا نتحدث بها وكذلك القصة التي اشار اليها الاخ قصة الاستاذ المغربي التي عنوانها الخبز الحافي، لم اطلع عليها ولم اقرأها واتمنى ان تبلغ يوماً من الايام وانا في هذه الارض لأقول كلمتي ايضاً على قدري انا لا على قدر كاتبها وعلى قدر المستمعين الذين اكن لهم الاحترام، اعود الى سؤال الاخ.
المحاورة: نعم اخ بشير نعود الى سؤال الاخ جمال هو مالفرق بين المؤرخ وكاتب السيرة الادبية؟
الجزائري: اكرمك الله، هما اصحاب موضوع مختلف، يظهر في الوهلة الاولى انه واحد لكنه مختلف، كل منهم يتكلم بشيء يختلف اختلافاً كبيراً عن الاخر، المؤرخ يجمع الوثائق والشهادات والاخبار ويرتبها بحسب قناعته انها قد استوفت سيرة احد او سيرة قوم او سيرة وطن في عهد من العهود، هذا هو المؤرخ اما كاتب السيرة الادبية او كاتب السيرة الفنية فأنه يأخذ هذه الاخبار وقد يقدم فيها ويؤخر ولايهمه تقديمها وتأخيرها كثيراً انما يهمه ان يجعلها حيوية اي فاعلة مؤثرة في نفس قارئها وسامعها ويذكر تلك الحقائق بنحو يسمح لخياله ان يحلق بها الى الاعالي وكلما حلق بخياله كان ذلك افضل له في تعبيره عن سيرة ذلك الذي درس سيرته.
المحاورة: نعم اذن كيف يجب ان ينظر كتاب السيرة الادبية لتسلسلها التاريخي؟
الجزائري: يجب ان لايتقيد هؤلاء بالتسلسل التاريخي تقيداً صارماً، تقيداً شديداً فلا سبب يمنعهم من استباق الحوادث كما مر قبل قليل، اذا كان الاديب الذي كتب السيرة الادبية واعياً وملتفتاً وثاقب النظر قدم حادثة متأخرة واخر حادثة متقدمة، لماذا لأنه يريد ان يصور ذلك الذي يكتب سيرته تصويراً حسناً، يريد ان يضعه في اعماق القلوب التي تقرأه او التي تسمعه فهذا الاستباق يجعل السيرة نابضة بالفعالية التي تجتذب اليها من ينظر فيها وليست حياة يعيشها صاحبها بالساعة والتقويم الزمني البارد، على هذا الاساس لايتقيد انطلاقنا في قراءة السيرة بالبداية من المهد وانما بهذا الانسان الذي ظهر لنا بجلائل اعماله التي نحترمها وربما نفخر بها ومن جلائل الاعمال هذه والباقيات الصالحات نعود لنصاحبه في قماطه تكتنفه الاحضان الطيبة او الاحضان الاخرى.
المحاورة: شكراً لك استاذ بشير.
الجزائري: اكرمك الله.
المحاورة: لازلنا معكم من اذاعة طهران والطارف والتليد وموضوع حوارنا السيرة الادبية والساعة الان السادسة واثنتان واربعون دقيقة، معنا مشاركة من السعودية ام محمد، تفضلي اهلاً بك ام محمد.
ام محمد: اسعد الله اوقاتكم بالخيرات والمسرات يا رب.
المحاورة: اهلاً ومرحباً بك.
ام محمد: اولاً طبعاً شكري الجزيل لما تتحفونا به من روعة برامجكم وخصوصاً هذا الطرح الرائع وشكري الجزيل لمذيعتنا الرائعة.
المحاورة: نحن ايضاً نشكرك كل الشكر الجزيل.
ام محمد: كيف حالك استاذ بشير.
الجزائري: اعزك الله شكراً لك.
ام محمد: شكراً، علمنا استاذي ان الناقد الادبي يعتمد على اسس موضوعية وعناصر في ذاتية النقد لتقييمه كالنقد الجمالي او الحركي او النصي، انا سؤالي حول هذا الموضوع بما يختلف كاتب السيرة للادب والناقد للادب؟ وشكراً لكم ولكل البرامج.
المحاورة: نشكرك ام محمد من السعودية الشكر الجزيل لمشاركة الجميلة، نعود الى الاستاذ بشير وسؤال الاخت، فيما يختلف كاتب السيرة الادبية والناقد الادبي؟
الجزائري: انا ايضاً اشكر لك قيامك بالشكر للاخت ام محمد عني، اقول الحقيقة كلاهما فنان عظيم يعني الناقد الادبي وكاتب السيرة الادبية، موضوعهما القول ولكن القول المأخوذ عندهما مختلف فالناقد الادبي يأخذ النصوص الادبية، القصة، الرواية، المسرحية، الديوان او القصيدة او المقالة او اي اثر من آثار ذلك الاديب ويحلله ويقول كلمته فيه هذا اذن الناقد الادبي اما كاتب السيرة فأنه يأخذ حياة ذلك الاديب او الشاعر، الاديب الذي كان الناقد قد اخذ اثراً من آثاره وحلله وكتب عليه وكتب له او عليه اذن هذا معني بحياة الاديب نفسه وذاك معني بآثار ذلك الاديب، كاتب السيرة معني بحياة من يكتب سيرته والناقد الادبي معني بآثار ذلك الذي كان قد قرأ آثاره واتمنى ان يكون جوابي واضحاً لمن استمع.
المحاورة: طبعاً استاذ بشير كان واضحاً، اذن اين فن السيرة من بقية الفنون القولية؟
الجزائري: بأختصار وصفها احد المشتغلين بها ممن يحسنونها بأنها ادق وارق فنون الكتابة طراً.
المحاورة: مما نجم وصفها بالدقة والرقة الكاملتين؟
الجزائري: هنا تتيحين لي شيئاً من الكلام اطول من سابقه وانا شاكر لك.
المحاورة: تفضل.
الجزائري: اما دقتها فناجمة ياسيدتي من سعي كاتبها الى بعث الحياة فيما بقي من مادة جامدة بعد عبور صاحبها من دنيا الفناء هذه التي نحن فيها، نعيشها مقهورين الى دنيا البقاء التي نأمل العبور اليها ولكن برفعة رأس بلطف الله تبارك وتعالى، واما رقتها فناجمة من ان هذا الفن العظيم نفسه اعني فن السيرة هو بطبيعته عمل انساني مهذب مهذب، متحضر ومحضر من هذه الصفة كانت رقيقة وكانت جميلة جمال اولئك الذين يستمعون الينا ويشاركوننا القول.
المحاورة: معنا اتصال من العراق الاخت عذراء الموسوي، اهلاً بك اخت عذراء.
الموسوي: سلام عليكم اختي مها شاكر.
المحاورة: وعليكم السلام ورحمة الله.
الموسوي: احييك واحيي الاستاذ بشير الجزائري ونشكركم على هذه البرامج الشيقة والحوارات المثمرة.
المحاورة: شكراً حياك الله.
الموسوي: طبعاً انا بخصوص المحور لدي سؤال اود ان اوجهه للاستاذ بشير الجزائري، طبعاً سؤالي يقول هل يستطيع كاتب السيرة الفنية ان ينتفع من علم النفس؟ مع شكري الجزيل لكم والى اللقاء.
المحاورة: نشكر الاخت عذراء الموسوي من العراق، استاذ بشير سألت الاخت عذراء ايستطيع كاتب السيرة الفنية ان ينتفع بعلم النفس التحليلي؟
الجزائري: الحقيقة اكثر الادباء او اكثر الفنانين القوليين انتفاعاً بكل العلوم كاتب السيرة الادبية، هو له الحق ان يبسط يده الى كل علم من العلوم الحديثة التي تمكنه من النظر في حياة من يكتب سيرته فهو اذن مقتدر ومستطيع والمعنى واحد وانا شاكر للسيدة الموسوية من العراق وسلم الله الموسويين جميعاً.
المحاورة: استاذ بشير نعود الى اسئلتنا طبعاً فعلام يدل اجتماع الدقة والرقة في فن السيرة الادبية فكنت سابقاً قبل قليل تحدثت عنها؟
الجزائري: دلك الله على خير، هذا الاجتماع يدل على انها تشتمل على كل ماضي الحياة من غموض وسطوع وابهام ووضوح واستقامة وتناقض فالسيرة تشبه هذه النفس الانسانية ذاتها، النفس التي بين جنبي انا وبين جنبي اي واحد من الناس في تغيرها، في استمرارها، في انفلاتها، في انضباطها، في كل شأن من شؤونها وكاتبها اي كاتب السيرة الادبية عليه ان يتحرى الدقة والنظام والمنطق في وصفه لهذه النفس المدهشة المتأججة التي يتعذر الاطلاع اليقيني على خفاياها والامساك بها، يمكن ان نعرف اشياء كثيرة من الانسان لكن لايمكن ان نعرف كل خفايا هذا الانسان لأن الله سبحانه وتعالى كان قد استولى على هذه النفس وحده سبحانه وتعالى، اتاح لنا جانباً منها نعرفه واحتفظ بجوانب كثيرة منها لنفسه فعز اسمه اذ يحفظ على الناس كرامتهم ولايتيح لبعضهم ان يطلعوا على كل دخائلهم وسرائرهم.
على كل حال السيرة الذاتية تبعث القلب على الابتهاج حين تتحدى النظام وكذلك المنطق والدقة، نفس الانسان لاتنضبط بضابط اطلاقاً وسيرته الذاتية هي التعبير عن هذه النفس.
المحاورة: استاذ بشير سؤالي الاخر كيف يفعل كاتب السيرة في ربط موادها المتاحة له؟
الجزائري: اذا سمح لي صديقي وعزيزي السيد كاظم صادق وهو يشير لي ان اضغط كلامك فأنا اقول له الحقيقة لكاتب السيرة ان يطلق لخياله العنان على ما يحب عند ربطه بموادها بعضها ببعض وليس له ان يختلق هذه المواد، هذا فرق من الفروق بين المؤرخ وبين هذا الكاتب، يستطيع ان يلون هذه الحقائق وان ينوعها ولكن ليس له ان يختلقها من نفسه وكلما امعن في خياله كان ذلك افضل لحضرته، دامت حضرته موفقة لبلوغ الخير، عيله ايضاً ان يدرس الماضي لكن في ضوء الحاضر، عليه بسط الحقائق، انا استأذنت السيد كاظم صادق.
المحاورة: بأختصار لأن معنا اتصال ومشاركة من سوريا.
الجزائري: امري الى الله والى المشارك الكريم.
المحاورة: شكراً لك استاذ بشير، تفضلي اختي ياسمين من سوريا.
ياسمين: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاورة: وعليك السلام تفضلي.
ياسمين: اشكر الاستاذ على هذه الكلمات المعبرة والصادقة، اود ان اشارككم في هذا البرنامج الممتع بسؤال، اذا سمحتم لي يعني؟
المحاورة: نعم يسرنا ذلك.
ياسمين: شكراً لك، كيف ينظر كاتب السيرة المقتدر الى ماضي من يكتب سيرتهم؟
المحاورة: نشكر الاخت ياسمين من سوريا.
المحاورة: كيف ينظر كاتب السيرة المقتدر الى ماضي من يكتب سيرته؟ هذا السؤال طرحته الاخت ياسمين من سوريا، تفضل استاذ.
الجزائري: اكرمك الله، هذا الكاتب للسيرة الادبية انسان كريم جداً، انا لااعني احداً معيناً انما مطلق اولئك الذين يكتبون في السيرة الادبية السيرة الفنية الرائعة جداً هؤلاء يقفون على ماضي الناس الذين يكتبون سيرتهم بأكرام واجلال واحترام فهي عندهم اسمى تحفة نفيسة في متاحف قلوبهم لا في متاحف الارض فهم يكرمون ذلك الماضي ويحترمونه ولايسيئون اليه لأنه في نظرهم مقدس ومطهر، لايريدون ان يعتدوا على من يكتبوا سيرته وهذا نظر كريم جداً وكما قلت في اول الكلام السيرة الادبية عمل حضاري، عمل انساني، عمل رفيع جداً لأنه يكرم الانسان ومن الناس من يتصور ان كتابة السيرة الادبية انما هي كشف الحقائق التي تسوء صاحبها فهو مخطأ انما يسعون ان يقدموا الصورة الكاملة من الجانب الايجابي للانسان.
المحاورة: استاذ بشير هنا يثور سؤال في غاية الاهمية وهو مالعقبات في طريق كاتب السيرة الادبية الى صدق الحياة لصاحبها وصدق التجربة فيها؟
الجزائري: الواقع ان في طريق هذا الكاتب الفنان عقبات تعرقل وصوله الى غايته النفيسة جداً كما سميتها قبل طرفة عين فهي اشبه شيء بما جاء في الاساطير من ابتلاء الابطال بسبعة بحار فسبعة جبال فسبعة صحارى، كنا نقرأ عن رستم وكنا نقرأ عن فلان وفلان من اليونان والفرس اولئك الذين جاءوا في الاساطير الفارسية واليونانية الكثيرة والرائعة جداً انهم مروا بسبعة بحار كلما عبر بحراً وقع في بحر اوسع منه وكلما خرج متجاوزاً جبلاً كان قد وقع في جبل اعلى منه واوسع وكلما خرج من تلك الجبال وقع في صحارى كل واحدة منها اوسع من سابقتها، على كل حال فما قدرته على الدخول، قدرة هذا الكاتب على الدخول في موضوعه يعني السيرة، سيرة الذي يريد الكتابة عنه والخروج منه بنظرات ثاقبة لاتسنح حتى لمن يتأمل اعز اصدقاءه، احياناً كاتب السيرة الادبية يعرف من الانسان الذي يكتب سيرته اكثر مما يعرف صديق ذلك المكتوب سيرته، على كل حال هذا واحواله كاتب السيرة تحمله على الوقوف خارج موضوعه بعيداً بعيداً عنه تفصله عنه احياناً بعشرات السنين او مئاتها عقوداً عقوداً عليه ان يعرف جوهر حياة من يريد كتابة سيرته الادبية هذا بأختصار انا قلته وليتني استطيع استكمال كلامي.
المحاورة: ولكن الوقت شارف على الانتهاء.
الجزائري: اشكرك واحييك.
المحاورة: وانا ايضاً اشكرك استاذ بشير نعتذر للاخ جعفر حمزة.
الجزائري: اذا سمحت لي اشكر للمستمعين الكرام تحملهم اياي.
المحاورة: نعم نعتذر للاخ جعفر حمزة من البحرين والاخ علي عمر عبد الله من السعودية ولم يبقى لنا سوى ان نشكر الاستاذ بشير الجزائري حضوره دائماً معنا وجميع المشاركين والمساهمين، استودعكم الله والسلام عليكم.
*******