رَأَيـتُـكَ فـيـمـا يُـخـطِـئُ الناسُ تَنظُرُ
وَرَأسُــكَ مِـن مـاءِ الخَـطـيـئةِ يَـقـطُـرُ
تَـوارى بِـجُـدرانِ البُـيوتِ عَنِ الوَرى
وَأَنـتَ بِـعَـيـنِ اللَهِ لَو كُـنـتَ تَـشـعُرُ
وَتَخشى عُيونَ الناسِ أَن يَنظُروا بِها
وَلَم تَـخـشَ عَـيـنَ اللَهِ وَاللَهُ يَـنـظُرُ
وَكَـم مِـن قَـبـيـحٍ قَـد كَفى اللَهُ شَرَّهُ
أَلا إِنَّهـُ يَـعـفـو القَـبـيـحَ وَيَـسـتُـرُ
إِلى كَـم تَـعامى عَن أُمورٍ مِنَ الهُدى
وَأَنــتَ إِذا مَــرَّ الهَــوى بِـكَ تُـبـصِـرُ
إِذا مـا دَعـاكَ الرُشـدُ أَحـجَمتَ دونَهُ
وَأَنــتَ إِلى مــا قـادَكَ الغَـيُّ تَـبـدُرُ
وَلَيـسَ يَـقـومُ الشُـكـرُ مِـنـكَ بِـنِـعـمَةٍ
وَلَكِـن عَـلَيـكَ الشُـكـرُ إِن كُـنتَ تَشكُرُ
وَمـا كُـلُّ مـا لَم تَـأتِ إِلّا كَما مَضى
مِنَ اللَهوِ في اللَذاتِ إِن كُنتَ تَذكُرُ
وَمــاهِــيَ إِلّا تَــرحَــةٌ بَــعــدَ فَـرحَـةٍ
كَـذالِكَ شُـربُ الدَهـرِ يَـصـفـو وَيَـكـدُرُ
كَـأَنَّ الفَـتـى المُـغـتَـرَّ لَم يَدرِ أَنَّهُ
تَــروحُ عَــلَيــهِ الحــادِثـاتُ وَتَـبـكُـرُ
أَجَــدَّكَ أَمّــا كُــنــتَ وَاللَهــوُ غــالِبٌ
عَـلَيـكَ وَأَمّـا السَهـوُ مِـنـكـا فَـيَكثُرُ
وَأَمّـا بَـنـو الدُنـيـا فَـفي غَفَلاتِهِم
وَأَمّـا يَـدُ الدُنـيـا فَـتَـفـري وَتَـجزُرُ
وَأَمّـا جَـمـيـعُ الخَـلقِ فـيـهـا فَـمَـيِّتٌ
وَلَكِـــنَّ آجـــالاً تَـــطـــولُ وَتَــقــصُــرُ
لَهَـوتَ وَكَـم مِـن عِـبـرَةٍ قَـد حَـضَـرتَها
كَــأَنَّكــَ عَــنـهـا غـائِبٌ حـيـنَ تَـحـضُـرُ
تَـمَـنّى المُنى وَالريحُ تَلقاكَ عاصِفاً
وَفَــوقَــكَ أَمــواجٌ وَتَــحــتَــكَ أَبــحُــرُ
أَلَم تَـرَ يـا مَـغـبـونُ مـا قَد غُبِنتَهُ
وَأَنــتَ تَــرى فــي ذاكَ أَنَّكــَ تَــتـجُـرُ
خُـدِعـتَ عَـنِ السـاعـاتِ حَـتّـى غُـبِنتَها
وَغَـــرَّتـــكَ أَيّـــامٌ قِـــصــارٌ وَأَشــهُــرُ
فَـيـا بـانِـيَ الدُنـيـا لِغَيرِكَ تَبتَني
وَيـا عـامِـرَ الدُنـيـا لِغَـيـرِكَ تَـعمُرُ
وَمــالَكَ إِلّا الصَــبــرُ وَالبِــرُّ عُــدَّةٌ
وَإِلّا اعـــتِـــبــارٌ ثــاقِــبٌ وَتَــفَــكُّرُ