قال السيد الداودي في عمدة الطالب: قتل العباس (ع) وله 34 سنة، إنتهى. هذا القول هو المشهور وهو الأصوب إن شاء الله فتكون ولادته (ع) سنة 26من الهجرة فيكون سنة عند وفات أبيه أمير المؤمنين (ع) دون البلوغ؛ لأن البلوغ الشرعي عند الشيعة خمسة عشر عاماً وعند اهل السنة سبعة عشر او ثمانية عشر ولأجل هذا قال ابن الاثير المؤرخ الشافعي في اسد الغابة في مقتل أمير المؤمنين (ع) في ذكر ما صنعه الحسن والحسين عليهما السلام بعدو الله أبن ملجم حيث احرقوه بالنار وهذا نصه(1) فأخرقوه بالنار والعباس بن علي عليهما السلام يومئذٍ صغير فلم يستأن به بلوغه، إنتهى. وملثه نقل سبط ابن الجوزي الحنفي في التذكرة (2)عن ابن سعد في كتاب الطبقات، وبعارض هذا القول قول من قال أن العباس (ع) روى عن أبيه وإنه شهد صفين محارباً كما نص عليه الخوارزمي في المناقب والقائني في الكبريت الاحمر، وسيجيء ذكر ذل، وقول الطبري ان أم البنين والدة العباس (ع) اول من تزوجها أمير المؤمنين بعد وفاة الزهراء عليها السلام كما أنه أكبر أولاد أم البنين، وعليه فيكون لدة محمد بن الحنفية.
والجواب عن هذه الامور كلها سهل: أما تحمل الرواية فإن ذكاء العلوي وفطنته قد اهله للحفظ والضبط وألإتقان فيتحمل الرواية وإن كان دون البلوغ وكذلك أمر الحرب فإن المراهق منهم يكافئ البالغين ويتفوق عليهم، وإن أمير المؤمنين يحضر المراهقين من اولاده الحرب وربما حارب المراهق كما ثبت أن محمد بن سعيد بن قيس الهمداني شهد صفين مراهقاً مع أبيه وقاتل يوم الماء وقتل رجالاً واستنقذ بعض أصحابهم وملأ قربة ولما سمع أبوه عنفه ومنعه بعد ذلك ان يشهد حرباً(3) والعباس الأكبر أشجع من محمد بن سعيد بلا كلام.
وأما الولادة فيجوز أن تتأخر ولا ملازمة بين تزويج المرأة وولادتها فإن البكر كثيراً ما يتأخر جملها فتحصل أن المعتمد عندي ما قاله صاحب العمدة.
نشأة العباس الأكبر وتربيته
لا شك إنه (ع) تربى في أحضان الإمامة ونشأ في حجور العصمة، وشب مرتضعاً در البنوة وشارباً لبان الوحي الإلهي، ونشأ في مدينة النبي طيبة مدينة الوحي عاصمة النبوة لا خلاف في ذلك، إنما هاجر مع أبيه (ع) إلى العراق مدة خلافته ثم رجع مع أخويه الإمامين عليهما السلام وأقام في خدمتها حتى خرج مع أخيه الحسين (ع) إلى العراق فأستشهد بكربلاء.