في سني الغيبة الصغرى كان يمارس فقهاء الإسلام الأربعة العظام دور القيادة نيابة عن الإمام، ولعلها كانت كافية لتربية الأمة على أسس اختيار قادتها من بين أقرب الفقهاء إلى مثال النواب الأربعة في عصر الغيبة الكبرى، حيث كان من المفروض ان تستقل الأمة بانتخاب قادتها من الفقهاء العدول الراسخين في علم أهل البيت، والزاهدين في درجات الدنيا، والمجسّدين لتعاليم الرسالة. ولعل حكمة ذلك كانت تدرج الصلة الإلهية من الوحي إلى الوصاية والنيابة الخاصة ثم النيابة العامة، فلقد كان عصر النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم عصر الوحي الذي كان شاهداً في كل قضية، وبعد ان اكمل تبليغ الرسالة عهد إلى الأئمة الهداة امر تفسير المتشابه من آيات القرآن، اما المحكم فكان على الناس أنفسهم الرجوع إليه مباشرة، وهذه خطوة متقدمة في مسيرة التعامل مع الوحي. وفي عصر الوصاية تفقه الكثير من المسلمين العلماء حتى أرجع الأئمة إلى بعضهم أمر الفتيا، وبعد ذلك جاء عصر النيابة الخاصة حيث كان على المسلمين مراجعة الإمام الحجة من خلال نوابه وليس بصورة مباشرة كما كان في عصر الوصاية. اما الآن وفي عصر النيابة العامة فان على المسلمين ان يراجعوا الفقهاء العدول الذين يتعرفون على صلاحيتهم وفق المقاييس العامة التي بيّنها لهم الأئمة. وبالرغم من ان صلة حجة اللـه بأولياء اللـه مستمرة بصورة أو بأخرى الا ان ذلك لا يدخل ضمن اطار الأحكام الظاهرية حيث لا يمكن لأحد ان يدعي انه النائب الخاص للإمام، بل لا يمكنه ان يدعي ارتباطه المباشر بالإمام، فإذا فعل ذلك فان على المسلمين ان يكذبوه رأساً. ولولا هذا التدرج لكانت الأمة تُصاب بكارثة حقيقية.