علاقة الإمام الحسن العسكري عليه السلام بأخيه محمد
كان للامام علي الهادي عليه السلام من الذكور أربعة وبنت واحدة، والذكورهم:
1. السيد محمد وكنيته أبو جعفر.
2. الإمام الحسن العسكري.
3. جعفر (المعروف بالتوّاب أو الكذّاب).
4. الحسين.
والسيد محمد هو أكبر أولاد أبيه، وكان سيداً جليلاً ومجمعاً للكمالات(1) وكانت الشيعة تتصوّر أنه الإمام بعد ابيه، لما كان يتميّز به من ذكاء وخلق رفيع وسعة علم وسمو آداب.
وتحدّث العارف الكلاني عن وقاره ومعالي أخلاقه قائلاً:
صحبت أبا جعفر محمد بن علي الرضا وهو حدث السن فما رأيت أوقر ولا أزكى ولا أجلّ منه... وكان ملازماً لأخيه أبي محمد عليه السلام لا يفارقه. (2)
«ولما خرج الإمام الهادي عليه السلام من المدينة الى سامرّاء ترك ابنه السيد محمد في المدينة المنوّرة وهو طفل، وبعد سنوات التحق بأبيه ومكث عنده مدّة، ثمّ أراد الرجوع الى المدينة وفي الطريق وصل الى مدينة بلد فمرض هناك وفارق الحياة في سنة (252هـ). وعمره قد تجاوز العشرين سنة(3).
ولا يعلم سبب مرضه الشديد ; فهل انه كان قد سقي سُمًّا من قبل أعدائه وحسّاده من العباسيين الذين كانوا يظنّون كغيرهم أنه الإمام بعد أبيه وعزّ عليهم أن يروا تعظيم الجماهير إيّاه أم أنّ ما مني به كان مرضاً مفاجئاً؟
وتصدّع قلب أبي محمد عليه السلام فقد فقد شقيقه الذي كان عنده أعزّ شقيق وطافت به موجات من اللوعة والأسى والحسرات، وخرج وهو غارق في البكاء والنحيب وتصدّعت القلوب لمنظره الحزين وألجمت الألسن وترك الناس بين صائح ونائح قد نخر الحزن قلوبهم(4).
علاقته بأخيه الحسين:
( وكان الحسين بن علي الهادي فذاً من أفذاذ العقل البشري وثمرة يانعة من ثمرات الإسلام، وقد تميّز بسموّ أدبه وسعة أخلاقه ووفرة علمه، وكان شديد الاتصال بشقيقه الإمام الحسن عليه السلام، وكانا يسمّيان بالسبطين، تشبيهاً لهما بجدّيهما ريحانتي رسول الله صلى الله عليه وآله الحسن والحسين عليهما السلام.
وقد شاعت هذه التسمية في العصر الذي نشأ فيه، فقد روى أبو هاشم فقال: «ركبت دابة فقلت: (سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) فسمع منّي أحد السبطين، فقال: لا بهذا اُمرت، اُمرتَ أن تذكر نعمة ربّك إذا استويت عليه »(5).
علاقته بأخيه جعفر:
لم نعثر على نص خاص يصوّر لنا نوع علاقته بأخيه جعفر ما قبل إمامته. ولكن هناك نصوصاً تفيد أنّ جعفراً كان لا يتورّع عن السعاية الى السلطان حول أخيه الحسن كما لم يكن متورّعاً عن شرب الخمر، وقد سجن مع الإمام ثم اُفرج عن الإمام ولم يفرج عنه ولكن الإمام عليه السلام لم يخرج من السجن حتى أخرج معه أخاه جعفر بالرغم من انه كان مسجوناً من أجل السعاية على الإمام الحسن ومن أجل تظاهره بشرب الخمر، وكان بمنادمته للمتوكل يريد الغض من أخيه الحسن عليه السلام. ولقب عند الامامية بالكذاب لأنه ادعى الامامة بعد أخيه الحسن وقيل انه تاب بعدئذ ولقب بالتوّاب. (6)
المصدر:
- اعلام الهداية، الامام الحسن بن علي العسكري (ع)، المولف: لجنة التأليف، تاريخ النشر: 1422 هـ، الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)
1- الإمام الهادي من المهد الى اللحد: 136 ـ 137.
2- حياة الإمام الحسن العسكري: 24 ـ 25 عن المجدي في النسب (مخطوط).
3- الإمام الهادي من المهد الى اللحد: 137.
4- حياة الإمام الحسن العسكري (دراسة وتحليل):25 وراجع الكافي: كتاب الحجة، باب النص على أبي محمد عليه السلام. الحديث رقم 8.
5- سفينة البحار: 1 / 259.
6- راجع منهاج التحرك عند الإمام الهادي عليه السلام: 8، وراجع أيضاً الإمام الهادي من المهد الى اللحد: 138 وراجع أيضاً مسند الإمام الحسن العسكرى: 52 ـ 61 و130.