مقدمة
كلنا سمعنا باسم الغدير، وهي أرض تقع بين مكة والمدينة بالقرب من «الجحفة» والتي تبعد 200 كيلومتر عن مكة، وهي في الواقع مفترق طرق يصل اليها الحجاج بعد اتمامهم لمناسكهم، وكل يتوجه الى بلده:
فطريق يتوجه الى المدينة باتجاه الشمال
وآخر يذهب الى العراق باتجاه الشرق
وطريق يذهب الى مصر باتجاه الغرب
وطريق يذهب الى اليمن باتجاه الجنوب
وهذه الأرض هي اليوم أرض قفراء، ولكنها شهدت حادثة من أهم حوادث التاريخ الإسلامي، وهي تنصيب الإمام علي(عليه السلام) في الثامن عشر من ذي الحجة في السنة العاشرة للهجرة.
أراد بعض المتعصبين محو هذه الحادثة من ذاكرة التاريخ، ولكن هيهات فتأصلها في التاريخ أكبر واوسع من أن يمحى.
وستجد في هذا الكراس مصادر وحقائق دامغة، وتتساءل متعجباً: إنّ مسألة بهذا العمق في التاريخ كيف يمكن تجاهلها والإعراض عنها؟!
نأمل أن يكون هذا التحليل المنطقي للأحداث التاريخية المذكور في طيات هذا الكراس، والتي أخذت كلّها من مصادر السنة، وسيلة للتقارب بين المسلمين أكثر من ذي قبل، ونأمل أن تؤخذ الحقائق التاريخية بنظر الاعتبار والإهتمام بعد أن وضعت في الماضي في زاوية الغفلة والتجاهل.
السند الناطق للولاية
حديث الغدير هو من الأدلة الواضحة لولاية وخلافة أميرالمؤمنين(عليه السلام) بعد الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) حيث يتمتع بأهمية لدى المحققين خاصة.
وللأسف نجد أنّ البعض وقعوا اسرى المسبوقات الفكرية بالنسبة الى ولاية أميرالمؤمنين(عليه السلام)، فتارة يقبلون سند الحديث ويشككون في دلالته، واُخرى يشككون ومن دون علم بنفس السند.
ولأجل توضيح أبعاد الحديث واستجلاء مكنوناته رأينا من الضروري أن نتناول بالبحث كلا الموضوعين مع إيراد الوقائع المعتبرة:
البعد التاريخي للغدير
أتمّ المسلمون «حجة الوداع» في الشهر الاخير للسنة العاشرة للهجرة، وتعلموا أعمال حجّهم على يد الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، وعندها قرّر الرسول(صلى الله عليه وآله) التوجه نحو المدينة المنورة، وصدر فعلا الأمر بالحركة، وعند وصول الركب الى مدينة «رابغ»(1)(الجحفة)(2)«غدير خم» مخاطباً الرسول بهذه الآية: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(3).
فلحن الآية يبين مدى أهمية وخطورة الامر الذي القى على عاتق الرسول(صلى الله عليه وآله)، والذي يعتبر مساوياً للرسالة في الأهمية والموجب ليأس الكفار وأعداء الإسلام، وهل يوجد أمر أهمّ من تنصيب الأمير(عليه السلام) بالامامة والخلافة، أمام مرأى ومسمع من مائة ألف أو يزيدون؟
ولأجل ذلك صدر أمر بالتوقف، فمن تقدم من الركب ارجعوه، ومن تأخر انتظروه... وهكذا حتى اجتمعوا كلهم في مكان واحد، وكان الحر شديداً، وكان الناس يتوقوه بأيديهم ويضعون الثياب تحت أرجلهم من حرارة الرمل، ونصبوا للرسول(صلى الله عليه وآله) منبراً وضلاّ تحت شجرة قائمة هناك، وأخذ الرسول(صلى الله عليه وآله) بايراد الخطبة بصوت جهوري، وخلاصتها:
خطبة الرسول (ص) في غدير خم
فبعد أن حمد الله تعالى واثنى عليه، ووعظ فأبلغ في الموعظة ونعى الى الاُمة نفسه، قال:
«أَيها الناس إنّي قد دعيت ويوشك أن اُجيب وقد حان مني خفوق من بين أظهركم و إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانّهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض.
ثم قال: إنّ الله مولاي وأنا ولي كلّ مؤمن ومؤمنة.
وأخذ بيد علي(عليه السلام) وقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: «من كنت مولاه فهذا على مولاه(عليه السلام)(4) اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه واحب من احبّه وابغض من ابغضه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحقّ معه حيث دار»(5).
خلود قصّة الغدير
تعلّقت مشيئة الباري تعالى الحكيمة بتخليد هذه الذكرى في كل العصور والازمان، وهي حادثة حضرت بأحرف من نور في القلوب المسلمين ولاتخلو كتب التفسير والتاريخ والحديث والكلام في كل عصر وزمان من تلك الواقعة، وقد تحدث بها الخطباء والوعّاظ في مجالسهم، فهي من الفضائل المسلّمة لأميرالمؤمنين(عليه السلام)، بل تعدت الى الشعراء حيث صارت هذه الواقعة منهلاً يسترفدون منه قصائدهم ويروون منه أفكارهم ومفاهيمهم، فكان أن سردوا فيها أبدع أشعارهم وأسمى منظوماتهم بصورة متنوعة وبلغات مختلفة (وقد ذكر العلامة الأميني(رحمه الله) في غديره تلك الاشعار وقائليها وتراجمهم).
وبعبارة اُخرى: لانرى واقعة وحادثة تاريخية قد تناولها الجميع من فيلسوف وكلامي ومحدّث ومفسر وخطيب وشاعر ومؤرخ سوي حادثة الغدير.
ومن العوامل المهمة في خلود الواقعة هو نزول الآيتين الشريفتين(6).
والجدير بالذكر أنه عند مراجعة التاريخ نرى أنّ يوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام يوم عرف بيوم الغدير بين المسلمين. ففي معرض حديث ابن خلكان عن المستعلي بن المستنصر يقول: إنّه وفي سنة 487 للهجرة في يوم الغدير المصادف للثامن عشر من شهر ذي الحجة بايعه الناس(7) المصادف ليوم الغدير وافته المنية(8).
وقال ابوريحان البيروني في كتاب الآثار الباقية أن عيد الغدير عيد كان يحتفل به المسلمون(9).
وليس فقط عدّ ابن خكلان وابوريحان البيروني ذلك اليوم عيداً، بل وقد جاء ايضاً على لسان الثعالبي، وهو من علماء السنة المعروفين(10).
وجذور هذا العيد ممتدة الى عصر الرسول الاعظم(صلى الله عليه وآله) حيث أمر الناس من المهاجرين والانصار وأزواجهم أن يبايعوا لعلي(عليه السلام) ويهنئوه على مقام الولاية والإمامة.
قال «زيد بن الأرقم»: أوّل من بايع الإمام علي(عليه السلام) من المهاجرين هم، أبوبكر وعثمان وطلحة والزبير، واستمرت المراسم حتى الغروب(11).
110 من رواة الحديث
يكفي اهميةً لهذا الحديث أن 110 من اصحاب الرسول نقلوه(12) علماء السنة رووه.
وفي القرن الثاني للهجرة والذي يسمى بعصر التابعين نقله 89 نفر من اولئك.
ورواة الحديث في القرون اللاحقة هم أيضاً من أهل السنة، و360 نفر منهم رووه في كتبهم واعترفوا بصحة سند الحديث، ولم يكتفوا بنقل الحديث فقط، بل الّفوا كتباً مستقلة في صحة اسناده.
والعجيب في الأمر أن المؤرخ الاسلامي الكبير وهو «الطبري» الّف كتاباً باسم «الولاية في طرق حديث الغدير» ونقله عن الرسول(صلى الله عليه وآله) من 75 طريقاً.
ونقله ابن عقد الكوفي في رسالة الولاية عن 105 راوي ونقله ابوبكر محمد بن عمر البغدادي المعروف بالجمعاني عن 25 طريق.
من مشاهير اهل السنة
احمد بن حنبل الشيباني
ابن حجر العسقلاني
الجرزي الشافعي
ابو سعيد السجستاني
أمير محمد اليمني
النسائي
ابو العلاء الحمداني
وابو العرفان الحبان
وقد نقلوا هذا الحديث بطرق عديدة(13).
ونقله الشيعة ايضاً والّفوا فيه الكتب القيمة، وأهم وأجمع تلك الكتب هو كتاب «الغدير» التاريخي للعلامة المجاهد المرحوم آية الله الأميني(قدس سره)، وقد استفدنا في كتابة هذا الفصل من ذلك الكتاب غاية الاستفادة.
وعلى أية حال، فبعد أن نصب الرسول(صلى الله عليه وآله) الامير(عليه السلام) نزلت آية: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)(14).
وبعدها ارتفعت الاصوات بالتكبير، وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام): «اجلس في خيمة كي يبايعك الناس ووجوه القوم» وقد بادر ابوبكر وعمر بالبيعة له قبل الجميع.
وجاء حسّان بن ثابت الى رسول الله(صلى الله عليه وآله): أتأذن لي أن أقول في هذه المقام يرضاه الله؟ فقال له: قل يا حسّان على اسم الله، فوقف على نشز من الأرض وتطاول المسلون لسماع كلامه فأنشأ يقول:
يناديهم يوم الغدير نبيهم
بخم وأسمِع بالرسول منادياً
وقال فمن مولاكم ووليكم؟
فقالوا ولم يبدو هناك التعادياً
إلهك مولانا وأنت ولينا
ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيت
فقال له قم يا علي فانني
رضيتك من بعدي اماماً وهادياً
فمن كنت مولاه فهذا وليه
فكونوا له اتباع صديق مواليا
هناك دعا، اللّهم والي وليه
وكن للذي عادى علياً معادياً(15)
ما المقصود من كلمة مولى؟
المسألة المهمة هنا هو تفسير كلمة «مولى»، فإنّها على وضوحها اسائوا الاستفادة منها، وبعد أن لم يجدوا طريقاً ولم يستطيعوا للتشكيك بالسند تحركوا على مستوى التشكيك في مفهوم الحديث ودلالته، وخاصة كلمة «مولى» ولكنّهم رغم ذلك لم يحققوا نتيجة.
كلمة «مولى» وبكل طراحة لا تحمل في اغلب المواضع إلاّ معنى واحد، وهو الأولوية والجدارة، وبعبارة اُخرى: «الرئاسة»، وجاء في القرآن لفظ «المولى» بمعنى الرئيس أو المدير أو الأولى.
وجاءت كلمة «مولى» في 18 آية في القرآن الكريم، وعشرة منها تعبر عن مولوية الباري تعالى ولم تأت بمعنى الصديق إلاّ في موارد قليلة جدّاً.
ولذلك لايمكن الشك في أن كلمة المولى هي بالدرجة الاُؤلى بمعنى الأولى والاجدر، ولم تأت في حديث الغدير إلاّ في هذا المعنى، والشواهد والقرائن كلها تشير الى ذلك المعنى.
أدلة تؤيد المدعى
لنفرض انه يوجد لكلمة «مولى» معان متعددة، ولكن القرائن وشواهد الحال التي اكتنفت الحدث يوم الغدير التاريخي ترفع كل ابهام وشبهة، وتُتم الحجة على كل أحد:
الشاهد الأول:
نرى حسّان شاعر الرسول الاعظم(صلى الله عليه وآله) وبعد اخذ الرخصة من الرسول(صلى الله عليه وآله) قال:
فقال له قم يا على فانني
رضيتك من بعدي اماماً وهادياً(16)
لم يستفد حسّان من لفظ المولى غير معنى الإمامة والقيادة والهداية، والحال أنّه يعتبر من أهل اللغة ومن فصحاء العرب ولولا أنّ الشواهد والقرائن لم تفد الاّ ذلك المعني لما تجرأ حسان لأن يقول ما قال. ولأشكل عليه باقي العرب وعابه باقي الشعراء.
الشاهد الثاني:
ما كتبه الأمير(عليه السلام) في اشعاره لمعاوية حيث قال:
وأوجب لي ولايته عليكم
رسول الله يوم غدير خُمٍّ(17)
فهل يوجد شخص افضل من الإمام(عليه السلام) يفسر لنا ما هو المقصود من كلمة مولى في الشعر اعلاه، ولم يستفاد منها الاّ الزعامة والقيادة؟
الشاهد الثالث:
قبل أن يقول الرسول(صلى الله عليه وآله) كلمته المباركة والشهيرة سأل الحاضرين: «ألستُ اولى بكم من انفسكم»؟ وبعد ما أخذ الإقرار بذلك من الناس قال: «من كنت مولاه فهذا على مولاه...»
فما فائدة هذا التقارن والتوالي؟ وهل هو إلاّ لكي يثبت له ذلك المقام الرفيع الثابت للنبي(صلى الله عليه وآله) بنص القرآن؟ مع فارق مقام النبوة للنبي والإمامة لعلي، ويكون معنى الحديث أنّ كلّ من أكون أولى من نفسه فعلي أولى به من نفسه(18).
الشاهد الرابع:
ثم إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أخذ الاقرار من الناس بالاُصول العقائدية الثلاثة، حيث قال لهم:«الستُم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً عبده ورسوله وان الجنة حق والنار حق».
فما هو الهدف من أخذ هذا الإقرار؟ وهل هو إلاّ لتنبيه الناس وتهيئة الأرضية لهم لما سيثبته فيما بعد لإبن عمه وأخيه وأن ولايته كباقي الأصول الاسلامية الدينية الثلاثة؟ فإذا كان المقصود من كلمة المولى الصديق والناصر، فلن يعود للكلام معنى، وسوف تتناثر المعانى في الجمل كلها.
الشاهد الخامس:
تنبّأ الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) بقرب حلول أجله في بداية الخطبة فقال:
«اني اوشك أن ادعي فاجيب»(19).
وهذه العبارة تحكي أنّه(صلى الله عليه وآله) كان يريد بذلك تعيين الخليفة من بعده، بحيث يمكنه أن يسد الثغرة التي ستحدث بموته(صلى الله عليه وآله)، ويجب أن يكون كفواً لذلك المنصب والمقام، ولاتحتمل معنى آخر، وإذا ما فسرناها بغير الخلافة فستنتفي العلاقة المنطقية في كلام الرسول(صلى الله عليه وآله)، والحال أنّه(صلى الله عليه وآله) افصح وابلغ من نطق بالضاد، وهل هناك قرينة أقوى من هذه؟
الشاهد السادس:
الرسول(صلى الله عليه وآله) بعد جملة «من كنت مولاه.....» قال: «الله اكبر على اكمال الدين واتمام النعمة ورضي الرب برسالتي والولاية لعلي من بعدي».
فاذا كان المراد هو اعلان المحبة لواحد من المسلمين، فكيف يمكن من أثبات المودة لعلي(عليه السلام) ونصرته، اكمال الدين واتمام النعمة؟ والأوضح من ذلك أنّه(صلى الله عليه وآله) قال: «رضي الربّ برسالتي والولاية لعلي من بعدي».
فهل يبقى شك في أن المقصود من كلمة «الولي» هو معنى الخلافة؟(20)
الشاهد السابع:
الشاهد الأقوى هو تهنئة الشيخين (أبي بكر وعمر) وجمع غفير من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) للإمام علي(عليه السلام) بعد نزول النبي(صلى الله عليه وآله) عملية التهنئة الى وقت الغروب، وكان الشيخان من أول من بادر الى التهنئة، حيث قالا له:«هنيئاً لك يا على ابن ابي طالب اصبحت وامسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة»(21).
فأي مقام ناله علي(عليه السلام) في ذلك اليوم حتي يستحق من الشيخين ذلك التبريك؟ وهل هو الاّ الزعامة والخلافة والقيادة للامة، لانها لم تكن قد بلّغت للناس بشكل رسمي، وأوصلها الرسول(صلى الله عليه وآله) في ذلك اليوم؟ وإلاّ فان المحبة لم تكن شيئاً جديداً تستحق التهنئة.
الشاهد الثامن:
إذا كان المقصود من كل تلك الامور مما ذكر سابقاً هو تبيين محبة الناس للإمام علي(عليه السلام) فلا يلزم طرح هذه المسألة في ذلك الهواء الحار والمناخ المحرق (بأن يتوقف مسير الركب المكوّن من مائة ألف نفر، ويجلس الناس لإستماع خطبة طويلة في هذا الهواء الحار على أرض الصحراء المحرقة).
فلم تكن حاجة لتلك المقدمات الصعبة، وكان بالإمكان طرح هذه المسألة في المدينة، كل ذلك يشير بصورة قاطعة الى وجود أمر أهمّ وأكبر خطورة من ذكر مسألة الصداقة والعلاقة الحميمة.
لنجلس الآن للتحكيم
بعد كل ما تقدم من الشواهد والقرائن هل يبقي شك في أن مقصود النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) هو الخلافة والولاية المطلقة على المسلمين؟ وكيف يغالط نفسه من يشك في ذلك؟ وبم يلاقي ربّه من ينكر تلك الامور؟
من المسلّم أنّ المسلمين إذا تركوا التعصب والرسوبات الفكرية، وشرعوا في دراسة حديث الغدير بنظرة جديدة، فسوف يصلون الى نتائج مطلوبة مما سيكون سبباً في اتحاد المسلمين اكثر واكثر.
ثلاثة احاديث لها معني
وفي الختام نذكر ثلاثة أحاديث نبوية عميقة المغزي:
1 ـ الحق مع من؟
عن اُم سلمة وعائشة قالتا: سمعنا من رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول:
«علي مع الحق والحق مع على لن يفترقا حتى يردا على الحوض».
ذكر هذا الحديث في كثير من مصادر اهل السنة، ونقله العلاّمة الأميني عن تلك المصادر بدقة بالغة في المجلد الثالث من كتابه الغدير(22).
2 ـ المؤاخاة:
نقل هذا الحديث صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله) المعروفين، حيث قالوا:
«آخى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بين اصحابه فآخى بين ابي بكر وعمر وفلان وفلان فجاء علي(رضي الله عنه)فقال: آخيت بين اصحابك ولم تواخ بيني وبين أحد؟ فقال رسول الله: أنت أخي في الدنيا والآخرة».
وجاء هذا المضمون مع تعبيرات مشابهه في 49 مورد وكلّها من مستقاة من مصادر أهل السنة(23).
ألا تعتبر المؤاخاة بين النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) والإمام علي(عليه السلام) دليلاً على أفضليته في كل شيء على سائر الأمة؟ وهل مع وجود الأفضل يحق للمسلم أن يتخطاه الى غيره؟
3 ـ الطريق الوحيد للنجاة:
قال أبوذر(رحمهم الله) وهو ممسك بباب الكعبة بأعلى صوته:
«من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبوذر سمعت النبي(صلى الله عليه وآله) يقول: مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجي ومن تخلف عنها غرق».
مصادر هذا الحديث كثيرة جداً(24) وبناءاً على ما جاء في الحديث، هل تبقى وسيلة للنجاة الا التمسك بآل البيت(عليهم السلام)؟
الهامش:
1 ـ «رابغ» تقع بين مكة والمدينة.
2 ـ أحد أماكن الإحرام وكانت في السابق تنشعب طرق أهل المدينة ومصر والعراق من هنا.
3 ـ المائدة، الآية 67.
4 ـ كرر النبي الأعطم(صلى الله عليه وآله) هذه الجملة ثلاث مرات ليطمئن قبله.
5 ـ مسند ابن حنبل: ج1، ص254; تاريخ دمشق: ج42، ص207 و 208، 448; خصائص النسائي: ص181; المعجم الكبير: ج17، ص39; سنن الترمذي: ج5، ص633; المستدرك على الصحيحين: ج13، ص135; المعجم الأوسط: ج6، ص95; مسن أبي يعلي: ج1، ص280; المحاسن والمساويء: ص41; مناقب الخوارزمي: ص104; وكتب اُخر.
6 ـ المائدة: الآية 3 و 67.
7 ـ وفيات الأعيان: ج1، ص60.
8 ـ وفيات الأعيان: ج2، ص223.
9 ـ ترجمة الآثار الباقية: ص395; الغدير: ج1، ص267.
10 ـ ثمار القلوب: ص511.
11 ـ وردت تهنئة عمر بن الخطاب في مصادر كثيرة من أهل السنة منها: مسند ابن حنبل: ج6، ص401; البداية والنهاية: ج5، ص209; الفصول المهمّة لابن الصباغ: ص40; فرائد السمطين: ج1، ص71; وكذلك تهنئة ابوبكر، عمر، عثمان، طلحة، الزبير، والآخرين في كتب عديدة منها: مناقب على بن أبي طالب، تأليف أحمد بن محمد الطبري (الغدير: ج1، ص270).
12 ـ تأتي منابع هذه المصادر في مكان واحد.
13 ـ يوجد مجموع هذه الاسناد في السفر الجليل «الغدير»، حيث اُخذت بصورة عامة عن مصادر معروفة للعامة.
14 ـ المائدة: الآية 3.
15 ـ وردت أبيات حسان بن ثابت في مصادر عديدة منها: مناقب الخوارزمي: ص135; مقتل الحسين للخوارزمي: ج1، ص47; فرائد السمطين: ج1، ص73 و 74; النور المشتعل: ص56; المناقب للكوثر: ج1، ص118 و 362.
16 ـ ذكرنا آنفاً مصادر اشعار حسان بن ثابت.
17 ـ نقل العلاّمة الأميني(قدس سره) هذا الشعر في كتاب الغدير، ج2، ص25 ـ 3 مع ضميمة ابيات اُخري عن 11 عالماً شيعياً و26 عالماً سنياً.
18 ـ نقل العلاّمة الأميني(قدس سره) جملة «ألست أولي بكم من أنفسكم» من 64 محدّثاً ومؤرخاً إسلامياً، راجع ج1، ص371 من الغدير.
19ـ براجع الغدير: ج1، ص26، 27، 30، 32، 33، 34، 36، 47، 176، وورد سند هذا المطلب في مصادر أهل السنة مثل: صحيح الترمذي: ج2، ص298; الفصول المهمة لابن الصباغ: ص45; المناقب الثلاثة الحافظ أبي الفتوح: ص19; البداية والنهاية لابن الكثير: ج5، ص209، ج7، ص348; الصواعق المحرقة: ص25; الزوائد الهيثمي: ج9، ص165 و....
20ـ وذكر المرحوم العلاّمة الأميني هذه الجانب من الحديث في: ج1، ص43، 165، 231، 233، 235، مثل: الولاية لانب جرير الطبري: ص310; تفسير ابن الكثير: ج2، ص14; تفسير الدر المنثور: ج2، ص259; الاتقان: ج1، ص31; مفتاح النجاح البدخشي: ص220; ما نزل من القران في علي: أبو نعيم الاصفهاني; تاريخ الخطيب البغدادي: ج4، ص290; مناقب الخوارزمي: ص80; الخصائص العلوية ابو الفتح النطنزي: ص43; التذكرة لسبط بن الجوزي: ص18; فرائد السمطين: باب 12.
21 ـ للاطلاع على اسانيد تهنئة الشيخين راجع الغدير: ج1، ص270، 283; وقد ذكر آنفاً مصادر هذا الحديث
22 ـ نقل هذا الحديث محمد بن أبي بكر وأبوذر وأبو سعيد الخدري وجماعة آخرين عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) (راجع المجلد الثالث من كتاب الغدير).
23 ـ نقل العلاّمة الأميني(قدس سره) جميع هذه الأحاديث الخمسين بصورة دقيقة في المجلد الثالث من الغدير.
24ـ المستدرك للحاكم: ج2، ص150 مطبعة حيدر آباد، ونقله على الأقل 30 مصدراً من المصادر المعروفة لأهل السنة.
المصدر: لجنة المعارف والبحوث الاسلامية ـ قم