غداً عندنا (1)
عن إسحاق الجلاّب (2) قال: اشتريت لأبي الحسن (عليه السّلام) غنماً كثيرة فدعاني فأدخلني من اصطبل داره إلى موضع واسع ﻻ أعرفه، فجعلت أفرق تلك الغنم فيمن أمرني به. فبعث إلى أبي جعفر وإلى والدته، وغيرهما ممّن أمرني ثمّ استأذنته في الانصراف إلى بغداد إلى والدي وكان ذلك يوم التروية فكتب إليّ:
تقيم غداً عندنا ثمّ تنصرف.
قال: فأقمت فلمّا كان يوم عرفة أقمت عنده وبتّ ليلة الأضحى في رواق له، فلمّا كان في السّحر أتاني فقال: يا إسحاق، قم، فقمت ففتحت عيني فإذا أنا على بابي ببغداد، قال: فدخلت على والدي وأتاني أصحابي فقلت لهم:
عرّفت بالعسكر، وخرجت إلى بغداد العيد.
التواصل عبر المراسلة (3)
روي عن أحمد بن هارون قال: كنت جالساً أعلّم غلاماً من غلمانه في فازة داره - فيها بستان - إذ دخل علينا أبو الحسن (عليه السّلام) وجلس معنا فأقبل عليّ فقال:
متى رأيك تنصرف إلى المدينة؟
فقلت: اللّيلة.
قال: فأكتب إذا كتاباً معك توصله إلى فلان التاجر.
قلت: نعم.
قال: يا غلام هات الدّواة والقرطاس... فأقبل الغلام بالدّواة والقرطاس - وقد غابت الشمس - فوضعها بين يديه فأخذ في الكتابة حتّى أظلم [اللّيل] فيما بيني وبينه، فلم أر الكتاب، وظننت أنّه قد أصابه الّذي أصابني فقلت للغلام:
قم فهات بشمعة من الدّار حتّى يبصر مولاك كيف يكتب، فمضى.
فقال للغلام: ليس لي إلى ذلك حاجة.
ثمّ كتب كتاباً طويلاً إلى أن غاب الشفق، ثمّ قطعه.
فقال للغلام: أصلحة فأخذ الغلام الكتاب، وخرج من الفازة ليصلحة ثمّ عاد إليه وناوله ليختمه فختمه من غير أن ينظر الخاتم مقلوباً أو غير مقلوب، فناولني الكتاب فأخذت فقمت لأذهب فعرض في قلبي - قبل أن أخرج من الفازة - أصلّي قبل أن آتي المدينة.
قال يا أحمد صلّ المغرب والعشاء الآخرة في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) ثمّ اطلب الرّجل في الرّوضة فإنّك توافيه إن شاء الله.
قال: فخرجت مبادراً فأتيت المسجد وقد نودي للعشاء الآخرة فصلّيت المغرب، ثمّ صلّيت معهم، العتمة، وطلبت الرّجل حيث أمرني فوجدته فأعطيته الكتاب فأخذه ففضّه ليقرأه، فلم يتبين قراءته في ذلك الوقت، فدعا بسراج فأخذته فقرأته عليه في السراج في المسجد، فإذا خطّ مستوٍ ليس حرف ملتصقاً بحرف وإذا الخاتم مستو ليس بمقلوب.
فقال لي الرجل: عد إليّ غداً حتّى أكتب جواب الكتاب، فغدوت فكتب الجواب فمضيت به إليه.
فقال: أليس قد وجدت الرجل حيث قلت لك؟
فقلت: نعم.
قال: أحسنت.
من آداب الطريق (4)
حدث محمّد بن شرق قال: كنت مع أبي الحسن (عليه السّلام) أمشي بالمدينة فقال لي:
ألست ابن شرق؟
قلت: بلى، فأردت أن أسأله عن مسألة فابتدأني من غير أن أسأله.
فقال: نحن على قارعة الطريق وليس هذا موضع مسألة.
ما ذنب الأيام؟ (5)
قال الحسن بن مسعود: دخلت على أبي الحسن عليّ بن محمّد (عليهما السلام) وقد نكبت إصبعي وتلقاني راكب وصدم كتفي، ودخلت في زحمة فخرّقوا عليّ بعض ثيابي فقلت: كفاني الله شرّك من يوم فما أشأمك فقال (عليه السّلام) لي:
يا حسن، هذا وأنت تغشانا! ترمي بذنبك من ﻻ ذنب له؟
قال الحسن: فأثاب إليّ عقلي، وتبينت خطأي.
فقلت: مولاي أستغفر الله.
فقال: يا حسن ما ذنب الأيام حتّى صرتم تتشأمون بها إذا جوزيتم بأعمالكم فيها؟
قال الحسن: أنا أستغفر الله أبداً، وهي توبتي يا بن رسول الله.
قال (عليه السّلام): والله ما ينفعكم، ولكن يعاقبكم بذمّها على ما لا ذّم عليها فيه، أما علمت يا حسن أنّ الله هو المثيب والمعاقب والمجازي بالأعمال عاجلاً وآجلاً؟
قلت: بلى يا مولاي.
قال (عليه السّلام): ﻻ تعد ولا تعجل للأيام صنعاً في حكم الله.
قال الحسن: بلى يا مولاي.
الانزلاق أو الانزواء؟ (6)
لو سلك الناس وادياً وسيعاً لسلكت وادي رجل عبد الله وحده مخلصاً خالصاً.
القلوب مرايا (7)
ﻻ تطلب الصفا ممن كدّرت عليه، ولا النصح ممّن صرفت سوء ظنك إليه فإنما قلب غيرك لك كقلبك له.
إذا غلب العدل؟ (8)
إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور فحرام أن تظن بأحد سوءاً حتى يعلم ذلك منه، وإذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل، فليس لأحد أن يظن بأحد خيراً حتّى يبدو ذلك منه.
أكمل الناس في الخير(9)
قيل لعلي بن محمّد (عليه السّلام): من أكمل الناس في خصال الخير؟
قال:
أعملهم بالتقية وأقضاهم لحقوق إخوانه.
اجمع له طاعتك(10)
من جمع لك ودّه ورأيه فاجع له طاعتك.
ما يفسد الصداقة (11)
المراء يفسد الصداقة القديمة، ويحلل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون فيه المغالبة، والمغالبة أس أسباب القطيعة.
معاتبة الأخوان(12)
العتاب مفتاح المقال، والعتاب خير من الحقد.
العقوق (13)
العقوق ثكل من لم يثكل.
المصادر:
-موقع http://www.14masom.com
1 - أصول الكافي 1/ 498-499 ح 3 وبصائر الدرجات ج 8 ب 13 ص 406 ح 6 ومناقب ابن شهر آشوب 4/411: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله عن عليّ بن محمّد.
2 - الجلاّب: - بالفتح والتشديد - من يشتري الغنم ونحوها في موضع، ويسوقها إلى موضع آخر ليبيعها
3 - الخرائج والجرائح 1/408-410 ب 11 ح 14
4 - كشف الغمّة: 2/385
5 - تحف العقول: 482 - 483
6 - عدة الداعي 233، ب 4: عن أبي الحسن الهادي (عليه السّلام) قال
7 - بحار الأنوار 74/182، عن الدرة الباهرة: قال أبو الحسن الثالث (عليه السّلام) للمتوكل
8 - بحار الأنوار 75/197، ح 17، عن الدرة الباهرة: قال أبو الحسن الثالث (عليه السّلام)
9 - تفسير الإمام العسكري (عليه السّلام): 324 ح 172
10 - تحف العقول 483: قال (عليه السّلام)
11 - أعلام الدين 311: قال (عليه السّلام)
12 - أعلام الدين 311: قال (عليه السّلام)
13 - أعلام الدين 311: قال يحيى بن عبد الحميد: سمعت أبا الحسن (عليه السّلام) يقول الرجل ذمّ إليه ولداً له فقال