البث المباشر

أحكام

الثلاثاء 20 نوفمبر 2018 - 13:01 بتوقيت طهران

التصدّق بالكثير(1)

قال أبو عبد الله الزياديّ: لمّا سمّ المتوكّل، نذر لله إن رزقه الله العافية أن يتصدّق بمال كثير، فلمّا عوفي اختلف العلماء في المال الكثير فقال له الحسن حاجبه: إن أتيتك بالصواب فما لي عندك؟ قال: عشر الآلاف درهم وإلاّ ضربتك مائة مقرعة. قال: قد رضيت فأتى أبا الحسن (عليه السّلام) فسأله عن ذلك. فقال:
قل له: يتصدّق بثمانين درهماً، فأخبر المتوكّل فسأله ما العلّة؟ فأتاه فسأله. قال:
إنّ الله تعالى قال لنبيّه (صلى الله عليه وآله): (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة)(2) فعددنا مواطن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبلغت ثمانين موطناً، فرجع إليه فأخبره ففرح فأعطاه عشرة آلاف درهم.
 

مسائل عوصاء(3)

قال المتوكّل لابن السكيت: اسأل ابن الرضا مسألة عوصاء بحضرتي، فسأله فقال: لم بعث الله موسى بالعصا وبعث عيسي (عليه السّلام) بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، وبعث محمّداً بالقرآن والسيف؟ فقال أبو الحسن (عليه السّلام):
بعث الله موسى (عليه السّلام) بالعصا واليد البيضاء في زمان الغالب على أهله السحر، فأتاهم من ذلك ما قهر سحرهم وبهرهم، وأثبت الحجّة عليهم وبعث عيسى (عليه السّلام) بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله في زمان الغالب على أهله الطبّ فأتاهم من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله فقهرهم وبهرهم وبعث محمّداً بالقرآن والسيف في زمان الغالب على أهله السيف والشعر فأتاهم من القرآن الزاهر والسيف القاهر ما بهر به شعرهم وقهر سيفهم وأثبت الحجّة عليهم.
فقال ابن السكّيت: فما الحجّة الآن؟
قال: العقل يعرف به الكاذب على الله فيكذّب.
فقال يحيى بن أكثم: ما لابن السكّيت ومناظرته؟ وإنّما هو صاحب نحو وشعر ولغة، ورفع قرطاساً فيه مسائل فأملى عليّ بن محمّد (عليه السّلام) على ابن السكّيت جوابها وأمره أن يكتب:
سألت عن قول الله تعالى (قال الّذي عنده علم من الكتاب)(4) فهو آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرفه آصف، ولكّنه أحبّ أن يعرف أمته من الجنّ والإنس أنّه الحجّة من بعده، وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ففهمه ذلك، لئلا يختلف في إمامته وولايته من بعده، ولتأكيد الحجّة على الخلق.
وأمّا سجود يعقوب لولده فإنّ السجود لم يكن ليوسف وإنّما كان ذلك من يعقوب وولده طاعة لله تعالى وتحيّة ليوسف (عليهم السلام) كما أنّ السجود من الملائكة لم يكن لآدم (عليه السّلام) فسجود يعقوب وولده ويوسف معهم شكراً لله تعالى باجتماع الشمل ألم تر أنّه يقول في شكره في ذلك الوقت: (ربّ قد آتيتني من الملك)(5).
وأمّا قوله: (فإن كنت في شكّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب)(6).
فإنّ المخاطب بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يكن في شكّ ممّا أنزل الله إليه، ولكن قالت الجهلة:
كيف لم يبعث الله نبيّاً من الملائكة ولم لم يفرق بينه وبين الناس في الاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق؟ فأوحى الله إلى نبيّه (صلى الله عليه وآله):
فاسأل الّذين يقرءون الكتاب بمحضر من الجهلة: هل بعث الله نبيّاً قبلك إلاّ وهو يأكل الطعام، [ويشرب] الشراب، ولك بهم أسوة يا محمّد.
وإنّما قال: (فان كنت في شكّ) ولم يكن للنّصفة كما قال:
(قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم)(7) ولو قال: (تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم) لم يكونوا يجيبوا إلى المباهلة، وقد علم الله أنّ نبيّه مؤدّ عنه رسالته وما هو من الكاذبين كذلك عرف النبي (صلى الله عليه وآله) بأنّه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصف من نفسه.
وأمّا قوله: (ولو أنّ ما في الأرض من شجرة أقلام)(8) فهو كذلك لو أنّ أشجار الدّنيا أقلام والبحر مداد يمدّه سبعة أبحر مدّاً حتّى انفجرت الأرض عيوناً كما انفجرت في الطوفان، ما نفدت كلمات الله وهي: عين الكبريت، وعين اليمن، وعين برهوت، وعين طبرية، وحمّة ما سيدان، تدعى لسان، وحمّة أفريقيّة تدعى سيلان، وعين باحوران ونحن الكلمات الّتي ﻻ تدرك فضائلنا ولا تستقصى...
وأمّا قوله: (أو يزوّجهم ذكراناً وأناثاً)(9) فإنّ الله تعالى زوّج الذكران المطيعين، ومعاذ الله أن يكون الجليل العظيم عني ما لبست على نفسك تطلب الرّخص لارتكاب المحارم (ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً)(10) إن لم يتب.
فأمّا شهادة امرأة وحدها الّتي جازت، فهي القابلة الّتي جازت شهادتها مع الرضا فإن لم يكن رضا فلا أقلّ من امرأتين تقوم المرأتان بدل الرجل للضرورة، لأن الرّجل ﻻ يمكنه أن يقوم مقامها، فإن كانت وحدها قبل قولها مع يمينها.
فأمّا قول عليّ (عليه السّلام) في الخنثى فهو كما قال: يرث من المبال، وينظر إليه قوم عدول يأخذ كلّ واحد منهم مرآة وتقوم الخنثى خلفهم عريانة، وينظرون إلى المرآة فيرون الشيء ويحكمون عليه.
وأمّا الرّجل الناظر إلى الرّاعي وقد نزا على شاة، فإن عرفها ذبحها وأحرقها، وإن لم يعرفها قسمها الإمام نصفين وساهم بينهما فإن وقع السهّم على أحد القسمين فقد قسم النصف الآخر ثمّ يفرق الّذي وقع عليه السهّم نصفين ويقرع بينهما فلا يزال كذلك حتّى تبقى اثنتان فيقرع بينهما فأيّتهما وقع السهّم عليها: ذبحت وأحرقت وقد نجا سائرها وسهم الإمام سهم الله لا يخيب.
وأمّا صلاة الفجر والجهر فيها بالقراءة لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان يغلّس بها فقراءتها من اللّيل.
وأمّا قول أمير المؤمنين (عليه السّلام): بشرّ قاتلك ابن صفيّه بالنار لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان ممّن خرج يوم النهروان فلم يقتله أمير المؤمنين (عليه السّلام) بالبصرة لأنّه علم أنّه يقتل في فتنة النهروان.
وأمّا قولك: إنّ علياً قاتل أهل صفّين مقبلين ومدبرين وأجهز على جريحهم وأنّه يوم الجمل لم يتبع موليّاً، ولم يجهز على جريحهم وكلّ من ألقى سيفه وسلاحه آمنه، فإن أهل الجمل قتل إمامهم ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها، وإنّما رجع القوم إلى منازلهم غير متحاربين ولا محتالين، ولا متجسّسين ولا متبارزين، فقد رضوا بالكفّ عنهم وكان الحكم فيه رفع السيّف عنهم إذ لم يطلبوا عليه أعواناً.
وأهل صفّين يرجعون إلى فئة مستعدّة وإمام منتصب، يجمع لهم السلاح من الرّماح، والدّروع، والسيوف، ويستعدّ لهم، ويسني لهم العطاء ويهيّئ لهم الأموال، ويعقب مريضهم، ويجبر كسيرهم، ويداوي جريحهم، ويحمل راجلهم ويكسو حاسرهم، ويردّهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم.
فإن الحكم في أهل البصرة الكفّ عنهم لمّا ألقوا أسلحتهم، إذ لم تكن لهم فئة يرجعون إليها، والحكم في أهل صفيّن أن يتبع مدبرهم ويجهز على جريحهم فلا يساوي بين الفريقين في الحكم، ولولا أمير المؤمنين (عليه السّلام) وحكمه في أهل صفيّن والجمل، لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد فمن أبي ذلك عرض على السيف.
وأمّا الرّجل الّذي أقرّ باللّواط فإنّه أقرّ بذلك متبرّعاً من نفسه، ولم تقم عليه بيّنة ولا أخذه سلطان وإذا كان الإمام الّذي من الله أن يعاقب في الله فله أن يعفو في الله، أما سمعت الله يقول لسليمان: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب)(11) فبدأ بالمنّ قبل المنع.
فلمّا قرأ ابن أكثم قال للمتوكّل: ما نحبّ أن تسأل هذا الرّجل عن شيء بعد مسائلي هذه، وإنّه ﻻ يرد عليه شيء بعدها إلاّ دونها، وفي ظهور علمه تقوية للرّافضة.

التوبة المرفوضة(12)

جعفر بن رزق الله قال: قدّم إلى المتوكّل رجل نصرانيّ فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحدّ فأسلم. فقال يحيى بن أكثم: الإيمان يمحو ما قبله، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود، فكتب المتوكّل إلى عليّ بن محمّد النقي يسأله فلمّا قرأ الكتاب كتب:
يضرب حتّى يموت، فأنكر الفقهاء ذلك، فكتب إليه يسأله عن العلّه فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم (فلمّا رأوا بأسنا قالوا آمنّا بالله وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين)(13).
قال: فأمر المتوكّل فضرب حتّى مات.

عرق الجنب من الحرام(14)

قال عليّ بن مهزيار: وردت العسكر وأنا شاكّ في الإمامة فرأيت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم من الربيع إلاّ أنّه صائف، والناس عليهم ثياب الصيف، وعلى أبي الحسن (عليه السّلام) لبّاد وعلى فرسه تجفاف لبود وقد عقد ذنب الفرس والناس يتعجّبون منه، ويقولون: ألا ترون إلى هذا المدني وما قد فعل بنفسه؟ فقلت في نفسي: لو كان هذا إماماً ما فعل هذا. فلمّا خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا أن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد إلاّ ابتلّ حتّى غرق بالمطر، وعاد (عليه السّلام) وهو سالم من جميعه. فقلت في نفسي: يوشك أن يكون هو الإمام. ثمّ قلت: أريد أن أسأله عن الجنب إذا عرق في الثوب، فقلت في نفسي: إن كشف وجهه فهو الإمام. فلمّا قرب منّي كشف وجهه ثمّ قال:
إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام ﻻ يجوز الصلاة فيه، وإن كانت جنابته من حلال فلا بأس فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة.

السجود على الزجاج(15)

كتب إليه محمّد بن الحسين بن مصعب المدائني يسأله عن السجود على الزجاج، قال: فلمّا نفذ الكتاب حدثت نفسي أنّه ممّا أنبتت الأرض، وأنهم قالوا: ﻻ بأس بالسجود على ما أنبتت الأرض قال: فجاء الجواب:
ﻻ تسجد عليه وإن حدّثتك نفسك أنّه ممّا أنبتت الأرض، فإنّه من الرمل والملح، والملح سبخ.
 

المصادر:

-موقع http://www.14masom.com

1 - مناقب ابن شهر آشوب 4/402، وفروع الكافي 5/463-464 ح 21
2 - سورة التوبة: الآية 25
3 - مناقب ابن شهر آشوب: 4/403 - 405
4 - سورة النمل: الآية 40
5 - سورة يوسف: الآية 101
6 - سورة يونس: الآية 94
7 - سورة آل عمران: الآية 61
8 - سورة لقمان: الآية 27
9 - سورة الشورى: الآية 50
10 - سورة الفرقان: الآية 68-69
11 - سورة ص: الآية 39
12 - مناقب ابن شهر آشوب 4/405 - 406
13 - سورة غافر: الآية 84
14 - مناقب ابن شهر آشوب 4/413-414: المعتد في الأصول.
15 - كشف الغمة 2/384: 
 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة