الإمام محمد الجواد عليه السلام من الاُسرة النبوية وهي أجلّ وأسمى الاُسر التي عرفتها البشرية، فهو ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام
جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي السجاد ابن الإمام الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وابن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
2- اُمه:
هي من أهل بيت مارية القبطية، نوبيّة مريسية، امها: سبيكة أو ريحانة أو درّة، وسمّاها الرضا عليه السلام خيزران.
وصفها رسول الله صلى الله عليه وآله بأنها خيرة الإماء الطيبة. وقال العسكري عليه السلام:«خُلقت طاهرة مطهّرة وهي اُم ولد تكنّى باُم الجواد، واُم الحسن، وكانت أفضل
نساء زمانها»[1].
3- كنيته:
أبو جعفر، وهي كنية جده الباقرعليه السلام وللتمييز بينهما يكنّى بأبي جعفر الثاني، وأضاف في دلائل الإمامة كنية ثانية له هي: أبو علي الخاص، وفسّر
المتأخرون هذه العبارة بأنّ له كنية خاصة هي: «أبو علي»، وليست كنيته هي «أبو علي الخاص» كما يبدو للناظر في عبارة دلائل الإمامة.
4- ألقابه:
أمّا ألقابه الكريمة فهي تدل على معالم شخصيته العظيمة وسمو ذاته وهي:
1- الجواد: لُقب به لكثرة ما أسداه من الخير والبر والاحسان الى الناس.
2- التقي: لقب به لأنه اتّقى الله وأناب اليه، واعتصم به ولم يستجب لأي داع من دواعي الهوى.
3- المرتضى
4- القانع
5- الرضي
6- المختار
7- باب المراد[2].
5- نقش خاتمه:
يدل نقش خاتمه عليه السلام على شدة انقطاعهعليه السلام الى الله سبحانه، فقد كان« العزّة لله »[3].
ميلاده
في عقيدتنا: ان الامام الذي يختاره الله لكي يكون قدوة صالحة للخير والصلاح يلزم ان يكون كاملا من جميع الوجوه، وايما نقص او عيب في الفكر او في الجسم عند الانسان يبين انه ليس اماما. ولقد كان الامام الرضا (عليه السلام) قد بلغ الخامسة والخمسين ولم يرزق ولدا، فذهبت بعض الاشاعات تنشر من قبل دعاة الواقفية الذين قالوا بغيبة الامام موسى الكاظم (عليه السلام)، وانه لم يوص الى اي امام من بعده، قائلين بان الامام الرضا عقيم ليس له ولد وهو عيب واضح في القدوة الدينية، فاذن لايكون هو الامام الحق حسب زعمهم، حتى كتب بعضهم اليه (عليه السلام) رسالة قال فيها:
كيف تكون اماما وليس لك ولد؟ فأجابه الرضا (عليه السلام): وما علمك انه لايكون لي ولد؟ والله لا تمضى الايام والليالي حتى يرزقني الله ولداً ذكراً يفرق بين الحق والباطل.
وجاء اليه رجل من اصحابه يقول: من الامام بعدك؟ فقال: ابني، ثم قال: هل يجترئ احد ان يقول ابني وليس له ولد؟
فيحدث الراوي انه لم تمض الايام حتى ولد ابو جعفر الجواد؟
فكان الشيعة المخلصون يعيشون اشد الانتظار لمقدم ولد الامام الرضا (عليه السلام)، الذي زخرت احاديثهم تنبيء عن مقدمه المبارك، وهم الراوون عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: يأبي خيرة الاماء النوبية، وهو يشير الى الامام (عليه السلام)، ليدحضوا حجة الواقفية الذين قد اكثروا من الدعايات ضده.
فبزغ من افق الحق بدر اضحى شمسا للهدى، وسماءً في جلاله، وهو الامام الجواد عليه السلام.
وتناقل رواة الحديث على لسان والده العظيم يقول: هذا هو المولود الذي لم يولد في الاسلام اعظم بركة منه.
اجل، لقد ولد الامام في الوقت الذي اختلفت فيه الشيعة ايما اختلاف، وكانت دعايات بعض المخالفين لهم تشق طريقها الى افئدة بعض السذج منهم، كانت آية صدق الامام الرضا (عليه السلام) وابطال زعم الواقفية تثبت بميلاد ابنه الموعود.
فلما ولد الجواد (عليه السلام) ذهبت دعايات الواقفية ادراج الرياح، وذابت كما يذوب الملح في الموج الهادر، واصبح ميلاد الامام سببا لانتصار الحق واتحاد الشيعة، اتباع الحق، بعد الاختلاف والتفرقة، اضف الى ذلك ان الامام الرضا (عليه السلام) كان يقول دائما ان ابني خليفتي عليكم، وهم يرون ان لا ابن له، وحتى اذا بلغ مرحلة الكهولة، ومضت الشكوك تراود افئدة البسطاء من الموالين جاء الامام الجواد (عليه السلام)، فكان ميلاداً مباركاً ميموناً، فهللت الشيعة وسبحت لله لمّا رأت في احاديثها الصدق والحق.
تكلّمه في المهد:
ذكر المؤرخون أن الإمام الجواد عليه السلام تشهّد الشهادتين لمّا وُلد، وانه حمد الله تعالى وصلّى على الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله والأئمة الراشدين في يومه الثالث.
فعن حكيمة ابنة موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام قالت: «لمّا حملت اُم أبي جعفر الجواد عليه السلام به كتبتُ اليه (يعني الى الإمام الرضاعليه السلام): «جاريتك سبيكة قد علقت. فكتب اليّ: انّها علقت ساعة كذا، من يوم كذا، من شهر كذا، فإذا هي ولدت فالزميها سبعة أيام.
قالت: فلمّا ولدته، وسقط الى الأرض، قال: اشهد ان لا إله إلاّ الله، وان محمداً رسول الله .
فلمّا كان اليوم الثالث، عطس، فقال: الحمد لله، وصلّى الله على محمد وعلى الأئمة الراشدين»[4].
و أيضاً قالت: «لمّا حضرت ولادة الخيزران اُم أبي جعفر عليه السلام دعاني الرضا عليه السلام، فقال: يا حكيمة احضري ولادتها، وادخلي وإياها والقابلة بيتاً .
ووضع لنا مصباحاً، وأغلق الباب علينا، فلمّا أخذها الطلق طفئ المصباح، وبين يديها طست، فاغتممت بطفئ المصباح.
فبينا نحن كذلك، إذ بدر أبو جعفر عليه السلام في الطست، واذا عليه شيء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره حتى أضاء البيت، فأبصرناه، فأخذته فوضعته في حجري، نزعت عنه ذلك الغشاء، فجاء الرضا عليه السلام وفتح الباب، وقد فرغنا من أمره، فأخذه ووضعه في المهد، وقال لي: يا حكيمة الزمي مهده.
قالت: فلمّا كان في اليوم الثالث رفع بصره الى السماء ثم نظر يمينه ويساره، ثم قال: أشهد ان لا إله إلاّ الله، واشهد ان محمداً رسول الله، فقمت ذعرة فزعة، فأتيت أبا الحسن عليه السلام فقلت له: لقد سمعت من هذا الصبي عجباً . فقال: وما ذاك ؟ فأخبرته الخبر، فقال: يا حكيمة، ما ترون من عجائبه اكثر»[5].
[1] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 20
[2] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 27 ـ 29
[3] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 31
[4] مستدرك عوالم العلوم: 23 / 151 ـ 152
[5] مستدرك عوالم العلوم: 23 / 151 ـ 152