من هو آيةالله الشيخ محمد اليزدي؟
يقول الشيخ اليزدي: ولدتُ في مدينة أصفهان عام ۱۳۱۰ شمسي [۱۹۳۱م] ضمن أسرة مؤمنة وعلمية. والدي الشيخ علي بن الشيخ محمد علي، ترك قبل حدود الـ مائة عام مدينة يزد وانتقل إلى مدينة أصفهان التي كانت تتمتع بوجود حوزة علمية معروفة آنذاك يديرها الآقا نجفي المعاصر لحكومة ظل السلطة وابن ناصر الدين شاه، فالتحق بحلقات الدرس الحوزوي فيها وتمكن في فترة وجيزة من طي مراحل علمية عالية.
الدراسة الحوزوية
بدأت الدراسة الحوزوية على يد الوالد فأخذت القسم الأكبر من مرحلة المقدمات عنه، ثم انتقلت إلى مدرسة "كاسه كران"، فأخذت السطوح عن "جده بزرك" والملا عبد الله. وممن تلمذت عليهم من الاساتذة المعروفين حينها السادة نجف آبادي، الفقيه، الأديب، الطباطبائي و...
انتقلت بعدها إلى مدينة قم المقدسة لإتمام ما تبقى من مرحلة السطوح متلمذاً فيها على يد المرحوم آية الله لاكاني، والحاج آقا حسين بُدلا والمرحوم زاهدي. فيما تلمذت في كفاية الأصول على يد كل من آية الله الشيخ مرتضى الحائري وآية الله المرعشي، وفي الرسائل على يد آية الله السلطاني؛ أما التفسير فقد تلمذت فيه على يد العلامة الطباطبائي، وبعد إتمام مرحلة السطوح العالية التحقت في مرحلة البحث الخارج بحلقات درس الآيات العظام السيد البروجردي والشيخ الآراكي والآملي والشاهرودي والإمام الخميني.
قمت بتقرير أبحاث السيد البروجردي من مبحث لباس المصلي إلى النهاية، بالاضافة إلى قسم من كتاب القضاء الذي ألقى دروسه في السنين الآخيرة من حياته رحمه الله.
كذلك قمت بتقرير دورة كاملة من البحث الأصولي للإمام الخميني. كذلك قررت قسما من بحث الشيخ الأراكي في "قاعدة لا ضرر".
الأصدقاء والزملاء
ربطتني علاقات وأواصر وثيقة مع الكثير من الاصدقاء والزملاء في كل من أصفهان وقم ،غابت عني أسماء البعض منهم.
أما الاصدقاء الاصفهانيون فهم كل من السادة الأفاضل: فقيه إيماني، مدني، أخوان، أبطحي، السيدان محمد علي ومحمد باقر المجلسي.
فيما ربطتني علاقة حميمة مع السادة القميين من قبيل: آية الله محمدي جيلاني، الشيخ مظاهري، الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، والسيد علي أكبر الموسوي والحاج الشيخ مرتضى الطهراني (الانصاري) حيث مازال يتصدى لإمامة الجماعة في أحد مساجد طهران.
الأنشطة العلمية
تمثلت باكورة العمل العلمي الذي صدر لي على مستوى الكتابة ما نشرته مجلة الحكمة من مقالات تحت عنوان "علم الانسان أو معرفة الانسان" وكان قد طبع في ذلك الوقت كتاب "فيلسوف نماها تأليف آيه اللّه مكارم الشيرازي". بعد ذلك صدر لي مجموعة كتيبات تحت عنوان: الإنسان والايمان بالله، ضالتك، ردّ اتهامات مردوخ، و"الحسين بن علي عليه السلام" من أجل فهم أفضل، فقه القرآن، أسس الإيمان في القرآن، نُبذ من المعارف، شرح القانون الأساسي (الدستور)، وغير ذلك من الكتيبات التي صدرت عن جامعة مدرسي الحوزة العلمية في مجلد واحد. ومما صدر لي من المؤلفات: سلسلة مقالات تحت عنوان " در قانون اساسي= حول الدستور" نشرت في مجلة نور العلم. وغير ذلك من المقالات التي نشرتها في بعض الصحف والمجلات، هذا فضلا عن رسائل صغيرة من قبيل تفسير سورة الحمد، الولادة الاصطناعية للانسان، حكم التماثيل، من الذي له حق التصرف في سهم الإمام ؟ رسالة في القسامة. وهناك نتاجات ما زالت ضمن المخطوطات، قمت باعداد وترتيب واعادة صياغة البعض منها.
يضاف إلى ذلك ممارسة التدريس في كل من أصفهان وقم حيث قمت بتدريس المواد التي كنت أتلقاها وفقا للمنهجية المعتمدة في الحوزة العلمية وهي منهجية تفردت بها الحوزات العلمية.
ومن النتاج العلمي الذي قمت به تلخيص منظومة السبزواري، وتدوين إرث اللمعة وبحث القضاء.
العلاقة مع الإمام الخميني
تعود علاقتي مع الإمام الخميني إلى الايام التي حضرت فيها دروسه الأصولية التي كان يلقيها في مسجد سلماسي، حيث كان رحمه الله يخصص نهاية الدرس للاسئلة والاشكالات التي تطرح والقضايا الثورية والمهام الملقاة على الافراد في مختلف قطاعات المجتمع؛ وقد استمرت العلاقة بل تعززت كثيراً بيني وبين الإمام حتى إلى الايام الاخيرة من حياته الشريفة رحمه الله بل كان يشملني بلطفه وحنانه الخاص.
وكنت أرى أن المنابر التي تعقد في محرم وصفر وشهر رمضان وغيرها من المناسبات يجب أن تزين بذكر اسم الإمام [الخميني] وأن يصرح باسمه فيها وأن تطرح قضايا الثورة ومسائلها من فوق تلك المنابر، وقد التزمت بذلك عملياً فكانت مجالسي- التي اتصفت بالحدة والقوة- تثير حفيظة السلطات، فتم اعتقالي وتعطيل المجلس مرات عديدة.
الاعتقال
تعرضت للاعتقال أثناء مجالس الخطاب التي كنت القيها في مدينة قم وغيرها من المدن، منها الاعتقال الذي تم بعد اعتلاء المنبر ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان في المسجد الجامع في مدينة قم، وبعد الخطاب الذي القيته في بيت المرحوم السيد آيه الله الگلپايگاني حينما كانت المدينة تعيش تحت لهيب نار ودخان رجال الشاه ويملأ فضاءها الغاز المسيل للدموع الذي ألقت به جلاوزته.
كما اعتقلت أكثر من مرّة في كل من مدينة قم والأهواز وچالوس وخمين وكرمانشاه، وأدخلت كلا من معتقل: قزل قلعة في طهران، ومعتقلات كرمنشاه وبوشهر عدّة شهور. وقد ألفت كتابي فقه القرآن خلال شهر رمضان الذي اعتقلت فيه في مدينة بوشهر.
النفي والابعاد
أما نصيبي من الابعاد والترحيل فكان إلى مدينة كنكان، وبعد مدّة قصيرة أمضيتها هناك قررت عدم الالتزام بمقررات الترحيل فغادرت المنطقة وعلى أثرها تم اعتقالي واودعت في سجن مدينة بوشهر، وبعد عدّة شهور أمضيتها في السجن قرروا إرجاعي إلى كنكان مرّة أخرى لإتمام فترة الترحيل، فرفضت الامتثال للأوامر الصادرة وقلت لهم: إنّي أفضل الاعتقال والسجن على العودة إلى كنكان، وبينت لهم: أنّي محكوم بالابعاد لا الموت القسري كي ترسلوني إلى تلك المنطقة!، وأخيراً، تم ترحيلي إلى بوشهر، التي التقيت فيها بالروحاني الشهيد أبو تراب عاشوري. وكان الشهيد قد لعب دوراً كبيراً وبارزاً وحيويا في النضال الثوري وتأجيج الثورة في اوسطات الشعب المسلم في بوشهر. وما زالت الكثير من الذكريات عن ذلك الشهيد عالقة في الذهن.
المعارضة السرية
ومن النشاطات الثورة الأخرى التي قمت بها المشاركة في المعارضة السرية وتنظيم شبكة من العلاقات الثورية مع رجال الثورة في قم والثوار في المدن الأخرى، بالاضافة إلى عقد اجتماعات كثيرة مع اللجان الثقافية والسياسية والعسكرية؛ وكنا نعقد الكثير من الاجتماعات الرسمية وشبه الرسمية في أماكن مختلفة كقبو (سرداب) بيوت بعض الاصدقاء اطلقنا عليها حينذاك عنوان "حركة القبو" نقوم خلالها بطباعة وتكثير بيانات السيد الإمام وارسالها إلى المدن، وكنا قد خصصنا بعض أرقام الهاتف لهذا الغرض والاتصال بالرجال الثوريين هناك. اما البيانات فكنا نوصلها عادة عن طريق خدمات نقل الركاب العامة والتي كانت تمر بمدينة قم منتصف الليل عادة. وكان يتولى المهمة مجموعة خاصة -استشهد البعض منهم- حيث تستلم تلك المجموعة البيانات لترسلها إلى شتى المدن الايرانية ويتم توزيعها في المساجد المكتظة بالمصلين.