وأعزت العلم ورفعت مناره. واصبح بعد وفاة أبيه عميداً للشيعة في كل أمورهم، ومرشداً للنهضة الفكرية في عصره؛ وقد أقبل عليه العلماء وطلاب العلم من كل حدب وصوب ينهلون من نمير علمه، واحتفى به رجال الفكر لا يفترقون عنه، حتى بلغ الأمر بهم من شدة احتفائهم به وتقديرهم له، أنه إذا نطق بكلمة أو أفتى بموضوع بادروا إلى تدوين ذلك للحال(1).
وقد روى عنه هؤلاء العلماء جميع أنواع المعارف على اختلافها وتباعد أطرافها، من حكمة، وتفسير للذكر الحكيم، وفقه إسلامي بجميع أبوابه، وتوضيح أمور عالقة، وردود على أسئلة مختلفة من قريب أو بعيد، كما رووا عنه في الآداب الاجتماعية المواعظ والنصائح القيّمة، وأيضا فقد حثهم على العلم المفيد لهم ولمجتمعهم.
تلك الكوكبة من العلماء والرواة التي يزيد عددها على أربعة آلاف لم يكن أفرادها على مستوى واحد من حيث الثقة والعدالة، وهذا قد يحدث في كل عصر، فكان بينهم عدد من المنافقين والمتكسبين باعوا ضمائرهم بثمن رخيص؛ فلم يتحرجوا من الوضع والكذب في الحديث على لسان النبي (صلّى الله عليه وآله) وعترته الميامين ليأخذوا عوض ذلك بعض الدريهمات من السلطة الحاكمة التي أفسدت عقيدة المسلمين وخدّرت عقولهم ومزقتهم شيعاً وأحزاباً (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(2). كما كان بينهم جمهرة أخرى من الضعفاء والمجهولين غير موثوق بهم تماماً.
ولا ريب أن الفئة الغالبة كانوا من العدول والثقات الذين عرفوا بالصدق والأمانة واليهم يرجع الفضل في ضبط الأحكام الإسلامية ونشر فقه أهل البيت (عليهم السلام). ونظراً لوجود هذه الطوائف المختلفة من رواة الأثر فقد انقسم الحديث إلى أصناف فكان: الحديث الصحيح، والحسن، والموثق، والضعيف. (فبعد استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) نشأت الأحزاب والفرق التي اتخذت شكلاً دينياً كان له أبلغ الأثر في قيام المذاهب الدينية في الإسلام)(3).
(وقد حاول كل حزب دعم ما يدعم بالقرآن والسنة،ومن البديهي ألاّ يجد كل حزب ما يؤيد دعواه في نصوص القرآن الكريم، فعمدوا إلى تحريف السنة الشريفة بالتحريف والزيادة، حتى وضعوا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ما لم يقل)(4).
لكنهم فشلوا ولم يحققوا مبتغاهم: لأن للحديث النبوي ضوءاً كضوء النهار يعرف به(5) وللحديث المكذوب ظلمة كظلمة الليل تنكره العقول المستقيمة إن معرفة سيرة الرسول الكريم (صلّى الله عليه وآله) وهديه فيما يأمر به وينهى عنه وفيما يحبه ويكرهه، ثم التعرف على جميع أحواله فيما يجوز وفيما لا يجوز، وكل ما نطق به من أقوال وقام به من أعمال. كل هذا يمنحنا النور الكاشف لأنظارنا والاطمئنان المريح لأنفسنا.
وعلى أي حال فإن الكثيرين من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) قد قاموا بدور مهم في التأليف والتصنيف ونشر الحضارة الإسلامية حتى ملأوا المكتبة العربية والإسلامية في عصرهم بنتاجهم القيّم، الأمر الذي دلّ بحق على أن لهم اليد الطولى في رفع منار العلم، وتهذيب الأفكار، وتقويم الأخلاق.
أما عدد أصحابه فقد ذكر أحمد بن خالد البرقي أنهم كانوا مائة وستين شخصاً(6). وهو اشتباه ظاهر إن كان مراده الحصر، ولعله أراد بهذا العدد الأعلام النابهين منهم دون أن يليهم في مراتب العلم والفقه والحديث. والحقيقة أن أغلب المنتمين لمدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) قد بقوا بعد وفاته ينهلون من علم الإمام الكاظم (عليه السلام) ويتلقون العلوم والفقه منه. وسوف نعرض طائفة من أصحابه ورواة حديثه مرتبته على حروف الهجاء:
حرف الألف
1ـ إبراهيم بن أبي البلاد
2ـ أحمد بن الحسن
3ـ أحمد بن عمرو
4ـ إسماعيل بن عبد الخالق
5ـ إسحاق بن جرير
6ـ أبو أيوب الحر
7ـ إبراهيم بن محمد الأشعري
حرف الباء
8ـ بكر بن الأشعث
9ـ بكر بن محمد
حرف الثاء
10ـ ثعلبة بن ميمون
حرف الجيم
11ـ جعفر بن خلف
12ـ جميل بن دراج
13ـ جميل بن صالح
14ـ جهم بن أبي جهيم
حرف الحاء
15ـ حبيب بن المعلل
16ـ حذيفة بن منصور
17ـ الحسن بن الجهم
18ـ الحسن بن علي
19ـ الحسن بن محبوب
20ـ الحسين بن محمد
21ـ الحسين بن زيد
حرف الخاء
22ـ خالد بن نجيح
23ـ خالد بن سعيد
24ـ خف بن حماد
حرف الدال
25ـ داود بن أبي يزيد
26ـ داود بن سليمان
27ـ داود بن فرقد
حرف الذال
28ـ ذريح بن محمد
حرف الراء
29ـ ربعي بن عبد الله
30ـ رفاعة بن موسى
حرف الزاء
31ـ زكريا بن إدريس
حرف السين
32ـ سعد بن أبي خلف
33ـ سعيد بن جناح
34ـ سليم الفراء
35ـ سيف بن عميرة
حرف الشين
36ـ شعيب بن يعقوب
حرف الصاد
37ـ صالح بن خالد
38ـ صباح بن موسى
39ـ صفوان بن يحيى
حرف الضاد
40ـ الضحاك الحضرمي
حرف العين
41ـ عبد الحميد بن سعيد
42ـ عبد الله بن الحارث
43ـ عبد الله بن جندب
44ـ عبد الله بن المغيرة
45ـ علي بن جعفر
46ـ علي بن حمزة
47ـ علي بن عبيد الله
48ـ عمر بن محمد
49ـ علي بن يقطين
50ـ العيص بن القاسم
حرف الغين
51ـ غياث بن إبراهيم
حرف الفاء
52ـ فضالة بن أيوب
53ـ الفيض بن المختار
حرف القاء
54ـ قيس بن موسى
حرف الميم
55ـ محمد بن جعفر
56ـ محمد بن حكيم
57ـ محمد بن زرقان
58ـ محمد بن أبي عمير
59ـ محمد بن الصباح
60ـ محمد بن يونس
61ـ مسعدة بن صدقة
62ـ المفضل بن عمر
63ـ منصور بن حازم
64ـ موسى بن إبراهيم
حرف النون
65ـ نصر بن قابوس
66ـ نشيط بن صالح
حرف الهاء
67ـ هشام بن سالم
68ـ هند بن الحجاج
69ـ الهيثم بن عبد الله
70ـ هشام بن الحكم
حرف الياء
71ـ يحيى بن عبد الرحمن
72ـ يحيى بن عمران
73ـ يزيد بن سليط
74ـ يونس بن عبد الرحمن
75ـ يونس بن يعقوب
76ـ أبو زكريا
77ـ أبو شعيب
78ـ أبو يحيى
1 - الأنوار البهية، ص91.
2 - سورة المؤمنون: الآية 53.
3 - السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، ص89.
4 - نقد الحديث في علم الرواية وعلم الدراية للمؤلف، ج1، ص397.
5 - المصدر نفسه عن قواعد التحديث، ص165.
6 - رجال البرقي بخط الأستاذ الشيخ علي الخاقاني رحمه الله في مكتبته.