من أعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا، من أعطي الدعاء أعطي الإجابة، ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة، ومن أعطي التوكّل أعطي الكفاية.
إذا أراد أحدكم ألاّ يسأل الله شيئا إلا أعطاه فلييأس من النّاس كلّهم، ولا يكون له رجاء إلا عند الله، فإذا علم الله عزّ وجلّ ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه.
إذا خالطت النّاس فإن استطعت ألاّ تخالط أحدا منهم إلاّ كانت يدك العليا عليه فافعل، فإنّ العبد يكون فيه بعض التقصير من العبادة، ويكون له حسن الخلق، فيبلغه الله بخلقه درجة الصائم القائم.
إنّ الله ارتضى لكم الإسلام دينا، فأحسنوا صحبته بالسّخاء وحسن الخلق.
لا تمزح فيذهب نورك، ولا تكذب فيذهب بهاؤك، وإيّاك وخصلتين: الضّجر، والكسل، فإنّك إن ضجرت لا تصبر على حقّ، وإن كسلت لم تؤدّ حقا.
تزاوروا، فإنّ في زيارتكم إحياء لقلوبكم، وذكرا لأحاديثنا، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض، فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم، وإن تركتموها ظللتم وهلكتم، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم.
اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للنّاس، فإنّه ما كان لله فهو لله، وما كان للنّاس فلا يصعد إلى السّماء، ولا تخاصموا بدينكم، فإن المخاصمة ممرضة للقلب، إنّ الله عزّ وجلّ قال لنبيّه صلى الله عليه وآله:( إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ الله يهدي من يشاء ). وقال:( أفأنت تكره النّاس حتّى يكونوا مؤمنين ).
ذروا الناس فإن الناس قد أخذوا عن الناس، وإنكم أخذتم عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وعن عليّ عليه السلام ولا سواء، وأنّي سمعت أبي يقول: إذا كتب الله على عبد أن يدخله في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره.
اصبروا على الدنيا فإنّما هي ساعة، فما مضى منها فلا تجد له ألما ولا سرورا، وما لم يجئ فلا تدري ما هو، وإنما هي ساعتك التي أنت فيها، فاصبر فيها على طاعة الله، واصبر فيها عن معصية الله.
اجعل قلبك قريبا برّا، وولدا مواصلا، واجعل عملك والدا تتبعه، واجعل نفسك عدوّا تجاهده، واجعل مالك عارية تردّها.
إن قدرت ألا تعرف فافعل، ما عليك ألا يثني عليك النّاس، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله.
الدعاء يردّ القضاء ما أبرم إبراما، فأكثر من الدعاء فإنه مفتاح كلّ رحمة، ونجاح كلّ حاجة، ولا ينال ما عند الله عزّ وجلّ إلا بالدعاء، وأنّه ليس بابا يكثر قرعه إلا ويوشك أن يفتح لصاحبه.
لا تطعنوا في عيوب من أقبل إليكم بمودّته، ولا توقفوه على سيّئة يخضع لها، فإنّها ليست من أخلاق رسول الله صلّى الله عليه وآله ولا من أخلاق أوليائه.
أحسنوا النّظر فيما لا يسعكم جهله، وانصحوا لأنفسكم، وجاهدوا في طلب ما لا عذر لكم في جهله، فإنّ لدين الله أركانا لا تنفع من جهلها شدّة اجتهاده في طلب ظاهر عبادته، ولا يضرّ من عرفها فدان بها حسن اقتصاده، ولا سبيل إلى أحد إلى ذلك إلا بعون من الله عزّ وجلّ.
إيّاكم وعشرة الملوك وأبناء الدنيا، ففي ذلك ذهاب دينكم، ويعقّبكم نفاقا، وذلك داء رديّ لا شفاء له، ويورث قساوة القلب، ويسلبكم الخشوع. وعليكم بالإشكال من النّاس والأوساط من النّاس، فعندهم تجدون معادن الجواهر، وإيّاكم أن تمدّوا أطرافكم إلى ما في أيدي أبناء الدنيا، فمن مدّ طرفه إلى ذلك طال حزنه، ولم يشف غيظه، واستصغر نعمة الله عنده، فيقلّ شكره لله، وانظر إلى من هو دونك فتكون لأنعم الله شاكرا، ولمزيده مستوجبا، ولجوده ساكنا.
إذا هممت بشيء من الخير فلا تؤخّره، فإنّ الله عزّ وجلّ ربّما اطّلع على العبد وهو على شيء من الطاعة فيقول: وعزّتي وجلالي لا أعذّبك بعدها أبدا. وإذا هممت بسيّئة فلا تعملها فإنّه ربّما اطّلع على العبد وهو على شيء من المعصية فيقول: وعزّتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا.
قال عليه السلام لأصحابه: اسمعوا منّي كلاما هو خير من الدهم الموقّفة، لا يتكلم أحدكم بما لا يعنيه، وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه، حتى يجد له موضعا، فربّ متكلّم في غير موضعه جنى على نفسه بكلامه، ولا يمارينّ أحدكم سفيها ولا حليما، فإنّ من مارى حليما أقصاه، ومن مارى سفيها أرداه، واذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبّون أن تذكروا به إذا غبتم، واعملوا عمل من يعلم أنّه مجازى بالإحسان.
قال عليه السلام للمفضّل بن عمر الجعفي: أوصيك بستّ خصال تبلّغهنّ شيعتي. قال: وما هي يا سيّدي؟ فقال عليه السلام: أداء الأمانة إلى من ائتمنك، وأن ترضى لأخيك ما ترضى لنفسك، واعلم أنّ للأمور أواخر، فاحذر العواقب، وأنّ للأمور بغتات، فكن على حذر، وإيّاك ومرتقى جبل سهل إذا كان المنحدر وعرا، ولا تعدنّ أخاك وعدا ليس في يدك وفاؤه.