• قال أبو شهاب الزهري:
شهدت علي بن الحسين يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام فأثقله حديداً، ووكل به حفاظاً في عدة وجمع فاستأذنهم في التسليم عليه والتوديع له فأذنوا لي فدخلت عليه وهو في قبة، والأقياد في رجليه، والغل في يديه (وفي رواية: والغل في عنقه) فبكيت وقلت له: وددت أني مكانك وأنت سالم، فقال: يا زهري أتظن أن هذا مما ترى علي وفي عنقي يكربني؟ أما لو شئت ما كان فإنه وإن بلغ بك وبأمثالك ليذكر عذاب الله، ثم أخرج يديه من الغل ورجليه من القيد، ثم قال: يا زهري لا جزت معهم على ذا منزلتين من المدينة، قال: فما لبثنا إلا أربع ليال حتى قدم الموكلون به يطلبونه بالمدينة فما وجدوه فكنت فيمن سألهم عنه، فقال لي بعضهم: إنا لنراه متبوعاً إنه لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده بعد ذلك إذا أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديده، قال الزهري: فقدمت بعد ذلك على عبد الملك بن مروان فسألني عن علي بن الحسين فأخبرته فقال لي: إنه قد جاءني يوم فقده الأعوان فدخل علي، فقال: ما أنا وأنت؟ فقلت: أقم عندي، فقال: لا أحب، ثم خرج فوالله فقد امتلأ ثوبي منه خيفة، قال الزهري: فقلت: يا أمير المؤمنين ليس علي بن الحسين حيث تظن إنه مشغول بنفسه، فقال: حبذا شغل مثله فنعم ما شغل به، قال: وكان الزهري إذا ذكر علي بن الحسين يبكي ويقول: زين العابدين(1).
• قال إبراهيم بن الأسود التميمي:
رأيت علي بن الحسين وقد أتى بطفل مكفوف فمسح عينيه فاستوى بصره، وبأبكم فكلمه، فأجابه وتكلم، وبمقعد فمسح عليه فسعى ومشى (2).
• قال أبو النمير علي بن يزيد:
كنت مع علي بن الحسين عندما انصرفت من الشام إلى المدينة، فكنت أحسن إلى نسائه أتوارى عنهم إذا نزلوا وأبعد عنهم إذا رحلوا، فلما نزلوا المدينة بعثوا إلى بشيء من الحلى فلم آخذه، وقلت: فعلت هذا لله ولرسوله، فأخذ علي بن الحسين حجراً أسود صماً فطبعه بخاتمه، وقال: خذه واقض كل حاجة لك منه فوالله الذي بعث محمداً بالحق لقد كنت أجعله في البيت المظلم فيسرج لي وأضعه على الأقفال فتفتح لي وآخذه بيدي وأقف بين أيدي الملوك فلا أرى إلا ما أحب(3).
• قال حمران بن أعين:
كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام) ومعي جماعة من أصحابه فجاءت ظبية، فبصبصت وضربت بذنبها، فقال: هل تدرون ما تقول هذه الظبية؟ فقلنا لا، فقال: تزعم أن رجلاً اصطاد خشفاً لها وتسألني أن أكلمه ليرده عليها، ثم قام وقمنا معه حتى جاء إلى باب الرجل فخرج إليه والظبية معنا، فقال له: إن هذه الظبية زعمت كذا وكذا وأنا أسألك أن ترده عليها، فدخل الرجل مسرعاً وأخرج إليه الخشف وسيبه، فمضت الظبية ومعها خشفها وهي تحرك ذنبها، فقال: أتدرون ما تقول: قلنا لا، قال: رد الله عليكم كل حق غصبتم عليه، وكل غائب وكل سبب ترجونه وغفر لعلي بن الحسين كما رد علي ولدي(4).
1- كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص448، وأبو نعيم في حلية الأولياء ج3 ص135 وابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ج4 ص132، وابن حجر في الصواعق المحرقة ص119 وسط بن الجوزي في تذكرة الخواص ص324.
2ـ دلائل الإمامة لمحمد بن جرير الطبري الإمامي ص85.
3ـ المصدر ص85.
4ـ المصدر ص89.