وفي حوار خاص مع قناة العالم الإخبارية أكد أميرعبداللهيان أن مؤتمر الأمناء العامين لفصائل المقاومة الفلسطينية الذي عقد في بيروت مؤخراً، بعث برسالة قوية إلي الإمارات وإلي الدول التي تفكر في السير علي خطاها وكذلك إلي كيان الاحتلال الإسرائيلي وتؤكد أن مستقبل العمل الفلسطيني في المنطقة سيكون مختلفاً تماماً، معربا عن تفاؤله بالمقاومة وبالقضية الفلسطينية، ومعتبراً أن المؤشرات تؤكد علي أن كيان الاحتلال الاسرائيلي آيل للسقوط.
وإليكم نص اللقاء:
إلي أي مدي يمكن أن ننظر إلي الإمارات علي أنها دولة مستقلة من حيث السياسة الخارجية، فالبعض يعتقد بأن الإمارات تتبع السياسة الخارجية الأميركية بكافها ولامها.. كيف تنظرون إلي ذلك؟
أميرعبداللهيان: أنا وباقتضاء عملي كانت لدي محادثات كثيرة مع المسؤولين الإماراتيين، فقبل أقل من 8 أعوام توجه هؤلاء نحو تبني تصور خاطيء، وهو أنهم اعتقدوا أنهم باتوا الأعلي ضمن الدول الست في الخليج الفارسي، كما هم يرون أنفسهم يتمتعون بوضع أفضل حتي من المملكة العربية السعودية.
أنا ذات يوم سألت مسؤولا إماراتيا رفيع المستوي بأي وازع دخلتم الحرب مع اليمن؟ وهل تعتقدون أن تصرفكم هذا بالنسبة لبلد عربي عريق، صحيح أم لا؟ فقال لي ذلك المسؤول إننا نمتطي المهر السعودي المسرج في اليمن، وفي النهاية نعتقد أن الرابح في حرب اليمن سوف تكون الإمارات وليس السعودية، وأنا بدوري قلت له إنما الرابح في الحرب هو الشعب اليمني المغلوب علي أمره، لذلك أري أن هذه الأبراج الشاهقة في أبوظبي ودبي قد تسببت بالخيلاء لدي المسؤولين الإماراتيين، وهذا ما دفعهم للخوض في حرب اليمن والتطبيع مع الصهاينة.
الحقيقة المرة في التطبيع الإماراتي الصهيوني والذي نرفضه، هو أن الإمارات تقبع تحت البسطال الأميركي، وبعض ما حدث من الأحداث المرة التي شهدناها مؤخرا هي لم تكن قرارا مستقلا من حكام الإمارات بل إن الضغوط الأميركية والصهيونية هي التي جعلت الإمارات تقبل الرضوخ لهذه المذلة، وأن تقوم بهذه الخيانة بحق القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
كيف يمكن تعريف العلاقات السعودية الإماراتية؟ فيبدو أن هناك صداقة ممزوجة بالمنافسة الشديدة بين المحمدين؟
أميرعبداللهيان: قاعدة اللعبة التي كانت تحكم الجيل القديم في السعودية والإمارات كلاسيكيا هو أنهم كانوا يحترمون ويوقرون كبرائهم وجيرانهم، ولكن في السنين الأخيرة ومع صعود محمد بن زايد في الإمارات ومحمد بن سلمان في السعودية سلك هؤلاء مسالكا جديدة، ففي السنين الأخيرة بذل بن زايد جهودا لإعطاء صورة إيجابية ناصعة من محمد بن سلمان لدي الأميركان والغرب بشكل عام، لذلك يري بن سلمان نفسه مدانا لبن زايد من حيث تثبيت مكانته بصفته ولي عهد السعودية، كما أن بعض الأحداث الإقليمية جعلت المحمدين يقفان إلي جانب الآخر، وأهمها هو الاعتداء علي الشعب اليمني، فالإماراتيون ومن منطلق استعماري يسعون لتأمين مصالح لهم في الجنوب اليمني.
في اليمن هناك أكثر من تنافس بين السعودية والإمارات، بحيث يمكننا القول حتي إن البلدان شهدا في العامين الماضيين خصاما في اليمن، لكن اليمنيين وبحنكة ومقاومة عالية ردوا بقوة علي عدوان التحالف السعودي الإماراتي الإسرائيلي البريطاني الأميركي علي اليمن.
لقد انهار التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، ولكن مازال يبدو أن هناك تعاون بين المحمدين في موضوع اليمن، في وقت تشهد الساحة اليمنية خلافات كبيرة بين الإماراتيين وحكومة هادي، وبالمقابل خلافات كبيرة بين السعودية والجنوبيين المدعومين من قبل الإمارات، برأيكم ما هي حقيقة التعاون الإماراتي السعودي في اليمن؟
أميرعبداللهيان: أولا، هناك مستوي من التعاون بين الإمارات والسعودية، لأن كلاهما متورط في حرب اليمن، وكلاهما يبحث عن مخرج مشرف من الحرب، ولكن نظرا لعدوانية رؤاهم تجاه اليمن، لم يتمكنا من تحقيق هذا الهدف بعد، لكن تنافساً وآثاراً من العداء تطفو علي جيل الشباب من حكام السعودية والإمارات.. وإنما إطالة أمد الحرب علي اليمن وخلافهما حول المستقبل السياسي لليمن مؤشر علي ذروة التنافس وآثار العداء بين البلدين.. لكن الإماراتيين يريدون إسقاط السعودية ورفع أنفسهم.
كما أن تجاسر الإمارات في التواصل مع الكيان الصهيوني هو أحد الأسباب أيضا، حيث أن الإمارات تعتقد أنها لو ربطت نفسها بالولايات المتحدة والكيان الصهيوني، يمكنها آنذاك لعب دور أكثر نشاطا في المنطقة.
ذات مرة كنت أتحدث مع مسؤول إماراتي وذلك عندما كانت الإمارات نشطة للغاية في غارات الناتو الجوية علي ليبيا، وتحديدا عندما تمت الإطاحة بنظام القذافي.. آنذاك شاركت الإمارات مع الناتو، وبطائرة مقاتلة عسكرية واحدة فقط، في عمليات إسقاط العقيد القذافي.
أنا مازحت ذلك المسؤول الإماراتي الذي كانت تربطني به علاقة صداقة، لكن ما كنت أقوله كان جديا؛ قلت إن الإمارات يجب ألا تخوض حربا لأن لديكها مكانة اقتصادية وتجارية في المنطقة.. فالإمارات لا تحتمل خوض حرب ولا تطيق عواقب ذلك. عندما كنت أذكر له المثال قلت لا تنسوا بأنكم تشاركون بطائرة مقاتلة واحدة ضمن حلف شمال الأطلسي في الحرب الليبية ضد العقيد القذافي، وكانت قائدة تلك الطائرة امرأة وصادف أنها إيرانية الأصل، وسألته ما شأن الإمارات والحرب؟! ما شأن الإمارات بالعدوان علي دولة ذات حضارة عربية وإسلامية عريقة في المنطقة؟!
أريد حقا أن أقول للسيد محمد بن زايد وجميع كبار المسؤولين في الإمارات العربية المتحدة ألا يتصرفوا في سياستهم الخارجية بناء علي الأوهام، بل أن ينطلقوا من الحقائق. ففي بعض الأحيان يا حبذا لو نظروا إلي خارطتهم الجغرافية وانتبهوا إلي حجم جيرانهم، لكي يعدلوا سياستهم الخارجية بما يتناسب مع قدرتهم وموقعهم وقوتهم، ومع نظرة ودية بالنسبة للجيران، وليس من خلال بيع الجيران وفلسطين إلي أميركا والصهاينة المغتصبين.
ما هو المصير الذي تتصوره لليمن في ظل هذا التعاون المشوب بالتنافس والعداوة أحيانا بين السعودية والإمارات؟
أميرعبداللهيان: بادئ ذي بدء، أعتقد أن السعودية والإمارات تنفذان خطة اللوبي الصهيوني والأميركي بالنسبة لليمن، وهدفهما الأساسي هو تقسيم اليمن، أي أنهما باتا عملاء لبريطانيا والولايات المتحدة والصهاينة.. ولكن ما حدث هو أن أنصار الله وحلفاؤها وجميع القبائل اليمنية الأصيلة حالوا دون تحقيق هذا الهدف الأميركي الصهيوني، والذي تنفذه السعودية والإمارات.
أعتقد أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية سوف لن يكون لهما مكان في مستقبل اليمن، ويمكنهما التعويل كبلدين من بلدان المنطقة ومن حيث قربهما من اليمن لا أكثر، فإذا بقيت وجهة نظرهما وجهة استعمارية، فقد فشل مستعمرون عظام مثل بريطانيا العظمي في هذه المنطقة واندحروا منها صاغرين، سيري السعوديون والإماراتيون أن الأميركيين وفي مستقبل غيربعيد، ورغم كل مزاعمهم، سيتركون منطقة غرب آسيا في حالة ذل.. وأن مستقبل اليمن بالتأكيد يقرره الشعب اليمني وجميع الأطراف والأحزاب اليمنية، وليس اللاعبين الآخرين الأجانب.
يبدو أن الإمارات، مثل البرتغاليين في القرن الثامن عشر، تتطلع إلي تكوين أرخبيل مترابط في أنحاء العالم، من اليمن إلي الصومال وليبيا وما إلي ذلك. إذا كان الجواب نعم، فهل تعتبر هذا الحلم واقعيا؟
أميرعبداللهيان: سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة نتائج جيدة في مجال التجارة والاقتصاد في منطقتنا باسمها، لكنها ارتكبت خطأ استراتيجيا في متابعة القضايا الإقليمية من الخلال العسكر.. وفي نفس الوقت هم يحاولون التدخل بمختلف الحروب في المنطقة، أو إطلاق جزء من الصراع.
حاولت الإمارات التدخل في مصر وليبيا وكذلك في اليمن، وحتي في البحرين وسوريا، وذلك بالاستعانة من الأموال الطائلة التي تمتلكها، وذلك لكيي تلعب دور الممثل والفاعل، لكنها للأسف لعبت دورا سلبيا في هذه المجالات. ندعو دولة الإمارات إلي محاولة لعب دور بناء وإيجابي في المنطقة والتفكير في أمن المنطقة والصداقات والجوار والتعاون. والخطأ الكبير الذي ارتكبته هو أنهل وقعت اتفاقية تعاون مع الغدة السرطانية في المنطقة. وهذا يمكن أن يجلب مستقبلا سيئا للغاية لدولة الإمارات العربية المتحدة. فلن يسكت الفلسطينيون علي هذه الخيانة التي ارتكبتها الإمارات.
اليوم ليس مثل عقود قليلة مضت عندما وقع أنور السادات علي كامب ديفيد. اليوم، التطورات سريعة للغاية ومعقدة للغاية. أنصح أصدقائي الإماراتيين بمراجعة مصير أنور السادات وتصحيح سلوكهم تجاه المثل العليا للمسلمين وقضايا فلسطين.
تمكن الإماراتيون من تحقيق مكانة اقتصادية جيدة نسبيا في المنطقة علي مدار العقدين أو العقود الثلاثة الماضية، لكنهم ارتكبوا خطأ استراتيجيا من أجل مواصلة العمل. في نفس الوقت، أعتقد أنهم خُدعوا جراء الاتصالات السرية للكيان الصهيوني، وبالطبع، تحت ضغط الأميركيين، قاموا بمثل هذا الفعل الخاطئ. أعتقد أن الخطأ الذي ارتكبه محمد بن زايد قد يكون من الممكن أن يقوم محمد بن راشد باتخاذ تدابير أكثر حكمة، وهناك أشخاص آخرون في الإمارات العربية المتحدة يمكنهم تصحيح هذا الخطأ الاستراتيجي والعودة عن هذا المسار الخاطيء. عرضت الإمارات أمنها للخطر جراء تعاونها مع الكيان الصهيوني.
بأي حسابات كانت الإمارات قد دخلت التعاون مع الكيان الصهيوني فهي وأولا تعرض أمنها بالذات للخطر، لأن الصهاينة أين وضعوا أقدامهم كان انعدام الأمن ثمرة ذلك، وفي الدرجة الثانية فإنهم يعرضون بذلك أمن الخليج الفارسي للخطر، وثالثا يعرضون أمن انتقال الطاقة من هذه المنطقة، ورابعا يعرضون بذلك أمن جيرانهم ومنها الجمهورية الإسلامية للخطر.
ومنذ أن أفصحت الإمارات تطبيعها لعلاقاتها مع الكيان الإسرائيلي الموهوم فإن أي حدث ظاهر أو مبطن يحدث علي يد أجهزة المخابرات الإسرائيلية أو عملائهم في الجمهورية الإسلامية أو المنطقة فإن الرد الذي سوف يأتي سوف لن يكون موجها للكيان الصهيوني وحسب، وسوف تكون الإمارات جزءا من الرد."
علي الإماراتيين ألا ينسوا أن تعامل نتنياهو معهم في هذه القضية كان يتضمن ذلك القدر من الإهانة بحيث أنه يشعر أن الإمارات بأكملها ليست سوي مستوطنة صهيونية يزيح الستار عنها اليوم، وهذه إهانة ارتضاها محمد بن زايد للشعب الإماراتي وللمنطقة، ونحن آسفون بشدة لذلك، ونأمل كثيرا أن يعود أصحاب العقول في الإمارات العربية المتحدة من هذا الطريق الخطأ.
مع ذلك فإن العربية السعودية لم تنحو منحي أفضل من الإمارات، فأن تسمح الرياض لطائرات الكيان الموهوم والمجرم الصهيوني من استخدام أجواءها فهذا أقل ما يمكن لها أن تفعله لهذا الكيان، فهي التي تزعم أنها خادمة الحرمين الشريفين لا يمكنها أن تتخذ نفس مسار الإمارات، لذلك فإن إجراء السعودية هذي يجب وصفه بالخيانة الكبري للقضية الفلسطينية وللدول والأمة الإسلامية.
لذلك، نحذر السعوديين مثل الإماراتيين من أن الأوان لم يفت بعد ويمكن التصرف وفق العقل والتدبير. وننصحهم بالابتعاد عن المسار الخاطئ الذي يسلكونه وربما البحرين سيسلك مسارهما، ونطلب منهم عدم التلاعب بأمن المنطقة عبر التعاون والتطبيع مع أكثر الأنظمة إجراما كالنظام المزيف لإسرائيل. اتخاذ قرار مستقل بما يتناسب مع مصلحة البحرين وشعبه.
برأيكم من ستكون الدولة التالي التي تنوا نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني ومتي سيكون دور السعودية في التطبيع؟
أميرعبداللهيان: يسعي الصهاينة إلي تطبيع العلاقات مع الدول العربية ويريدون من خلال ذلك الوصول بشكل أوسع إلي الدول العربية الإسلامية في المنطقة، وذلك بهدف تنفيذ الخطة الصهيونية الكبري التي تهدف لتقسيم المنطقة بشكل أسرع، ستستنتج السعودية من علاقتها مع الكيان الصهيوني أن الخطط الأميركية الصهيونية لتفكيك السعودية ستنفذ بشكل أسرع، وهناك وجهة نظر مشابهة حيال الإمارات أيضا؛ قد تقول أن الإمارات ليست دولة كبيرة ، لكن الصهاينة يريدون من خلال مؤامراتهم السرية تقسيم الإمارات إلي 7 دول أو مناطق منفصلة، وهذا ما سعوا لتحقيقه في السنوات الأخيرة ضد إيران والعراق وسوريا وحتي مصر وتركيا.
تتعرض بعض الدول للضغوط الأميركية والصهيونية للقبول في التطبيع، وعلي سبيل المثال فنظام آل خليفة في البحرين ليس لديه مشكله مع تطبيع العلاقات مع الكيان ولكن نأمل ألا يرتكب أي بلد عربي آخر الخطأ الذي ارتكبته الإمارات، عليهم أن ينتبهوا لعواقب هذا الموضوع.
أكبر خطأ يرتكبه الإماراتيون هو أنهم بدل من أن يلعبوا في أرضهم فهم يلعبون في أرض الأميركيين والصهاينة كما يحدث مؤخرا، وما حدث مؤخرا زاد من احتمالية إضعاف الإمارات في المنطقة وهذا يعني زيادة التوتر في المنطقة وهذا الموضوع يمكن أن يؤثر سلبا علي كل دول المنطقة ومن ضمنها الجمهورية الإسلامية في إيران.
حكام الإمارات اصيبوا بدوار سياسي شديد وهذا قد يدفعهم لاتخاذ قرارات خاطئة وارتكاب اخطاء استراتيجية، وهذا الموضوع من شأنه ارجاع الإمارات إلي الوراء، وإذا لم تعيد الإمارات النظر في علاقتها مع الكيان الصهيوني وسياساتها تجاه جيرانها والمنطقة، فإن الصهاينة الذين دخلوا الإمارات بثوب السلام سيعيدون حكام الإمارات عقودًا إلي الوراء.
أين تقف البحرين من التطبيع؟
أميرعبداللهيان: يعاني النظام البحريني من مشاكل داخلية عديدة وقد ابتعد حكام البحرين كثيرا عن شعبهم، حيث أن انتهاك حقوق الإنسان في البحرين مازالت تشكل معضلة حقيقة في البحرين ورغم تفشي وباء كورونا مازال السجناء والسجون موجودة وبكثرة في البحرين، إذا اراد آل خليفة الكشف عن علاقاتهم المخفية مع الكيان الصهيوني سوف تنطلق موجة جديدة من الاعتراضات في البحرين، لكن للأسف فإن آل خليفة يتخذون قراراتهم تحت تأثير السياسات الأميركية والسعودية، نأمل أن يستطيعوا اتخاذ قرار مستقل بما يتناسب مع مصلحة البحرين وشعبه.
يتم في هذه الأيام تنفيذ قانون قيصر ضد سوريا بصرامة بالتزامن مع ازدياد الإعتداءات الإسرائيلية علي الأرضي السورية.. لماذا، هل هذا الموضوع يهدف مساعدة ترامب في الانتخابات أو إبعاد إيران عن سوريا.. أم أن هناك أسباب أخري؟
أميرعبداللهيان: علي ما يبدوا أن تكثيف الاعتداءات الجوية الإسرائيلية علي الأرضي السورية، ينصب ضمن محاولة الإسرائيليين كسب معلومات عن قدرة منظومة الدفاع الجوي الإيراني في سوريا ومواقع استقرارها، القضية السورية بالنسبة لنا قضية استراتيجية وعلاقاتنا مع سوريا هي خط أحمر ولا نسمح لأحد أن يعبر خطوطنا الحمراء في سوريا، ونحن مستمرون بدعم سوريا علي المستويين السياسي والاستشاري، الأعداء مازالوا يعملون ضمن الإطار الذي رسموه لنفسهم منذ البداية الذي يهدف إسقاط النظام السياسي في سوريا، هم يسعون لتحقيق هذا بطرق أخري، ويسعون من خلال الضغوط الاقتصادية المتمثلة بقانون قيصر رفع مستوي الاحتجاجات في الداخل السوري.
مثلا في لبنان وبعد انفجار بيروت قالوا إن هذه المواد التي انفجرت تعود لحزب الله، وبعد أن فشلوا في إثبات هذه الكذبة الكبيرة راحوا يروجون لأن وجود سلاح المقاومة يجعل الدول الغربية غير مستعدة لإرسال المساعدات الدولية إلي لبنان، ومن ناحية أخري يسعون لتجويع الناس وتقليل ضخ الدولار والعملة الصعبة ليقولوا إن ما يعاني منه الناس هو بسبب حزب الله، هذه سياسة الضغط الاقتصادي نفسها التي سعوا لتنفذها ضد إيران وسوريا، كما أنه خلال الأشهر القادمة ستشهد سوريا انتخابات رئاسية، وهم يسعون من خلال تنفيذ الضغوط القصوي أن يحققوا ما عجزوا عن تحقيقه خلال سنوات الحرب التسعة، ولكن نحن متأكدون أن هذه الطريق لن تؤتي أكلها للأميركيين لا في لبنان ولا سوريا ولا الجمهورية الإسلامية في إيران.
ما الذي يبحث عنه ماكرون في المنطقة بعد زيارته إلي العراق بعد لبنان، حيث تحدث عن خطة قدمها للمسؤولين العراقيين وينتظر الرد؟
أميرعبداللهيان: في البداية أعتقد أن السيد ماكرون لديه أيضا وهم كبير، فقبل معالجة الملف اللبناني، يجب عليه مراجعة مجتمعه وحل مشكلة الحكومة الفرنسية مع السترات الصفراء والمحتجين والمهاجرين الذين يعيشون في أصعب الظروف في البلاد.
سلوك ماكرون الاستعماري في زيارتيه إلي لبنان وتهديداته وتدخلاته في لبنان يعود إلي العصر الحجري، عندما كان للفرنسيين وبعض المهيمنين ما يقوله، بينما اللبنانيين قادة شعبا يتمتعون بمستوي عالٍ من التفاهم ويمكنهم أن يقرروا مستقبل بلدهم، ولا يحتاجون إلي الوعود الفارغة بالمساعدات التي يطلقها ماكرون.
يواجه ماكرون نفسه مشاكل عديدة ضمن القضايا الاقتصادية في فرنسا، وأصبحت من المشاكل الكبيرة لدرجة أن مئات الآلاف من الناس يأتون إلي الشوارع فيما يتم قمعهم، فلا حاجة لعرض ماكرون عضلاته في لبنان.
أعتقد أن حنكة القادة والأحزاب اللبنانية أدت إلي إجماع سريع علي تشكيل الحكومة الجديدة، وبالتأكيد ستجتاز الحكومة اللبنانية الجديدة هذه المرحلة إذا توقفت التدخلات الخارجية، بما في ذلك التدخلات السعودية والفرنسية وغيرهما. يمكنهم بسهولة اجتياز هذه المرحلة. طبعا سنستفيد إلي أقصي حد من دورنا البناء في دعم الشعب اللبناني والمساهمة في إرساء أمن هذا البلد واستقراره وتنميته دون أي تدخل في لبنان، كما نوصي الآخرين بأنه يمكنهم المساعدة البناءة ومن دون تدخل، ووفق مطالب القادة السياسيين اللبنانيين.
هناك خلافات بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، وتسعي فرنسا نوعا ما لتولي القيادة الأوروبية أو العمل كفاعل مستقل، كما هناك تقسيم للأدوار بين الأميركيين والفرنسيين، حيث أن الفرنسيين يؤدون دور قوات المشاة لأميركا في لبنان، ويسعون لتحقيق الأهداف الأميركية والفرنسية المشتركة وبنظرة استعمارية جديدة وبأساليب جديدة في لبنان، وأعتقد أن تسرع ماكرون وتهديداته تتعارض مع مصالح وسياسات فرنسا والولايات المتحدة في لبنان.. اللبنانيون لديهم قادة أذكياء، وهم قادرون علي تشكيل أفضل مستقبل لبلدهم، وبالنظر إلي مثلث المقاومة والجيش والحكومة، والذي يتوسطه الشعب والأمة اللبنانية يمكنهم تحقيق أفضل مستقبل لبلادهم.
العالم: انعقد اجتماع الفصائل الفلسطينية في بيروت يوم الجمعة.. إلي أي مدي يمكن عملياً أن يأمل المرء في إجماع وتعاطف الفصائل الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بشأن قضية التطبيع؟
أميرعبداللهيان: لقد تحدثت مع رئيس البرلمان الفلسطيني سليم زعنون الأسبوع الماضي، وكان من المثير جدا بالنسبة لي أن السلوك الأميركي الإسرائيلي ترك حتي السلطة الفلسطينية محبطة تماما من الوعود الأميركية ضمن صفقة القرن، وبالنسبة للاجتماع الذي عقد مؤخرا للقادة الفلسطينيين في لبنان، أعتقد أنه شيء جيد جدا بأنهم اجتمعوا إلي جانب الآخر، أولا وقبل كل شيء، فإن العامل الأساسي الذي يؤثر علي القضية الفلسطينية ويغيرها هي المقاومة والشعب الفلسطيني، لذلك كانت المقاومة دائما فاعلة وديناميكية. لكن علي المستوي السياسي، فإن قادة المقاومة والقادة السياسيين والفصائل الفلسطينية كان لديهم مثل هذا الاجتماع في لبنان وفي هذا المنعطف الحرج بالذات، وأنا أعلم أنهم حققوا نتائج جيدة للغاية، لكن علينا الانتظار لنري تطبيق هذه النتائج علي الأرض. أنا أعتبر هذا الاجتماع فأل خير، ومستقبل المنطقة سيري أن القادة والمجموعات الفلسطينية ستعمل بمزيد من التماسك والوحدة والفاعلية في مواجهة الكيان الصهيوني، وعلي الرغم من سعادة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من إقامة علاقات مع الإمارات، فإنها بالطبع تقتصر حاليا علي وسائل الإعلام ورحلات طيران، فإذا تم فتح السفارة الإسرائيلية في أبو ظبي، فليس من الواضح أن يسمح الفلسطينيون بحدوث مثل هذا الأمر في الإمارات. فقد وجهت الفصائل الفلسطينية رسالة قوية لكل من الإمارات والدول التي قد تفكر في أنها تريد أن تحذو حذو الإمارات مع الكيان الصهيوني. سيكون اليوم الذي يلي هذه المحادثات ومستقبل الحركة الفلسطينية في المنطقة مختلفين، وسيكون الاختلاف في اتجاه تحقيق أكبر قدر من حقوق الشعب الفلسطيني.
كيف تقيم الوضع الداخلي في الكيان الإسرائيلي فيما يتعلق بأزمة كورونا وتشكيل الحكومة؟
أميرعبداللهيان: الوضع داخل الكيان الإسرائيلي متوتر بشكل كبير، ومن المتوقع ان يتم حل البرلمان الحالي واجراء انتخابات مبكرة، بالإضافة إلي ان ملفات الفساد والاختلاس المتعلقة بنتنياهو وعائلته مطروحة علي الطاولة في الداخل الإسرائيلي، وهو يحاول من خلال الإعلان عن العلاقات الإسرائيلية – الإماراتية الالتفاف علي المشكلات داخل الأراضي المحتلة، حيث ان الكيان الإسرائيلي لم يستطع خلال 7 عقود ان يضمن الأمان لمستوطنيه في الأرضي المحتلة.
ما هو مستقبل التطبع بين الدول العربية والكيان الصهيوني وكيف تري مستقبل الشعب الفلسطيني؟
أميرعبداللهيان: انا متفائل جدا فيما يتعلق بمستقبل فلسطين التي استطاعت ان تقاوم لسبعة عقود حيث ان الكيان اليوم في اوج مشاكله، ولم يتم تحقيق أي مشروع من المشاريع التي سعت امريكا لتنفيذها بكل ما اتيت من قوة، واليوم المقاومة صاحبة الكلمة الأقوي في فلسطين، والكيان في حالة انهيار، فنحن نتحدث اليوم عن إسرائيل المحبوسة خلف جدار اسمنتي، داخل حبس يدعي الأراضي المحتلة، نحن نحترم حقوق الشعب الفلسطيني بما فيه اليهود والمسلمين والمسيحيين، ولكننا لا نعترف بالكيان الغاصب الذي يقوم بقتل الشعب الفلسطيني، وعلي الرغم من التبعات الصعبة التي أتتنا نتيجة هذا الموقف إلا اننا نعلن بصوت مرتفع اننا نقف إلي جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية.
وكلما زادوا من شدة الحظر علينا سوف نقوم بزيادة دعم المقاومة في المنطقة وقد قدمنا من أجل تحرير القدس وفلسطين دماء اشخاص عظماء كالشهيد الفريق قاسم سليماني، وسنتابع مسيرنا حتي يتلاشي الكيان الصهيوني من المنطقة وستقف الأمة الإسلامية ومحور المقاومة إلي جانب الشعب الفلسطيني ولن يتأخر تحرير القدس الشريف ان شاء الله