يا من يعلم هواجس السرائر (۱۳)، ومكامن الضمائر، وحقايق الخواطر، يامن هو لكل غيب حاضر، ولكل منسي ذاكر، وعلى كل شئ قادر، وإلى الكل ناظر، بعد المهل (۱٤)، وقرب الاجل، وضعف العمل، وأرأب الامل (۱٥)، وآن المنتقل (۱٦).
وأنت يا الله الاخر كما أنت الاول، مبدئ ما أنشأت، ومصيرهم إلى البلى ومقلدهم أعمالهم، ومحملها ظهورهم إلى وقت نشورهم من بعثة قبورهم، عند نفخة الصور، وانشقاق السماء بالنور، والخروج بالمنشر إلى ساحة المحشر، لايرتد إليهم طرفهم (۱۷) وأفئدتهم هواء (۱۸)، متراطمين (۱۹) في غمة مما أسلفوا، ومطالبين بما احتقبوا (۲۰)، ومحاسبين هناك على ما ارتكبوا.
الصحائف في الاعناق منشورة، والاوزار على الظهور مأزورة (۲۱)، لاانفكاك ولا مناص، ولامحيص (۲۲) عن القصاص، قد أفحمتهم (۲۳) الحجة وحلوا في حيرة المحجّة، همسوا الضجة، معدول بهم عن المحجة، إلا من سبقت له من الله الحسنى، فنجي من هول المشهد، وعظيم المورد، ولم يكن ممن في الدنيا تمرد، ولاعلى أولياء الله تعند ولهم استعبد، وعنهم بحقوقهم تفرد.
اللهم فان القلوب قد بلغت الحناجر، والنفوس قد علت التراقي، والاعمار قد نفدت بالانتظار، لاعن نقص استبصار، ولاعن اتهام مقدار (۲٤)، ولكن لما تعاني من ركوب معاصيك، والخلاف عليك في أوامرك ونواهيك، والتلعب بأوليائك ومظاهرة أعدائك.
اللهم فقرب ماقد قرب، وأورد ماقد دنى، وحقق ظنون الموقنين وبلغ المؤمنين تأميلهم من إقامة حقك ونصر دينك، وإظهار حجتك والانتقام من أعدائك.
*******
دعاؤه عليه السلام في القنوت
اللهم اغفرلي وارحمني وعافني انك على كل شيء قدير.
*******
(۱۳) هجس الشيء في صدره يهجس: خطر بباله، او هو ان يحدث نفسه في صدره مثل الوسواس.
(۱٤) المهل -بالتحريك- المهملة والرفق.
(۱٥) ارأب العمل (خ ل)، رأب الشيء: جمعه وشدة برفق.
(۱٦) آن المنتقل: اي الانتقال الى الاخرة.
(۱۷) لايرتدّ اليهم طرفهم: لاترجع اليهم اعينهم ولا يطبقونها ولا يغمضونها.
(۱۸) افئدتهم هواء: قلوبهم خالية من كل شيء، فزعاً وخوفاً.
(۱۹) رطمه: ادخله في امر لا يخرج منه فارتطم.
(۲۰) احتقبه واستحقبه: ادّخره.
(۲۱) وزره وزراً: حمله.
(۲۲) المحيص: المحيد والمعدل والمميل والمهرب.
(۲۳) الافحام: الاسكات.
(۲٤) اتهام مقدار: اي ليس جزع القلوب ناشئاً عن قلة الاستبصار واليقين، ولا عن اتهام قدر الله وقضائه بانهما وقعا على خلاف المصلحة او قدرة الله بان ننسبها الى ضعف.
*******
المصدر: الصحيفة الباقرية