وثمة عدو آخر لأهل البيت (عليه السلام) قد اشاد بفضل الإمام (عليه السلام) وهو المنصور الدوانيقي فقد قال في رسالته التي بثها إلى ذي النفس الزكية: ولم يولد فيكم أي في العلويين بعد وفاة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) مولود مثله - أي مثل زين العابدين -.
وكان الفرزدق شاعر العرب الأكبر ممن غمرته قيم الإمام زين العابدين (عليه السلام) وآمن بسمو ذاته وقداسته وقد انبرى في رائعته الخالدة التي ارتجلها للإشادة بمواهب الإمام وسائر نزعاته وصفاته وذلك حينما انكر الطاغية هشام معرفته أمام أهل الشام لئلا يفتتنوا بمعرفته فعرفه الفرزدق لهم بقوله:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد اللّه كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها: إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يرقى إلى ذروة المجد التي قصرت عن نيلها عرب الإسلام والعجم
يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
يغضي حياء ويغضى من مهابته فلا يكلم إلا حين يبتسم
بكفه خيزران ريحها عبق من كف اروع في عرنينه شمم
من جده دان فضل الأنبياء له وفضل امته دانت له الأمم
ينشق نور الهدى عن نور غرته كالشمس تنجاب عن اشراقها الظلم
مشتقة من رسول اللّه نبعته طابت عناصرها والخيم والشيم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء اللّه قد ختموا
اللّه شرفه قدما وفضله جرى بذاك له في لوحه القلم
لقد كان الإمام اعظم صورة رآها الفرزدق في دنيا الشرف والفضائل فهام بحبه والولاء له.
أما السيد الحميري فقد وقف مواهبه لأهل البيت الذين هم معدن الرحمة والفضيلة في الأرض فلم يترك مأثرة من مآثرهم ولا فضيلة من فضائلهم إلا نظمها في البديع من شعره وقد مدح الإمام زين العابدين (عليه السلام) بهذا البيت:
ورابعهم علي ذو المساعي به للدين والدنيا قوام
وقال ابن شهاب: ما رأيت قرشيا أفضل من علي بن الحسين .
قال ابن زيد: كان أبي يقول: ما رأيت مثل علي بن الحسين اعظم قط.
هؤلاء بعض المعاصرين للإمام (عليه السلام) بما فيهم من محبين ومبغضين له قد اجمعوا على أن الإمام صرح من صروح التقوى والعلم في الإسلام.
المصدر: حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)، باقر شريف القرشي