لا يَبْلُغُكَ بُعْدُ الْهِمَمِ، وَلا يَنالُكَ غَوْصُ الْفِطَنِ، وَلا يَنْتَهي اِلَيْكَ نَظَرُ النَّاظِرِ في مَجْدِ جَبَرُوتِكَ، اِرْتَفَعَتْ عَنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقينَ صِفاتُ قُدْرَتِكَ، وَعَلا عَنْ ذلِكَ كَبيرُ عَظَمَتِكَ، لا يَنْقُصُ ما اَرَدْتَ اَنْ يَزْدادَ، وَلا يَزْدادُ ما اَرَدْتَ اَنْ يَنْقُصَ، لا اَحَدٌ شَهِدَكَ حينَ فَطَرْتَ الْخَلْقَ، وَلا نِدٌّ حَضَرَكَ حينَ بَرَأْتَ النُّفُوسَ.
كَلَّتِ الْاَلْسُنُ عَنْ تَفْسيرِ صِفَتِكَ، وَانْحَسَرَتِ الْعُقُولُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِكَ، وَكَيْفَ تُوصَفُ وَاَنْتَ الْجَبَّارُ الْقُدُّوسُ الَّذي لَمْ تَزَلْ اَزَلِيّاً دائِماً فِي الْغُيُوبِ وَحْدَكَ، لَيْسَ فيها غَيْرُكَ، وَلَمْ يَكُنْ لَها سِواكَ، وَلا هَجَمَتِ الْعُيُونُ عَلَيْكَ فَتُدْرِكَ مِنْكَ اِنْشاءً، وَلا تَهْتَدِي الْقُلُوبُ لِصِفَتِكَ، وَلا تَبْلُغُ الْعُقُولُ جَلالَ عِزَّتِكَ.