يا اِلهي كَمْ مِنْ بَلاءٍ وَجُهْدٍ صَرَفْتَهُ عَنّي وَاَرَيْتَنيهِ في غَيْري، وَكَمْ مِنْ نِعْمَةٍ اَقْرَرْتَ بِها عَيْني، وَكَمْ مِنْ صَنيعَةٍ شَريفَةٍ لَكَ عِنْدي، اِلهي اَنْتَ الَّذي تُجيبُ عِنْدَ الْاِضْطِرارِ دَعْوَتي، وَاَنْتَ الَّذي تُنَفِّسُ عِنْدَ الْغُمُومِ كُرْبَتي، وَاَنْتَ الَّذي تَأْخُذُ لي مِنَ الْاَعْداءِ بِظُلامَتي (۲).
فَما وَجَدْتُكَ وَلا أَجِدُكَ بَعيداً مِنّي حينَ اَدْعُوكَ (۳)، وَلا مُنْقَبِضاً عَنّي حينَ اَسْأَلُكَ، وَلا مُعْرِضاً عَنّي حينَ اَدْعُوكَ.
فَاَنْتَ اِلهي اَجِدُ صَنيعَكَ عِنْدي مَحْمُوداً، وَحُسْنَ بَلائِكَ عِنْدي مَوْجُوداً، وَجَميعَ اَفْعالِكَ (٤) عِنْدي جَميلاً، يَحْمَدُكَ لِساني وَعَقْلي وَجَوارِحي وَجَميعُ ما اَقَلَّتِ الْاَرْضُ مِنّي.
يا مَوْلاىَ اَسْأَلُكَ بِنُورِكَ الَّذِي اشْتَقَقْتَهُ مِنْ عَظَمَتِكَ الَّتِي اشْتَقَقْتَها مِنْ مَشِيَّتِكَ، وَاَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي عَلا اَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِواجِبِ شُكْري نِعْمَتَكَ، رَبِّ ما اَحْرَصَني عَلى ما زَهَّدْتَني فيهِ وَحَثَثْتَني عَلَيْهِ وَاِنْ لَمْ تُعِنّي عَلى دُنْياىَ بِزُهْدي وَعَلى اخِرَتي بِتَقْواىَ هَلَكْتُ.
رَبّي دَعَتْني دَواعِي الدُّنْيا مِنْ حَرْثِ النِّساءِ وَالْبَنينَ، فَاَجَبْتُها سَريعاً، وَرَكَنْتُ اِلَيْها طائِعاً، وَدَعَتْني دَواعِي الْاخِرَةِ مِنَ الزُّهْدِ وَالْاِجْتِهادِ، فَكَبَوْتُ (٥) لَها وَلَمْ اُسارِعْ اِلَيْها مُسارَعَتي اِلَى الْحُطامِ الْهامِدِ، وَالْهَشيمِ الْبائِدِ (٦)، وَالسَّرابِ الذَّاهِبِ عَنْ قَليلٍ.
رَبِّ خَوَّفْتَني وَشَوَّقْتَني، وَاحْتَجَجْتَ عَلَيَّ، فَما خِفْتُكَ حَقَّ خَوْفِكَ، وَاَخافُ اَنْ اَكُونَ قَدْ تَثَبَّطْتُ (۷) عَنِ السَّعْىِ لَكَ وَتَهاوَنْتُ بِشَيْءٍ مِنِ احْتِجابِكَ.

(۲) الظلامة والظليمة والمظلمة: ما تطلبه عند المظالم.
(۳) اريدك (خ ل).
(٤) فعلك (خ ل).
(٥) كبا يكبو: سقط لوجهه.
(٦) باد الشيء يبيد: هلك.
(۷) تثبّطت عنه: قعدت وشغلت عنه.

*******

المصدر: الصحيفة العلوية