أيها الأكارم،، بتأريخ (۹/۸/۱۳۹۱) حسب التقويم الهجري الشمسي الموافق للرابع عشر من شهر ذي الحجة الحرام سنة ۱٤۳۳ للهجرة، نشر موقع (تبيان) وهو من المواقع الإسلامية الإيرانية على شبكة الإنترنت، مقابلة أجرتها الأخت الكريمة (مهري هدهدي) مع سماحة الشيخ سلمان حدادي، أجاب فيها عن أسئلتها بشأن قصة إهتدائه إلى الدين المحمدي النقي، نستعرض لكم ما ورد في هذه المقابلة بشأن قصته، في البداية قال حفظه الله معرفاً نفسه؛
(إسمي سلمان حدادي، ولدت في مدينة سنندج الإيرانية سنة ۱۳٦۱ هجري شمسي (أي سنة ۱۹۸۲ ميلادية) وعند ولادتي قال أبي لأمي: سميه باسم ديني.. فسمتني (سلمان) لحبها لأميرالمؤمنين علي – عليه السلام – فوالدتي من أصول شيعية ولدت هي في سوريا، لكنني عندما كبرت كنت أشعر بالكره الشديد لهذا الإسم وأحس بالخجل منه لأنه إسم يوحي بالتشيع، فقد تأثرت كثيراً منذ الصغر بالدعايات الوهابية المسمومة ضد الشيعة، وصرت أكرههم وكنت أشعر بالمرارة والخجل لأن أمي من أصول شيعية.. عندما كنت في المرحلة المتوسطة من الدراسة شجعني والدي على دراسة العلوم الدينية – ولكن طبق المنهج الوهابي طبعاً – وبالفعل بدأت وأنا في المتوسطة بدراسة العلوم الدينية، وبعد أن أكملت الدراسة الثانوية العامة إنتقلت إلى مدينة زاهدان للدراسة في مدارسها الدينية وواصلت الدراسة فيها في مدرسة (المسجد المكي) طوال ثلاث سنوات، أرسلني بعدها والدي إلى باكستان فدرست أربعة أشهر في مدينة (رايوند) الباكستانية دورة كاملة في التبليغ الديني).
أيها الإخوة والأخوات وطوال هذه السنين من الدراسة كانت الأفكار الوهابية تغزو قلب هذا الشاب وتزرع فيه الحقد على جميع الطوائف الإسلامية وبالخصوص أتباع مدرسة أهل البيت وشيعتهم – عليهم السلام – ولا يخفى عليكم ما تنفقه السعودية وأجهزة الوهابية من أموال طائلة لنشر أفكار التعصب الوهابي.. لكن رحمة الله تبارك وتعالى كانت تهيئ الأسباب لهذا الشاب باتجاه آخر يكشف له زيف تلك الأفكار الجاهلية ذات الجذور الأموية.
يقول أخونا سلمان حدادي متابعة نقل قصته:
(بعد أن بلغت رتبة (المولوي) وهي من الرتب الدينية في تلك المدارس وبعد عودتي من باكستان شاركت في الإمتحانات العامة للدخول في الجامعة، وقبلت في جامعة مدينة كرمانشاه في قسم هندسة إستخراج المعادن.. وعندما درست دورة التبليغ الديني في باكستان حضرت عشرين درساً خصوصياً عند شخص إسمه (إبراهيم نجاد) كان يعلمني كيف أجذب من يحاورني إلى اعتناق الوهابية في مدة خمس دقائق!
تذكرت هذه الدروس الخصوصية عندما تعرفت في الجامعة على زميل شيعي إسمه (مهدي رضائي) أعجبتني كثيراً أخلاقه الطيبة وجميل معاشرته للآخرين وقوة إيمانه، وكنت أكرر خطابي له بالقول: أليس من الظلم أن تكون شيعياً وأخلاقك بهذه الطيبة؟ كنت أشعر بأذاه من سماع هذا القول لكنه كان يلتزم الحلم ولا يعنفني وتارة كان يقول لي مبتسماً: أليس من الظلم أن تكون سلفياً وهابياً؟)
مستمعينا الأطائب، وقبل أن نتابع إستعراض قصة الأخ سلمان حدادي نشير إلى أثر تحلي المؤمنين بالأخلاق الطيبة وحسن التعامل مع الآخرين في جذبهم للدين الحق، إقتداءً بحبيبنا رسول الله – صلى الله عليه وآله – صاحب الخلق العظيم الذي كان طيب أخلاقه أحد أهم العوامل التي أدت إلى إنتشار الإسلام، وتأسياً به – صلى الله عليه وآله – يوصينا مولانا الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – بذلك قائلاً: (كونوا لنا دعاةً بغير ألسنتكم).. وهذا ما رأيناه في أثر طيب أخلاق الأخ مهدي رضائي على زميله سلمان حدادي، فرغم تشبعه بسموم الأفكار الوهابية إلا أنه انجذب إلى أخلاق زميله الشيعي، فبقى على علاقته به سنين متواصلة، ولتكون هذه العلاقة سبباً لنجاته من ظلمات التعصبات الأموية.
يقول أخونا سلمان حدادي في تتمة قصته ما ترجمته؛
(إستمرت صداقتي لزميلي مهدي رضائي على مدى أربع سنين، كان خلالها يدعوني بين الحين والآخر قائلاً: حبذا لو تشارك ولو مرة واحدة في مجالس سيد الشهداء الحسين – عليه السلام - ، وكانت هذه الدعوة تشق علي كثيراً وكنت يومها ألتزم بظاهر الوهابي المتعصب من طول اللحية ونظائر ذلك، فكنت أجيبه بعنف: ما هذه الكفريات التي تدعوني لحضورها؟ فكان يجيبني: لا بأس أن تأتي لرؤية هذه الكفريات عن قرب ولو مرة واحدة.. إستجبت لإصراره ووافقت على الحضور لمرة واحدة فقط في المجلس الحسيني، وبالفعل ذهبت معه وكانت ليلة عاشوراء إلى هذا المجلس وجلست في زاوية، وقد سيطر علي البغض والغضب، ثم رأيت سيداً جليلاً يصعد المنبر وطرق سمعي من كلامه قوله: من منكم مستعد الآن يضحي بنفسه في سبيل الله والإسلام وهو يعلم أن عياله وأطفاله سيؤسرون ويؤخذون سبايا بعد مصرعه؟ ما الذي رآه الحسين سيد الشهداء – عليه السلام – في تلك الأيام وجعله يقبل مندفعاً للتضحية بنفسه ثم يؤسر عياله وأطفاله؟ لماذا قدم الحسين – عليه السلام – كل تلك التضحيات العظيمة؟)
أيها الإخوة والأخوات، لقد جرى الله تبارك وتعالى تلك الأسئلة المحورية بشأن الملحمة الحسينية على لسان خطيب المنبر الحسيني في ليلة عاشوراء لكي ينفذ إلى قلب هذا الشاب وتنسف عنه غبار دعايات التعصب الوهابي وتدفعه لخوض رحلة البحث عن الحقيقة ومعرفة حقائق الإسلام النقية والمعارف الإلهية السامية.
يبين الأخ سلمان حدادي أثر حضوره – عن غير رغبة – في ذلك المجلس الحسيني وسماعه لتلك الأسئلة، فيقول ما ترجمته:
(أخذت أفكر في تلك الأسئلة وأنا أبحث في سير الشخصيات التأريخية التي كنت أقدسها، فكرت كثيراً فلم أجد بينها من تقدم مثل الإمام الحسين – عليه السلام – للفداء والقيام بذلك العمل التضحوي العظيم.. وعندها سألت نفسي: ما هي دلالات هذه الحقيقة التأريخية؟! ولماذا لم تكن أي من الشخصيات التي كنت أحبها مستعدة للقيام بذلك الدور التأريخي العظيم؟ شعرت بألم شديد وآذاني ما عرفته عن الإمام الحسين وشخصيته – عليه السلام – وأخذ يتلجلج في صدري تساؤل كبير: لماذا لم يفهموا الحسين ولم ينصروه؟ كنت غارقاً في تلك الأفكار عندها أطفئت الأنوار وبدأ الحاضرون يلطمون على صدورهم حزناً على الحسين – عليه السلام – لم أشاركهم في اللطم لكنني بكيت كثيراً وبحرقة لمظلومية سيد الشهداء..)
وسرعان ما أثاب الله تبارك وتعالى الأخ سلمان حدادي على تلك الدموع التي ذرفها على المظلومية الحسينية، فقد جعلها عزوجل منطلقاً لكي يبدأ هذا الشاب لمراجعة قناعاته السابقة ويطهر قلبه من الرين والحجب التي أوجدتها أفكار التعصب الوهابي المقيت.. قال حفظه الله، متابعاً حديثه بما ترجمته:
شعرت بانزعاج كبير من أن شيوخ المذهب الذي كنت أعتنقه لم يكونوا يسمحون لنا بأن نتعرف على الحسين – عليه السلام – بالصورة الصحيحة، وبذلك قل تعصبي لهذا المذهب وشعرت بالنفرة والكره حتى لنفسي وأنا أعاتبها بشدة لأنني لم أعرف عظمة سيد الشهداء – عليه السلام – إلى ذلك الحين؛ لكنني تربيت منذ الصغر على كره الشيعة وأخذت تتردد في ذهني كلمات مشايخنا وهم يحذروننا من الإستماع لكلام الشيعة قائلين: حذار من مغالطات الشيعة، إنهم يقلبون الحقائق ويعرضون الباطل بصورة الحق!!
ولذلك كنت أهرب باستمرار من الشيعة ومذهبهم والحوار معهم وكنت أفضل أن أصبح من عبدة الشيطان على أن أصبح شيعياً.. كنت أرى من الممكن أن أعتنق أي مذهب غير التشيع.
من هنا لم أفكر يومها بالتوجه لدارسة المذهب بعد تلك الحادثة، بل أخذت بالبحث والتعمق في معرفة المذاهب الإسلامية الأخرى، فدرست المذاهب الأربعة الحنفي والحنبلي والمالكي والشافعي، فلم أجد فيها الإجابات الشافية عن أسئلتي الجديدة.. ودرست المسيحية أيضاً فلم أر فيها ما أصبوا إليه ودرست حتى الزرادشتية فلم تجبني عن أسئلتي حتى أنني قرأت عن عقائد عبدة الشيطان، فلم أزدد إلا حيرةً..)
مستمعينا الأفاضل.. واستمرت رحلة البحث عن الحقيقة بالأخ سلمان حدادي من مدينة سنندج الإيرانية أكثر من أربعة سنوات حتى وصل إلى الحقيقة وعرف الحق ورأى بركاته كما سننقل لكم ذلك بإذن الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (بالحسين اهتديت) فالوقت المخصص لهذا اللقاء قد انتهى ولم يبق إلا أن نقدم لكم جزيل الشكر وخالص الدعوات من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. تقبل الله أعمالكم وفي أمان الله.