نشرت القصة التالية مستمعينا الأفاضل على عدة من المواقع الإسلامية باللغات العربية والفارسية والأوردية، ويرجع تأريخ وقوعها إلى سنة ۱٤۱۸ للهجرة.
نرويها لكم طبق ما نشره موقع (غرفة الغدير) الإلكتروني بتأريخ ۲۰/٥/۲۰۰۷ تحت عنوان (تشيع هندوسي) .. جاء فيها: كان السيد (هاريداس) المعتنق للهندوسية صاحب محل لتجارة الأقمشة في سوق دلهي في الهند منذ سنوات طويلة وكان طيب الخلق وعلاقته طيبة مع جميع أصحاب المحلات المجاورة، وأكثرهم كانوا مسلمين من الشيعة والسنة، ولاحظ هاريداس أن بعض محلات المسلمين التجارية لا تفتح بعض الأيام فلما سأل عن السبب قالوا له بأنهم شيعة ويتشائمون من التجارة في أيام عاشوراء والمناسبات الدينية الحزينة لآل البيت، وبأنهم يعتبرون هذه أيام حزن ويقومون ببعض الشعائر الدينية للتعبير عن حزنهم، الرجل تفهم الوضع ولم يعد يسأل في السنوات الأخرى، وفي يوم من الأيام قال له أحد التجار الشيعة هل ترغب أن نرسل لك بعض الأكل من الحسينية للتبرك ؟ وهو طبعا لم يكن يؤمن بعقائد المسلمين ولم يكن يعرف شيئا عن الشيعة غير ما قيل له عندما سأل أصحابه في السوق عن سبب إغلاقهم لمحلاتهم، ولكنه رحب بالعرض وفرح ومنذ ذلك اليوم كانوا يرسلون له الأكل في كل عاشوراء وبعض المناسبات الأخرى، وكان يشكرهم عندما يرجعون إلى تجارتهم ويذكرهم بأن لا ينسوه في المناسبا القادمة.
مستمعينا الأفاضل، وقبل أن نتابع رواية هذا الأخ الهندوسي نشير إلى أن ذلك التاجر الشيعي واسمه جاويد كان قد أحب في جاره الهندوسي طيبة قلبه وحسن خلقه ولذلك أحب أن يوصل له الخير.
وفي عاشوراء من سنة ۱۹۹۷ ميلادية عندما أرسلوا لهاريداس الطعام تفاجئوا بأن محله كان مغلقا، وفي اليوم التالي أيضا كان مغلقا، وقال صاحبه الشيعي (جاويد) الذي كان يرسل له الطعام لا بأس سنرى ما به بعد انقضاء مراسم عاشوراء، ولم يكن يعلم شيئا عن محل إقامته سوى أنه يبعد عن السوق بحوالي ساعة بالسيارة. وبعد انقضاء اليوم الثالث من مراسم العزاء رجع التجار إلى محلاتهم وهاريداس لازال غائبا ولم يفتح دكانه، فقرر جاويد أن يزوره في بيته للتعرف على سبب تغيبه عن السوق، وبعد السؤال والبحث الطويل عرف أين يسكن فأخذ معه أحد التجار الآخرين وانطلقوا باتجاه الحي الذي يسكنه لتفقد حال صديقهم وجارهم في العمل.
ومما لاشك فيه أن هذا الخلق هو ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وآله فهو من الوفاء الذي تجلى في أخلاقيات أنصار الحسين أسوة بإمامهم – صلوات الله عليه –، وهذا من القيم الإنسانية التي تبعثها مشاركة المراسم العاشورية في قلوب المؤمنين.
وعلى أي حال فقد بحث الأخ جاويد ورفيقه عن عنوان جارهم هاريداس طويلا وأخيرا وجدوا منزله، واستأذنوا للدخول فقالت زوجته تفضلوا فهو مريض ومستلق في الفراش لأن الطبيب نصحه بالراحة وقد تناول للتو بعض الأدوية، دخلوا عليه ووجدوه شاحب الوجه وآثار المرض واضحة عليه وعلموا منه بأنه مصاب بورم خبيث في المخ، ويبدو بأن المرض قد تطور دون أن يعلم وكان يعتقد أن الصداع الشديد الذي يعاني منه مجرد شيء عادي بسبب التعب والتوتر ولذك لم يذهب إلى طبيب مختص في المخ والأعصاب من قبل، ولكن هذه المرة نقل إلى المستشفى مغميا عليه وبعد الفحوصات الدقيقة تبين بأنه مصاب بهذا الورم الخبيث في المخ ووصف الأطباء له بعض الأدوية المهدئة للألم و قالوا له بأنه يحتاج إلى عملية جراحية ونسبة نجاحها ليست كبيرة والخيار الثاني هو أن يعيش على المهدئات ما بقي له من عمر. وطلب جاويد منه أن يعطيه رقم هاتفه لكي يطمئن على أحواله بين فترة وأخري.
مستمعينا الأفاضل، إن الإبتداء بالمرض وانقطاع السبل بالإنسان قد تكون من لطف صنيع الله بعباده لكي يستشعروا بقيمة رحماته الخاصة عندما ينزلها عليهم فتكون بذلك وسيلة لهدايتهم إلى الدين الحق. وهذا ما جرى مع الأخ الهندوسي هاريداس، جاء في تتمة قصته: ( بقي هاريداس غائبا عن محله حتى جاءت مناسبة أربعينية الحسين فاتصل به جاويد ليلة الأربعين ليقول له بأنه سوف يرسل له الطعام إلى منزله غدا، فأجابه هاريداس لا لا لاترسل قل لي أين تكون غدا وآتي أنا بنفسي لتناول الطعام، فأجابه لا داعي أن ترهق نفسك وأنت مريض فقال يمكنني التحرك بشكل طبيعي وزوجتي هي التي سوف تقود السيارة، فأجابه جاويد لا بأس سوف أكون بانتظارك وأعطاه عنوان الحسينية.
وفي اليوم التالي جاء إلى العنوان فوجد صاحبه جاويد ينتظره عند رأس الشارع الذي يؤدي إلى الحسينية وبعد ذلك اصطحبه إلى مكان تجمع المعزين أمام الحسينية وهاريداس ينظر إليهم مذهولا إذ لم يكن قد رأى مواكب عزاء الحسين من قبل، وأخذ يتساءل من هذا الذي يستحق كل هذا الحزن لأكثر من ألف عام، وبينما كان ينظر إلى الأعلام واللافتات وقعت عيناه على صورة من الصور المنسوبة للإمام الحسين وبدأ يصرخ هذا هو الرجل هذا هو الرجل.. وكرر العبارة عدة مرات وهو يبكي بكاء شديدا حتى أغمي عليه، فأخذوه إلى مستشفى قريب من المنطقة حيث استفاق من غيبوبته بعد فترة قصيرة ولكنه لم يستعيد وعيه كاملا لعدة دقائق وكان يردد حسين حسين حسين.. ووصفوا للطبيب مرضه، فاقترح الطبيب أن يغادر المستشفى بعد أن يأخذ قسطا من الراحة عندهم وأن يواصل تناول الأدوية التي وصفت له من قبل الطبيب المختص.
أثارت تلك الحالة التي طرأت على هاريداس استغراب زوجته وصاحبه جاويد ومن شاهد يردد اسم سيد الشهداء – عليه السلام – وهم جميعا يعرفونه هندوسيا، فتركوه حتى استقرت حالته فسألوه عن سر ما أصابه فأجابهم وهو يحدث جاره جاويد والدموع تنهمر من عينيه، قال: ( عندما اتصلت بي البارحة هاتفيا تخبرني بأنك سترسل لي طعام مراسم الأربعين إلى منزلي، تذكرت بأنني رأيت في منامي غلاما عليه ثياب بيض وعمامة خضراء، وهو يقول لي: يا هاريداس، إن سيدي يدعوك لتناول الطعام في بيته، فقلت له: أشكر سيدك على هذه الدعوة ولكنني لا أعرف من هو سيدك وأين بيته، فأجابني: الجميع يعرفون سيدي وأنت أيضا أكلت من طعامه مرات عديدة.. ثم أخرج من جيبه صحيفة عليها صورة سيده ولم أكن قد رأيتها من قبل لقد كانت الصورة نفسها التي شاهدتها اليوم على لافتات مواكب المعزين عند الحسينية، ولذلك صرخت وأغمي علي، إن هذه الرؤيا هي التي جعلتني أرفض طلبك عندما أردت أن تبعث بالطعام إلى منزلي.. أردت المجيء بنفسي وجئت وعلمت من الصورة التي رأيتها هناك أن من دعاني إليه هو الحسين..)
مستمعينا الأفاضل، ولم تنته قصة هاريداس إلى هنا فإن ما رآه بعد مجيئه ملبيا الدعوة أعظم منة وكراما من أصل توجيه الدعوة، قال حفظه الله وهو يروي لصاحبه جاويد الشيعي بقية ما رآه: بعد أن أغمي علي جاءني رجل جليل والنور يحيط به من كل جانب قال لي: أنا الحسين وهؤلاء هم شيعتنا الذين ينالون شفاعتنا يوم المحشر، ولأنك تحبهم أتمنى أن تكون معهم لكي تنال شفاعتنا وتنجو من نار جهنم، وقبل أن يرحل قال هل يؤلمك شيء في جسدك، فقلت نعم يا سيدي يقولون بأنني سوف أموت من هذا الورم الذي نمى في رأسي، فوضع طرف العصا التي بيده على رأسي وقال لا تخف سوف تعيش سالما معافا بإذن الله ثم اختفى، وأخذت أناديه حسين حسين حسين بأعلى صوتي) ولم ينتبه هاريداس بعد بأن ما حصل له هي معجزة من معجزات الله تظهر على يدي سيد الشهداء الإمام الحسين – عليه السلام – وكان جاويد يستمع إليه ودموعه تنهمر على خديه وشعر بهذه المعجزة ولكن لم يكن يريد التسرع بإخبار هاريداس حتى يذهب إلى الطبيب المختص لإجراء فحوصات وتحاليل جديدة.
وفي اليوم التالي خرج هاريداس من المستشفى الذي دخله بشكل مؤقت وشعر بأن حالته قد تحسنت دون أي تغيير في العلاج، فاقترح عليه جاويد الذهاب إلى الطبيب المختص وأخذ فحوصات جديدة ربما هناك شيء قد تغير، وبالفعل ذهب في اليوم التالي اتصل هاتفيا بجاويد وهو في حالة بكاء شديدة لا يكاد يستطيع أن يتحدث قال له بصعوبة: ( جاويد لقد شفيت كما قال الحسين، جاويد الطبيب يقول لي لا أثر للورم، الطبيب لا يصدق ما حصل). وقد غير هاريداس الهندوسي اسمه إلى غلام حسين واعتنق الدين الحق بفضل أبي عبد الله الحسين. وتشيعت أيضا زوجته وعلما طفليهما أن يتمسكا بولاية أهل البيت وأن لا يبدلوا تبديلا.
وإلى هنا نصل مستمعينا الأفاضل إلى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (بالحسين اهتديت) استمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران تقبل الله أعمالكم ودمتم بألف خير.