مستمعينا الأفاضل، وردت قصة الأخ السيد صادق حسين النقوي في الجزء الأول من موسوعة (من حياة المستبصرين)، وقد كتبها بقلمه، وذكر أنه من مواليد عام ألف وتسعمئة وتسع وستين ميلادية في بلدة (مظفر آباد) في كشمير الحرة، ونشأ في أوساط عائلة هاشمية النسب تعتنق المذهب الحنفي، وقد أكمل تشيعه لأهل بيت النبوة – عليهم السلام – عقائديا وفقهيا سنة ۱۹۹۰ ميلادية في ختام رحلته من البحث العلمي المكثف والمتواصل.
ويفهم مما كتبه هذا السيد أن مشاعر التشيع كانت لديه ولدى عائلته قبل الإستبصار ولكن بلا معرفة بحقيقة وكمال التشيع للبيت المحمدي، يقول السيد صادق: (كان يقطن في منطقتنا الكثير من السادة المعتنقين للمذهب الحنفي، والعجيب أن بعض ممارساتنا وطقوسنا الدينية مشابهة إلى حد ما لطقوس الشيعة الإمامية. ومنطقتنا متميزة ببغضها لمعاوية بن أبي سفيان و يزيد ولآل أمية بصورة عامة، لأننا كنا محيطين من خلال دراستنا للتاريخ الإسلامي بالظلم والجور الذي ارتكبه هؤلاء بحق عترة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريته على العموم، كما أننا نحيي مراسم العزاء ونقيم المآتم في شهر محرم الحرام إحياء لذكرى مظلومية سيد الشهداء وأهل بيته في كربلاء، وكنا نعتقد أننا من شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ولا توجد طائفة أخرى تتفاعل مع أهل البيت (عليهم السلام) وتتود إليهم كما نحن عليه!)
مستمعينا الأكارم، وعلى أرضية هذا التفاعل مع المظلومية الحسينية والبراءة من قتلة الحسين – عليه السلام – من طواغيت بني أمية، شمل اللطف الإلهي أخانا السيد صادق وعائلته فهداهم إلى التعبد لله عزوجل على وفق مذهب أهل البيت – عليهم السلام – ، يقول هذا الأخ: ( أمضيت سنوات من عمري وأنا أعتبر نفسي سائرا على نهج مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، حتى دخلت الجامعة فتعرفت خلال الدراسة على الشيعة، فأعجبت بهم لوسع ثقافتهم الدينية وارتفاع مستواهم الفكري، وتقربت إليهم حتى أصبحت لي علاقة ودية مع اثنين منهم، فكنت أجالسهم وأتحدث معهم في شتى المجالات العلمية والثقافية، حتى دار بيني وبينهم ذات يوم حوار حول مسألة المذاهب والأديان، فأخبرتهما بأنني شيعي – باعتباري سيد هاشمي – فقالا لي: كيف تكون شيعيا ونحن لا نرى ممارساتك العبادية وفق المذهب الجعفري ؟! فتعجبت من كلامهما ! وقلت ما هو منهج الشيعة في العبادة غير ما أنا عليه ؟ فبدأ زميلاي يحدثاني عن أصول مذهب الشيعة ومعالمه وخطوطه العريضة، وذكرا لي الظروف القاسية والمحن الصعبة التي مر بها هذا المذهب وأتباعه. فاستغربت من ذلك! وعرفت ذلك الحين مدى غفلتي عن الواقع والحقيقة)
وبعث الله همة البحث عن الحقيقة في قلب هذا السيد الكشميري للتعرف على تفصيلاتأهل البيت المحمدي'> مذهب أهل البيت المحمدي – عليهم السلام – لكي يبتغي رضوان الله عزوجل بالتعبد له به، وكانت البداية من الملحمة الحسينية، يقول السيد صادق حفظه الله: (بمرور الزمان توثقت عرى الصداقة بيني وبين هذين الأخوين، فاشتركت معهما في نشاطات تربوية وثقافية مختلفة منها إحياء مراسم عاشوراء، وفي أجواء إحيائنا لواقعة الطاف الدامية أحببت البحث في هذه المسألة لاستيعابها. في بدء الأمر حاولت الإحاطة بما جرى في يوم عاشوراء على أهل البيت (عليهم السلام) في أرض كربلاء، فقرأت أحداث هذه الواقعة حتى بلغت آخرها في عصر يوم عاشوراء، وذلك حينما بدأت شمس العاشر من محرم عام ٦۱ هـ تجمع أشعتها عن أرض كربلاء المضمخة بالدماء، بدء اللئام ليدونوا في سجل التاريخ فصلا آخر من فصول جرائمهم البشعة! فداهموا الخيام، واستباحوا الرحال، وانتهبوا الأموال، و روعوا الأطفال، وأشعلوا النار حتى أخذت تلتهم كل شيء، فدهشت النساء، وارتاعت الصبية، وفروا في البيداء ليكونوا طعمة لسنابك الخيل، وعرضة للضياع.)
أيها الإخوة والأخوات، وطفق هذا الأخ الكشميري يدرس واقعة الطف ويتعمق في مجرياتها فتعرف على عظمة أهل بيت النبوة – عليهم السلام – وبشاعة أعدائهم فتفتحت في قلبه روح الموالاة لهم والبراءة من أعدائهم، يقول حفظه الله: (إن الأحداث الرهيبة التي جرت في واقعة كربلاء جعلتني أتساءل عن الداعي الذي حدا بالإمام الحسين (عليه السلام) لإخراج عياله معه؟ راجعت كتب التاريخ والسير لعلي أجد السبب في ذلك، فعثرت على إحدى الحقائق الهامة التي أفصح عنها أبوالفرج الإصفهاني بقوله في كتاب مقاتل الطالبيين: بعد خروج الحسين (عليه السلام) أمر عمرو بن سعيد بن العاص صاحب شرطته على المدينة، أن يهدم دور بني هاشم، وبلغ منهم كل مبلغ!! فتبين لي عندئذ لؤم ودناءة نفسية الأمويين، وعرفت سبب إخراج الإمام الحسين (عليه السلام) أهل بيته معه، فإن بني أمية إذ عمدوا إلى هدم الدور الخالية للتنكيل ببني هاشم، فما عساهم أن يفعلوا بإخوة وأبناء ونساء الحسين (عليه السلام) لو ظفروا بهم؟! فإنهم من المؤكد سيكونون عرضة للذبح والإنتهاك... وفي الحقيقة أن هذه الضغوط من مبتكرات الأمويين وسماتهم التي كانوا يتخذونها لإخضاع المعارضين، وليس بالمستبعد من يزيد بن معاوية أن يبادر إلى قتل واحد من آل الحسين (عليه السلام) في كل يوم ما لم يأت الحسين (عليه السلام) ويسلم نفسه! وليس هذا الأمر بمستبعد من آل أمية خصوصا وأن التشفي طبيعة نسجت عليها أوصالهم، وتعامل هند زوجة أبي سفيان مع جسد حمزة بن عبد المطلب الطاهر في أحد، بمضغها كبده وتمثيلها بجسده الشريف، خير شاهد على عدم استبعاد ارتكاب هذه الجرائم من هذه الشجرة الخبيثة.
واستمر السيد صادق النقوي في تبحره في الملحمة الحسينية، فهداه الله لدحض شبهات الوهابية وأشياع الأمويين الذيين حاولوا تبرئة أنفسهم من جريرة قتل الحسين – عليه السلام – عبر الإدعاء بأن الذين قتلوه هم شيعته – عليه السلام – وهذا ما سنتعرف عليه بإذن الله في حلقة مقبلة من برنامجكم (بالحسين اهتديت) يأتيكم إن شاء الله في مثل هذا الوقت من يوم غد من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران .
تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.