أعزائنا المستمعينن، أعلن المهندس الفلسطيني الأخ معتصم زكي إعتناقه مذهب الثقلين وأهل البيت – عليهم السلام – في سنة أربع وألفين ميلادية، وكانت الإنطلاقة نتيجة لتأثره بالملحمة والمظلومة الحسينية، قال الأخ معتصم عن هذه الإنطلاقة: (كنت في حزب التحرير وهو حزب إسلامي فلسطيني لحوالي ۱۷ عاما، إلا أنني لاحظت الكثير من المشكلات التي نعاني منها، والتي لا سبيل لذكرها الآن، وفي إحدى الفترات تابعت محاضرات للشيخ حميد المهاجر على قناة الرشاد الفضائية التي كانت تبث لمدة ساعة أو ساعتين أيام عاشوراء، ولم أكن حينها أعرف شيئا عن الحسين وأهل البيت (عليهم السلام) سوى أن للحسين قصة حزينة.
وبعد أن استمعت إلى الشيخ المهاجر وعرفت أنه يتحدث عن مظلومية الحسين (عليه السلام) أبكتني القصة كثيرا، وقد ناقشت أفراد الحزب فيها لعلنا نستفيد من ثورة الحسين (عليه السلام) فدائما كانوا يتهربون من الحديث في هذا الشأن واتهموني بأني (رافضي)، وكانوا يقولون لي (إنها فتنة عصم الله المسلمين منها فلنعصم منها ألسنتنا)، وبات مجرد الحديث عن أهل البيت (عليهم السلام) ممنوعا ويثير الفتنة!
بعدها اتجهت لمتابعة محاضرات للسيد كمال الحيدري في قناة سحر الإذاعية، لقد كان يتحدث بشكل رهيب، وكان كلما سمعته ينقض لدي أفكارا بأسلوبه الفكري العقلي المقنع، لقد كنت أسجل محاضراته وأناقش بها أهلي وأفراد الحزب فلم يأتني أحد بأجوبة عن أسئلتي، بعدها استقلت من الحزب وقلت (هذا فراق بيني وبينكم) بعد فترة تعرفت على عالم الإنترنيت والشيعة فيه وأخذت أدخل على غرف المحادثة في برنامج البالتوك وأستمع لمناظرات في هذا الشأن، والحمد لله أصبحت الآن شيعيا)
وببركة هذه الإنطلاقة الحسينية تواصلت رحلة المهندس الفلسطيني للوصول إلى الحق والحقيقة وهي رحلة محفوفة بكثير من الصعوبات، يقول الأخ معتصم زكي: (لا يوجد لدينا كتب عن أهل البيت (عليهم السلام)، كما أن بعض الجماعات يعتبرون التشيع خطرا قد يفوق خطر اليهود! إنها مشكلة وبجهود الشيعة في العالم يمكننا حلها.
لقد استدعتني السلطة الفلسطينية لمساءلتي عن الدعوة لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، فقلت لهم: إن هذا الأمر عقلي وقد توصلت له بمجهودي الخاص وليس بتنسيق مع أحد في الخارج، وقلت لهم: بأن الشيوعيين في فلسطين ينكرون وجود الله سبحانه وينكرون رسالة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وهم يتقلدون المناصب في الدولة ولهم حريتهم فماذا لو أنني أنكرت فلانا أو فلانا.. هذه حريتي في الإعتقاد.
إن لدي محلا تجاريا، وقد واجهني العديد من الزبائن بتهم الكفر والمقاطعة واعتبار بضاعتي نجسة لا يجوز شراؤها، وبعد فترة حين وجدوا أن معتصما الذي يعرفونه بحسن تعامله وحبه لهم وحضوره لأفراحهم وأتراحهم هذا هولم يتغير، اكتشفوا وأدركوا خطأهم.
أعزائنا المستمعين، ونبقي مع المهندس الفلسطيني الأخ معتصم زكي وهو يحدثنا عن العون الإلهي الذي تفضل الله عزوجل به وهو يواصل مسيرته في ظل هذه الصعوبات، قال في المقابلة المذكورة إثر سؤال وجهه له أحد الحاضرين عما إذا كان قد رأى رؤيا في المنام ذات صلة بالموضوع، قال: (رأيت أنني كنت جالسا مع الشباب والأصدقاء وكان الجو ماطرا وعاصفا، فتركتهم وهم مستنكرون ذهابي عنهم في هذا الطقس، فسرت وسط أشجار الصبار والشوك حتى تعبت ولم أعد أحتمل فناجيت الله سبحانه أن ينقذني، وأنا أصرخ: يا الله ساعدني..
فإذا بي أرتفع إلى السماء وواصلت المسير فوجدت هناك نورا ساطعا ووردة أذهلتني، وهناك امرأة تصلي قد بهرني النور الساطع منها فهو لا يوصف فسلمت عليها وردت السلام وقالت لي بالحرف الواحد وباللهجة الدارجة (دير بالك ياابني) فسررت بذلك، وعدت لمواصلة المسير فتكررت الحال وازدادت المخاطر وكدت أسقط على الأرض من شدتها فرجع نفس المنظر مرة أخرى، وذهبت إليه فإذا بالسيدة بعد أن سلمت عليها ترد وتقول (لا تسقط ياابني)، قلت لها أنا لا أستطيع أن أكمل.. وصرخت ساعديني... ساعديني... حتى استيقظت من النوم!
إن أكبر مشكلة يواجهها الإنسان عند انتقاله إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) هي نفسه، فقد عشت معركة في نفسي، أذكر مثالا صغيرا عليها، إذ أنني تساءلت عن الصلاة على محمد وآل محمد في صلاتنا، كنت أسئل نفسي: من هم آل محمد؟ ولماذا نصلي عليهم في الصلاة؟ أليست صلاتنا عليهم من صلب الدين؟! إنه سؤال بسيط بالنسبة إليكم، لكنه سوال صعب جدا في الأردن أو فلسطين فلن تجد اثنان يقولان لك أن آل البيت هم هؤلاء.. هذا مستحيل!! أنا رجعت إلى صحيح مسلم ورأيت حديث أهل الكساء وعرفتهم.
أعزائنا المستمعين، ونختار لكم من هذه المقابلة التي أجريت مع المهتدي ببركة الملحمة الحسينية طائفة من كلماته الوجدانية وما توصل إليه في رحلته إلى اعتناق مذهب الثقلين، قال: (أين نحن من وصية رسول الله؟ إن جميع بقاع المسلمين – غير الشيعة – لا يعرفون أهل البيت (عليهم السلام)، فكيف ينصر الله أمة لا تعرفهم؟!، مضيفا (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فعندما نريد أن نغير ما في قلوبنا وعقولنا على أساس نهج آل البيت (عليهم السلام)، فنحن إنما نكون أقوياء بالتمسك بكتاب الله وعترة أهل بيت النبي – صلى الله عليه وآله –.
إن زوجتي تشيعت قبل شهر واحد فقط، أي بعد ما يقارب العام من تشيعي ولدي خمسة أولاد صغار.. سيصبحون شيعة بالطبع انشاء الله!
لقد حاول الإستعمار تحجيم القضية الفلسطينية/ ودعوة الإمام الخميني ليوم القدس العالمي (آخر جمعة من شهر رمضان) أعادت القضية إلى مسارها الطبيعي، وهذا هو الصحيح ؛ لقد كان أول كتاب قرأته عن التشيع كتاب (الحقيقة الضائعة) لمستبصر سوداني/. أختلف مع الشيعة في بعض الأمور، وهذا أمر طبيعي كون هذا الفكر والمذهب الجديد بالنسبة لي، فأنا مازلت أحتاج إلي البحث عن هذه الأمور، ولكن الأهم هو أنني أتمسك بأساس مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وأحاول بناء عقليتى على ذلك.
إن الفلسطينيين بحاجة إليكم فادعوهم إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وكل المسلمين بحاجة إلى هذا الخير، هذا واجبكم الشرعي بحسب الأدلة الشرعية والعقلية، فأنا أعتقد أن فلسطين لن تتحرر إلا على يد المؤمنين. إن التشيع لآل البيت (عليهم السلام) يعد جوهر الإيمان وحقيقته يجب أن تكون الدعوة للوحدة على أساس ثوابت محددة، فمثلا لا يمكن أن أدعو إلى الوحدة على أساس أن الحسين (عليه السلام) خرج على إمام زمانه يزيد!.. نعم علينا أن ندعو إلى الوحدة وفق ثوابتنا.. وإلا كيف يكون المؤمن مؤمنا (مع كونه مسلما) إذا لم يؤمن بولاية أمير المؤمنين؟! لأن ولايته وولاية أهل البيت (عليهم السلام) ركن من أركان الإيمان. فلنحاسب أنفسنا يوميا ماذا فعلنا لنشر الإسلام؟ إن نشر مذهب أهل البيت واجب شرعي وعقلي، وهناك الكثير من المسلمين بحاجة إلى هذا الطريق، وهو طريق النجاة الذي لا يوجد طريق للنجاة غيره.
مستمعينا الأكارم، ونختم نقل حكاية اهتداء المهندس الفلسطيني الأخ معتصم زكي بإشارة إلى إعرابه عن رغبته في إقامة مأتم عزاء للإمام الحسين –عليه السلام– في فلسطين فببركة الملحمة الحسينية كانت انطلاقته في رحلة الهداية … وإلى هنا ينتهي أيها الأعزاء لقاء اليوم من برنامج (بالحسين اهتديت) قدمناه لكم من صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.