في هذا اللقاء نروي لكم حكاية شاب فلسطيني اهتز قلبه للملحمة الحسينية وهو ابن عشر سنين وظلت تعتمل في قلبه الى أن هدته الى اتباع مذهب القرآن والعترة وهو ابن ستة عشر عاماً...تابعونا على بركة الله.
إنها – مستمعينا الأعزاء- حكاية الفتى أحمد الشامي الحيفاوي الذي إختار لنفسه كنية (ابوحسين) بعد إهتدائه، وقد كتبها بقلمه ونشرها على شبكة الإنترنت تحت عنوان (وكان العبور الى الحق)، وأضاف له ملحقات هي أجابات عن أسئلة بعض المتحاورين معه على الإنترنت ومنها ننقل لكم الحكاية...
في مقتطفات إجمالية عن سيرته قال الفتى أحمد: ولدت في عام ۱۹۸٦ ميلادية في (أوكرانيا) من جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق، وأنا فلسطيني الأصل من مدينة حيفا، وأقيم حالياً في الجنوب اللبناني وأنا طالب جامعي، إبتدأت البحث عن الحق في سنة ۱۹۹۷ وكانت قصة عاشوراء وسيرة الإمام الحسين- عليه السلام- هي المحرك الأول ونقطة الإنطلاق التي جعلتني أبدأ البحث.
ومن ثم تكلل البحث في عام ألفين واثنين عندما عرفت مظلومية الزهراء عليها السلام فأعلنت تشيعي لآل بيت رسول الله – صلى الله عليه وآله-.
مستمعينا الأعزاء، يفصل الفتى أحمد ابو الحسين الحيفاوي هذا الإجمال فيما كتبه تحت عنوان (وكان العبور الى الحق) قائلاً:- اما بعد اخواني وأخواتي اهل الحق والموالين. فهذه قصة هدايتي واستبصاري وعبوري من المذهب السني الشافعي الى الوهابية ثم الى دين الحق الاسلام المحمدي الأصيل ومذهب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أضعها بين أيديكم لتكون زيادة في الدليل على أحقية مذهب آل محمد وفضله على سائر الملل والنحل وعلى أن الهداية طريقها واضح بين ومكشوفة لجميع الناس فما خاب من استمسك بالعروة الوثقى محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين...
تبدأ قصتي في مدينة سمفروبل الأوكرانية حيث ولدت وكان والدي يتلقى العلم في الاتحاد السوفيتي البائد- وكان شيوعي الفكر والعقيدة سنيا شافعي المذهب- وقد سافر للتعلم في الاتحاد السوفيتي وتزوج هناك وقد ولدت في عصر نهاية الاتحاد السوفيتي البائد.
منذ ولادتي وحتى بلوغي العام السادس (وهي فترة وجودي في الاتحاد السوفياتي) لم اكن اعرف شيئا عن الدين والاسلام والصلاة والعباده ولم اكن اعرف شيئا عن الله سبحانه وتعالى اذ لم يسع والدي اللذي يعتنق الفكر الماركسي اللينيني الى تعريفي بالدين طبعا.
وبعد انهاء والدي لتعلمه اخذنا وسافر بنا الى لبنان حيث تقيم عائلة والدي ذات الاصول الفلسطينية. وكانت عائلة والدي (اي جدي وجدتي وأعمامي) ملتزمين دينيا على المذهب الشافعي السني وكان اثنان من أعمامي معتنقين للبدعة الوهابية...واضطر والدي للسفر مع امي الى اوكرانيا بعد ذلك وتركوني (وكان لي من العمر ست سنوات) في بيت جدي.
سعى جدي وأعمامي منذ ذلك الحين الى تعريفي بالدين الاسلامي والمذهب الشافعي وكانوا يأخذوني الى المساجد في أوقات الصلاة، وقد بدأت أتعلم العقيدة السلفية الوهابية من أعمامي...واستمر الحال بي على ذلك فترة من الزمن.
نعم، إخوتنا المستمعين، قضى الفتى أحمد الحيفاوي حدود أربع سنين وهو يتعلم أفكار الوهابية في زمان الصغر الذي يكون التعلم فيه كالنقش على الحجر...ولكن الهداية الربانية أدركته سريعاً وفتحت قلبه على آفاق النور.
يتابع هذا الفتى رواية حكايته قائلاً:-
وفي المدرسة (وكان لي من العمر عشر سنوات) تعرفت الى زميل من الجنوب اللبناني وقد اكتسبته صديقا وكان انسانا رائعا وملتزما في الدين. وفي احد الايام شاهدته مصليا مسبلا يديه. فقلت له ماذا كنت تفعل؟ فأجاب بأنه كان يصلي.
فسألته وهل هذه صلاة؟ لماذا لا تكتف يديك كما يفعل المسلمون؟ الست مسلما؟
فقال لي بأنه مسلم شيعي جعفري المذهب. فاستغربت ما سمعت لا سيما وأنني لم اسمع بالشيعة ولا بالجعفرية من قبل. فبدأ يشرح لي عن العقيدة الشيعية وعن المذهب الشيعي وأنا أسمعه. ثم روى لي ما جرى تحديدا للامام ابي عبد الله الحسين عليه السلام في العاشر من محرم. وبصراحة أقول أنني وبعد عدة لقاءات مع هذا الصديق بدأت أميل الى التشيع وكان شيئا في داخلي يقول لي ان هذا هو الحق فاتبعه.
وللأسف تركني صديقي وانتقل للعيش في بيروت ولم أعد أراه. وقد كنت في منتصف الطريق. إذ انني داخليا مقتنع بالتشيع وأسمع واحضر مجالس عزاء الامام الحسين عليه السلام ولكنني لم أكن وقتها اعرف أكثر من ذلك عن التشيع. وكنت ما زلت صغيرا في السن (۱۲ عاما) ولم أدر ماذا أفعل؟
مستمعينا الأفاضل، بقيت الحيرة تعتمل في قلب الفتى أحمد الحيفاوي وهو يحضر حلقات تعليمية للجماعة الإسلامية أي الأخوان المسلمين ثم الوهابية التي يقول عن إنخراطه فيها وإعادة الحسين له عنها:
وبعد فترة تعرفت الى زميل آخر في المدرسة ودعاني لحضورالحلقات والدروس العقائدية الوهابية...فدخلت وكان عمري ۱٥ عاما...
وكنت قد بدأت اتمثل بالوهابية في لبس الجلباب الافغاني وغيره من العادات...وكانت هذه الفترة فترة صعود نجم اسامة بن لادن بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر. وقد استهواني كلام الرجل وخطابه الديني والسياسي فبدأت أعلن جهرة أنني من مناصريه ومؤيده وكنت أسميه وقتها ((شيخ المجاهدين...)) الى ان جاء يوم كنت في المدرسة اتكلم مع اصدقائي فسمعت أحدهم يتكلم عن الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ويذكر أسماء أئمة آخرين من بينهم الإمام ابي عبد الله الحسين عليه السلام...فعرفت أنه شيعي...
بعد أن أنهى هذا الزميل كلامه أخذته جانبا وسألته: هل انت شيعي؟؟ فأجابني بالإيجاب فقلت له أنني حائر واريد أن أعرف المزيد عن المذهب الشيعي وعن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم...فبدأ يساعدني ويأتيني بالأدله والكتب وقد أرشدني الى عدة كتب قيمة... منها: المراجعات وليالي بيشاور...
اشتريت هذه الكتب وقرأتها جيدا وكررت. قراءتها عدة مرات. وبعد ذلك خرجت على الملأ قائلا بأعلى صوتي: ((نعم أنا الآن اهتديت واستبصرت ورأيت النور وعبرت الى الحق)) وأعلنت على الملأ اعتناقي لمذهب الحق مذهب محمد وآل محمد الذي هو الاسلام الصحيح والصراط المستقيم والعروة الوثقى...
وبمجرد ان سمع جميع من حولي من اهل ورفاق نبأ تشيعي بدأوا يواجهوني ويحاربوني وقد مررت ولا زلت أمر في محنة كبيرة إذ أنني أتعرض لشتى أنواع المضايقات الكلامية والأذى البدني وغيره بهدف إرجاعي عن طريق الحق وإسكاتي وقد هددني بعض الاشخاص الوهابيون بهدر دمي واعتبروني مرتدا...ولكنني بحمد الله وبما عرفت من الحق كنت اواجههم فكانت مواجهاتي للتهديدات والشتائم بقول إمامي أبا عبد الله الحسين عليه السلام: "إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة " وهذا طريقي وأنني والله لن احيد عن الحق بعدما عرفته والله سميع عليم...
أيها الأخوة والأخوات، وفي موقع آخر يتحدث الفتى أحمد ابوحسين الحيفاوي ببعض التفصيل عما واجهه بعد إهتدائه من صعوبات واجهها بهذه الروح الحسينية، قال ما ملخصه:-
عند إعلان استبصاري اضطررت لمواجهة اهلي وان اهلي هم ثلاث فرق الفرقة الاولى الاكثر اعتدالا وهي متمثلة بجدتي اللتي تتبع المذهب الشافعي كانت أقل افراد العائلة تشددا معي.
اما الفرقة الثانية فهي فرقة الوهابيين النواصب: ويمثلها اثنان من اعمامي فهما شديدا الحقد على شيعة اهل البيت ولذلك حقدوا علي كثيرا عندما استبصرت ووصل بهم الامر الى التهجم علي وضربي، اما الفريق الثالث فهو فريق الالحاد ويمثله والدي هداه الله: فانه كان يضربني باستمراركما انه بات يعتبرني ضدا له وقد طردني من البيت مرارا وتكرارا ومنعني من حضور مجالس عزاء وسماع اللطميات والصلاة في البيت واضافة الى الضرب والايذاء الجسدي كان الحصار الاقتصادي المتمثل بمنع اعطائي المال والإنفاق علي مما اضطرني الى العمل في عدة مهن كأجير...
والحصار الثقافي الفكري المتمثل بمنعي من قراءة الكتب الدينية الشيعية وقد قام ابي بمصادرة نحو ۳۰ كتابا عقائديا وفقهيا شيعيا كانت بحوزتي.
اما بالنسبة الى اصدقائي...فأنا قبل استبصاري كنت وهابيا وكان جل اصدقائي من الوهابيين... ولذلك بمجرد أن علمو بنبأ تشيعي ابتعدوا عني وحكمو على بالردة والكفر بل أن منهم من هددني بالقتل فعلا وهم مرتبطون بتنظيم سلفي يعمل في أحد مخيمات اللاجئين في لبنان...
وعلى العكس مما كان متوقعا...فان هذه الضغوطات لم تحبط من عزيمتي وإصراري وتمسكي بحب آل محمد وبعقيدتي الاسلامية الشيعية. بل أنني ما ازددت إلا يقينا بآل محمد وايمانا بهم وما ازددت إلا صلابة في مواجهة اعدائهم...وكنت رغم كل ما أصابني اصبر واحتسب عند الله وعزائي أنني اتبعت آل بيت لم يكن فيهم إلا مقتول أو مسموم...فصرت أرى ان ما نالني أمر بسيط وضئيل جدا مقارنة بمصائب أهل بيت النبوة وعذاباتهم...وانا كنت ولا زلت وسوف أبقى إلى الأبد متمسكا بقول الامام ابا عبد الله الحسين عليه السلام: "هيهات منا الذلة"...وبقول سيدنا علي بن الحسين: "ان كنا على الحق فلا نبالي اوقعنا على الموت ام وقع الموت علينا"...
اخوتنا المستمعين، ونختم حكاية إهتداء الفتى أحمد ابوحسين الحيفاوي بقوله في جواب بعض اسئلة المتحاورين عن حاله بعد الهداية:-
رأيت في اتباع آل محمد كل ما كنت أحلم به من عزة وسؤدد ووجدت الحق الذي كنت ابحث عنه لفترة طويلة قبل هدايتي. هذا اضافة الى الراحة النفسية التي اقسم بالله انني لم ولن اجدها الا في مذهب آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين. وإنني أستطيع أن أقول واثقا مطمئنا موقنا أن محمد وآل محمد هم ذكرالله. والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الحكيم: "ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكى".
وبهذا ينتهي مستمعينا الأعزاء لقاء اليوم من برنامج (بالحسين إهتديت) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، تقبل الله منكم جميل الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.