إخوة الإيمان، من الوسائل المهمة للإهتداء بالحسين هي التعرف علي عظمة المظلومية التي تعرض عليه السلام لها في سبيل حفظ دين الله الحق وكذلك التعرف علي الكرامات التي يظهرها الله ببركته لتعريف الخلق بولايته الإلهية – سلام الله عليه –.
ومعرفة ذلك تؤدي الي الإهتداء للدين الحق كما حدث لأحد رهبان النصاري في حلب عند مرور ركب السبايا علي ديره في حلب أو أن تؤدي الي الإهتداء لتقوية سبل الثبات علي الدين الحق بعد معرفته؛ والحكاية ننقلها لكم مما كتبه صاحب الحكاية الثانية في هذا اللقاء، تابعونا علي بركة الله.
مستمعينا الأعزاء، صاحب الحكاية الثانية التي أشرنا اليه آنفاً شاب من سوريا هو الأخ باسل محمد بن خضراء أخذ يعد بعد إهتدائه الي مدرسة الثقلين سلسلة عن آثار آل محمد – صلي الله عليه واله -، ونشرها علي شبكة الإنترنت، قال الأخ باسل في الحلقة الثانية من هذه السلسلة: -
بعد أن من الله سبحانه علي و هداني الي طريق الفلاح و ذلك في منتصف الثمانينيات تحديداً واجهت صعوبات وظروفا قاسية علي صعيد العمل و المجتمع وصراعا مع الناس هذا يرمقني بنظره و ذاك يسمعني كلمات شتم و تلميح بأنني ضللت و اتخذت الطريق الخاطئ وبين هذا وذاك عشت اياما عصيبة فحزمت أمري علي الاقامة في مدينة حلب و أوائل التسعينيات تحديداً بدأت حقبة جديدة من حياتي وأول أمر أردت فعله هو البحث عن مقامات أهل البيت عليهم السلام في حلب وبما أنني لا أعرف احد بعد فيها وجب البحث بمفردي وللأسف ان اهل البلد لا يعلمون قيمة وأهمية هذه الصروح ذلك الوقت ومن تسأله عن (مشهد النقطة أو مشهد المحسن) أما لا يجيبك جهلا بمكانها واما يجيب وهو يرمقك بنظرات و تساؤلات عديدة بين عينيه و الجواب يأتي علي الشكل التالي: نعم هناك مكان يأتيه الايرانيون من آخر العالم ليجلسوا فيه تصور أنهم يأتون للحج الي هنا بدلا من الذهاب الي السعودية كان يؤلمني هذا المنطق وأتأسف عليه وأقول له: -
وهل هذا المشهد مختص للإيرانيين فقط وهل اعلموك انهم لايحجون بيت الله الحرام ويحجون فقط الي هنا لماذا تفتري علي أناس ليس بينك و بينهم أي نوع من العلاقه وهل أنت لا تذهب الي هذا المكان اسئلة عديدة طرحتها لكن لا إجابة من الاخرين اصحاب الغايات بعد جهد وصلت الي بغيتي.
وبعد هذه المقدمة يبدأ الأخ باسل بالحديث عما ذكرته المصادر عن مشهد النقطة ومشهد المحسن السقط الشهيد بن الإمام الحسين – عليه السلام – واللذين يقعان في جبل الجوشن في حلب ثم يحدثنا عن مشاعره وهو يزورهما، قال حفظه الله: -
نبحث في معاجم اللغة و تحديدا منها معجم البلدان لياقوت الحموي فنجد أن جوشن: بفتح أوله والسكون وشين معجمة ونون.
وهذا الجبل يقع غربي حلب وكان سابقا خارج عن دائرة المدينة والان يعد نسبيا داخل المدينة بسبب التطور والعمران وكان سابقا يدعي جبل النحاس الاحمر ويستخرج منه هذا المعدن.
وكان اهل المدينة ينتفعون به وقد بطل عمله اثر عبور الركب الحسيني.
عليه وكانت زوجة الامام الحسين عليه السلام حاملا واسقطت جنينها من شدة مالاقوه علي ايدي الطغاة من جلاوزة يزيد وطلبت جرعة ماء من العاملين بالجبل فشتموها و منعوها الماء فدعت السيدة زينب عليها السلام وحرم الامام و من معهم علي هؤلاء الصناع و من وقتها لم يجد اهل البلد الرزق من هذا الجبل ومحيطه وكان الدعاء (لا أربح الله لكم تجارة) و قد أورد هذه الرواية كل من ابن العديم في تاريخه (بغية الطلب) وابن شداد في (الاعلاق الخطيرة) وابن الشحنة في (الدرر المنتخب) وغيرهم من كتاب التاريخ القدامي ويروي ابن الغزي بعد مرور احد عشر قرنا علي تلك الرواية ان صديق له من الصاغة قال انه استخرج من الجبل نحاسا في غاية الجودة ولكنه لم يربح بتجارته أبدا كما جاء في كتاب التاريخ لابن الغزي ج ۲ / ۲۷۸.
أعزاءنا المستمعين، وبعد نقل هذه المعلومات الموثقة، ينتقل الأخ باسل محمد الي خطاب وجداني لإتباع مخالفي أهل البيت – عليهم السلام – ناتج من تفاعله مع مظلوميتهم وهو يزور مشهد السقط الشهيد محسن بن الحسين عليهما السلام يقول هذا الأخ: (وصلت الي هذا الجبل و إعترتني رعشة واحساس كبير في البكاء بل ان عينيي ذرفت دمعها لمجرد رؤية هذا المكان/ حالة جعلتني أتخيل وأتسذكر الوضع الذي كان عليه حرم رسول الله صلي الله عليه وآله بأبي هم و أمي يقف العقل احيانا مشلولا أنه كيف لهذه الأمة أن تفعل ما فعلت؟ ان من يتبع من خالف أهل البيت لو تفكر بهذه الملحمة الفظيعة التي جرت علي أهل البيت عليهم السلام لعلم أن كل ما ينتهجه خطأ كبير اذ كيف يعقل أن يجري كل ما جري علي أهل البيت عليهم السلام من قتل ومصائب وسبي ويوالي من قتلهم؟ بالله عليك ايها الأخ المشار اليه: كيف يمكن لعقلك و قلبك أن يجتمعا (علي حب الظالم والمظلوم) علي حب الحق الممثل بأهل البيت عليهم السلام والباطل المتمثل بيزيد وجلاوزته اعطني تفسيرا واحد لذلك كيف نرضي ونسكت عن الحق ألم يقل الرسول الاعظم صلي الله عليه وآله (الساكت عن الحق شيطان أخرس) نصيحة لك لوجه الله ولا اريد لها جزاء و لا شكورا انما أجري علي الله سبحانه واتمني الشفاعة من الرسول الأكرم وأهل بيته صلي الله عليه و آله يوم الحساب أن تبحث جيدا كما بحثت أنا و ترجع لمصادر أنت أحق أن تتبعها و تقرأها لا أن يقرأها لك غيرك و يعطيك جرعات تهلكك و تبعدك عن الشريعة الغراء و نهج محمد وآل محمد.
ونبقي مستمعينا الافاضل مع الأخ الكريم باسل محمد وهو يحكي تجربته المؤثرة هذه قائلاً:
قبل دخولي الي المشهد تدفق الي مخيلتي سيل من الأحداث وأنا اقف أنظر الي الجبل والي الصرح العظيم من أثر آل محمد حقيقة أن أصوات التهليل والتكبير تطرق مسامعي لا أعرف من أين مصدرها وشال من الدمع يغزو خدي ولا بأس أن انقل لكم بعض الروايات التي جاءت تخبرنا عن هذا المكان وسبب تسميته بمشهد النقطة وهي أنه كان علي هذا الجبل دير صغير لراهب نصراني ويدعي هذا الدير ( بمارمروثا) ولما مر الركب الحسيني أنزل الجنود الرؤوس الطاهرة من علي الرماح ووضعوا رأس الامام الحسين عليه السلام، قال أحد هؤلاء الجنود (ما مضمونه): ثم اشرف علينا راهب وكان قد رأي نورا يسطع فوق الرأس من نافذته واقبل الينا وقال من انتم؟ قلنا: نحن أصحاب ابن زياد فقال لهم وما هذا الرأس؟
فقالوا: هذا رأس الحسين بن علي بن ابي طالب بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص)، قال: نبيكم؟
قالوا نعم، قال: بئس القوم أنتم لو كان للمسيح ولد لأسكناه أحداقنا لدي عشرة الآف درهم تأخذونها وتعطوني الرأس يكون عندي تمام الليلة وإذا رحلتم تأخذوه ففرح الحرس بذلك وأعطوه الرأس وأخذوا المال، وعاد الراهب الي حجرته وغسل الرأس وطيبه ووضعه في حجره ولم يزل ينوح ويبكي حتي أتي الحرس ليأخذوا الرأس، فبدء يكلم الرأس ويقول: والله يا سيدي لا أملك الا نفسي وأنا اشهد أن لا اله الا الله وأن جدك محمد رسول الله وأشهد أنني مولاك وعبدك ووضع الراهب وجهه علي وجه الحسين عليه السلام وقال لا أرفع وجهي عن وجهك حتي تقول أنا شفيعك يوم القيامة فتكلم الرأس وقبل له الشفاعة ثم أعطاهم إياه ثم أنهم أخذوا الرأس ولما قربوا من دمشق فتحوا الكيس ليتقاسموا الدراهم فلم يجدوا الا الدراهم قد تحولت الي خزف وعلي أحد جوانبها مكتوب "وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ"(سورة إبراهيم٤۲)
مستمعينا الأفاضل ويبقي أن نشير الي أن مشهد النقطة بني في هذا المكان الذي شهد إهتداء راهب دير (مارمروثا) في جبل الجوشن في منطقة حلب السورية، وسمي مشهد النقطة نسبة الي قطرة دم سالت من رأس الحسين – عليه السلام – علي الصخرة التي وضع عليها فأثرت هذه القطرة في الصخرة فتغير لونها في أطراف محل نزول قطرة الدم الحسيني الزاكي عليها، ولا زال هذا الأثر لدم الحسين – عليه السلام – خالداً لا يبليه الزمان باقياً علي هذه الصخرة المحفوظة في هذا المشهد والتي تحمل دلالة إلهية بينة علي مظلومية سيد الشهداء وكرامته – عليه السلام – عند الله.
وبهذه الملاحظة نختم إخوتنا مستمعي إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في ايران حلقة اليوم من برنامج (بالحسين اهتديت)... تقبل الله منكم طيب المتابعة وحسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.