الحكاية جرت لأخٍ من سوريا إسمه يونس ياسين من مواليد سنة خمس وثمانين وتسعمائة وألف وحصل على شهادة الثانوية العامة بدرجاتٍ تؤهله لدخول الجامعة لكن إحساسه بالمسؤولية في إعالة عائلته بعد وفاة والده- رحمه الله- جعله يغض الطرف عن إكمال دراسته ويعمل ويكد على عائلته فجزاه الله خيراً على موقفه النبيل ففتح الله تعالى له أبواب الهداية …وقد كتب قصة هدايته ونشرها على شبكة الإنترنت تحت عنوان (يتيمة الحسين- عليه السلام- شيعتني)، قال فيها:-
بعد حصولي على الشهادة الثانوية بدأت بالبحث عن عمل يساعدني على صروف هذه الحياة وخاصة أنني أعيل أسرة مكونة من ثلاثة أشقاء ذكور وشقيقتين من الإناث وباعتبار أني معيل لهم بعد وفاة والدي (رحمه الله). آثرت أن أترك مقاعد الدراسة مع أنني حصلت على درجات تؤهلني نوعا ما لدخول إحدى الكليات ولكن رأيت من الواجب أن أساعد والدتي على تنشئة إخواني وتأمين ما يلزم لهم وبالفعل بدأت أطرق ميادين العمل من متجر إلى آخر إلى أن تعرفت على شخص يملك محل بيع أقمشة وبعض الحجابات النسائية في منطقة العمارة وتحديدا بالقرب من مرقد السيدة رقية (ع) واتفقنا على أن أستلم هذا المحل بعد فترة تدريبية الى أن أعتاد على الجو وأسلوب العمل فهو بحاجة لشاب يحمل شهادة دراسية، وبالفعل بدأت بالدوام كالمعتاد من الثامنة صباحا وبدأت أرى نوعية من الناس أو الزبائن لم أكن معتادا على رؤيتهم وهم يمرون من أمام المحل بشكل دائم، وبعضهم يأتي أفواجا، وبعض آخر منفردين، ومن أول يوم طرحت السؤال على عامل يعمل بالمحل قبلي وهو أصغر مني سنا فقلت له من هؤلاء؟ قال هؤلاء هم الشيعة.
فقلت له: وماذا يفعلون هنا؟!
فقال هؤلاء يأتون للحج من ايران
قلت غريب الناس تحج للكعبة المشرفة في السعودية وهم يحجون إلى هنا وماذا يوجد هنا أليس هذا قبر لإحدى بنات النبي (ص) عجيب غريب لابد أن هناك سرا ما وبقي هذا التساؤل معي فترة وكل يوم أرى أفواجا وقوافل تحضر.
نعم مستمعينا الأفاضل…كانت مثل هذه الأفكار تسيطر على الفتى يونس ياسين ولكن الألطاف الإلهية شاءت أن تنقذه من ظلماتها وذلك ببركة التعرف على مظلومية يتيمة الحسين – عليه السلام- مولاتنا السيدة رقية – سلام الله عليها-
ولكي يدرك بعد حين جميل اللطف الإلهي به وهو عزوجل يرتب مكاناً لعمله في تلك الأيام بجوار مرقدها الشريف…
يقول هذا الأخ الكريم وهو يواصل نقل حكايته: ( بقيت على هذه الحال إلى أن جاء يوم ودخل زبون المحل وكنت جالسا لوحدي وأتكلم بالهاتف مع صديق لي وكنت أحدثه حول هؤلاء الناس -أعني الشيعة- أن عقولهم الصغيرة تسوقهم لعمل أمور بعيدة عن الإسلام وكنا نضحك ونتبادل بعض الكلام وأنهيت المكالمة معتذراً من صديقي بسبب دخول الزبون، وتوجهت للحديث مع الزائر مستفهما عن طلبه واحتياجاته، فبادرني بالسلام، وبدأ بالكلام معي سائلا عن اسمي؟
فقلت له يونس.
فقال: اسم جميل وهو اسم أحد أنبياء الله عليهم السلام.
فقلت له نعم، لقد بدا لي أن الرجل سعودي أو من إحدى دول الخليج الفارسي من حيث طريقة كلامه ولباسه، وكانت برفقة الرجل سيدة محترمة تلبس عباءة شبيهة بعباءة النساء القادمات من ايران، فسألته مستفسرا حضرتكم من ايران؟
فقال الرجل لا، نحن من البحرين.
فقلت له أهلا وسهلا بكم هل اتيتم للسياحة والتعرف على معالم دمشق.
فقال الرجل لا بل أتينا للزيارة. فقلت له: آها نعم لديكم أقرباء هنا تزورونهم!!!
فقال لي: لا بل نزور السيدة يتيمة الحسين (ع)
لا أخفي عليكم شعرت بداخلي بشيئ من الخشوع والرهبة عندما ذكر هذا الاسم، سألته:
عفوا أية سيدة تقصد؟
قال: السيدة رقية (ع) هذا المرقد القريب منكم.
فقلت نعم أنتم …أنتم…
فقاطعني الرجل وقال نحن شيعة أبي تراب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ونحن لا نحج لهذا المرقد كما يظن البعض أو يحاول تصوير ذلك بل نحن عندنا الحج هو لبيت الله الحرام في مكة المكرمة، وعندما نأتي لزيارة مراقد أهل البيت (ع) نأتي بقصد الزيارة لا بقصد الحج.
كلمات هذا الزائر أثرت في قلب الفتى يونس ياسين واسم السيدة رقية هزّ قلبه دون أن يعرف السبب فأصبح مستعداً لمعرفة الحقيقة، يقول هذا الفتى وهو يتابع نقل قصته:-
أحسست أن هذا الرجل كان يرد علي بطريقة ما والحقيقة أني م أجد كلاما أتكلم به وكأن لساني عقد، وبادرني بالسؤال، هل تعرف قصة وفاة هذه السيدة وهل تعلم كم عمرها عندما توفيت وما هي أسباب وفاتها، وابنة من هي؟ كانت أسئلته بمثابة مطرقة تنزل على سلسلة أفكاري التقليدية.
قلت له الحقيقة معلوماتي جدا سطحية.
فقال عليك إذا أن تتبين وتقرأ وتسأل أهل الخبرة حتى لا تتهم قسما من المسلمين جزافا، نحن يا أخي نحج إلى بيت الله الحرام ونزور نبيه المصطفى خاتم الأنبياء والمرسلين ونعتقد بذلك عقيدة قوية أما ذهابنا لزيارة مراقد أئمتنا وذريتهم والصالحين فهي من باب المستحبات والمندوبات وعموما حتى لا يطول نقاشنا فهذا مكان عملكم سأقوم بإهدائكم قرصا مدمجا فيه العديد من المحاضرات التي تتكلم عن عقيدتنا وخصوصا زيارة السيدة رقية (ع) وأئمتنا الأطهار.
ثم كان أن طلب هذا السيد البحراني من زوجته أم باقر أقراصاً صوتية تشتمل على محاضرات دينية وأهداها للشاب يونس ياسين لكي يستمع اليها ويتعرف منها على الحسين وملحمته – عليه السلام- وعلى السيدة رقية ومظلوميتها وهو يجاور مرقدها المبارك…
هذا الأمر زاد من إعجاب الفتى بالزائر البحراني، قال الأخ يونس في بقية قصته:
كم كنت خجلاً من طريقة معاملتي له ومبهوراً بطريقة تعامله معي فقد كان في غاية اللطافة والمودة وسماحة الخلق ثم ودعني على أمل أن يزورني إن رزقه الله الزيارة مرةً ثانية.
وفي الحقيقة أنني كنت أعد الساعات لأنتهي من دوامي لكي أذهب للمنزل وأستمع لهذه المحاضرات فقد كان هناك شيء ما يدفعني وشعور ببشرى تدغدغ مشاعري لم أعرف سببها، المهم أنني إستمعت لهذا القرص وكان مخصصا لشهر المحرم وصفر، وبعض المحاضرات عن الائمة الأطهار (ع)، وللأسف سمعت أمورا كثيرة لم أكن أسمعها وهي كيفية مقتل الإمام الحسن السبط (ع) ومقتل الإمام أبا عبدالله الحسين وذريته (ع) وأصحابه (رض)، ومن فوري في الصباح وقبل الذهاب للعمل ذهبت إلى أحد مشايخ منطقتنا لسؤاله عن هذه الأمور.
فصاح بي الشيخ: يا ابني ما لك ولهذا السؤال؟! بل قتله أصحابه وشيعته.
فقلت له وهل من أصحابه عمربن سعد، وشمربن الجوشن فقال ( أبوعمر نعم…نعم…هؤلاء كانوا من أصحابه وانشقوا عنه.
قلت له عجيب هل تتراجع عن قولك إذا هم ليسوا أصحابه.
فتردد الشيخ وحاول أن يحور الموضوع لجهة الخوارج الذين خرجوا على الإمام علي (ع) مع العلم أنني لا أعرف عنها شيئا لكن لم أجد وجه حق لتغيير دفة الموضوع وأعدته لنفس الموضوع.
فقال: يا بني دعك من هذه المواضيع والتفت إلى عملك وأسرتك دع هذه الأمور للمختصين أمثالنا وأمثال علمائنا.
فقلت له هل صحيح أن سبط النبي (ص) قتل هو وذريته بكربلاء بهذه المذبحة العظيمة وبهذه الطريقة.
فقال نعم وللأسف!!
وكان واضحاً أن قلب الفتى يونس ياسين وفطرته قد هزهما التأثر بالمظلومية الحسينية…وكان مجيئه لهذا الشيخ هو للتيقن من صحة وقوع الواقعة، فتيقن من ذلك دون أن تقنعه محاولات الشيخ لتسويغها وإخفاء دلالاتها…فإنطلق للبحث والتحقيق بنفسه لمعرفة الحقيقة… قال في خاتمة حكايته:-
خرجت من عند الشيخ وتوجهت إلى أقرب سيارة تقلني لمنطقة السيدة زينب (ع) وبالفعل وصلت صباحا بالعاشرة والنصف ودخلت إحدى المكتبات الموجودة على الشارع الرئيسي وطلبت منه بصوت حزين أريد كتاب يتحدث عن كربلاء وما جرى فيها لا أعلم المؤلف ولكن أرجوك سيدي أن تعطيني كتابا جامعا نافعا وتنصحني به، وبالفعل أعطاني كتاب مقتل الحسين (ع) للخوارزمي / على الرغم من حزني العميق لكن شعرت بفرحة هي أنني سأعرف الحقيقة من خلال هذا الكتاب، وفعلا كانت بدايتي من مقتل سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع) قتيل العبرة الذي ما ذكره مؤمن إلا وبكى.
وأحمد الله على نعمة الهداية والولاية، وصلى الله على سيدنا محمد وآل بيته.
كانت هذه مستمعينا الأكارم قصة إهتداء الشاب يونس ياسين التي نشرها تحت عنوان (يتيمة الحسين شيعتني) وقد قرأناها لكم ضمن حلقة اليوم من برنامج (بالحسين إهتديت) …من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقبلوا منا أزكى التحيات ودمتم في رعاية الله.