نقرأ لكم أولا – أيها الإخوة والأخوات – جانبا مما قاله العالم اللبناني فضيلة الشيخ حسين غبريس بشأن التقائه بكثير ممن اعتنقوا الإسلام في بلدان العالم..
قال حفظه الله في مقابلة مع صحيفة الإنتقاد نشرتها على موقعها الإلكتروني: لقد صادفت خلال أداء دوري التبليغي في بلاد الإغتراب، لا سيما غير الإسلامية، الكثيرين ممن اعتنقوا الإسلام تأثرا بواقعة كربلاء التي تركت آثارا غير مباشرة في تكوين شخصياتهم الإيمانية وقد حضرت إسلام البعض منهم شخصيا في أوروبا وآسيا وأفريقا.
وأضاف الشيخ حسين غبريس مبينا أثر الملحمة الحسينية في اعتناق هؤلاء للإسلام قائلا: لقد شكلت جريمة قتل الإمام الحسين وأهل بيته (عليهم السلام ) بطريقة وحشية بعيدة عن كل ضوابط الحروب التي تخاض، محلا للتأثير في نفوس هؤلاء الذين راحوا يسعون للتعرف على الإسلام ولو من بعيد، ما شكل حالة تعاطف شديدة دفعتهم للبحث عبر الكتب والأشخاص عن حقيقة هذا الدين الذي جعل شخصا كالإمام الحسين (عليه السلام ) وأهل بيته يشاركون في معركة الطف التي استشهد فيها.
إن إحياء مراسم عاشوراء الإمام الحسين (عليه السلام) لم يقتصر فقط على مناطق إسلامية بل تعداها إلى أخرى غير إسلامية، كما كان لي مشاركات عديدة ضمن دوائر ضيقة للغاية في أفريقيا وفي نيجيريا حيث تقام مجالس تاسوعاء وعاشوراء، وحيث تمت أيضا ترجمة سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) إلى العديد من اللغات المحلية كلغة (الهوسا) التي يتكلمها الملايين من المسلمين في أفريقيا، ومن عظيم بركات الإمام الحسين (عليه السلام) أنه سنة بعد سنة تزداد الجماهير والحشود غير المسلمة المندفعة إلى رثاء هذا الإمام، وإلى تعلم الكثير من مدرسته العظيمة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك من تعرفوا إلى الإسلام وفهموه عبر طريق آخر فاعتنقوه دون أن يكون لواقعة كربلاء أثر مباشر في ذلك، غير أن هؤلاء، وبعد مضي فترة على إشهار إسلامهم، ولدى سماعهم بالمقاومة والجهاد ؛ أيقنوا حقيقة أن الإمام الحسين (عليه السلام ) حمل السيف ليس رغبة منه في القتل وسفك الدم والموت، إنما يقصد تجسيد الفكرة القائلة بأن الظالم أيا يكون ينبغي مواجهته.
نعم إن الحركة الجهادية الإسلامية مرتبطة ارتباطا وثيقا بواقعة كربلاء، فالإمام الحسين (عليه السلام) هو اليوم النموذج الأرقى لكل المقاومين والثائرين في بقاع العالم من المسلمين وغيرهم واليوم تلو الآخر، تكبر مساحة النور في هذا العالم لتنحسر رقعة الظلام في كهف من يريدون... للإسلام أن يتقهقر.. وهل لكلمة الله العليا أن تخبو، أو لنور الحسين (عليه السلام ) أن ينطفئ ؟... فأنى السبيل الى ذلك، والله يأبى إلا أن يتم نوره.
كانت هذه أعزائنا المستمعين لمحة عن مشاهدات العالم اللبناني سماحة الشيخ (حسين غبريس) بشأن تأثير ملحمة سيد الشهداء صلوات الله عليه في إعتناق كثيرين من شتى أرجاء العالم للإسلام... وقد نقلناها لكم من مقابلة أجرتها معه صحيفة الإنتقاد اللبنانية منشورة على موقها الإلكتروني، ومن هذه الصحيفة أيضا ننقل لكم أيها الأحبة حكاية واحدة من هؤلاء المهتدين للإسلام تشتمل على عبرة مؤثرة بشأن التأسي بشقيقة الحسين وحاملة رسالة نهضته للأجيال مولاتنا الحوراء زينب – سلام الله عليها – ….
هذه الأخت الكريمة هي (ماريا أنطوني) ؛ وهي إسبانية الهوية، وقد رحبت بالحديث عن حكاية اعتناقها للإسلام معتبرة ذلك أقل الإيمان في نشر رسالة تبليغية تحملها على عاتقها منذ أصبحت مسلمة في الخامس من أيار سنة ۱۹۸۲ إختارت الأخت ماريا بعد اعتناقها الإسلام إسم (إيمان) لأنه كما تقول يعبر عن الحالة التي تعيشها منذ تعرفت على العقيدة الإسلامية.
تحكي الأخت الكريمة (إيمان أنطوني) قصة اعتناقها للإسلام المحمدي والدين الإلهي الحق قائلة: ( دخلت فجأة – وبتدخل إلهي – إلى حياة الإسلام، لقد فتحت قلبي لعالمه الرحب عبر تعرفي إلى إسپانيين سبقوني إلى اعتناق هذ الدين... وجاء اعتناقي للإسلام وسط عقليات سلبية كانت سائدة في الغرب تجاه المسلمين..
لقد انفتح قلبي على عالم الإسلام الرحب في الوقت الذي كانت فيه الثورة الإسلامية في إيران تشق طريقها.. كانت أخبار الإمام الخميني – رحمه الله – تصل إلينا ونحن في إسپانيا.. يومها أحسست بقرب شديد من أفكار هذا الرجل العظيم.. وفي المقابل شعرت ببعد عن محيطي الذي كان مربكا بزحمة الصداقات والعلاقات العائلية... يومها أيقنت أن حياتي ومصيري لن يكونا مرتبطين بهذا المحيط الذي ولدت فيه.. شعرت أن الكثير من الشوائب تمس حياتي...
لقد رأيت في الإسلام الصراط المستقيم، وقررت أن أترك كل شيء خلفي.. أترك عائلتي التي نبذتني بعد أن أشهرت إسلامي.. وأترك أصدقائي الذين راحوا يتجاهلونني.. وأترك الرجل الذي كنت على موعد إقتران معه بعد يومين من تأريخ إعلان إنتمائي إلى الديانة الإسلامية.. لم أعبأ لكل ذلك لأنني دخلت الإسلام من بوابة الإمام الحسين – عليه السلام –.
وتواصل الأخت الكريمة (ماريا) سابقا ثم إيمان لاحقا حديثها عن تفاعلها الوجداني مع الملحمة الحسينية الزينبية واثار ذلك في إستقامتها على الإسلام رغم كل الصعاب التي واجهتها من محيطها السابق، تقول حفظها الله بوقار المؤمنة الثابتة القدم على الصراط المستقيم: لقد تركت كل شيء ولم أعبأ لذلك من أجل الإسلام الذي دخلت إليه من بوابة الإمام الحسين..
هذا العظيم الذي إستحوذ على كل المشاعر الإنسانية لدي.. لقد تركت كل شيء لأنني وجدت – بتوفيق الله – ما هو أثمن وأغلى...
كنت أستمع المجالس العاشورائية فتنهمر دموعي – دون قيود – على مصيبة أهل البيت – عليهم السلام –، وأسأل من أسلموا قبلي: من هم هؤلاء ؟، ولماذا بذلوا كل هذا الكم الهائل من التضحيات ؟...
ثم صارت مسيرة السيدة زينب – عليها السلام – ترافقني كل يوم من حياة جديدة بدأتها مع الإسلام منذ الخامس من شهر أيار سنة إثنين وثمانين وتسعمائة وألف.. صرت ألتمس شجاعة زينب عليها السلام وجهادها في حماستي وجهادي للتمسك بديني الجديد... بل القديم فقد عرفته في العشرينيات من عمري غير أنه كان متجذرا في فطرتي منذ البداية.
ونبقى أيها الإخوة والأخوات مع الأخت (إيمان إنطوني) الإسپانية وهي تحدثنا عن الدروس الأخرى التي استلهمتها من الملحمة الحسينية الزينبية بعد اعتناقها الإسلام ودخولها عالم الدين الحق من باب أبي عبد الله الحسين – صلوات الله عليه –
تقول أختنا إيمان: لقد علمت أن عاشوراء مدرسة كبيرة من مدارس الإسلام ولولا مآثر الحسين -عليه السلام – في كربلاء لما وصلت إلي وإلى الكثيرين مثلي تعاليم هذا الدين الحنيف، إنني وجدت ما هو مشترك بين مسيرة الحسين وأهل بيته – عليه وعليهم السلام –. بين هذه المسيرة المحفوفة بالعذابات والتضحيات –، وبين إنطلاقة حياتي مع الإسلام، كنت أقول: هم – عليهم السلام – كانوا مع الحق، وانطلقوا على هداه إلى كربلاء وأنا على حق في إتخاذ قرار انطلاقي نحو الديانة الإسلامية، فلم الخوف إذن ؟
وفي عام إعتناقي الإسلام عايشت أيضا أحداث الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام اثنين وثمانين وتسعمائة وألف ميلادية..
عايشتها من إسپانيا فشاهدت كثيرا من المسلمين الذين يدرسون في إسپانيا.. شاهدتهم يغادرون مقاعد الدراسة ويتوجهون إلى لبنان للإلتحاق بركب المقاومين الذين إنتهجوا خط الإمام الحسين – عليه السلام –.
لقد اطلعت على تاريخ المقاومة الإسلامية في لبنان فتبلور لدي مفهوم الجهاد في سبيل الله الذي كرسته واقعة كربلاء في نفسي.. وجاء ذلك في الوقت الذي كان اليهود في المجتمع الغربي يبثون سموم نظرية مظلوميتهم المزعومة.. وكل ذلك لكسب التأييد العالمي مقابل بذلهم عملا دؤوبا لتشويه صورة الإسلام والمسلمين كنت في خضم كل ذلك أحدث نفسي قائلة لها: إن كان أهل كربلاء قد حملوا على كاهلهم عذابا لا يطيقه البشر لكي ينالوا عظمة الشهادة..
فأنا لست بصدد إنجاز أمر عظيم إن تحملت عذاب مسيرتي نحو حقيقة الإسلام، فهذا واجبي الذي يفرضه علي ديني اليوم....
وكما هو الحال على مدى عشرين سنة خلت.. فكلما يقترب موعد الأول من المحرم يصغر قلبي وأتألم وتستحضر مخيلتي صور كربلاء فيكبر لدي التحدي بالتشبث بإسلامي أكثر فأكثر..
كانت هذه مستمعي صوت الجمهورية الإسلامية في إيران حكاية اهتداء إختنا الإسپانية ماريا ثم إيمان إنطوني للإسلام ببركة الملحمة الحسينية الزينبية.. وقد قرأناها لكم ضمن حلقة اليوم من برنامج (بالحسين اهتديت)
تقبلوا منا خالص التحيات ودمتم في رعاية الله.