الهي سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا، وسمع الزاهدون بعظيم جزائك فقنعوا، وسمع المولون عن القصد بجودك فرجعوا، وسمع المجرمون بسعة غفرانك فطمعوا، وسمع المؤمنون بكرم عفوك وفضل عوارفك(۱۳) فرغبوا، حتى ازدحمت مولاي ببابك عصائب(۱٤) العصاة من عبادك، وعجت اليك منهم عجيج الضجيج(۱٥) بالدعاء في بلادك، ولكل امل ساق صاحبه اليك محتاجاً، ولكل قلب تركه وجيب(۱٦) خوف المنع منك مهتاجا(۱۷)، وانت المسؤول الذي لا تسود لديه وجوه المطالب، ولم تزر بنزيله قطيعات المعاطب(۱۸).
الهي ان اخطات طريق النظر لنفسي بما فيه كرامتها، فقد اصبت طريق الفزع اليك بما فيه سلامتها، الهي ان كانت نفسي استسعدتني متمردة على ما يرديها، فقد استسعدتها الآن بدعائك على ما ينجيها.
الهي ان عداني الاجتهاد في ابتغاء منفعتي، فلم يعدني برك بما فيه مصلحتي، الهي ان قسطت في الحكم على نفسي بما فيه حسرتها، فقد اقسطت الآن بتعريفي اياها من رحمتك اشفاق رأفتها(۱۹)، الهي ان اجحف بي(۲۰) قلة الزاد في المسير اليك، فقد وصلته بذخائر ما اعددته من فضل تعويلي عليك.
(۱۳) العوارف ج العارفة وهي المعروف، اي الجود والعطية وما يبذل ويعطي لمنتظر المنوال والمتوقعه.
(۱٤) العصابة: جماعة من الناس.
(۱٥) العجّ: رفع الصوت، الضجّ: الفزع من شيء يخافه.
(۱٦) الوجيب: الاضطراب.
(۱۷) المهتاج: المتحرك.
(۱۸) تزرءه: يصيبه، الرزية: المصيبة، المعاطب: المهالك.
(۱۹) رأفتها (خ ل).
(۲۰) اجحف به: ذهب به.