إلهي درست الآمال، وتغيرت الأحوال، وكذبت الألسن، وأخلفت العداة (۸) إلا عدتك، فإنك وعدت مغفرة وفضلاً.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأعطني من فضلك، وأعذني من الشيطان الرجيم، سبحانك وبحمدك، ما أعظمك وأحلمك وأكرمك، وسع بفضلك حلمك تمرد المستكبرين واستغرقت نعمتك شكر الشاكرين، وعظم حلمك عن احصاء المحصين وجل طولك عن وصف الواصفين.
كيف لولا فضلك حلمت عمن خلقته من نطفة ولم يك شيئاً، فربيته بطيب رزقك، وأنشأته في تواتر نعمتك، ومكنت له في مهاد أرضك، ودعوته إلى طاعتك فاستنجد على عصيانك بإحسانك، وجحدك وعبد غيرك في سلطانك.
كيف لولا حلمك أمهلتني وقد شملتني بسترك، وأكرمتني بمعرفتك، وأطلقت لساني بشكرك، وهديتني السبيل إلى طاعتك، وسهلتني المسلك إلى كرامتك، وأحضرتني سبيل قربتك.
فكان جزاؤك مني أن كافأتك عن الإحسان بالإسأة حريصا على ما أسخطك، منتقلاً فيما أستحق به المزيد من نقمتك، سريعاً إلى ما أبعد رضاك، مغتبطاً بعزة الأمل، معرضاً عن زواجر الأجل، لم ينفعني (۹) حلمك عني وقد أتاني توعدك بأخذ القوة مني.
حتى دعوتك على عظيم الخطيئة، أستزيدك في نعمك (۱۰) غير متأهب (۱۱) لما قد أشرفت عليه من نقمتك مستبطأ لمزيدك، ومتسخطا (۱۲) لميسور رزقك، مقتضيا جوائزك بعمل الفجار، كالمراصد رحمتك بعمل الأبرار، ومجتهدا أتمنى عليك العظائم، كالمدل (۱۳) الآمن من قصاص الجرائم، فإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، مصيبة عظم رزؤها وجل عقابها.
بل كيف لولا أملي ووعدك الصفح عن زللي أرجو إقالتك وقد هاجرتك بالكبائر مستخفياً عن أصاغر خلقك، فلا أنا راقبتك وأنت معي ولا راعيت حرمة سترك علي، بأي وجه ألقاك وبأي لسان أناجيك، وقد نقضت العهود والأيمان بعد توكيدها، وجعلتك علي كفيلاً.
ثم دعوتك مقتحما (۱٤) في الخطيئة فأجبتني، ودعوتني وإليك فقري فلم أجب، فواسوأتاه وقبيح (۱٥) صنيعاه، أية جرأة تجرأت وأي تغرير غررت نفسي.
(۸) العدة (خ ل).
(۹) يقنعني (خ ل).
(۱۰) نعمتك (خ ل).
(۱۱) تأهب: استعد.
(۱۲) تسخط عطاءه: استقله ولم يقع موقعاً.
(۱۳) دل: تغنّج، تلوّى، ادلّ: اجترأ عليه.
(۱٤) تقحّم النفس في الشيء: ادخالها فيه من غير رويّة.
(۱٥) قبح (خ ل).