الخطبة ۱۲۰: ومن كلام له عليه السلام يذكر فضله ويعظ الناس
تَاللَّهِ لَقَدْ عُلِّمْتُ تَبْلِيغَ اَلرِّسَالاَتِ، وإِتْمَامَ اَلْعِدَاتِ، وتَمَامَ اَلْكَلِمَاتِ، وعِنْدَنَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ، أَبْوَابُ اَلْحِكَمِ، وضِيَاءُ اَلْأَمْرِ، أَلاَ وإِنَّ شَرَائِعَ اَلدِّينِ وَاحِدَةٌ، وسُبُلَهُ قَاصِدَةٌ، مَنْ أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وغَنِمَ، ومَنْ وَقَفَ عَنْهَا ضَلَّ ونَدِمَ، اِعْمَلُوا لِيَوْمٍ تُذْخَرُ لَهُ اَلذَّخَائِرُ، وتُبْلَى فِيهِ السَّرَائِرُ، ومَنْ لاَ يَنْفَعُهُ حَاضِرُ لُبِّهِ فَعَازِبُهُ عَنْهُ أَعْجَزُ، وغَائِبُهُ أَعْوَزُ، واِتَّقُوا نَاراً حَرُّهَا شَدِيدٌ، وقَعْرُهَا بَعِيدٌ، وحِلْيَتُهَا حَدِيدٌ، وشَرَابُهَا صَدِيدٌ، أَلاَ وإِنَّ اَللِّسَانَ اَلصَّالِحَ يَجْعَلُهُ اَللَّهُ تَعَالَى لِلْمَرْءِ فِي اَلنَّاسِ، خَيْرٌ لَهُ مِنَ اَلْمَالِ، يُوَرِّثُهُ مَنْ لاَ يَحْمَدُهُ.
الخطبة ۱۲۱: بعد ليلة الهرير
وقد قام رجل من أصحابه فقال: نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها، فلم ندر أي الأمرين أرشد، فصفق عليه السلام إحدى يديه على الأخرى، ثم قال:
هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ اَلْعُقْدَةَ، أَمَا واَللَّهِ لَوْ أَنِّي حِينَ أَمَرْتُكُمْ بِمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ حَمَلْتُكُمْ عَلَى اَلْمَكْرُوهِ اَلَّذِي يَجْعَلُ اَللَّهُ فِيهِ خَيْراً، فَإِنِ اِسْتَقَمْتُمْ هَدَيْتُكُمْ، وإِنِ اِعْوَجَجْتُمْ قَوَّمْتُكُمْ، وإِنْ أَبَيْتُمْ تَدَارَكْتُكُمْ، لَكَانَتِ اَلْوُثْقَى، ولَكِنْ بِمَنْ، وإِلَى مَنْ، أُرِيدُ أَنْ أُدَاوِي بِكُمْ وأَنْتُمْ دَائِي، كَنَاقِشِ اَلشَّوْكَةِ بِالشَّوْكَةِ، وهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ضَلْعَهَا مَعَهَا، اَللَّهُمَّ قَدْ مَلَّتْ أَطِبَّاءُ هَذَا اَلدَّاءِ اَلدَّوِيِّ وكَلَّتِ اَلنَّزَعَةُ بِأَشْطَانِ اَلرَّكِيِّ، أَيْنَ اَلْقَوْمُ اَلَّذِينَ دُعُوا إِلَى اَلْإِسْلاَمِ فَقَبِلُوهُ، وقَرَءُوا اَلْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ، وهُيجُوا إِلَى اَلْجِهَادِ فَوَلَهُوا اَللِّقَاحَ إِلَى أَوْلاَدِهَا، وسَلَبُوا اَلسُّيُوفَ أَغْمَادَهَا، وأَخَذُوا بِأَطْرَافِ اَلْأَرْضِ زَحْفاً زَحْفاً، وصَفّاً صَفّاً، بَعْضٌ هَلَكَ، وبَعْضٌ نَجَا، لاَ يُبَشَّرُونَ بِالْأَحْيَاءِ، ولاَ يُعَزَّوْنَ عَنِ اَلْمَوْتَى، مُرْهُ اَلْعُيُونِ مِنَ اَلْبُكَاءِ، خُمْصُ اَلْبُطُونِ مِنَ اَلصِّيَامِ، ذُبُلُ اَلشِّفَاهِ مِنَ اَلدُّعَاءِ، صُفْرُ اَلْأَلْوَانِ مِنَ اَلسَّهَرِ، عَلَى وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ اَلْخَاشِعِينَ، أُولَئِكَ إِخْوَانِي اَلذَّاهِبُونَ، فَحَقَّ لَنَا أَنْ نَظْمَأَ إِلَيْهِمْ، ونَعَضَّ اَلْأَيْدِي عَلَى فِرَاقِهِمْ، إِنَّ اَلشَّيْطَانَ يُسَنِّي لَكُمْ طُرُقَهُ، ويُرِيدُ أَنْ يَحُلَّ دِينَكُمْ عُقْدَةً عُقْدَةً، ويُعْطِيَكُمْ بِالْجَمَاعَةِ اَلْفُرْقَةَ، وبِالْفُرْقَةِ اَلْفِتْنَةَ، فَاصْدِفُوا عَنْ نَزَغَاتِهِ ونَفَثَاتِهِ، واِقْبَلُوا اَلنَّصِيحَةَ مِمَّنْ أَهْدَاهَا إِلَيْهِمْ، واِعْقِلُوهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ.