نحن الان مع آخر مقطع او قسم من الدعاء الموسوم بـدعاء (علقمة او صفوان) حيث نحدثك الان عن ختام الدعاء المذكور لنتجه الى دعاء آخر ان شاء الله تعالى.
ان الدعاء المذكور كما سبق لك ان لاحظته يقرأ بعد زيارة الامام علي(ع) الزيارة السادسة من زياراته(ع)، وبعد زيارة الامام الحسين(ع) زيارة عاشوراء، ويتميز هذا الدعاء بكونه يتجه كما هو غالبية الادعية الى الله تعالى ولكنه يختتمم بالتوجه الى الامامين عليهم السلام، رابطاً بين توسله بالله تعالى في انجاز حاجات قارئ الدعاء وبين استشفاعه بالامامين عليهما السلام في تحقيق ذلك.
من هنا فان الختام للدعاء المذكور ينحصر في الاستشفاع ومن ثم عبر توديع الزائر لهما عليهم السلام، يقول الختام (انقلبت يا سيدي عنكما تائباً حامداً لله، شاكراً راجياً للاجابة غير آيس ولا قانط، آيباً، عائداً راجعاً الى زيارتكما غير راغب عنكما ولا عن زيارتكما بل راجع عائد ان شاء الله تعالى ولا حول ولا وقوة الا بالله يا سادتي رغبت اليكما والى زيارتكما بعد ان زهد فيكما وفي زيارتكما اهل الدنيا فلا خيبني الله مما رجوت وما املت في زيارتكما انه قريب مجيب).
هذا المقطع الختامي يحفل بجملة نكات يتعين علينا عرضها عليك على نحو ما سنحدثك عنها.
النكات الملفتة للنظر في ختام الدعاء المذكور تتمثل في جملة مواقع من الختام ترد فيها عبارات متجانسة او متماثلة او حتى في تصور البعض مترادفة في دلالاتها ولكنها في الواقع ليست كذلك بل هي العبارات المتسمة ببلاغتها الفائقة حيث ان الادعية كما كررنا الاشارة الى ذلك في لقاءاتنا تتميز بكونها متسمة بالكمال الفني او بالعصمة الفنية اذا صح التعبير وبما ان قارئ الدعاء اذا كان حريصاً على ان يمارس الدعاء بنحوه المطلوب يتعين عليه ان يدرك بعمق ما يقرأ وهو يتعامل مع الله تعالى حينئذ اليس ادب الدعاء يفرض عليه ان يفقه ما ينطق به من الكلمات؟
اذن علينا ان نقف عند الموارد المتقدمة التي استخدمت فيها العبارات المتجانسة مثل آيباً عائداً راجعاً ومثل رجوت املت ومثل حامداً شاكراً ومثل قانط آيس ان امثلة هذه العبارات المتشابهة او المتجانسة او المتماثلة في نظر البعض تحتاج الى توضيح وهو ما نحدثك به اولاً عن العبارات القائلة آئباً عائداً راجعاً.
لا ترديد في ان غالبية المستخدمين للكلمات الثلاث المتقدمة يحسبونها او يستخدمونها فعلاً في دلالة واحدة حيث ان الرجوع والعودة والاياب تحوم على دلالة هي ما يقابل الذهاب او الغدو ونحو ذلك، فانك قد تقول رجعت الى بيتي او عدت او ابت او فعلت؟ وكلها بمعنى واحد في الاستخدام اللغوي العادي ولكن الامر ليس كذلك في الاستخدام البلاغي للغة لانه من غير المعقول ان ينطق المعصوم بكلام عابث هو ان يقول لك مثلاً انت اسد وليث وضرغام لانها بمعنى مترادف ولذلك فلابد وان يكون الاستخدام الشرعي للغة غير عابث دون ادنى شك.
والآن لننظر الى الفارق بين الكلمات المتقدمة الرجوع العود، الادب.
الرجوع هو فعل الشيء للمرة الثانية اما العود فهو ما لم يسبق بالفعل، واما الادب فهو المنقلب والمرجع للشيء أي هو اعم منهما فنقول مثلاً الادب الى الله تعالى في النهاية والعود الى التوبة والرجوع الى الله تعالى في قبول ذلك.
اذن كل واحدة من العبارات المتقدمة يختلف عن الآخر من خلال ما قدمناه من الامثلة والمطلوب هو ملاحظتها في الدعاء المذكور أي دعاء علقمة او صفوان وهو ما نحدثك عنه لاحقاً ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.