نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها الدعاء الموسوم بدعاء (علقمة او صفوان)، وهو دعاء خاص بقراءته بعد زيارة الامامين علي والحسين عليهما السلام، حيث قدمنا مقاطع متسلسلة منه ونقدم مقطعاً جديداً يستودع به قارئ الدعاء الامامين عليهما السلام متوسلاً بالله تعالى وبهما في انجاز حاجاته.
يقول النص (ليس وراء الله ووراءكم يا سادتي منتهى ما شاء ربي كان وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة الا بالله، استودعكما الله).
هذا المقطع من الدعاء يتجه الى الامامين عليهما السلام مستشفعاً ومودعاً مشيراً الى ان قضاء الحاجات هي بيد الله تعالى، وانه لا منتهى الى سواه في ذلك، كما انه اي الدعاء يشير الى ان الامامين عليهما السلام وكذلك سائر المعصومين عليهم السلام ليس لقارئ الدعاء ان ينتهي بعد الله تعالى الى الغير في الوساطة والشفاعة في تحقيق الحاجات.
ثم يقول ما شاء ربي كان وما لم يشأ لم يكن، وهذه العبارة لها نكتة خاصة ينبغي الوقوف عندها من الواضح ان بعض المتخلفين معرفياً لا يفقهون الفارق بين من يتوسل بالله تعالى وبين من فوض اليه الله تعالى ان يتوسل به او يستشفع به، لذلك جاءت العبارة القائلة ما شاء ربي كان وما لم يشأ لم يكن، جواباً تفصيلياً لما سبقها من القول ليس لي وراء الله وراءكم يا سادتي منتهى، ثم تجيء عبارة جديدة هي ولا حول ولا قوة الا بالله والسؤال الجديد بعد ان حدثناك عن النكتة الجامعة بين التوسل بالله تعالى وبين الائمة، هي السؤال الاتي، لقد قال النص اولاً ما شاء ربي كان وما لم يشأ لم يكن، ثم قال لا حول ولا قوة الا بالله، والسؤال من جديد هو، ما الفارق بين العبارة الاولى المشيرة الى ان ما شاء الله تعالى ان يكون كان وما لم يشأ لم يكن وبين العبارة الثانية المشيرة الى انه لا حول ولا قوة الا بالله؟
هذا السؤال ينطوي على اهمية كبيرة لا مناص لقارئ الدعاء من معرفته.
اذن لنجب عن السؤال المتقدم، طبيعياً عندما نحصر الفاعلية الكونية بيد الله تعالى حينئذ فانه تعالى اذا قال لشيء كن فيكون والعكس هو الصحيح تماماً.
اي اذا لم يود الله تعالى للشيء الا يكون فلا تتوقع البتة بان يكون وهذا التقابل بين الايجاب والنفي له نكته التوحيدية لله تعالى، وحصر الفاعلية عنده تعالى.
من هنا عندما نواجه بعد ذلك عبارة تقول لا حول ولا قوة الا بالله فلابد ان يكون هذا القول اولاً توكيداً لما سبق وثانياً تفصيلاً للظاهرة، كيف ذلك؟
ان الحول والقوة هما مظهران لفاعلية الله تعالى المنحصرة به حيث ان الحول لغوياً هو القدرة على التصرف بالاشياء وان القوة هي مبدأ الافعال وفي تصور آخر او في تطبيق تفسيري لعلاقة العبد بالله تعالى من حيث ممارسة طاعاته او معاصيه يكون التفسير كما ورد عن الامام علي(ع) انه لا حائل عن المعاص ولا قوة على الطاعات الا بالله، وبهذا التفسير الوارد عن الامام علي بن ابي طالب(ع) في تقريره للطاعات والمعاصي وصلة ذلك بالعبد وانعكاساتهما في صلته بالله تعالى، نكون قد بينا النكتة الكامنة وراء العبارة القائلة بان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وبين العبارة القائلة لا حول ولا قوة الا بالله.
بعد ذلك نواجه عبارة تقول استودعكما الله ولا جعله الله آخر العهد مني اليكما، انصرفت يا سيدي يا امير المؤمنين ومولاي وانت يا ابا عبد الله يا سيدي وسلامي عليكما متصل ما اتصل اليل والنهار واصل ذلك اليكما غير محجوب عنكما سلامي ان شاء الله واسأله بحقكما ان يشاء ذلك، ويفعل فانه حميد مجيد.
بعد هذا المقطع يجيء مقطع ختامي يختم به الدعاء المذكور حيث نحدثك ان شاء الله تعالى في لقاء لاحق.
بيد ان ما نعتزم الاشارة اليه في هذه الشريحة من الدعاء الخاصة بتوديع الامامين عليهما السلام هو ان النص يتوسل اولاً: بالا تكون الزيارة هي اخر العهد بل تجديدها طوال العمر.
ثانياً: ان يجعل سلام الزائر وقارئ الدعاء استمرارياً حتى في حالة عدم الزيارة لمشهدهما.
ثالثاً: التوكيد على عدم حجب ذلك عن الزائر وقارئ الدعاء ولهذا يتبين لنا مدى ما تنطوي عليه هذه التوسلات من معطيات عبادية تتصل بولائنا لاهل البيت عليهم السلام. ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا لطاعته والتصاعد بها الى النحو المطلوب.