بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الحمد لله أول محمود، وآخر معبود، وأقرب موجود، البدئ بلا معلوم لأزليته ولا آخر لأوليته، والكائن قبل الكون بغير كيان (۱)، والموجود في كل مكان بغير عيان، والقريب من كل نجوى بغير تدان.
علنت عنده الغيوب، وضلت في عظمته القلوب، فلا الأبصار تدرك عظمته، ولا القلوب على احتجابه تنكر معرفته.
يتمثل في القلوب بغير مثال تحده الأوهام، أو تدركه الأحلام، ثم جعل من نفسه دليلاً على تكبره عن الضد والند والشكل والمثل، فالوحدانية آية الربوبية، والموت الآتي على خلقه مخبر عن خلقه وقدرته، ثم خلقهم من نطفة ولم يكونوا شيئا، دليلاً على إعادتهم خلقاً جديداً بعد فنائهم، كما خلقهم أول مرة.
والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الذي لم يضره بالمعصية المتكبرون، ولم ينفعه بالطاعة المتعبدون، الحليم عن الجبابرة المدعين، والممهل للزاعمين له شريكا في ملكوته، الدائم في سلطانه بغير أمد، والباقي في ملكه بعد انقضاء الأبد، والفرد الواحد الصمد، والمتكبر عن الصاحبة والولد، رافع السماء بغير عمد، ومجري السحاب بغير صفد (۲)، قاهر الخلق بغير عدد، لكن الله الأحد الفرد الصمد الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ.
(۱) اي بغير مادة عنصرية.
(۲) الصفد: الشدة والتوثيق.